رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الخارجية الأمريكية تفضح انتهاكات أردوغان لحقوق الإنسان.. تركيا تفصل ثلث أعضاء السلطة القضائية وتوقف 130 ألف موظف حكومى و45 ألف شرطى وحبس 80 ألف مواطن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رصد تقرير صادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع للخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان فى العالم، انتهاكات أردوغان لحقوق الإنسان، حيث أشارت الخارجية الأمريكية فى تقريرها السنوى بخصوص حقوق الإنسان فى تركيا، والذى نشرته الأربعاء ١١ مارس إلى أن السلطات المدنية حافظت على سيطرة فعالة على تطبيق القانون، لكن آليات التحقيق والمعاقبة على الانتهاكات والفساد ظلت غير كافية، كما ظل الإفلات من العقاب معضلة كبيرة.


أوضح التقرير الحقوقى أنه بموجب التشريع الواسع لمكافحة الإرهاب، قيدت الحكومة التركية الحريات الأساسية وعرضت سيادة القانون للخطر، وأشار التقرير إلى أنه منذ محاولة الانقلاب عام ٢٠١٦، فصلت السلطات التركية أو أوقفت أكثر من ٤٥٠٠٠ شرطى وعسكرى وأكثر من ١٣٠.٠٠٠ موظف حكومي، وفصلت ثلث السلطة القضائية، واعتقلت أكثر من ٨٠.٠٠٠ مواطن، وأغلقت أكثر من ١٥٠٠ منظمة غير حكومية لأسباب تتعلق بالإرهاب، فى المقام الأول لعلاقات مزعومة مع حركة رجل الدين فتح الله غولن، الذى تتهمه الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب.
وشملت قضايا حقوق الإنسان المهمة ما يلي: تقارير عن عمليات الاختفاء القسرى والتعذيب؛ الوفيات المشبوهة للأشخاص المحتجزين الاعتقال والاحتجاز التعسفى لعشرات الآلاف من الأشخاص بمن فيهم أعضاء المعارضة السابقين فى البرلمان والمحامين والصحفيين والمواطنين الأجانب والموظفين فى البعثة الأمريكية لصلتهم المزعومة بالجماعات «الإرهابية»، المشكلات المتعلقة باستقلالية القضاء؛ والقيود الصارمة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، بما فى ذلك العنف والتهديد بالعنف ضد الصحفيين، وإغلاق المنافذ الإعلامية، والاعتقالات غير المبررة أو الملاحقة الجنائية للصحفيين وغيرهم بسبب انتقادهم سياسات الحكومة أو المسئولين والرقابة، حجب المواقع ووجود قوانين تشهير جنائية؛ والتقييد الشديد لحريات التجمع وتكوين الجمعيات والتنقل، والعنف ضد النساء وأفراد الأقليات الأخرى.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى أنه كانت هناك ادعاءات موثوقة بأن الحكومة التركية ساهمت فى مقتل مدنيين فيما يتعلق بحربها ضد حزب العمال الكردستانى فى الجنوب الشرقي، على الرغم من انخفاضها بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة.
ووفقا لمجموعة الأزمات الدولية، فى الأشهر الـ١١ الأولى من العام، قتل ٢٦ مدنيا و٨٢ من أفراد قوات الأمن و٣٤٣ من مقاتلى حزب العمال الكردستانى فى المقاطعات الشرقية والجنوبية الشرقية فى اشتباكات ذات صلة بالحزب. 


وقالت جماعات حقوق الإنسان إن حكومة أردوغان لم تتخذ إجراءات كافية لحماية أرواح المدنيين فى قتالها مع حزب العمال الكردستانى فى الجنوب الشرقي، وفى أحد هذه الحوادث فى أغسطس ٢٠١٩، فتح جنود أتراك فى طائرة هليكوبتر النار فى مقاطعة هكارى الحدودية، مما أسفر عن مقتل شاب يبلغ ١٤ عامًا وإصابة شخص آخر.
وفى أكتوبر من العام ذاته، أطلقت القوات المسلحة التركية عملية «نبع السلام» فى منطقة الحدود الشمالية السورية. وأفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بمزاعم من نشطاء حقوقيين محليين وإقليميين ومنظمات إعلامية بأن القوات التركية والجماعات المسلحة المدعومة منها تسببت فى وقوع إصابات بين المدنيين، بما فى ذلك الهجمات على البنية التحتية المدنية والهجمات على المناطق السكنية، وكذلك بعض عمليات القتل خارج نطاق القانون، ونهب وحجز الممتلكات فى المناطق الخاضعة للسيطرة التركية حديثًا. 
