الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مياه نهر النيل حق مصري تاريخي.. «الخارجية» تحشد 7 دول شقيقة.. وتنقل رسائل من الرئيس السيسي إلى قادة عرب وخليجيين.. و«سحب الاستثمارات العربية في إثيوبيا» كلمة السر في الضغط عليها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقب تعثر مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، بعد انسحاب إثيوبيا من توقيع اتفاق نهائى فى واشنطن، بعدما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية فى هذه المفاوضات لحل الأزمة بين الدول الثلاث وتوقيع اتفاقية تضمن حقوق كافة الأطراف والالتزام بها رسميًا، كثفت الدبلوماسية المصرية من جهودها لمواجهة التعنت الإثيوبى فى توقيع الاتفاقية، وبدأ سامح شكري، وزير الخارجية المصري، بجولة عربية تشمل عدة دول حاملًا رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن «سد النهضة».

تشمل جولة وزير الخارجية الدول: «الأردن، السعودية، الكويت، العراق، الإمارات، البحرين، سلطنة عمان»، لتسليم رسالة الرئيس السيسى لقادة هذه الدول، فى خطوة مصرية لحشد الدول العربية فى أزمة «سد النهضة»، وتعنت الجانب الإثيوبى لحل الأزمة وتوقيع اتفاقية مرضية لكافة الأطراف، والتأكيد على حماية حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل، حيث تصل حصة مصر من مياه النهر ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنويًا.
يأتى ذلك بعد قرار جامعة الدول العربية بالتضامن مع مصر فى مفاوضاتها حول «سد النهضة» الإثيوبى وحقها التاريخى فى مياه نهر النيل، ويرفض أى إجراءات أحادية تمضى فيها إثيوبيا، ويؤكد ضرورة التزام إثيوبيا بمبادئ القانون الدولي، معلنًا ترحابه باتفاق ملء السد الذى أعدته الحكومة الأمريكية، مؤكدًا أن مشروع الاتفاق الذى طرحته أمريكا والبنك الدولى «عادل ومتوازن ويحقق مصالح البلدان الثلاثة»، لترد إثيوبيا على هذا القرار معلنة رفضها له بدافع حماية حقها.
وأعربت وزارة الخارجية عن رفضها لبيان وزارة خارجية إثيوبيا الصادر، للرد على قرار جامعة الدول العربية المؤيد لمصر والسودان فى حماية حقهم فى مياه النيل، موضحة أن البيان يتصف بعدم اللياقة والدبلوماسية، وانطوى على إهانة غير مقبولة لجامعة الدول العربية ودولها الأعضاء، مؤكدة أن تبنى جامعة الدول العربية لقرار يدعو إثيوبيا للالتزام بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق وعدم الإقدام على أى إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية، ما هو إلا إقرار بالمدى الذى باتت إثيوبيا تعتقد أن مصالحها تطغى على المصالح الجماعية للدول ذات السيادة الأعضاء فى جامعة الدول العربية، والتى تسعى إثيوبيا للهيمنة عليها. وأوضحت الخارجية، أن النهج الإثيوبى يدل على نية فى ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خيراته، وقد تجلى ذلك فى إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة بشكل منفرد فى شهر يوليو ٢٠٢٠ دون التوصل لاتفاق مع دولتى المصب، فى محاولة منها لجعل مسار المفاوضات رهينة لاعتبارات سياسية داخلية، وهو ما يمثل خرقًا ماديًا لاتفاق إعلان المبادئ، ويثبت بما لا يدع مجالًا للشك سوء نية إثيوبيا وافتقادها للإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة، مؤكدة أنه لا يزال أمامنا حل متوازن لموضوع سد النهضة يؤمن المصالح المشتركة لكافة الأطراف، ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشاطئة للنيل الأزرق، لمصلحة ٢٤٠ مليون مواطن فى مصر والسودان وإثيوبيا.

