الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بلد الـ 100 مليون.. وحش الانفجار السكانى «ثروة أم نقمة؟».. خبراء يضعون روشتة لحل الأزمة لاستغلال قدرات مصر البشرية.. الدمرداش: يجب صياغة خطط تحد من الفقر.. وعبده: السياسات الاقتصادية قادرة التغيير

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر على المحك، تتقدم عشرات الخُطى ناحية خطط التنمية المستدامة لكنها فجأة تتعثر وتتراجع خطوات بفعل تأثير مؤشر زيادة النسل القافز إلى أعلى ويرفض الهبوط، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي طالب الحكومة بمواجهة الخطر ووضع قواعد لوقف زيادة النسل الجنوني.
====



الحكومة من جانبها قبلت التحدى ببرامج توعية وانتشار بالمحافظات عبر حقيبتى الصحة والتضامن الاجتماعي، تدعو لتنظيم النسل تحت شعار «اتنين كفاية».
لكن جبهة مراقبة للأزمة رأت أن هذا غير كاف بالمرة وشددت على ضرورة توسيع الدعم الحكومى للقضية، محذرة من استمرار دوران عداد الإنجاب دون البحث عن وسيلة لتعطيله، وجبهة أخرى متماسكة وفى ثبات دون قلق رأت، أن قفز التعداد في مصر إلى 100 مليون نسمة لا يضير بالبلاد، مؤكدة أن الزيادة السكانية في نسختها الحالية ليس إلا ثروة قومية يجب استثماراتها وتحويلها لطاقة إنتاج مثل ما يحدث في الصين وحدث في بريطانيا، هنا ملف يناقش الأزمة، يبحث في دقائق القضية ويسأل كيف كانت مصر في زمن التعداد السكانى الماضى وكيف صارت.
وفي هذا السياق، أكد أحدث تقرير للبنك الأفريقي للتنمية، أن الاقتصاد المصرى لا يزال صاحب الأداء الأكبر بين بلدان دول شمال أفريقيا.
وسلط التقرير الضوء على أن الشباب المصرى جاء ضمن الفئات الأكثر إنتاجية وكفاءة ومهارة بين بلدان الدول الأفريقية بل ودول العالم أجمع. 
وصنف التقرير عمال مصر بين الفئة الأعلى من حيث المهارة والتعامل مع الوسائل التكنولوجية. واحتلت مصر المركز الثانى في نسبة العمالة المهرة ضمن ٢٧ دولة حول العالم، وجاءت ضمن هذه الفئة كل من مصر وموريشيوس والجزائر والجابون، في حين زيمبابوى وليبيريا وجمهورية أفريقيا الوسطى هى الدول الأقل في معدل إنتاجية العامل في أفريقيا. وأشار التقرير أيضا إلى أن مصر تقوم بطفرة كبيرة من حيث إدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة في منظومة التعليم ما قبل الجامعي، كما أن سوق العمل المصرى يتمتع بنسب مرتفعة من العمالة الماهرة ضمن شباب الموظفين بنسب تصل إلى ٦٢٪. 
وتوقع التقرير أن يصل معدل النمو الاقتصادى المصرى إلى ٥.٨٪ في ٢٠٢٠ و٦٪ في ٢٠٢١، بدعم من برامج الإصلاح الاقتصادي، كذلك انخفض العجز المالى في مصر من ١٢.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى في السنة المالية ٢٠١٦ إلى ٨.٧٪ في السنة المالية ٢٠١٩، لافتا إلى انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى من ١٠٣٪ في ٢٠١٧ إلى ٨٩.٥٪ في ٢٠١٩، وتقلص عجز الحساب الجارى إلى ٢.٣٪ في ٢٠١٩، بدافع من زيادة رصيد مصر من احتياطى العملات الأجنبية إلى أعلى مستوى له عند ٤٤.٩٦ مليار دولار في أغسطس ٢٠١٩. وتراجع نسب التضخم لأدنى مستوى لها منذ ٤ سنوات لتصل إلى ٨.٧٪ في يوليو ٢٠١٩، في حين انخفض معدل البطالة إلى ٨.١ ٪، وهو أدنى مستوى له منذ ٢٠ سنة.


