الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سلامة الطيران أكبر من رمضان وأبو اليسر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في سفريات كثيرة على متن رحلات طيران تجاري، وخاص، كنت أطلب التصوير في كابينة كابتن الطائرة، وفى بعض الأحيان، وفى إطار المجاملة يستدعينى صديق لنتحدث مع قائد الطائرة، ونلتقط صورة تذكارية، وكنت أرى ركاب خصوصًا إذا كنا في درجة رجال الأعمال، أو الدرجة الأولى يتلقطون صورًا لهم من داخل الكابينة، أو مع الكابتن إذا ما وافق على ذلك.
ويتم ذلك بهدوء وفى حدود تعليمات الكابتن، دون لمس أشياء قد تكون فيها خطورة على الركاب والطائرة، وفى كثير من الأحيان يرفض قائد الرحلة أى شكل من مجرد الاقتراب من كابينة الطائرة، ولا يسمح بفتح بابها، إلا بتعليمات منه، وعند الطلب والضرورة القصوى، التزامًا بالقوانين المنظمة لذلك.
وفى الطائرات الصغيرة مثل طائرات رجال الأعمال لا توجد بين قائد الطائرة والركاب والذى لا يتجاوز عددهم العشرين، وبزيادة محدودة جدًا، بل هناك طائرات من نوع «التاكسى الجوي» ركابها في حدود الـ8 إلى 12، والجميع جلوس، وفى صفوف متتالية، وأول مقعد في ظهر كابتن الطائرة مباشرة، وفى طائرات الهليوكبتر، هناك تداخل كبير بين الركاب، وقائد الطائرة.
وفى كل الحالات هناك تعليمات شديدة وصارمة يلقنها الكابتن للركاب للالتزام بها، أثناء التصوير، بحيث لا يحدث أى ضرر على سلامة الرحلة، ولم أسمع عن خروج أحد من الركاب على النظام، إلا نادرًا، حيث يحال الأمر للتحقيق، وفى هذه الحالة هناك لوائح يتم تطبيقها على المخطئ راكبًا كان أو كابتن، والتجاوز في مثل تلك الحالات خطير، ولم أسمع أحدا أدعى أنه هو من يقود الطائرة.
والتصوير داخل كابينة ممنوع إن لم يكن محظورًا، ويصبح الوضع أخطر لو كان التصوير على مقعد كابتن الطائرة وفى قمرة القيادة، لأن هذا مخالف لقوانين الطيران الدولى والمحلى في أى دولة، والطبيعى أن نشر صور من داخل قمرة الطائرة، يعنى اختراق لسلامة الطيران، والركاب والطائرة، وإذا جرت عمليات التقاط صور في الغالب لا يتم الإعلان عن موقع تصويرها، فهى إثبات للمخالفة.
أقول هذا الكلام، بمناسبة ما جرى قبل شهور، وأثير هذه الأيام، بشأن الأزمة التى أثارها الفنان محمد رمضان وكان الطرف الآخر فيها الطيار أشرف أبواليسر، والتى تعود تفاصيلها إلى 14 أكتوبر الماضى عندما نشر «رمضان» فيديو من داخل كابينة القيادة بالطائرة أثناء سفره إلى السعودية، وكتب «في تجربة هى الأولى من نوعها.. هنقوم نسوق الطيارة»، وأمسك بعض الأجهزة الخاصة بقيادة الطائرة، الأمر الذى فجر أزمة وعاقبت وزارة الطيران المدنى أبواليسر بالحرمان من عمله مدى الحياة.
وما جرى في واقعة محمد رمضان والكابتن أبواليسر، رغم أنها من نحو خمسة أشهر وتم الفصل فيها وقتها، إلا أن كثرة الحديث فيها وتناول تفاصيلها في فيديوهات أمر مضر جدًا على صناعة الطيران في مصر، ولمن لا يعرف أن العقوبة تصل إلى شطب الشركة من سجل المنظمات الدولية حال المخالفة لأسس ونظم سلامة النقل والطيران.
صحيح أن هيئة الطيران المدنى اتخذت عقوبات مع الشركة المعنية وكابتن الطائرة ومساعده في الخطأ الذى وقع في رحلة رمضان وأبواليسر، إلا أن التناول السلبى يتسبب في ضرر مستمر، خصوصًا حيال حركة السياحة والطيران كجزء من سلامة السياح على متن الرحلات.
وتحول الأمر من محوره الرئيسى حول سلامة الطيران، إلى جدل ونقاش الجزء الرئيسى منه شخصي، وليس في لُب القضية الرئيسية، وأصبح التوقف المباشر عن «حرب الفيديوهات» والتصريحات على شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي وفى الصحف، أمر تفرضه الضرورة، حتى لو وصل الأمر إلى حظر صفحات الأطراف ذات الصلة بالأزمة «رمضان وأبواليسر»، فلسنا في معركة شخصية، بل معركة تمس أمن وسلامة الطيران وأرواح بشر.
أما عن رمضان وما فعله، فهو تصرف غير مسئول، فإن كان لا يعرف فتلك مشكلة، وإن كان يعرف فالمصيبة أكبر، بل إن يتحول الأمر إلى سخرية، فهذا خطأ جديد، يضاف إلى خطأ الدخول إلى مقعد كابتن الطائرة والجلوس عليه، وتحويل الأمر إلا أنه مجرد «تريند» له على «السوشيال ميديا» فعليه أن يدرك أنه خطأ آخر.
وحسن النية في مثل هذه الحالات، غير مقبول، سواء جاء من أبواليسر أو رمضان، فالمسألة أكبر من هذا، ولن أدخل هنا في مرحلة المساومات بشأن ما تردد عن إقامة دعوى قضائية أمام المحاكم، وطلب تعويضات مالية، والتعاطف مع الطيار وغيره، فهذه أمور ثانوية جدًا، قياسًا بما تم، وهو ما أدركته هيئة الطيران المدنى واتخذت بشأنه عقوبات.
فالمهم الآن معالجة أى خطأ في مثل هذه الحالات، فحياة الناس والركاب، ليست لعبة، خصوصًا إذا ما كان ما قاله رمضان في حينها أنه هو الذى يقود الطائرة، وما ردده الكابتن الموقوف صحيح... فالحظر من دخول «قمرة قيادة الطائرة» يصل إلى أنه في حال اختطاف الطائرة يتم الاستجابة للمختطف في كل شيء عدا دخول كابينة القيادة.
فهل علمنا مدى الخطورة التى نحن بصددها، فكفا عبثًا بموضوع أمني وصارم لحياة ناس في الأجواء، وصورة وطن في الخارج.