الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كورونا والإنسانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإنسانية هي الأب الشرعي لكل أنسان مخلوق ويعيش في هذه الحياة، والإنسانية تمتلك من الجينات المؤثرة التي غالباً ما تساهم في تشكيل إنسانية هذا الإنسان دون النظر لمنطقة جغرافية أو مؤثرات تاريخية أو عقيدة دينية ، فهذا التأثير يفرد جناحيه في كل الأرجاء وعلى الجميع بلا استثناء، وهذه الجينات الموروثة إنسانيًّا تتمثل في خوف الإنسان على نفسه وحفاظه على حياته إلى جانب الإيمان بعقيدة دينية سماوية او وضعية او يمكن ان تمتد الى افكار فلسفية او نظم سياسية ،كما تتمثل في ميل الانسان الى الجماعية ككائن أجتماعي ،خاصةً بعد وصوله الى الثورات الصناعية والتكنولوجية والاتصالاتية . 
تجمع الانسانية الانسان ،بمطلقه، في حب الحياة والايمان بحتمية الموت فيحاول الانسان ان يرضي الله او" معبوده" بكل الطرق وفي غالب الأمر حتى يحقق له ما يريد من عفاء من الامراض او اغداق الاموال أو فتح باب الرزق ، وهذه كلها اشياء طبيعية ومنطقية ، هذا وغيره كثير يجمع الانسان بالانسانية ، ولكن في اطار هذا التوحد يوجد هناك منطقة مهمة للذاتية وهى ما يميز الانسان عن الآخر، فمن حق الانسان ان يعتز بذاته دون غرور، وأن يكون طموحاً دون تطلعات غير مشروعة، وأن يثبت ذاته ولكن بمجهوده وعلمه وفكره وعمله دون الوصول على حساب الاخرين، ومن الطبيعي ايضاَ أن يؤمن الانسان بحقيقة معتقده الديني وصحته المطلقة دون غيره من المعتقدات ،ولكن دون الحجر على حق الاخر في نفس الايمان بصحة عقيدته أياً كانت سماوية او وضعية فالله سبحانه هو الذي سيحاسب وسيشهد على الجميع، اختصاراً هناك ما يجمع الأنسان بالأنسان من جينات انسانية كثيرة وعميقة ،ولكن الذات عندما لا ترى غير ذاتها ولا تسعى لغير مصلحتها ولو على حساب الآخر، أي أخر حتى ولو كان أقرب المقربين دماً ولحماً ، هنا يجتاح العالم كل سلبيات الحياة،ومن الطبيعي ان نشاهد الحروب والصراعات والأستعمار والأستبداد والآستغلال والغريب أن هذه السلبيات دائماً ما تُبرر بمبررات واهية كاذبة لكي تأخذ شكلاً ايجابياً بديلاً عن الشكل السلبي لهذه الممارسات ، فنجد الجميع يبرر ويكذب وينافق ويداهن من أجل هذا التبرير أو من اجل تحقيق المصلحة. فهل هذا الصراع مطلوب؟ الصراع غير مطلوب لأن دائماً ما يكون بين من له حق ومن يريد أن يسلبه حقه هذا، ولكن المطلوب والذي يدفع الحياة للتطور والتقدم هو الطموح المشروع في كل مجالات الحياة، والغريب اننا دائماً ما نتحدث عن أن الاديان تدعو الى تعلية القيم الانسانية بين الانسان والانسان، وهذا حق، فهذه هى مقاصد الاديان وقيمتها العظيمة، ودائماً ما نتحدث عن الدين ونمارس التدين الشكلي في الغالب طالما أن الأمور تسير في أطارها الطبيعي ، ولكن عندما يجرب الانسان بمرض او عندما تطرح الطبيعة اوزارها عليه أو عندما يشعر الانسان بظل الموت ،هنا نستدعي الله من القلب ونصلي من العمق ونتحول جميعاً الى وعاظ ودعاة ومبشرين، بالطبع هذا جميل ومطلوب ولكن عندما يكون في كل الاحوال لأن الله موجود في السراء والضراء وفي المرض والشفاء وفي لحظات الحزن والفرح وفي تجربة الفشل وحلاوة النجاح، ولذا فهناك تجارب واوبئة وجائحات يسمح بها الله في اطار القانون الطبيعي للحياة التي تُدار بالقانون الألهي العظيم ولا تُدار بالمعجزات ، وذلك كنوع من التذكرة للانسان بمحدودية قدرته مهما كبرت ومهما كثرت امواله أو امتلك من سلاح قاتل وفتاك ، فهناك فيروس لا يرى بالعين ولا حتى بالميكروسكوب العادي أستطاع أن يجعل العالم غير العالم ، فأحدث هذا الفيروس ما يسمى بالديمقراطية الكونية التي ،ولأول مرة منذ الديمقراطية اليونانية، توحد بين الجميع ،واقول الجميع بلا استثناء، وهذا هو الدرس العملي والتجربة الهامة التي يجب ان يعيها الانسان والانسانية كلها، وأهم هذه الدروس أن كل ما يفرق بين الانسان وأخيه الانسان سواء دين مختلف او عقيدة سياسية او طبقة اجتماعية او ثروة مالية او انتماء عائلي أو قبلي أو جهوي .. الخ ، قد سقط ،ولكن هناك ما يجمع الانسانية طوال الوقت وهو أنك انسان طريقك الى الموت وأن المرض والصحة والفقر والغنى والقوة والضعف كلها ظروف وأوقات ووسائل تجمع بني الانسان، ولذا فكورونا تجربة نادرة يجب أن نعيها تماماً على هذه الارضية ، فهي مرض قد أصاب وقد يصيب الجميع لا قدر الله ، فهو فيروس اوقف حركة العالم والتاريخ مؤقتاً ، والعدوى تصيب الجميع بلا استثناء ،فلو أصابت الابيض ستصل الى الملون واذا ذهبت الى المسيحي فلن تترك المسلم واليهودي والبوذي والهندوسي ،واذا ذهبت للفقير الذي لا يجد قوت يومه لن تترك الغني الذي لا يرى غير مصلحته ، الاهم ان الجميع ينتظر العلاج والمصل من اي جنس او لون ، من متدين او ملحد، من مسلم او مسيحي او يهودي او اي ديانة اخرى ، من اي منطقة جغرافية ومن اي دولة عالمية، فهل في هذا الموقف الا يجب أن يكون هناك فرصة للتفكير والتفكر ؟ فرصة لقبول الجميع للجميع اياً كان الاختلاف ؟ أليست هى فرصة للتقرب الى الله بضمير ونية صافية حباً فيه طوال الوقت وفي كل الاوقات وليس عند الطلب؟ أليست هى فرصة أن نؤمن بالحوار مهما كان الخلاف والاختلاف؟ هل هناك شك في انسانية الانسان التي تجمع بني البشر ؟ هذا على المستوي الانساني فما بالك اخي العزيز على المستوى الوطني فالمصير واحد والثمن يدفعه الجميع ، ألم يحن الوقت أن نتوحد ونقبل بعضنا بعضً؟ خاصة بعد أن يزيل الله الجائحة فالعالم سيتغير والمواقع ستتبدل ويكون هناك نظام عالمي جديد ، فهل سنترك الفرصة كعادتنا وننتظر من يحدد موقعنا حسب مصالحه لا حسب مصالحنا؟ . 
كونوا مع الله دائما وصلوا دائما وتوحدوا على الخير وحب الوطن الذي يسع كل المصريين دائماً. حمى الله مصر وشعبها الصابر .