٩ سنوات من المفاوضات 
استمرت مفاوضات مصر على ملف سد النهضة منذ ٩ سنوات حول الآثار البيئية والمائية للسد، الذى تشيده إثيوبيا على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، حيث بدأت فى أعمال بنائه عام ٢٠١١ على النيل الأزرق فى مرتفعات إثيوبيا الشمالية، من حيث يتدفق ما يقدر بنحو ٨٥٪ من مياه النيل، يخزن ٧٣ مليار متر مكعب من المياه خلال ٣ سنوات، وتخطط إثيوبيا للبدء فى ملء السد فى يونيو ٢٠٢٠، مما يثير القلق فيما يخص حصول مصر والسودان على حصتهما من مياه النيل.

حقوق تاريخية
يقول السفير طلعت حامد، الأمين العام المساعد للبرلمان العربى سابقًا، إن مصر لها حقوق تاريخية فى نهر النيل، وتواجدت منذ عام ١٩٢٩ عندما كانت مصر تحصل ٥٥ مليار متر مكعب من مياه النيل، عندما كان التعداد السكانى المصرى نحو ٢٥ مليون نسمة، موضحًا أن مصر حاليًا بعدما أصبحت ١٠٠ مليون نسمة تحتاج إلى المزيد من المياه لتحقيق التنمية المستدامة، فإن قرار مجلس جامعة الدول العربية الأخير كان لتأييد موقف مصر رغم التحفظ السودانى الذى لن يمنع الحصول على موافقة جميع الدول العربية فى عملية حق مصر التاريخى فى مياه النيل. ويضيف «حامد»، أن الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية المصرى تهدف إلى العمل على تنفيذ قرار مجلس الجامعة المؤيد لمصر، مما يؤكد استعداد مصر لخوض معركة كبيرة جدًا للعمل على تحقيق بنود القرار التى تم الاتفاق عليها ما بين «السودان وإثيوبيا»، فإن مصر تسير فى الطريق الصحيح رغم صعوبة طريق المفاوضات، ولكنها فى النهاية تسعى إلى المرجو منها وهو حصول مصر على حقها فى مياه النيل، باعتبارها «هبة النيل» فهى بحاجة إلى تكثيف الضوء على الرأى العام العربى والعالمى لتحقيق مصالحها وأهدافها، مشيرًا إلى أن إثيوبيا ترفض التوقيع على الاتفاقية الأمريكية التى تمت مناقشتها، والتى تضمن حصول كافة الأطراف على حقها فى النيل. ويؤكد الأمين العام المساعد للبرلمان العربى سابقًا، أن مصر حقها فى النيل واضح للعالم أجمع، وكافة مواد وبنود القانون الدولى تؤكد هذه الأحقية المصرية، فضلًا عن دعم الدول العربية للموقف المصرى من خلال جامعة الدول العربية وزيارة «سامح شكري» وزير الخارجية لعدد من الدول العربية، وفى انتظار رضوخ الجانب الإثيوبى للرأى العام الدولي، لافتًا إلى أن إثيوبيا انتهزت الفرصة فى فترة «٢٠١١: ٢٠١٤» وقت انشغال مصر بالثورة وغرقها فى حالة فوضى بالشوارع، وتحاول إثيوبيا من خلال سد النهضة الاستفادة قدر المستطاع لتحقيق مصالحها وأهدافها الخفية، فكان هناك تلاعب شديد جدًا من أجل الوصول إلى تخزين المياه وراء السد وجعله أمرا واقعا أمام دول حوض نهر النيل.

شرح الموقف المصرى
يوضح السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن جولة وزير الخارجية سامح شكرى للدول العربية حاليًا هو شرح الموقف المصرى فيما يخص أزمة «سد النهضة» والمفاوضات التى تمت فى أمريكا منذ أكتوبر الماضي، وتوقيع مصر بالأحرف الأولى على الاتفاق فى ٢٨ فبراير الماضي، والذى أكد التزامها بالتوصل إلى حل متوازن وعادل لهذا الشأن يحمى مصالح الأطراف الثلاثة، مضيفًا أن هذه الجولة جاءت بعد قرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الدول الخارجية فى ٤ مارس الجاري، والتى أكدت أهمية الحفاظ على حقوق مصر فى نهر النيل، فإن الموقف العربى موقف قوى داعم لمصر.