فى المقابل رفضت حكومة أردوغان هذه التقارير، وأقرت بالحاجة إلى إجراء تحقيقات ومساءلة فيما يتعلق بهذه التقارير، وأفادت منظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية بوجود أدلة موثوقة على التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، ولا سيما للمعتقلين المحتجزين، مؤكدة أن السلطات التركية لم تتخذ إجراءات كافية ضد الانتهاكات ولم تنشر الحكومة معلومات عن جهودها لمعالجة الانتهاكات من خلال الإجراءات التأديبية والتدريب. أوضحت المنظمات الحقوقية أن المسئولين فى بعض الحالات اعترضوا أو أرهبوا الأفراد الذين قدموا ادعاءات بوقوع انتهاكات فى المحاكم المدنية.
هذا فيما أبلغت جماعات حقوق الإنسان المحلية والدولية عن حالات اختفاء خلال العام الماضى زعم بعضها أنه لدوافع سياسية. 
وأشار التقرير الحقوقى إلى أن الدستور والقانون التركى رغم أنه يحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لكن جماعات حقوقية محلية ودولية أفادت بأن بعض ضباط الشرطة وسلطات السجون والوحدات العسكرية والاستخبارية استخدموا هذه الممارسات.
هذا كما جاءت إفادات جماعات حقوق الإنسان عن تعذيب وسوء معاملة للأشخاص المحتجزين لدى الشرطة مؤيدة لذلك، وأشارت التقارير الحقوقية إلى أن الشرطة أساءت معاملة المعتقلين خارج مبانى مراكز الشرطة، وأن سوء المعاملة والتعذيب المزعومين كانا أكثر انتشارًا فى بعض مرافق الشرطة فى أجزاء من الجنوب الشرقي. 

فيما أكدت هيومن رايتس ووتش بأن تخويف المعتقلين أمر شائع وأن الضحايا ترددوا فى الإبلاغ عن الانتهاكات بسبب الخوف من الانتقام. وأفادت وكالة حقوق الإنسان بشكل منفصل أنها تلقت فى الأشهر الـ ١١ الأولى من العام الماضى نحو ٨٤٠ شكوى من الانتهاكات على أيدى قوات الأمن، بما فى ذلك ٤٢٢ شكوى تزعم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى معاناة بعض المجندين العسكريين من الإساءة الجسدية والإيذاء الجسدى والتعذيب الذى أدى فى بعض الأحيان إلى الموت أو الانتحار.
وفيما يتعلق بأوضاع السجون ومراكز الاحتجاز، لفت التقرير الحقوقى إلى أن مشكلة ازدحام السجون ظلت عقبة كبيرة خاصة بعد حملة الاعتقالات الجماعية التى أعقبت محاولة الانقلاب فى عام ٢٠١٦ التى أدت إلى زيادة طلب السجناء على الرعاية الصحية مع عدد أقل من الموارد المتاحة لتلبية احتياجات السجناء. 
كما أفادت تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن بعض الأطباء لم يوقعوا أسماءهم على التقارير الطبية التى تدعى التعذيب بسبب الخوف من الانتقام، ونتيجة لذلك، لم يتمكن الضحايا فى الغالب من الحصول على وثائق طبية من شأنها أن تساعد فى إثبات ادعاءاتهم.
أما فيما يتعلق بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفى فبحسب تقرير الخارجية الأمريكية أشارت جماعات حقوق الإنسان إلى أنه بعد محاولة الانقلاب فى عام ٢٠١٦، واصلت سلطات أردوغان اعتقال مئات الآلاف من الأفراد واعتقالهم ومحاكمتهم لعلاقتهم المزعومة بحركة جولن أو حزب العمال الكردستاني، وغالبًا بمعايير إثبات مشكوك فيها ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة بالكامل بموجب القانون.
وعلى صعيد إجراءات الاعتقال ومعاملة المحتجزين أفاد المحامون الخاصون ومراقبو حقوق الإنسان عن التنفيذ غير المنتظم للقوانين التى تحمى الحق فى محاكمة عادلة، لا سيما فيما يتعلق بالوصول إلى المحامي، وفى أبريل ٢٠١٩ أفادت هيومن رايتس ووتش أن سلطات أردوغان رفضت بشكل متكرر وصول المحتجزين إلى محام فى القضايا المتعلقة بالإرهاب حتى استجوبت قوات الأمن المشتبه فيه المزعوم.
