الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وثيقة الإنسانية والرجوع إلى القيم المنسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما نتأمل الأزمات نتيجة الصراعات الحضارية والفكرية على نحو أفضل وأكثر دقة، سوف نرى أن الأفكار والمعتقدات الدينية ليست في المواجهة في غالب الأحيان، وإنما هناك كثير من العوامل المختلفة غير الدينية التى تلعب دورًا هامًّا، مثل الموقف السياسى والظروف الاقتصادية والمستوى التعليمى والمعرفى والتنمية، وأمور كثيرة لها أولوية ودور رئيسى في صناعة الصراع.
ولكن هناك دائمًا اهتماما عالميا وتركيزا كبيرا على الاعتراف بمسئولية الأديان في بناء السلام، على الرغم من أن للأديان توجهات متباينة غالبها يسعى للانتشار العالمى كالمسيحية والإسلام، اللذين يحملان هذا التوجه منذ نشأتهما، ورسالتهما التى لا بد من أن تصل إلى كل إنسان على الأرض، على خلاف توجه المعتقد الدينى اليهودى القائم على الانغلاق التاريخي، وهناك توجه الحياد أى الاكتفاء بما لديهم من أتباع كالبوذية والهندوسية.
ولذك أتصور أن أحد أهم مبادئ وثيقة الإنسانية هو التركيز على أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التى تحاصر جزءًا كبيرًا من البشر، بجانب الإشارة إلى مفهوم المواطنة التى تقوم على المساواة في الواجبات والحقوق، والتى ينعم في ظلالها الجميع بالعدل، والتأكيد على ضرورة العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا.
لذلك نجد إذا ما حاولنا الربط بين القيم الإنسانية والفرد والمجتمع والمعتقد الديني، أن الهدف الأساسى للإنسانية على مر تاريخها تمحور حول ضبط سلوكياتنا كبشرٍ لننعم بطبيعة لا تتوافر في باقى الكائنات، وبالتحديد الإرادة والعقل والضمير، التى جعلت الجنس البشرى قادرًا على الارتقاء عن قوانين الطبيعة. غير أن التطور العلمى والتكنولوجي، وما رافقهما من تطور صناعى وفر وسائل الراحة المختلفة في النموذج الرأسمالي، وسيادة النزعة الاستهلاكية، فتح باب البحث، الفلسفى والاجتماعي والدينى وغيره، حول الأخلاق، ومن ضمنها القيم الإنسانية، على مصراعيه. وقد استمر هذا البحث على امتداد القرن العشرين، ولما يزل يشهد زخمًا كبيرًا في الزمن الراهن مع التحولات الاجتماعية السريعة التى رافقت ثورة الاتصال والتواصل في العالم، وما ذلك إلا لخير الإنسانية، وبناء مجتمع إنسانى راقٍ، تسوده قيم الحق والخير والسعادة والجمال.