رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لحن المحبة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكثر من رائع أن نخصص يومًا فى السنة للاحتفال بالحب، وإن كنت أرى أنه يجب أن نلون كل أيام العام، بل كل عمرنا بالحب الحقيقى.
فما أجمل المحبة فهى إلهية المنبع، وهى أم كل العواطف الجميلة، فكما أن قارورة الطيب كثيرة الثمن، هى خلاصة باقة كبيرة من الورود والزهور بعد أن يتم تقطيرها بطريقة علمية وكيميائية معينة، هكذا المحبة هى خلاصة مجموعة كبيرة من العواطف الحلوة، والمشاعر الرقيقة، والقيم السامية، والفضائل الرائعة متجسدة فى قيمة واحدة هى قيمة «المحبة» والتى أذكر من سماتها على سبيل المثال لا الحصر:
أولًا: المحبة ثراء ورخاء
مال الدنيا مهما ملأ أيدينا بغير الحب لن يشبعنا ولن يروينا، ولكن لقمة بسيطة ومعها حب تسعدنا وتكفينا.. حوار الحب يبنينا ويحمينا، وبدونه رحلة الحياة تؤلمنا وتشقينا.. الحب فى أحزاننا يواسينا ويعزينا، وفى أفراحنا يجعل البهجة تفيض فينا.. سراج الحب يرشدنا ويهدينا، وبدونه تتوه أقدامنا فى وادينا.
كم من أناس يظنون أنه بالمال يمكنهم الوصول إلى كل شيء، لذا يعملون أى شىء للحصول عليه.. وفى النهاية يجدون أنفسهم أنهم قد وصلوا، إلى دائرة العار والمرار والدمار.
لكن الحب هو الذى يثرينا ويحقق أمانينا، ويلون بالسعادة أيامنا وليالينا، حقًا! عندما ينفذ رصيد المحبة فى شركة العلاقات الإنسانية، تُشهر إفلاسها.
وثراء المحبة يعطينا قوة خاصة نستطيع بها أن نهزم أشرس الأعداء، فلن ينهزم عدوك ولن يستسلم إلا إذا أشهرت فى وجهه سلاح المحبة، فالمحبة قادرة على أن تحول الكراهية والخصام إلى مودة وسلام.
نعم! جميلة هى المحبة هى اللغة الوحيدة التى يسمعها بوضوح الأصم، ويقرأها بسهولة الأعمى، ويتحدثها بطلاقة الأبكم
ثانيًا: المحبة تضحية وعطاء
جدير بالذكر يمكنك أن تعطى دون أن تحب، لكن مستحيل أن تحب دون أن تعطى، ولكن الجدير بالملاحظة هو أنه ليس المهم كم تعطى، ولكن المهم هو مقدار الحب الموضوع فى عطيتك وخدمتك للآخرين.
والحقيقة التى لا يشوبها أدنى شك أن بذور المحبة تنمو فى أى تربة، سواء أرض جيدة، أو أرض محجرة، أو أرض مليئة بالأشواك، وتنمو بذور المحبة فى كل فصول السنة فى أى مناخ.. لكن قد لا تعطيك المحبة ثمرًا تأكله، إنما ورودًا تزين حياتك وتبهجك، والمحبة مهما أعطت تشعر بالتقصير، وتشتاق لو كان رصيدها من الإمكانيات أكبر لتعطى أكثر مما أعطت.
ثالثًا: المحبة إخلاص ووفاء
لقد علمتنا مدرسة الحياة أن الصديق المحب النافع هو الذى يهمه أن يكون معك، بغض النظر عما معك، أما الصديق النفعى يهمه ما معك أكثر من أن يكون معك.
نعم! مَنْ يعيش محبًا لذاته يسطر بيده شهادة وفاته، أما مَنْ يعيش محبًا لغيره يحيا فى قلوب الآخرين بعد مماته، ولا يقاس الحب والوفاء بما يقال لك فى حضورك، إنما بما يقال عنك فى غيابك.
الحب يجعلك ترى الحياة أجمل، ويجعلك تواجه متاعب الحياة ومخاوف الزمن بثبات وثقة وسلام، لأن الحب بإيجاز هو أن تستيقظ فى كل صباح جديد وأنت على يقين بأنك لست وحدك فى هذه الحياة، إنما توجد قلوب تنبض بالحب والوفاء لك.
وفى تقديرى أن أعظم هندسة فى الوجود هى أن تبنى جسرًا من الحب بينك وبين الآخرين، وأن تعيد بناء صرح الثقة التى دمرتها أسلحة الحقد والكراهية، وأن تشيد معبرًا من الحب والوفاء على بحر الجحود والنكران، والحب الحقيقى النابض بالوفاء لا يجعل الإنسان يخاف من أخيه الإنسان بل يخاف عليه... نحن نريد حبًا يمحو الإساءة، ولا نريد إساءة تمحو الحب.
نعم! جميلة هى المحبة لنجعلها شعارنا، ونغنيها نشيدنا، ونملأ منها حياتنا.