وذكر بعض المحامين أنهم كانوا مترددين فى تناول قضايا المشتبه بعلاقاتهم مع حزب العمال الكردستانى أو حركة جولن، بسبب الخوف من انتقام الحكومة، بما فى ذلك المقاضاة.
وفيما يتعلق بالاعتقال التعسفى، على الرغم من أن القانون يحظر احتجاز المشتبه فيه تعسفيا أو سرا، فقد وردت تقارير عديدة تفيد بأن الحكومة التركية لم تلتزم بهذا الحظر. وأفادت جماعات حقوق الإنسان أن قوات الأمن احتجزت مواطنين بدون سجل رسمى فى المناطق الخاضعة لحظر التجول أو «مناطق أمنية خاصة»، مما جعل المحتجزين أكثر عرضة لخطر الانتهاكات التعسفية. 
وعلى صعيد الاحتجاز السابق للمحاكمة، لاحظ المدافعون عن سيادة القانون أن الاستخدام الواسع النطاق للاحتجاز السابق للمحاكمة قد أصبح شكلًا من أشكال العقوبة الموجزة، لا سيما فى القضايا التى تنطوى على تهم الإرهاب بدوافع سياسية.

اللاجئون والعودة القسرية
كما أوضح تقرير الخارجية الأمريكية أن جماعات حقوق الإنسان التى تركز على اللاجئين أفادت بأن السلطات التركية منعت المهاجرين المحتجزين ومراكز العودة من الاتصال بالعالم الخارجي، بما فى ذلك أفراد أسرهم ومحاميهم، مما أوجد إمكانية الإعادة القسرية، حيث يقبل المهاجرون العودة إلى الوطن لتجنب الاحتجاز إلى أجل غير مسمى.
أما فيما يتعلق بالسجناء والمعتقلين السياسيين فبحسب تقرير الخارجية الأمريكية استخدمت السلطات التركية قوانين مكافحة الإرهاب على نطاق واسع ضد أعضاء الأحزاب السياسية المعارضة، ونشطاء حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام، والمتعاطفين مع حزب العمال الكردستانى المشتبه فيهم، وأعضاء حركة جولن المزعومين أو الجماعات المنتسبة إلى حركة جولن، من بين آخرين، بما فى ذلك الاستيلاء على أصول الشركات أو المؤسسات الخيرية أو الشركات. 
وأوضحت جماعات حقوق الإنسان أن العديد من المعتقلين ليس لديهم صلة جوهرية بالإرهاب وتم اعتقالهم لإسكات الأصوات الناقدة أو إضعاف المعارضة السياسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وواجه الطلاب والفنانون وأعضاء الجمعية تحقيقات جنائية فى أنشطة مزعومة تتعلق بالإرهاب، ويرجع ذلك فى المقام الأول إلى مشاركاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. 
وبحسب تقارير موثوقة تعرض بعض الأشخاص الذين سجنوا بتهم تتعلق بالإرهاب لانتهاكات، بما فى ذلك الحبس الانفرادى الطويل، والمنع من الخروج خارج الزنزانة، ومنع الوصول إلى المكتبة ووسائل الإعلام، وبطء العناية الطبية، وفى بعض الحالات الحرمان من العلاج الطبي. كما زعمت تقارير إعلامية أن زوار السجناء المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب واجهوا الإساءات، بما فى ذلك محدودية الوصول إلى الأسرة، وعمليات التفتيش والتعري، والمعاملة المهينة من قبل حراس السجن.
وأشار تقرير الخارجية الأمريكية إلى أن اللاجئين المشردين والسوريين المقيمين فى تركيا واجهوا قيودًا على حريتهم فى التنقل وكما وردت أنباء عن اعتقالات على نطاق واسع لأفراد، بمن فيهم الأفغان والسوريون والعراقيون داخل تركيا.
وأفادت العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة والمهاجرين أن الأطفال اللاجئين ومعظمهم من السوريين لا يزالون عرضة للاعتداء الاقتصادى والجنسي. ولم يُسمح للأقليات القومية أو الدينية أو العرقية الأخرى بما فى ذلك الآشوريون والجعفريون واليزيديون والكرد والعرب والغجر والشركس، بممارسة حقوقهم اللغوية والدينية والثقافية بالكامل. فيما بقيت جميع الصحف وقنوات التليفزيون ومحطات الإذاعة الخاصة باللغة الكردية تقريبًا مغلقة لأسباب تتعلق بالأمن القومى بموجب مراسيم حكومية، وواجه الصحفيون المنتسبون أو المنتسبون سابقًا إلى وسائل الإعلام الموالية للأكراد ضغوطًا حكومية كبيرة، بما فى ذلك السجن.