الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«شبكة منظمة» تنقل أفراد وعائلات وأموال الإخوان من السودان إلى قطر وتركيا.. تهريب أموال شقيقي البشير و5 وزراء سابقين ومسئولين كبار في أجهزة أمنية حساسة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بات الهدف القطرى في السودان واضحا بشكل كبير، فقد ظهر مخطط الدوحة للعلن بعدما كشفت لجنة مكلفة بتفكيك النظام السابق في السودان ملفات فساد تورطت فيها أذرع إعلامية لذلك النظام، واستيلاء على الملايين من المال العام. وكشفت تقارير إعلامية، عن شبكة منظمة تعمل على تسهيل انتقال أفراد وعائلات وأموال عناصر تنظيم الإخوان الفارين من السودان إلى قطر وتركيا.
وقالت التقارير، إن الشبكة «يقودها مستثمر نفطى كبير ومعه سودانيان يحملان الجنسية التركية، إضافة إلى نجل عنصر إخوانى كبير، وبمساعدة مجموعة أخرى تضم أتراكا وعربا يرتبطون بعلاقات وثيقة مع النظامين التركى والقطرى والتنظيم العالمى للإخوان».
واستقبلت تركيا وقطر خلال الفترة الماضية نحو ١٧ عضوا بارزا على الأقل من تنظيم الإخوان في السودان، خلال الأشهر التى أعقبت إطاحة نظامهم الذى كان يقوده عمر البشير في أبريل ٢٠١٩، بعد احتجاجات شعبية استمرت لأكثر من ٥ أشهر.

ومن بين أبرز الأسماء التى نقلت أموالها وعائلاتها إلى تركيا وقطر خلال الأشهر الماضية، العباس وعبد الله حسن البشير، شقيقا الرئيس السابق، اللذان تربطهما علاقات قوية مع النظام التركى. وضمت قائمة العناصر الإخوانية الفارة إلى تركيا ٥ وزراء سابقين في حكومة البشير، إضافة إلى مسئولين كبار في أجهزة أمنية حساسة.
ووفق تقارير إعلامية، عززت واقعتان مهمتان حدثتا خلال الأسابيع الماضية، الاتهامات السودانية الموجهة لقطر وتركيا، المتعلقة بتوفير الملاذ الآمن للإخوان وأموالهم. تمثلت الواقعة الأولى في أمر القبض الذى حررته نيابة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في حق الإخوانى عصام البشير المقرب من النظام المعزول، بعد تورطه في تحويل مئات الآلاف من اليوروهات إلى حسابه في أحد البنوك التركية.
أما الواقعة الثانية، فهى منح تركيا إشارة بث لقناة «طيبة» المملوكة للإخوان، التى يديرها عبد الحى يوسف أحد أكبر الداعمين لنظام البشير.
واعتبر المحللون هذه الخطوة بمثابة اعتراف ضمنى بدعم أنقرة الظاهر لأنشطة تنظيم الإخوان في السودان.
وفى أول يناير ٢٠٢٠، أصدرت «لجنة تفكيك نظام الإنقاذ وإزالة التمكين ومحاربة الفساد»، المشكلة وفقًا لقانون تفكيك نظام ٣٠ من يونيو، قرارات بوضع يدها على مجموعة قنوات «طيبة»، وقناة «الشروق»، وصحيفتى «الرأى العام والسودانى»، و«جمعية القرآن الكريم»، وحجز ممتلكاتها ومقراتها، إضافة لمراجعة حسابات جامعة «أفريقيا العالمية». وتعهدت اللجنة بمواصلة مراجعة ملفات الفساد، والتحقيق في ملكية أجهزة الإعلام التابعة للنظام المعزول، دون التأثير على الحريات الصحفية.
وأعطى القانون الذى أجازه المجلس التشريعى المؤقت، في نوفمبر ٢٠١٩، صلاحيات حجز وضبط الأموال والمنقولات المملوكة لحزب «المؤتمر الوطنى» المنحل، ولرموزه وقادته، وإعادتها للخزينة العامة، ولقى القانون حين صدوره ترحيبًا واسعًا.

