الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بلد الـ 100 مليون.. خبراء: الهجرات الداخلية سبب في أزمات المرور والسكان.. وتدني فرص العمل في الصعيد أسباب الهجرة الداخلية.. وسوء إدارة وتوزيع السكان سبب الأزمة السكانية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشكل الهجرات الداخلية صداعا في رأس الوطن، فعلى الرغم من أن مصر مساحتها نحو مليون متر مربع إلا أنه يتقوقع الملايين في مساحات ضئيلة ما يجعل هناك مشكلة كبيرة تواجه الوطن بسبب انتشار تلك الهجرات.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن جهاز التعبئة العامة والإحصاء أصدر إحصائية في منتصف يناير الماضى رصدت مجموعة من التغيرات التى طرأت على حجم واتجاه الهجرة الداخلية وخصائصها وأهم أسبابها، وذلك خلال الفترة من «١٩٩٦-٢٠١٧».


الدراسة ذكرت أن إجمالي المهاجرين بين محافظات الجمهورية ١.١ مليون نسمة عام ٢٠١٧ كما جاء بالدراسة أن ما يقرب من ثلث هؤلاء المهاجرين انتقلوا إلى محافظة الجيزة بنسبة ٣١.٢٪، كما بلغت نسبة المهاجرين إلى محافظة القليوبية ١٧.٧٪ تليها محافظة القاهرة ١٥.٥٪ من إجمالي المهاجرين بمحافظات الجمهورية ٢٠١٧.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة المهاجرين بالفئة العمرية أقل من ٢٠ سنة تبلغ ٢٥.٩٪، في حين سجلت الفئات العمرية المنتجة «١٥-٤٤ سنة» ٦٠.٩٪ ما يجعلها الفئة الأكبر بين الفئات المهاجرة داخليا وكذلك الفئة ما بين «٤٥-٦٤ سنة» وشكلت ١١.٥٪، أما نسبة كبار السن «٦٥ سنة فأكثر» فبلغت ١.٨٪.
وجاء بالإحصائية ذاتها أن نحو ٢٢.٤٪ من المهاجرين حاصلون على مؤهلات جامعية فأعلى ويليها الحاصلون على مؤهل متوسط فنى بنسبة ٢٠.٨٪ ثم يليها المهاجرون الأميون بنسبة ١٩.٨٪.
وقال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط، إن أبرز الأسباب في الكثافة السكانية داخل المحافظات مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية هو الهجرات الداخلية التى يقوم بها الكثير من المواطنين والذين يقومون بها لأسباب قديمة تتعلق بوجود معتقد سائد بصعيد مصر والمحافظات الريفية يتمثل في غياب فرص العمل التى تضمن لهم معيشة لائقة ما يجعلهم يتجهون إلى محافظات بها مصانع وشركات كبرى مثل القاهرة وهو الأمر الذى لطالما شكل معضلة داخل المحافظات الكبرى في ظل تنامى ظواهر اجتماعية سلبية مثل التكدس والازدحام المرورى وتدنى فرص العمل.
ولفت إلى أن الزيادة السكانية في مصر وهجرة المواطنين من مختلف المحافظات إلى القاهرة والجيزة نتيجة غياب الخدمات وتدنى مستوى المعيشة.


من جانبه قال الدكتور عبدالحميد زيد، رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الفيوم ووكيل نقابة الاجتماعيين، إن غياب اللامركزية بمعنى الاتجاه إلى الاحتفاظ بالمؤسسات الرسمية في المحافظات الرسمية الكبرى داخل القاهرة والإسكندرية والجيزة فحسب كان له دور في تعميق الهوة وزيادة الهجرة الداخلية فباتت المحافظات الأخرى مكانا للتربية وبعدها يأمل من يعيش بها من الشباب في الهجرة منها علاوة على أن عدم توفر مبانى الخدمات الرسمية كالمستشفيات وغيرها من المؤسسات والجهات سوى بالمحافظات الرسمية جعل أبناء المحافظات الأخرى الذين يعانون ضعف مستوى الخدمات يتجهون للبحث عن الحياة خارج المحافظات وهو ما يؤدى إلى الإضرار بتلك المحافظات في ظل هجرة الشباب والرجال منها فالصناعة تقف والزراعة تبور وتظل المحافظات الرسمية تحتفظ بكثافتها حيث توجد التجمعات العمرانية والصناعية وتتوفر بكل مكان بها.
ولفت إلى أن الهجرات الداخلية تدق ناقوس الخطر بالنسبة للمجتمع في ظل تنامى العديد من الظواهر على غرار انتشار الضوضاء وارتفاع نسب المشكلات نتيجة الزحام المروري وزيادة التلوث حيث يتكدس الملايين خلال أوقات الذروة وهو ما يجعل المواطنين بحاجة إلى الكثير من الوقت ويعطل مصالح الكثير منهم كذلك.
وأضاف أن الهجرات الداخلية كانت سببا في وقوع أزمات كثيرة خلال الفترة الماضية فأصبح هناك اختناق مرورى وزيادة سكانية كبيرة نتيجة تلك الهجرات غير المقننة وهو ما تسبب في الوقت نفسه، في مزيد من الإهمال للصعيد المصرى بعد تلك الهجرات الداخلية المرتفعة.
وأكد أنه يجب أن تؤخذ تلك العوامل في الاعتبار عند التخطيط الاقتصادى والإدارى لتنمية محافظات يهرب منها شبابها كمحافظات الصعيد على سبيل المثال فهناك حاجة إلى إذابة الفوارق بين المحافظات المختلفة من خلال توفير المجمعات الحكومية والمصالح الحكومية داخل كافة المحافظات خاصة تلك المحافظات شديدة الفقر ما يعمل على التخفيف من الضغط الشديد على الخدمات الأساسية ويتيح في الوقت نفسه التساهل على الأهالى والمواطنين وعلى الحكومة نفسها.