ويستكمل «هريدي»، أنه مما لا شك فيه أن الدول العربية التى يزورها وزير الخارجية حاليًا، وبصفة خاصة دول «مجلس التعاون الخليجي» لها علاقات جيدة مع إثيوبيا، وعن طريق الاتصالات الدبلوماسية فيما بينهم يمكن أن تقوم بتقريب وجهات النظر الإثيوبية والمصرية والسودانية، مشيرًا إلى أن موقف مصر القانونى منذ توقيعها على اتفاقية «إعلان المبادئ بالخرطوم فى مارس ٢٠١٥»؛ فهى ملتزمة بمبادئ القانون الدولى وقانون الأنهار الدولية الذى يحدد مسئوليات دول المنبع فى الأنهار الدولية، ونهر النيل نهر دولى يخدم مصالح ١١ دولة فى حوض النيل، ووفقًا للقانون إذا كان من حق دول المنبع إقامة مشروعات على النهر؛ فإن هذه المشروعات لا ينبغى أن تعود بالضرر على الدول المشاطئة للنيل ودول المصب.
ويشير إلى أن المفاوضات فى ملف «سد النهضة» حققت نجاحات كبيرة منذ بدايتها فى بعض الموضوعات، ولكن تبقى بعض من هذه الموضوعات ذات نقاط خلافية تحمل المفاوضة ما بين الأطراف قبل بدء ملء سد النهضة، متمنيًا الوصول إلى اتفاق فى أقرب فرصة ممكنة، فهذا الموضوع أصبح قضية رمزية سياسية فى الداخل الإثيوبى، وهذا الأمر يعد من العوامل التى تصعب المفاوضات. 

دعم مصر
كما يضيف السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مجمل الدول العربية من خلال جامعة الدول العربية، أصدرت قرارا لدعم مصر فى موقفها فى مشكلة «سد النهضة»، موضحًا أن المطلوب من الدبلوماسية المصرية هو نوع من المتابعة التى تشمل المزيد من الشرح للموقف المصرى وتطوراته، والتأكيد على المواقف الثابتة لمصر، فهذه الدول العربية الخليجية تستطيع أن تلوح باحتمال وقف استثماراتها أو سحبها أو من خلال هذه الاستثمارات الكبيرة ما بين القيادة السياسية الإثيوبية. ويتابع «القويسني»، أنه عندما استطاعت مصر الحصول على موقف من الدول العربية ممثل فى قرار مجلس الجامعة العربية فيما عدا السودان، تستطيع هذه الدول التى يزورها وزير الخارجية المصرى سامح شكري، ولها علاقات كبيرة أن تشرح للجانب السوادنى أهمية موقفهم بجانب الشقيق المصري، مؤكدًا أن الدول تسعى إلى الحفاظ على المصالح الوطنية أولًا ثم مراعاة مصالح الدول الأخرى الشريكة، وبالتالى فإن السعى كله هو أن تصل الدبلوماسية الإثيوبية والقرار السياسى الإثيوبى إلى مرحلة تضمن فيها تنفيذ المصالح الوطنية «المصالح الإثيوبية»، وفى الوقت ذاته «مصالح الدول الشريكة» فى موضوع مياه النيل، فهذا هو الهدف الاستراتيجى الذى تقوم به الدول الثلاث «مصر- السودان- إثيوبيا» والذى تسعى إليه مصر. ويوضح، أن بنود القانون الدولى فيما يتعلق بالأنهار العابرة للحدود، فإن نهر النيل عابر للحدود، وبالتالى هناك توازن ومراعاة بين مصالح دولة المنبع تحديدًا ودول المصب، والحفاظ على مصالح الجانبين، لافتًا إلى أن مصر تريد تفعيل هذه البنود، فإن النيل ليس ملكية إثيوبية ولكنه عابر للحدود، فمن إثيوبيا إلى السودان، ومن السودان إلى مصر، فهناك حقوق محفوظة لدول المنبع والمصب والمرور، متمنيًا الوصول إلى نوع من الاتفاق يضمن المصالح المصرية ويقلل من أضرار بناء سد النهضة على حصة مصر من المياه، وأن تشهد مصر وإثيوبيا نوع من التفاهم والتعاون الذى يضمن أيضًا حسن إدارة السد وتشغيل وملء الخزان بما لا يؤثر سلبًا فى مصالح مصر واحتياجاتنا من المياه.