وكيل وزارة الثقافة والإعلام، الرشيد سعيد، قال، آنذاك، إن القرارات التى صدرت من قبل لجنة تفكيك نظام المعزول عمر البشير قضت بحجز بعض المؤسسات الإعلامية، للتحقيق في ملكيتها ومصادر تمويلها، وليس لسياساتها التحريرية، بهدف استرداد أموال الشعب السودانى المنهوبة.
وأوضح «سعيد»، أن بحوزة لجنة تفكيك نظام الإنقاذ وإزالة التمكين وثائق تؤكد تمويل «قناة الشروق» منذ تأسيسها بعشرات ملايين اليوروهات، عبر «وحدة تنفيذ السدود» التابعة لرئاسة الجمهورية، وإنها ظلت تتلقى ميزانية تسيير سنوية من القصر الرئاسى طوال السنوات الماضية، منذ إنشائها حتى إيقافها بقرار من اللجنة. وأكد أن القناة مسجلة بأسماء أشخاص ينتمون لحزب «المؤتمر الوطنى» المنحل، وهم وزير الإعلام الأسبق ياسر يوسف، ورجل الأعمال جمال الوالى، والفريق السر مدير القناة. 
وتابع: كان لا بد من اتخاذ خطوات في هذه الأموال التى تعد ملكًا للشعب السودانى، فعند مراجعة القناة، اتضح أنها بلا أصول، وعليها مديونية تفوق المليون و٢٠٠ ألف دولار.
ووفقًا لسعيد، فإن اللجنة لن تصفى قناة «الشروق» بقانون الشركات الذى يتيح لمالكها التحلل عن مسئولية المديونيات، بل ستعمل على استرداد الأموال التى مولت بها، والمديونية المترتبة عليها، فيما أوضح أن صحيفة «الرأى العام»، كانت مملوكة لشركتين تابعتين لحزب المؤتمر الوطنى المحلول، بموجب القانون الذى قضى بمصادرته ممتلكاته لصالح وزارة المالية، وأن صفقة قدرها ١٩ مليار جنيه، قضت بتحويل ملكيتها لشخصين، دفع منها فقط ٥ مليارات. 
وتابع: بما أن الصحيفة مملوكة للحزب المنحل، كان يفترض أن يؤول مبلغ ١٩ مليارًا لوزارة المالية، بموجب القانون، وبعد استرداد هذه الأموال، سيتم التقرير بشأن الصحيفة. وأضاف: لدينا تقارير أمنية تثبت أن من قام بتمويل صفقة تحويل ملكية صحيفة الرأى العام هو أحد قادة جهاز الأمن والمخابرات السابقين، في إشارة إلى رئيس الجهاز صلاح قوش المطلوب بواسطة الإنتربول.
وكشف «سعيد» شروع المراجع العام في مراجعة حسابات هذه المؤسسات الإعلامية، وأن تقريره المرتقب سيحدد القرارات المناسبة بحقها، وفقًا للقانون. وقال وكيل الإعلام إن جمعية «القرآن الكريم»، المحجوزة بقانون تفكيك نظام الإنقاذ، ليست مجرد جهة دعوية، بل تملك مناجم للتنقيب عن الذهب، وإن السلطات ألقت القبض على بعض منسوبيها الذين حاولوا السطو على ممتلكات تخص نشاط الجمعية في التنقيب عن الذهب.
وأبلغت دول في الإقليم السلطات السودانية بأنها تعتبر البث بلغاتها مهددًا لأمنها، وداعمًا للتيارات الإرهابية فيها، وأنها تدعم نشاطًا معاديًا لتلك الدول ينطلق من السودان، ويساعد في زعزعة استقرارها.
