الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

وزير الأوقاف: عالم ما بعد كورونا لا مجال فيه لغير التقدم العلمي

محمد مختار جمعة
محمد مختار جمعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن انتشار كورونا اختبار صعب لإرادة الدول والشعوب، لافتا إلى أن النجاح المبكر لأي دولة في مواجهته يعني قدرتها على العبور نحو مستقبل أفضل وتعافي اقتصادها أسرع.
وقال جمعة، اليوم تحت عنوان عالم ما بعد كورونا: "قضية مواجهة كورونا لم تعد مسألة عادية، بل هي تحدٍ جديّ كبير، فمواجهة انتشار كورونا اختبار صعب لإرادة الدول والشعوب، فالنجاح المبكر لأي دولة في مواجهة انتشار هذا الوباء يعني قدرتها على العبور نحو مستقبل أفضل وتعافي اقتصادها أسرع، واعتبارها أنموذجا متميزا في إدارة الأزمات والقدرة على مواجهتها، في حين أن تفشي الوباء في أي دولة من الدول وعدم تمكنها من التخلص السريع من آثاره المدمرة صحيًّا واقتصاديًّا سيعوق بالطبع تقدمها لسنوات، مما يجعل من مواجهة هذا الوباء والعمل على التخلص السريع منه ومن آثاره تحديًا حقيقيًّا يتطلب عزيمة وإصرارا كبيرين من الدول والشعوب على تخطي هذه المحنة.
وتابع: لا يتأتى ذلك ولا يمكن أن يتأتى إلا بالاستجابة السريعة لتوجيهات مؤسسات الدولة في الإجراءات الوقائية واستخدام أقصى درجات الحسم مع المخالفين، حيث يؤكد كثير من المراقبين والمحللين الدوليين أن عالم الغد لن يكون عالم الأمس، بل إن ما تسفر عنه آثار انتشار هذا الفيروس ربما تسهم في إعادة تشكيل كثير من التحالفات الدولية والإقليمية في كثير من مناطق العالم، وربما تغير موازين القوى في كثير من مناطق العالم بل ربما موازين القوى الدولية. وأشار إلى أن عالم ما بعد كورونا سيحتاج من كثير من المؤسسات إعادة ترتيب أولوياتها، سواء في مجال الصحة، أم في مجال التعليم، أم في مجال التحول الرقمي والتكنولوجي، أم في مجال الخطاب الثقافي والخطاب الديني، والعناية بفقه النوازل.
وأكد أن الطامة الكبرى في الخطاب الديني تكمن في انسداد أفق غير المتخصصين ممن لا حظَّ لهم من العلم النافع، ممن جمدت عقولهم عند حفظ بعض المسائل أو الأحكام الجزئية دون أن يلموا بشيء من فقه الأولويات أو فقه النوازل، أو فقه المقاصد، ودون أن يفرقوا بين الكليات والجزئيات أو يفقهوا مراد الشارع منها، فيقفوا عند ظواهر النصوص لا يتجاوزون الظاهر الحرفي لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، فيقعوا في العنت والمشقة على أنفسهم وعلى من يحاولون حملهم على هذا الفهم الخاطئ المتحجر، مما يتطلب تصحيح المرجعيات، بالرجوع إلى أهل الاختصاص في كل مجال دون تلقي أي معلومات في الشأن العام سواء الديني أم الثقافي أم الأمني أم القانوني من غير أهل الاختصاص أو من الصفحات أو المواقع المجهولة أو المشبوهة فضلا عن مواقع الجماعات المتطرفة وكتائبها الإلكترونية المأجورة وأبواقها الإعلامية الخائنة العميلة بَيِّنة الخيانة والعمالة، مع تطبيق القانون بحسم تجاه كل من تسول له نفسه النيل من أمن الوطن واستقراره، وتفعيل القانون وبمنتهى الحسم تجاه الجرائم الإلكترونية واعتبارها من أخطر جرائم العصر.
وأكمل:"قد اتضح بما لا يدع مجالا للشك مدى حاجة الناس إلى دولة قوية تكون قادرة على إدارة الأزمات والعبور بمواطنيها إلى بر الأمان، فمهما كانت قدرة الفرد المالية ومهما كانت وجاهته الاجتماعية لا منجاة له وقت الشدائد والأزمات إلا في ظل دولة قوية وإدارة سياسية حكيمة، ولذا قالوا: رجل فقير ضعيف في دولة قوية غنية خير من رجل غني قوي في دولة فقيرة ضعيفة، لأن الأول له دولة تحمله وتحميه، والآخر لا ظهر له ولا سند لا في الداخل ولا في الخارج، ومن ثمة لزم العمل على ترسيخ كل معاني الولاء والانتماء الوطني وتعزيز مفهوم الدولة الوطنية.
وبين أنه لكي نحول المحن إلى منح، علينا أن نعظم الدروس الإيجابية، ونتخلص من العادات والأمور السلبية، فنجعل من النظافة منهج حياة، ونتخلص من عادات أكد أكثر الفقهاء على كراهتها مثل عادة المعانقة التي ذهب الإمام مالك إلى القول بكراهتها وهو قول كل من الإمام أبي حنيفة وصاحبه الإمام محمد، وقال الشافعية بكراهتها إلا لقادم من سفر، ومن أباحها فإباحتها عنده مقيدة بعدم ترتب ضرر عليها أما إن ترتب عليها أي ضرر كنقل العدوى نتيجة لانتشار فيروس أو وباء كطاعون أو نحوه فإنها لا تجوز قطعًا، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال.
وشدد على أن "عالم ما بعد كورنا" لا مجال فيه لغير التقدم العلمي، ولا مجال فيه لغير الدول القوية اقتصاديا، ولا مجال فيه لغير الشعوب المنتجة القادرة على تحقيق اكتفائها الذاتي وتعظيم مواردها الاقتصادية، ولا يتحقق ذلك إلا بالعلم والعلم الجاد والحرص على الإتقان، ولا سيما أن ديننا هو دين العمل والإنتاج والإتقان، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".
كما شدد الوزير على أنه قد تعلمنا من المحن أن مع العسر يسرا، وبعد العسر يسرا، ولا يغلب عسر يسرين، فلا نيأس ولا نحبط، فلا يأس من الحياة ولا حياة مع اليأس، فما دامت الحياة قائمة علينا ألا نيأس من رحمة الله، وأن نتحلى بالأمل في فضله ولطفه، وتعلمت منها أن في ديننا من الفسحة والسعة واليسر والمرونة ما يتسق مع الفطرة الإنسانية السليمة، ويحقق المصالح المعتبرة للبلاد والعباد، وتعلمت منها أن ديننا الحنيف قد أحاط النفس البشرية بسياجات عظيمة من الحفظ والرعاية والاهتمام، وجعلها مقصدًا ساميًا وأحد أهم المقاصد الكلية الضرورية التي ينبغي الحفاظ عليها.