الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجدي يعقوب.. كم مرة رأيت الله في قلب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أتعرف ما نقطة بلوغ الصمت؟ إنها النقطة التي يسبقها صعود درج الكلم، سفح من التشدق.. ثرثرة.. انتقاء.. إبداع.. ثم قمة في اصطفاء.. ثم لا شيء.. لا حرف ولا كلمة.. كمن علقت قدماه على قمة هرم، النبسة نكسة والحركة سقوط والحرف حرق.

هذا التوصيف لمن جالس الحرف وعايشه وصادقه، لمن أحب الصنعة وعشقها، لا لمن يتعامل معها كـ«دليفري».. يلقاه هؤلاء المبتلين به.. في لحظات العجز عن الكتابة حينما يكون الفعل أكبر من الوصف، فيصمتون.. وهذا أبلغ ما يمكن أن يُكتب في تلك اللحظات، ترك اللجام للسطر وكبح جماح القلم، فيتخيل كل قارئ للسطر الأبيض الحرف الذي يناسبه، ربما يتحايل البعض على الأمر فيضع عنوانا ويصمت، لكن هناك صنف ثالث وهم عاشقون للحرف مجبرون على التنكيل به أحيانا لأنه كسرة الخبز الوحيدة لديهم، جاهدون يزيلون من عليها الثرى ويقبلونها ويضعونها على جبينهم قبل أكلها، لكنهم يدركون أن طعم الصمت في هذا الموضع ألذ.

أطلت عليك.. وربما أخذتك لأبعد مما أقصد! وأخطأت.. فأنت تود «الخٌلاصة»، العبارة في سطر، لكن اُعذرني يا صديقي، أليس كل واحد يتباهى بما لديه، هذا بثرائه.. وهذا بأبنائه.. وهذا بعضلاته.. وهذا بكلابه.. وهذا بلعابه.. وهذا بسبابه.. فلا تؤاخذني إن تباهيت بالحرف.

ذلك الحرف الذي أُحاول الآن إقناعه أن يكتُب عن نبي من مصر فيرفض لا نُكران لمعجزة ذلك النبي، ولكن لأن الحرف يقف عاجزا عن النطق فاغرا فاه من الآية وراء الآية والمعجزة وراء المعجزة.

طاوعني الحرف مرة وكتب عن ذلك النبي حينما زرع قلبا لرجل إنجليزي منذ ما يقرب من 4 عقود، كان الأمر غريبا لكني أدركت بعد ذلك أن الله وهو الصانع خص بعضا من عباده ببعض من علمه وحرفته، الصانع أعطى بعضا من أسرار صناعته لنبي، أو لنقل لمهندس صيانة.. يٌدعى الدكتور مجدي يعقوب، حدث جلل.. فك وتركيب ونقل لقلب، أمر عظيم حدث من قبل مرة واحدة قامت به ملائكة، قالوا لنا ونحن صغار أنهم نزلوا من السماء على نبي فتحوا صدره وغسلوا قلبه من تلك النُقطة السوداء ثم وضعوا القلب كما كان وصعدوا إلى السماء.

إذن زرع ونقل القلب فعل ملائكي لا يستطيع بشر أن يقوم به دون دعم رباني، دون أخذ تعهد على ملك الموت بألا يقتحم غرف العمليات، لا يُمكن إجراء تلك العملية دون وجود ملك للنبض وللأمل وللحياة، لا يمكن إجراء تلك العملية دون تطهر روحي دون إذن مختوم بخاتم رباني.

أو كيف؟ أو كيف بالله عليك تُصلح عُطبا في قلب طفل يبكي فيخرج مبتسما! أو كيف يكون القلب من الداخل.. أسمعت خرير التكبير.. أرأيت الله هناك.. يا سيدي السير أجبني، يقولوا أن الله لا تحتويه السماء ولا الأرض ولكن يحتويه قلب عبد، فكم مرة رأيت الله في قلب فتحته؟. كم مرة وجه مشرطك ملك الرحمة إلى حيث «الآهة» لتُزيلها، كم مرة سمعت النبض ترانيم وتسابيح؟ كم مرة دخلت مهرولا دون تعقيم فجاءك ملك بإناء من الكوثر.

أيُعقل أن أكتب عنك أو أنقل من نقل عن ما يعجز عنه العقل؟! أيعقل يا أيها النبي أن اختصر تلك الحضرة الربانية وهذا الحضور الملائكي، في سطر.

أضحكني الحرف حين طلبت منه أن يكتُب، قال لي: إن كنت تود سأكتب حرا لا تستدعي لي موضوعا من «ويكبيديا» لا تفتح «لينكات وتكرر ملك القلوب ابن يعقوب والجنة والنار، لا تجعلني أشعر أني «أحمق» يكتب عن إنسان.

هذا حدث يُكتب بالقلب بمداد من روح، هذا شخص يُكتب عنه كآية في اللوح المحفوظ، يُذكر اسمه في الملأ الأعلى أكثر مما يُذكر في الأرض، هذا شخص يُصلح ما أفسده الدهر.. هذا نبي من وادينا الطيب.. من أهالينا وذلك مدعاة للفخر.

لم يكذب ذاك الرجل كان حديثه جديا وهو يقول: «مجدي يعقوب من نسل نبي».