الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الجهد الكافي لتطوير المشافي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حسنًا فعلت الحكومة المصرية بقرارها الذى أصدرته منذ أيام والخاص بزيادة موازنة «الصحة» ١٠٠٪ وتخصيص ٥ مليارات جنيه لحضانات الأطفال والرعاية المركزة. هذا ما أوردته الأخبار منذ أيام وتم فيه استعراض الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء ضمن موازنة وزارة الصحة للعام المالى المقبل ٢٠٢٠/٢٠٢١. 
وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام فإن رئيس الوزراء أعلن أن الدولة حريصة على تقديم خدمة طبية مميزة من خلال ما تتبناه من مبادرات صحية مهمة بتكليف من الرئيس السيسي.
وجاء ضمن الخبر أن هذا يأتى ضمن المبادرات الرئاسية في «التوزيع العادل للخدمات الصحية».
والحق أن تعبير «التوزيع العادل للخدمات الصحية» رأيته تعبيرا دالًا وموحيًا يستحق الوقوف عنده خاصة أنه لامس وجعًا يعانيه غالبية الشعب المصرى خاصة في العقود الأخيرة التى تراجعت فيها «العدالة» وأصبحنا بالفعل نفتقدها بشكل مخيف.
أوجاع الخدمات الصحية إذن بحاجة إلى من يطببها ويداويها ويصف لها دواءها ويضمد جراحها خاصة بعد أن استفحلت بها الآلام والمعاناة.
والأكثر وجعًا في مهنة الطب أن الفقير لا يجد مشفى لائقًا يخفف أوجاعه ويشفى أمراضه.. والمفارقة أن الغنى الذى معه الأموال يجد المستشفى الجيد الذى يعالجه بالمجان فيجد فيه علاجًا شافيًا وخدمة طبية مميزة دون أن يدفع فيه مالا، أما الفقير الذى يعانى شظف العيش ووطأة الحياة يضطر لبيع كل ما يملك وهو قليل في مقابل خدمة صحية بائسة غالبًا ما تسلمه إلى القبر! 
وقلة قليلة من المجتمع هى التى تتمتع بخدمة صحية جيدة لا تتوافر الا لفئات وجهات بعينها رغم أن هؤلاء دخلهم يسمح بالعلاج على نفقتهم في مستشفيات جيدة في الداخل أو الخارج.
المنظومة الصحية إذن كما قال دولة رئيس الوزراء بحاجة إلى «عدالة صحية» ولا يمكن أن تتحقق هذه العدالة إلا إذا تم اعتماد الحق العالمى في العلاج بالمجان لكل مواطن بصرف النظر عن جنسه وعقيدته و... وهو إعلان أممى تنص عليه منظمة الصحة العالمية التى تكفل لكل إنسان الحق في العلاج بالمجان.
ولا يمكن أن تستقيم منظومة العلاج إلا إذا راعينا علاج الخلل الأساسى الذى تعانيه وهو الطبيب الذى تقوم على كتفه الخدمة فيجب أن تتوافر له بيئة ملائمة تحقق له الاستقرار المالى والنفسى الذى يمكنه من العمل بشكل جيد دون اللهاث خلف لقمة عيش تكفيه وتستر أسرته. ولهذا يجب أن يتم توفير أجر عادل ومحترم يحفزه للإجادة في عمله ضمن منظومة تحفزه للعمل وتستحث إبداعه.
المعضلة الكبرى التى تواجه تحقيق «العدالة الصحية» هو عدم توافر عدد كاف من الأطباء المتخصصين للعمل في مصر في ظل هروب عدد كبير منهم للسفر خارج البلاد بحثا عن أجر عادل يحقق لهم الحياة الكريمة. ولسد هذا الخلل يجب زيادة أعداد كليات الطب وبالتالى زيادة عدد المستشفيات الجامعية وهذه الأخيرة يعتبرها البعض مشكلة المشكلات.
ولكى يتم حل مشكلة المستشفيات الجامعية من الممكن أن تتعاون وزارتا الصحة والتعليم العالى والجامعات بتخصيص بعض المستشفيات العامة لكى يتم تأهيلها للبحث العلمى الجامعى خاصة تلك المستشفيات التى أصبحت مجرد مبان خاوية من نشاط طبى حقيقي، وهناك مستشفيات كثيرة أو وحدات صحية تقع على مساحات شاسعة من الأراضى في أماكن مميزة لكنها للأسف أصبحت أقرب إلى «الخرابات» التى تأوى الحيوانات الضالة وتضيق بأكوام القمامة.وعندى في مدينتى شبين القناطر مثالين صارخين لمبنيين كانا منذ عقود صرحين طبيين يقومان بخدمات طبية محترمة لكنهما الآن ينطبق عليهما الوصف الذى أسلفته.
فمستشفى منية شبين القناطر للحميات خرج من الخدمة منذ عدة سنوات وأصبح الآن مجرد مبنى خاو على عروشه يئن تحت وطأة الإهمال بعد أن كان منذ عقود يضج بالحيوية ويقدم خدمات صحية ممتازة ومجانية تطبب وتصرف الدواء مجانًا.
هناك أيضًا مستشفى طحانوب الذى يقع على مساحة ضخمة وعلى طريق حيوى هو طريق شبين القناطر- قليوب، وكان في سالف الزمان يؤدى خدمة طبية وعمليات جراحية إلا أنه الآن أصبح مجرد مبنى تعيث فيه القطط والكلاب ولا يؤدى إلا خدمات بسيطة عابرة مثل خدمات طب الأسرة رغم أنه مؤهل بحكم مساحته الضخمة وموقعه الحيوى لكى يكون مستشفى حقيقيًا يقدم خدمة صحية جيدة كما يمكن ضمه إلى جامعة بنها إذا كانت وزارة الصحة غير قادرة على إدارته.
ما ذكرته هو مجرد أمثلة بسيطة يمكن ببعض البحث أن تجد أمثلة أخرى كثيرة وأعتقد أن الأجهزة المحلية لديها قوائم عديدة بالأصول الصحية التى يمكن الاستفادة منها لتطوير العمل الصحى وتحقيق العدالة الصحية المطلوبة خاصة في ظل توافر الإرادة السياسية الحالية لتحقيق هذه العدالة المفقودة منذ عقود.