الاستراتيجية «د»
على الجانب الآخر، يرى الدكتور رمضان قرني، خبير الشئون الأفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات، أنه يمكن قراءة الجولة العربية لـ«سامح شكري» تسمى استراتيجية الفرصة البديلة للتحرك الدبلوماسى المصري، حيث رسخت الدبلوماسية المصرية والدولة فيما يتعلق بقضية «سد النهضة» العديد من الأدوات الدبلوماسية والتفاوضية والسلمية، موضحًا أنه فى البداية كان التركيز على المفاوضات المباشرة مع الطرف الإثيوبى والسوداني، ثم قبلت مصر فى مرحلة ما دخول الطرف الأمريكى والبنك الدولى كمراقبين ثم وسطاء لحل النزاعات والقضايا الخلافية بين الأطراف، إلا أن تعنت الموقف الإثيوبى فى الفترة الأخيرة ورفض التوقيع لاتفاق واشنطن وما أظهره الجانب السودانى من عدم مواءمة تام مع الطرح المصرى للشواغر المتعلقة بـ«السد».
ويستكمل قرني، أن مصر انتقلت إلى الاستراتيجية «د» وهى حماية حقوقها التاريخية فى مياه النيل، وربما تكون البداية الحقيقية فى حشد الدول العربية لصالح الجهد المصري، انطلاقًا بأن قضية المياه المصرية هى قضية أمن قومى عربي، وأن هناك العديد من الروابط القانونية والتاريخية العربية المصرية التى تجعل الحفاظ على الأمن القومى المصرى فى غاية الأهمية انطلاقًا من أهمية موقف الأمن القومى العربي، مضيفًا أنه فى إطار حملة دبلوماسية دولية شاملة لا بد من حشد القوى المساندة من الأساس والاعتماد على الطرف الأمريكى، وإن كان وسيطا، وكذلك البنك الدولى؛ حيث أثبت الجانب الإثيوبى أنه غير مُجد فى المرحلة المقبلة، والبداية تأتى من القوى الإقليمية والعربية الداعمة لمصر وما تربطها فيما بينها بعلاقات جيدة تؤكد الحشد العربى للموقف المصري. ويؤكد، أن الحملة الدولية العربية وحدها لن تكفى لحل أزمة سد النهضة، ولكنها تستوجب حشد عديد لجميع الدول الأخرى، والتى ستكون عنصرًا فعالًا وقويًا لحل الأزمة، وفيما يخص الدول العربية؛ فإن الاستثمارات العربية مثل «الإمارات والسعودية والبحرين» فى إثيوبيا عديدة، والتى قد يتم تفعيل هذه الأوراق الاقتصادية بشكل غير معلن لصالح الدبلوماسية المصرية، فإن قضية المياه أمن قومى عربى ومصرى أيضًا، مشيرًا إلى أن أزمة سد النهضة متشابكة «قانونيًا- سياسيًا»، سواء داخليًا فى إثيوبيا بحشد جميع موارد الدولة لأعمال السد وضمانه التخلص من الفقر لمواطنيها، وخارجيًا من خلال الترويج لدولة إثيوبيا باعتبارها دولة فقيرة، وأن السد سينتشلها وينمى مواردها الاقتصادية باعتبار مياه النيل أحد الروافد المشتركة، والتى ستكون المحطة التى تنطلق منها إثيوبيا لحماية مواطنيها ومعدلات التنمية.
