الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حيلة الشيطان لتحريف الحرف لاختلاط المعنى والثرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تعد وجوه الناس توحي بشيء، خارت فيها التعبيرات فبات القالب واحد، اختفت شامات الحزن وخطوط العمر وعلامات التقوى والشر، لم يعد أكثر النبهاء والحكماء بقادر على أن يفك شفرة وجه.. بات الطيب كالخبيث.
اختلطت حفنات التراب لخلق هذا الوقت من الزمن في يد الملائكة وحينما نفخت فيها الروح خرجت كما نحن أبناء هذا العصر.
بعض من ذرات ثرى الهزار تطايرت على ثرى الجد فمسخت معالمه، نسمة ريح نثرت بعضا من ثرى الفرح على الحزن فباتت مباهجنا كجنائزنا، نفخة جن من ضجر منا خلطت الماء بالنار ففقدا تناحرهما وأصبحت الرؤى غير ذات جدوى فقد ضاع الحدث.
خلعت الحروف إزار الوقار وباتت كفتاة ليل تضاجع الألسنة الحمقاء الأطول مدى ومدا.
صارت الأقلام كأمبولات الحقن على أرفف صيدلية عفا عليها الزمن وخلفتها أدوية الشرب الحديثة كطل خلفها.
صرت كحامل قربة ماء بين قوم سقائهم النبيذ فعبأت بطني من الماء تجنبا من افصاحه بالشكوى.
تاهت خطواتنا في الشوارع بين بعضنا البعض فاستبدلنا المشاوير دون أن يوقظنا الوعي سوى لحظة الوصول، فأصابنا اليأس من العودة بعد أن اسكثرنا مشقة العودة.
تقاتلنا على صندوق القدر فاختلطت الأوراق ببعضها فاغتنى الفقير حظا وافتقر الغني خطأ. 
تبادلنا النساء والأبناء على استمارات السجل المدني كتابع لاختطاف أوراق القدر فامتلأت المحاكم بملفات قضايا الحجر والطلاق وإثبات النسب.
لم ينتبه الآباء إلى خلط أوراق الأبناء فامتلأت دور المسنين وفرغت دور العبادة.
هذا الخلط لم يكن الأول وربما ليس الأخير، كان قبل نوح عليه السلام، فحدث الطوفان، وعاد صندوق السماء كما خلق بنفس هندامه وترتيبه، وهلك كل خطاف آفاق، لكن كيف اختلط الثرى بعد؟ ذاك هو السؤال الذي يحتاج إلى تفسير.
أخدع أحد ركاب السفينة نوح وضمر في قلبه بعضا من بقايا الشر وحينما زال الإعصار زرع ما في قلبه في الأرض فطرح. ءأثر ابن نوح الغرق بجسده ليظل صداه باقيا في الورى! 
أي شيطان يحكم مملكة الجن الآن ذلك الذي استطاع أن يجند كل هؤلاء البشر فكف عن أتباعه شقاء الغواية؟ واكتسب تعاطف القلوب بعد كل ما قدمه من بشر كوقود للحميم.
آه هي "الحميم" تلك كانت لعبته وضع حميم الود محل حميم النار.. ففقدنا معاني الكلمة.. فلنبحث إذا عن عودة.. لنقاتل من أجل هداية "الكلمة" وإعادة ترتيب الجملة وصندوق الأقدار.
تلك كانت وشوشة الحرف للسطر عن حيلة الشيطان في تحريفه لاختلاط المعنى والثرى..