الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قصص الأطفال بين القيم والإبداع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لاشك أن الكتابة للطفل من أصعب المجالات الإبداعية بما فيها من اختيار المفردات ومردودها على الطفل في جميع مراحله، وغيرها، فرب لفظة تحير الطفل فتحيله إلى مدلولات مختلفة، من ثم يعكف كتّاب الأطفال على اختيار الألفاظ بعناية ، بيد أن الكلمة الموظفة داخل النص تصنع من الطفل مبدعا ، فتنمى خياله وتساعده على الإبداع كما أن طريقة الحكي أمام الطفل بعامة يجعل منه حكاء مقلدا للمواقف فيسجلها صوتا وصورة وأداءً. ومن ثم يظهر ميوله تبزغ رغباته من تلك البدايات كبذرة تنمو فتتعلق بغصن ترى النور، لذا يخرج الطفل مبدعا حافظا لما يغرس له من قيم.
ولعل من المفيد والمثمر وجود مجلات للأطفال تحافظ جيدا على ما يدخل عقل الطفل مثل مجلة "قطر الندي و"مجلة نور" وما تحتوى على شخصيات تعلق الأطفال بها وغيرها من المجلات التي تحافظ على الهوية العربية والمصرية، فلا يكتفي الطفل أن يحصل على المعلومة، دون إقناع وتخيل وإثراء ومواقف تخلق منه مبدعا واعيا، فما كان نجيب محفوظ مبدعا إلا بحكايات أمه ولم يكن طه حسين مبدعا وعالما، إلا بتخيله الذي كان عوضا عن فقد بصره.
لقد آن الأوان أن نوجه الطفل إلى تراثنا وتقاليدنا الأصيلة في عالم متغير فرض عليه أن يستقبل دون أن يبدع من الانترنت واليوتيوب الذي جعله طول اليوم مستقبلا مشاهدا دون أن يبدع، كما صنع منه شخصا شغوفا لما هو جديد من أفلام ومواقف توتره نتيجة المواقف التي يشاهدها ،ومن ثم لابد لتفعيل ورش الحكي والعصف الذهني بصورة أكبر فتتفتح أوراق المواهب، ويبزغ إبداعها، وتتفتح العقول، فالمعلومات أصبحت متوفرة، ولكن تبقى الصياغة والكتابة التي تلائم وتناسب عقله دون أن ينفر منها، مخاطبة حواسه فهو كائن إذا شعر بصدق تحركت حواسه تجاه المدركات بإيمان شديد؛ لما يدب في قلبه فنجده أقوى حبا وأكثر فزعا لما يدخل إليه من مثيرات فلم يتعود على الاحتراس 
ومن ثم تكون الجمل والكلمات هي الباعث الحقيقي لقاموسه الذي يسير على نهجه، فالكلمة أو التعبير هما اللذان يشكلان أوردة قلبه لذا يجب أن تختار الموضوعات بعناية فائقة ولنعلم جميعا أن ما نزرعه سنحصده.
فالحكي لابد أن يتخلله معلومة، ترسخ قيمه أو تزيده وعيا لكل ما هو حوله، بما اسميه "حكي التبصير" الذي يأخذ الطفل إلى عوالم حقيقية، كمن ينزل الطيّار بمظلته ليتحسس الأرض ويكتشف موقعه، وإذا كنا في عالم متغير متطور فنحن أمام كائن سريع يقفز بسرعة على المعلومات يستقي منها وينهل من معارفها ، فعلينا أن تقفز معه ونأخذ بيديه ، حتى لا يسقط بمظلته على أرض غير ملائمة له، فهو ثمر الأرض الطيبة ، ننتظره حتى ينضج.
إن المجلات وكتب الأطفال تساهم بوعي عظيم في تشكيل هوية الطفل، وتنمى إبداعه، وتحافظ على قيمه ، ولاشك أن بعض المجلات قد اهتمت في إظهار عوالم جديدة للطفل العربي كان بعض كتّاب الأطفال قد تغافلوا عنها ألا وهي أفريقيا وأطفالها وخاصة أطفال دول حوض النيل، لتبصر الأطفال بالمكان وعوالمه وأرضه ونيله وترابه.