ويتابع، أنه مع اقتراب الانتخابات الإثيوبية؛ فإن جبهة الحاكمة تحاول ضمان أكبر حشد إثيوبى لها فى مقابل أى قوى سياسية معارضة، معتقدًا أنه أداة سياسية فى يد القيادة الإثيوبية يحاول توظيفه بشكل مختلف عن الأبعاد الفنية والقانونية، مؤكدًا أن موقف مصر قوى من الناحية القانونية، وفى حالة التمكن من وضع إثيوبيا أمام الرأى العام الأفريقى والعربى والدولى باعتبارها ترفض توقيع أى اتفاقية لحماية حقوق الغير وتضر بالأمن القومى المصرى ستكون البداية الحقيقة أمام الاتحاد الأفريقي، وبخاصة أنه هناك إجماع داخل الاتحاد بأن اتفاقيات المياه والحدود لا يجب المساس بها، أما فى محكمة العدل الدولية فيمكن طلب فتوى على البعد القانونى بأن الوضع الذى تستغله إثيوبيا ضد قواعد القانون الدولى والأعراف الدولية، مطالبًا بعمل حملة إعلامية ودبلوماسية مصرية وعربية ودولية لتحقيق اتفاقية عادلة ومتوازنة.

شرح الموقف 
بينما يؤكد الدكتور عطية عيسوي، خبير الشئون الأفريقية، أن جولة وزير الخارجية سامح شكرى جاءت لشرح الموقف للدول العربية وعلى ما انتهت إليه المفاوضات ووجهة نظر مصر وسبب رفض إثيوبيا التوقيع على مسودة الاتفاق الذى أعدته الحكومة الأمريكية مع البنك الدولي، وإطلاع هذه الدول وبحث ما يمكن أن تساهم به حكوماتها فى تسهيل توقيع إثيوبيا على الاتفاق أو عودتها إلى مائدة المفاوضات، سواء بتدخل إثيوبيا مباشرةً، وهذا يمكن من جانب دول الخليج التى لها مصالح قوية لدى إثيوبيا مثل «السعودية والإمارات والكويت»، موضحًا أن هذه الدول لها استثمارات ضخمة لدى إثيوبيا، وأعداد ضخمة من العمالة الإثيوبية يصل عددها فى الكويت إلى ٥٠ ألف شخص على سبيل المثال. ويضيف عيسوي، أنه يمكن مخاطبة حكومات الدول العربية المذكورة فى الولايات المتحدة الأمريكية الراعية للمفاوضات للإسراع بمخاطبة إثيوبيا والضغط عليها للتوقيع على الاتفاق، أو الاتفاق على البنود المختلف عليها ما بين الطرفين المصرى والإثيوبى، والوصول إلى حل وسط لجميع الأطراف، لافتًا إلى أن قرار الجامعة العربية جاء لتأييد الموقف المصرى ودعمه فيما يتعلق بقضية «سد النهضة»، وتدخل الدول العربية أيضًا سيعد إنجازًا كبيرًا يُسهل المفاوضات القادمة، فإن مائدة المفاوضات حققت لمصر أكثر من ٨٠٪ من مطالبها الخاصة بعدم انقطاع كميات كبيرة من المياه، والتى تؤدى إلى حدوث مشكلات فيما يتعلق بتدفق المياه لمصر، مما يعد هذا الأمر أقصى ما توصلت إليه بمساعدة الولايات المتحدة والبنك الدولي. ويتابع، أن هذا الأمر وجدته إثيوبيا انحيازا من أمريكا لمصر ضدها، ووصفت بيان الخارجية الأمريكية الذى يطالبها بعدم ملء البحيرة وتشغيل السد قبل التوصل إلى اتفاق، بأنه بيان يفتقر إلى اللياقة الدبلوماسية، مشيرًا إلى أن توافق مصر مع الولايات المتحدة والبنك الدولى بخصوص هذا الاتفاق يعتبر تأييدًا لموقف مصر إذا اضطرت إلى التقدم بشكوى لدى مجلس الأمن الدولى أو طالبت بهيئة تحكيم دولية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو الضغط على الدول المساعدة لإثيوبيا فى بناء السد، فإن هذا سيكون فى صالح مصر إذا اضطرت إلى اللجوء إليه وستكون حجتها بذل كل ما استطاعت للوصول إلى اتفاق فى ظل امتناع إثيوبيا عن التوقيع على اتفاقية مرضية لكافة الأطراف، وتضع العراقيل أمام هذا الأمر.