ويرى الدكتور شريف محمد أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن شق في المشكلة يعود لسوء إدارة الزيادة السكانية ففى الوقت الذى ترتفع خلاله أعداد المواطنين بمصر يصبح الحصول على موارد أمرا صعبا على الكثير من المواطنين وهو ما يأتى لأسباب منها عدم وجود ضبط للزيادة السكانية وبرامج حكومية حقيقية في ذلك الصدد، وخاصة داخل الأرياف والمناطق التى يكثر بها الأفكار والثقافة الخاصة بـ«العزوة» وزيادة النسل والتى يخرج الكثير من الأطفال باحثين عن بيئة مغايرة للبيئة التى يعيشون فيها بسبب عدم جدوى الزراعة اقتصاديا والرغبة في الانخراط في مجتمع عمرانى وهو ما يؤدى إلى التأثير بشكل خطير على كمية ومعدل الغذاء المتوفر داخل البلاد ويضغط على الموارد الغذائية في ظل ضعف الإقبال على الزراعة وهجر الريف.
ولفت إلى أن ذلك في الوقت الذى نستورد فيه السلع الإستراتيجية والاحتياجات الغذائية؛ لكفاية العجز في معدل الغذاء داخل البلاد تضطر الدولة لإنفاق مبالغ طائلة من العملة الصعبة بسبب عدم توجيه الزيادة السكانية بصورة صحيحة وعدم اللجوء إلى وضع مقومات تعمل على تقليل الاستيراد للمنتجات الزراعية وهو ما يعمل على نقص الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة في ظل تحديات اقتصادية خطيرة تلقى بظلال واسعة على معدلات التنمية داخل البلاد بما يؤدى إلى ضغط على الموارد وعلى زيادة الدعم للغذاء وحاجة كبيرة لتوفير الغذاء للملايين، وهو ما يعد تحديًا كبيرًا في ظل تردى الظروف الاقتصادية التى تعيش فيها مصر حاليا. 
وعن أسباب الهجرة من الريف إلى المدن، قال الدكتور حمدى عرفة أستاذ الإدارة المحلية إن هناك العديد من الأسباب التى جعلت المواطنين يهاجرون داخليا منها المشكلات التى تواجه القرى والمتمثلة في نقص الخدمات، لافتا إلى أن عدد القرى بمصر يقدر يصل إلى ٤ آلاف ٧٢٦ قرية، يتبعها ما يقرب من ٢٦ ألفا و٧٥٧ عزبة وكفرا ونجعا تمثل في مجملها ٤٠٪ من مساحة وسكان الجمهورية مؤكدا أن أبسط الخدمات كالصرف الصحى أمر غائب عن الكثير من القرى ما يجعل الذهاب للمدن أمرا منتظرا وحلما يراود أذهان من يعيش بالأرياف مشيرا إلى أنه حتى وقت قريب كان نسبة الصرف الصحى في القرى وما يتبعها من عزب تصل إلى ٨٪ كما أن نسبة رصف الطرق لم يتعد نحو ٥٪ هذا بجانب ضعف الخدمات الأخرى المتمثلة في التعليم أو الصحة حيث إن الإدارة المحلية تدهورت أوضاعها عبر عقود ممثلة في القرى والعزب والكفور والنجوع فضلا عن سوء التخطيط العمرانى فالمنازل يتم تشييدها من الطوب اللبن في الكثير من الأماكن.


وأوضح الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن صعيد مصر موقعه متميز حيث يوجد نهر النيل من جهة ويوجد ظهير صحراوى ومياه جوفية من جهة أخرى وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية توفير مناخ التنمية الزراعية العمرانية والصناعية بصورة كبيرة مؤكدًا أن هناك العديد من الإيجابيات التى بدأت تحدث باتجاه الدولة إلى المشروعات القومية ما قد يعمل على سد حاجة الكثير من أهالى القرى الفقيرة بعد توفير فرص العمل لهم مثل مشروع المثلث الذهبى الذى أقيم على مساحة ٢.٢ مليون فدان تشمل العديد من المناطق بالصعيد مثل قنا وسفاجا والقصير وهناك أيضا قناطر أسيوط ومشروع المليون ونصف فدان وغيرها ومشروعات على غرار بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ والمشروعات الخاصة بالتنقيب عن المعادن الطبيعية والبتروكيماويات وغيرها من المشروعات بالمحافظات المختلفة وبالأرياف، الأمر الذى يعمل على توفير الكثير من فرص عمل للكثير من المواطنين بالصعيد وغيرها من المناطق التى تشهد ارتفاعا في نسبة الفقر وغياب الخدمات ومن ثم الهجرة منها للمدن الكبرى.