وكشف برنامج «الأسرار الكبرى لإخوان السودان»، الذى بثته على حلقات فضائية «العربية»، اعترافات الرئيس المعزول البشير ونائبه الأول الأسبق على عثمان، بتمويلهما لقناة «طيبة»، كما اعترف البشير في المحاكمة التى قضت بإدانته بالفساد والثراء الحرام بتقديمه تمويلًا ضخمًا للقناة الموقوفة.
وأكد وكيل وزارة الإعلام أن لجنة تفكيك نظام الإنقاذ حصلت على معلومات تؤكد إصدار الرئيس المخلوع توجيهات إلى رجل الأعمال المثير للجدل المحسوب على حزبه جمال الوالى بشراء صحيفة «السودانى»، وأن ملكية الصحيفة نقلت من مالكها الأول وهو في السجن، بالضغط عليه للتخلى عنها أو البقاء في السجن.
وبدوره، قال عضو لجنة تفكيك النظام المعزول، وجدى صالح، إن لجنته تواصل التحقيق في عدد كبير من الشركات والمؤسسات، وأى أجسام لديها صلة بحزب «المؤتمر الوطنى» المنحل. 
وقال: قناة «الشروق»، تأسست بأموال ضخمة صادرة من رئاسة الجمهورية، ووحدة تنفيذ السدود، وتم تسجيلها باسم جمال الوالى وآخرين، وهذه تعتبر جريمة بتحويل أموال عامة إلى أشخاص، وظلت تتلقى أموالا إضافية حتى بعد سقوط النظام. وأوضح أن اللجنة اتخذت إجراءات تحفظية، ولم تصدر قرارا برد الملكية بعد، وذلك لحين صدور تقارير المراجع العام.
وقال: جمعية «القرآن الكريم» كانت تستنزف ٧٥٠ مليون جنيه شهريًا من الخزينة العامة، وتملك فندقين ومبنى متعدد الطوابق بحى الرياض الراقى في الخرطوم، وما يقارب ١٠٠ سيارة، إضافة إلى دعم دورى كانت تتلقاه من رئاسة الجمهورية. 
وتابع: بعد إصدار قرار بحل الجمعية، وحجز أصولها وأموالها، تم القبض على بعض منسوبى الجمعية، وهم يحاولون تهريب الآليات التى كانت تستخدمها في تنقيب الذهب بمنطقة بولاية نهر النيل، وتم اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم.
وبحسب صالح، فإن جامعة «أفريقيا العالمية»، كانت تتلقى دعمًا من وزارة المالية يتجاوز ٤٠٠ مليار جنيه سودانى سنويًا، وهو أكبر دعم يقدم إلى مؤسسة تعليمية في البلاد، ولا تخضع حساباتها للمراجعة العامة.
وجامعة «أفريقيا العالمية» بدأت مؤسسة إقليمية دعوية ممولة من مجموعة دول باسم المركز الإسلامى الأفريقي، لتقديم خدماتها لدول أفريقيا، لكن الدول الداعمة أهملتها إثر انقلاب عمر البشير في ١٩٨٩ الذى سيطر عليها، وحرفها عن مهمتها الأساسية في نشر التسامح والدعوة بالحسنى، وراجت تقارير أنها آوت مجموعات إرهابية أفريقية، وتم ضبط عدد من طلابها التابعين لجماعة «بوكو حرام» النيجيرية.
وتتهم قطر بممارسة العنف والقتل ضد السودانيين خلال أيام الثورة، مثل القطاع الطلابى التابع لتنظيم الإخوان، إضافة إلى عدد من الهيئات النقابية الإخوانية التى لها علاقات وثيقة بالنظام الحاكم في قطر، الذى يدعم الإخوان في العديد من البلدان العربية.
وبدأت حملة قطر التخريبية في السودان مع سقوط الرئيس المعزول عمر البشير في ١١ أبريل ٢٠١٩، وتولى مجلس عسكرى بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان واعتبر السودانيون هذا التصعيد ما هو إلا تدخل في شئون بلادهم.