ويشير إلى أن البنك الدولى له خبرة طويلة فى حل مشكلات استخدام مياه الأنهار فى العالم، وبيده تقديم المساعدات المالية والمشاورة الفنية لأى مشروع تنموى فى أى دولة، مما يضع إثيوبيا تحت ضغط التهديد من قبل البنك بوقف المساعدات لها، مؤكدًا أن الموقف المصرى أقوى بكثير مما كان عليه من قبل بالتوصل إلى مفاوضة هذا الاتفاق الأخير فى أمريكا بعد توقيع مصر اتفاقية إعلان المبادئ فى ٢٠١٥، التى تتضمن بنودا لصالح مصر وغيرها من الاتفاقيات، التى يمكن اللجوء إلى تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولى أو أى جهة أخرى. 

القانون الدولى 
قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، إن الأقوال الإثيوبية بسيادتها المطلقة على الأراضى الإثيوبية والانتفاع الحكرى للنيل الأزرق والملكية المطلقة لسد النهضة جميعها أساطير لا تستند إلى قانون أو منطق أو تاريخ أو جغرافيا، فإن السيادة المطلقة على الأنهار الدولية أصبحت أسطورة من أساطير التاريخ، فالقانون الدولى للمجارى المائية لاستخدامها فى غير أغراض الملاحة لا يقر إلا بالسيادة المشتركة والانتفاع المنصف المشترك بين كافة دول حوض النهر الدولي، فضلًا عن أن الولايات المتحدة الأمريكية، هى من ابتدعت مثل ذلك المبدأ البالى ونقدته كافة المحاكم الأمريكية، والفقه الدولى اعتبارًا من بدايات القرن العشرين.
ويتابع سلامة، أن أحكام المحاكم الدولية وهيئات التحكيم الدولية والمحاكم الوطنية كافة ودون استثناء نقدت ذلك المبدأ فى أحكام قضائية ملزمة، فإن إثيوبيا دولة السد ملزمة قانونًا بمبادئ وقواعد وأعراف دولية فى شأن تخزين وإدارة سد النهضة يصعب تعدادها، وأبرز هذه المبادئ: «مبدأ الحيطة، التعاون، الإخطار المسبق، عدم التعسف فى استعمال الحق، عدم الإضرار بالغير، المتعاقد عبد شريعته»، مؤكدًا أن إثيوبيا تدرك علم اليقين منذ إبرام اتفاقية إعلان المبادئ لسد النهضة فى ٢٣ مارس عام ٢٠١٥، فهى ليست اتفاقية نهائية، ولكنها اتفاقية عامة إطارية يعوزها اتفاق فنى لاحق يعكس كافة المبادئ العشرة الملزمة النافذة الواردة فى الاتفاقية منذ تاريخ ٢٣ مارس.
ويستكمل، أن هذه الخروقات الإثيوبية الفجة للمعاهدات الدولية تعصف بالبنيان التعاهدى المبرم النافذ فى ٢٣ مارس ٢٠١٥، وتهدد وتقوض الأمان القانونى التعاهدى الوثيقى والموثق والرابط للعلاقات الدولية القانونية الثلاثية بين أطراف الاتفاقية، ومن شأن ذلك أن يهدد استقرار المراكز القانونية المكتسبة من هذه الاتفاقية الإطارية.