الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفرصة الذهبية للصناعة المحلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كما أن التاريخ سيعتبر "كورونا" حدا فاصلا بين عصرين فمن المتوقع أن تتسبب أيضا هذه "الكورونا" في تغيير البنية الاقتصادية لعدد من الدول وتساهم في إنعاش بعض الاقتصاديات كما ستكون سببا في تراجع اقتصاديات دول وإمبراطوريات أخري.
لكن الجانب المضىء لهذا الفيروس يختص بالدول الناشئة في عالم الصناعة مثل مصر التى تمتلك إرادة المضى في الدرب لنهايته حتى تتمكن من التموضع في مركز يليق بها بين أمم العالمين.
وهو الأمر الذى نبه إليه بعض المسئولين الذين حثوا رجال الصناعة على التجويد في مجالات صناعاتهم خاصة أن المصنع الأول في العالم والمصدر الأول لمعظم المنتجات المصنعة ونصف المصنعة وهى الصين لم تعد في نفس لياقتها في التصنيع قبل جائحة الكورونا، وما زالت تلملم جراحها وتئن بأوجاعها التى تلتئم على مهل.
هى الفرصة التاريخية التى لا يمكن التفريط فيها ويجب أن نعض عليها بالنواجز لأن مثلها لا يتكرر كثيرا في التاريخ ويصعب أن تتكرر في عصر واحد.
يمكن للصناعة المصرية أن تعود للحياة بعد أن تباطأ دوران عجلات مصانع الصين وصمتت تقريبا ماكينات الصناعة في كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وتركيا وأمريكا أيضا ومن غير المتوقع عودتها للنشاط والدوران قبل عدة أشهر.
السوق التى أصبحت متعطشة للبضائع منذ أكثر من ثلاثة أشهر بحاجة إلى من يروى عطشها لبضائع الصين الواسعة الانتشار التى أصبحت غير قابلة للاستغناء عنها لدى معظم المستهلكين لرخص ثمنها وقدرتها على تلبية الاحتياجات اليومية للمستهلك.
ومن الفرص الذهبية التى لاحت للصناعة الناشئة في العالم أن شركة ميدترونيك "Medtronic" وهى إحدى أهم وأشهر مصنعى أجهزة التنفس الصناعى في العالم، قررت أن تتخلى عن حقوق الملكية الفكرية وتنشر كل تصميمات أجهزة التنفس الخاصة بها على موقعها وتطالب الدول بسرعة استخدام تلك التصميمات مجانا وإنتاج الأجهزة محليا لمساعدة مصابى فيروس كورونا.
وهى إحدى الفرص الرائعة التى كان لفيروس الكورونا الفضل في إتاحتها لجميع المصانع التى ترغب في الدخول إلى مجال تصنيع هذه الأجهزة التى تتلهف كل دول العالم على شرائها واقتنائها الآن في ظل تفشى جائحة الكورونا في كل أنحاء المعمورة.
ويبدو أن قرار الشركة "ميدترونيك " وهى شركة أمريكية مقرها في أيرلندا قد جاء نتيجة عدم قدرتها على تلبية احتياجات السوق من الأجهزة الخاصة بالتنفس الصناعى وهى الأجهزة التى تشهد شحا كبيرا في أسواق المنتجات الصحية والطبية.
الساحة إذن فارغة والأرض ممهدة والتربة خصبة لكى تنبت وتترعرع صناعات عديدة خاصة الصناعات الطبية والمستلزمات التى يحتاجها مرضى فيروس الكورونا الذين تتضاعف أعدادهم كل دقيقة حتى ضاقت بهم مستشفيات بلادهم وأصبحوا عبئا ثقيلا على أى منظومة صحية في أى بلد سواء كان غنيا أو فقيرا.
فرصة الصناعة الآن يمكن أن نصفها بكل ارتياح بالفرصة "الذهبية" التى يمكن أن تنعش أى صناعة في أى بلد خاصة في البلاد التى لم ينتشر بها الفيروس بشكل كبير كما فعل في دول أوروبا وأمريكا. وهى دول استطاع الفيروس أن يجعل من معظم أهلها أسرى في منازلهم أو يتلقون علاجهم على أسرة المستشفيات وتجمدت بها معظم الأنشطة الحياتية.
ومن حسن الحظ أن منظومة العمل الزراعى في الريف المصرى كانت سببا في عدم معاناة السوق من الخضروات والفاكهة والمنتجات الزراعية نظرا لأن أعمال الزراعة في مصر لا تتطلب تجمعات كبيرة في الزرع والحصاد والعناية بالحيوانات التى تدر الألبان أو تنتج اللحوم وبالتالى فإن الصناعة القائمة على المنتجات الزراعية في مصر يمكن أن تمثل ميزة نوعية لا تتمتع بها كثير من الدول التى يقوم النشاط الزراعى فيها على الاقطاعيات الكبيرة التى تتطلب عددا كبيرا من العمالة للتجمع في مكان واحد.
كما يمكن لصناعة الإلكترونيات أن تشهد رواجا كبيرا في هذه المرحلة خاصة أن المورد الأول للإلكترونيات في العالم كانت الصين وبالأخص مدينة "ووهان" التى ما زالت بعد لم تسترد عافيتها وأمامها عدة أسابيع وربما أشهر لكى تعود لنشاطها الطبيعى خاصة بعد المعلومات الطبية التى أشارت إلى أن كثيرا ممن تم شفاؤهم قد عاودهم المرض مرة أخرى في الصين. صناعة الأدوية أيضا تعد واحدة من أهم الصناعات الإستراتيجية التى يمكن أن تحقق أرباحا طائلة خاصة في هذه الفترة المهمة من تاريخ الإنسانية المقهورة بالمرض، ولدينا بنية تحتية مهمة من مصانع الأدوية التى يوجد منها العشرات في مصر منذ عقود طويلة.كما أن لدينا أيدى عاملة تتمتع بخبرات كبيرة في مجالها.
بدون الصناعة لا يمكن لأى أمة أن تأخذ موقعها في الصفوف الأولى بين الأمم وهى طوق النجاة لأى أمة تريد أن تصنع لنفسها مجدا حقيقيا كما أن الفرصة الذهبية لا تتكرر كثيرا وربما لا تتكرر أبدا.