ويقول الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، إن العنصر البشرى في مصر التى تجاوزت الـ ١٠٠ مليون نسمة خلال الأيام القليلة الماضية يعد ثروة قومية كبرى.
ويضيف الخبير الاقتصادى أن تجربة الصين تثبت للعالم أجمع أن العنصر البشرى هو الثروة الأكبر بامتلاكها لـ ١.٣ مليار نسمة، فالدولة الأسيوية التى كانت فقيرة حتى العام ١٩٧٩ أصبحت الآن ثانى أكبر اقتصاد في العالم بعد أن أزاحت اليابان التى ظلت لسنوات القوة الاقتصادية الأبرز بعد الولايات المتحدة.
لفت الدمرداش إلى أن الصين نجحت في توظيف الثروة البشرية وحولتهم من مليار و٣٠٠ مليون مستهلك إلى قوى منتجة لتصبح دولة غنية، بعد أن واجهوا الفقر حتى سنوات قريبة، فكان الوزير الصينى حتى السبعينيات كان يتقاضى راتبه «حفنات صغيرة من الأرز لكى يطعم أسرته»، أما الآن وبعد النهوض بالثروة البشرية التى تمتلكها أصبحت الصين بين الكبار وتستعد في ٢٠٢٤ لتقود العالم كأكبر قوة اقتصادية. جلبت الصين استثمارات من شتى بقاع العالم، ووضعت منظومة وسياسات اقتصادية نجحت في تحول هذا الشعب شديد الكثافة إلى قوى اقتصادية متحركة تصنع وتنتج، لتصبح أكبر دولة مصدرة حول العالم..
ويشدد الخبير الاقتصادى على ضرورة وضع سياسات اقتصادية تحول هؤلاء المواطنين من عنصر مستهلك إلى عنصر منتج، إلى جانب هذا يجب أن تكون هناك أولويات حكومية، وأن نخلق الرؤية الاقتصادية القادرة على قيادة هذه القوى البشرية الكبيرة، وتحويلها إلى عناصر مدربة ومؤهلة لقيادة نهضة اقتصادية كبيرة تدير عجلة الإنتاج والتنمية والتقدم في مصر.
وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة العمل على محورين لتحقيق الاستفادة القصوى من العنصر البشري، من خلال إطلاق برامج تنظيم الأسرة جنبا إلى جنب، مع وضع سياسات اقتصادية محكمة لتحويل السكان من قوى مستهلكة إلى قوى منتجة، بالإضافة إلى نشر ثقافة العمل الحر وتشغيل الأيدى العاملة، والحرص على إخضاع الأيدى العاملة لتدريبات متواصلة تضمن توصيل المهارات الكافية للعمال لدفع عجلة الإنتاج.
أوضح الدمرداش، أن التنمية الحقيقية المستدامة هى التنمية في العنصر البشري، ولكى نحول العنصر البشرى أو التزايد الملحوظ في الكثافة السكانية لطاقة إيجابية وليست سلبية، لكى تنجح في تحقيق أهداف التنمية يجب أن ننهض بعنصرى الصحة والتعليم.
وتابع: «لا يمكن أن نحقق التنمية إذا كنا نمتلك ١٠٠ مليون مريض أو ١٠٠ مليون جاهل، فالعلم والصحة سيخرجان الطاقة اللازمة لاستثمار العنصر البشرى في أهداف التنمية المختلفة».


ويرى الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أن السكان هم ثروة بشرية كباقى الثروات الأخرى، مشيرًا إلى أن ألمانيا التى تمثل أكبر اقتصاد في أوروبا فتحت أبوابها لمليون لاجئ جديد بسبب «الشيخوخة السكانية» التى تعانى منها؛ وعدم توافر أيد عاملة.
وتابع: «الصين التى يبلغ تعدادها نحو مليار و٣٠٠ مليون مواطن صُنفت كثانى أفضل اقتصاد على مستوى العالم، بعدما أزاحت اليابان، كما أن الدراسات العالمية تشير إلى أن اقتصادها سيفوق حجم الاقتصاد الأمريكى في ٢٠٢٤-٢٠٢٥.
وشدد رشاد على أن السياسات الاقتصادية وحدها القادرة على تحويل القوى المستهلكة إلى منتجة، فضلًا عن ترسيخ ثقافة العمل الحر، مضيفًا أن الصين حتى ١٩٧٩ كانت من أفقر دول العالم وخلال أقل من ٥٠ سنة استطاعت الوصول عن طريق فتح الباب للاستثمارات الأجنبية، والسياسات التوسعية، والاستعانة بمستشارين من الدول الأخرى مثل سنغافورة وأمريكا، استطاعت الوصول للنهضة.
وأضاف عبده: «أزمة الزيادة السكانية أزلية، السكان نقمة أم نعمة؟ هذا يتوقف على السياسات المتبعة من الدولة، من خلق فرص عمل والتشجيع على المشروعات، لذا لا بد من تفعيل السياسات الاقتصادية مع حملات وبرامج تنظيم الأسرة، لا سيما وأن برامج التوعية اختفت منذ ٢٠ عاما، وبالتالى لا بد من إعادتها وتوجيه الإعلام».