قال الناقد والمترجم الطاهر أحمد مكي: إننا لا نظن أن هناك أدبا معاصرا له من العمر ما للأدب العربي فاقدم نص أدبي في أية لغة أوروبية معاصرة مثلا لا يتجاوز القرن الثاني عشر الميلادي، وما قبله فآداب بلغات أخرى اندثرت أو أصبحت تاريخا يدرس.
وأضاف مكي الذي تحل ذكرى وفاته في كتابه " دراسة في مصادر الادب العربي": هذه الآداب الاوروبية تطورت لتصبح على ما هي عليه الآن فقد تطورت في الاصوات والدلالة وفي التركيب فالايطالي العادي والإسباني المثقف والفرنسي غير المتخصص والالماني الذي لا يهتم بالادب سيجد من العسير عليه إذا أعاد االى ادب قومه في القرن الثالث عشر الميلادي أيقرأه في سهولة وأن يفهمه في وضوح.
وبين أن اقدم نص عربي في الادب العربي يعود إلى مطلع النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي أي ان له من العمرألف وخمسمائة عام ولا يجد القارئ العادي صعوبة في قراءته أو عسرا تمثل في معناه فقواعده اللغوية هي التي نسير عليها وتركيب الجملة فيه هو نفس ما نحتذيه والغموض الذي يصاحب جانبا منه احيانا مرده سبب اخر غير اللغة نفسها، إن إنسانا غير خبير بالصحراء مهما كانت درجة ثقافته سيجد بعض العنت في تصور الحياة عليها من حيوانات واشجار ومهابط وعيونا وتقاليد لانه مرتبط بدلالات أسماء لا مقابل لها في حياتنا المعاصرة وهو امر يجري على اللغة العربية الأدبية كما يجري على اللهجات العامية ولا صلة له بالفصحى من قريب أو من بعيد.
وأوضح ان اي فرد من سكان الشواطئ في الإسكندرية أو دمياط أو بورسعيد أن يعد ويتصور من أسماء السمك وحيوان البحر وأنواعه عشرات ولا يستطيع ندّه في الصعيد لم يرى غير النيل وأسماكه محدودة وحيوانه نادر أن يتجاوز بعلمه أربعة أسماء أو خمسة في أقصى الحالات.
وتابع: أما المدركات العقلية التي لا تتأثر بالبيئة أو تأثرها محدود فإنها فإنها تبدو لنا صفاء ووضوحا على نحو ما كانت عليه في عصر قائلها، وعبر ألف ونصف من الأعوام لم يتوقف العقل العربي عن الإبداع حتى في احلك ساعات الامة العربية وكانت حصيلة ذلك تراثا ثقافيا واسعا يعكس حقيقة مجتمعه في سموّه واحتضاره في صعوده وتوقفه وكان على دارس الادب العربي أن يضع كل ذلك في تصور وتحت خدمته وكان الالمام بذلك التراث ومعرفة محتواه احدى المشكلات الكبرى التي تواجه الدارسين ناشئة ومكتملين.
الطاهر أحمد مكي توفي في مثل هذا اليوم من العام 2017 حصل على دكتوراة الدولة في الأدب والفلسفة بتقدير ممتاز من كلية الآداب بالجامعة المركزية بالعاصمة الإسبانية مدريد، وله العديد من المؤلفات الأدبية منها دراسة في مصادر الأدب، بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال، القصة القصيرة: دراسة ومختارات، الشعر العربي المعاصر: روائعه ومدخل لقراءته،الأدب الأندلسي من منظور إسباني، الشعر العربي المعاصر: روائعه ومدخل لقراءته، الأدب المقارن: أصوله وتطوره ومناهجه.
