الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هلاوس مشروعة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هل يمكن لكارثة وباء كورونا أن تجعل الإنسانية أقوى من الأنانية والصراعات والحروب ؟

هل يمكن لوباء أعمى لايفرق بين البشر ويساوى بين الناس فى المرض والموت أن يجعل الخوف على البشرية أهم من الحسابات السياسية ؟

حتى الآن لاتوجد للأسف إجابات قاطعة على أسئلة تبدو مثالية وربما هى من باب التمنى أكثر من كونها أسئلة تنتظر إجابات موضوعية !.

ولكن، ربما - وأقول ربما - تبدو فى الأفق بوادر إيجابية فى العلاقات الدولية كلما أحكمت الازمة خناقها حول العالم، وكلما هددت الجائحة شعوبًا بمخاطر جسيمة وأعجزتهم عن مواجهتها.

ومع تزايد خطر اجتياح الفيروس لمناطق النزاع الرئيسية فى العالم أصدر الأمين العام للأمم المتحدة نداءً غير عادى ناشد فيه أطراف الحروب والمواجهات المسلحة فى مناطق الصراعات الملتهبة أن يسكتوا المدافع وأن يوقفوا إطلاق الرصاص ويمتنعوا عن أعمال القتل، يلتقطون أنفاسهم ويعلنون هدنة إنسانية لحماية أرواح البشر المهددين أساسًا بالابادة من قبل عدو يكره الجميع ولا يميز بين صاحب قضية عادلة أو معتد يسعى للهيمنة وبسط النفوذ. وكان الأمين العام يتمنى أن يبلغ نداءه مسامع المتحاربين فى الشرق الاوسط المشتعل من تركيا إلى ايران وسوريا والعراق واليمن وليبيا، غير أنهم جميعا يبدو كانوا يعانون من مشكلات فى السمع، ليسوا وحدهم ولكن فى مناطق أخرى فى أفريقيا، حيث ردت جماعة بوكو حرام المسلحة على النداء الإنسانى لأمين عام الأمم المتحدة بعملية دامية فى نيجيريا راح ضحيتها العشرات !.

إن العالم كله هزته فاجعة كورونا وجعلته يبحث عن سبل التعاون والتكافل لمواجهة تداعيات الأزمة التى تحصد كل يوم آلاف الضحايا، بينما فى منطقتنا ومناطق أخرى يواصل مسلمون فقط عمليات القتل بالقنابل والطائرات وكل أنواع الأسلحة، وكأنهم لايكفيهم الموت العابر للقارات فقرروا أن يساعدوه بحصد أعداد أخرى من البشر!.

غير أن الساعات الأخيرة حملت تطورات قد تكشف إذا ما استمر زخمها عن مفاجآت قريبة فى العلاقات بين الإمارات وكل من سوريا وايران، وذلك بعد المبادرة الإنسانية التى قامت بها الإمارات لمساعدة الدولتين فى مواجهة أزمة كورونا.

وفى الوقت الذى أدمت فيه أوروبا وأمريكا قلب الإيطاليين بعدم مد يد الغوث سريعا لحليفتهم التى خطف فيها الفيروس حياة أكثر من عشرة الاف شخص، كانت هناك روسيا العدو اللدود للناتو، وكانت هناك كوبا التى جاءت من بعيد بعشرات الأطباء الاكفاء لعلاج المصابين بالفيروس، بينما حملت طائرات بوتين أطنان المعدات والأجهزة الطبية للايطاليين، وكانت الصين قبلهم - ورغم محنتها - أول من ساند الإيطاليين فى مواجهة المأساة..

ماذا يعنى هذا ؟.. هل يعنى أن العالم اكتشف فجأة أنه لا بديل عن التوحد فى وجه الجائحة الجامحة، ولو مؤقتًا ؟!،

هنا يمكن أن ننتظر خطوات أكثر وأسرع لمبادرات الدبلوماسية الإنسانية، عوضًا عن التشبث بلغة العدوان والتشفى والانتقام ؟

هل يمكن أن نرى مصر كبيرة أفريقيا ترسل مساعدات طبية لسكان إثيوبيا المهددين بالفيروس، وهل نمد يد المساعدة للشعب السودانى رغم موقف حكومته السلبى ضد حق مصر المشروع فى مياه النيل؟

هل يمكن أن تدخل للسياسة لغة جديدة ومعان لم تعرفها من قبل مثل « عفا الله عما سلف، تعالوا نبدأ من جديد، نفتح صفحة جديدة خالية من العداء المسبق والكراهية المجانية ؟!.

وأنا الحقيقة بهذا الكلام أعبر عن أمنيات شخصية تحت وطأة إحساس عدمى بعبثية الصراعات الطويلة فى عالم مجنون يواجه هلاكًا من اتجاهات عديدة وفى وقت واحد !.

إن حكومات العالم الأول التى انكفأت على نفسها زمنًا، وكانت مصالحها دومًا فوق كل اعتبار إنسانى، تجد نفسها اليوم فى أمس الحاجة لأى مساعدة تقدمها دولة صغيرة، إنه إحساس مؤلم لدول كانت تظن أنها دول عظمى، أعظم من المرض وأقوى من المحن، اليوم هذه الدول تجد نفسها بحاجة لمن يقدم لها جهاز تنفس صناعى، إنه الذل الذى لم تعرفه منذ مئات السنين !، فهل تتغير الخريطة الإنسانية للكرة الأرضية ونشهد، فى قلب الأزمة من يتعلمون الدرس، ومن يعلون فوق المحنة ويعتبرون أن إنقاذ البشرية هدف نبيل يستحق أن يتواضعوا قليلًا، من أجل تحقيقه ؟!

هل هى أوهام زمن الكورونا ؟.. أم أنها هلاوس مشروعة يمكن أن ترى بعض النور وسط هذه الظلمة الحالكة ؟!