الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مقتل شاب في الطالبية على يد أصدقائه بسبب الديون.. الصدفة وكاميرات المراقبة تكشف المتهم الرئيسي.. والجناة شاركوا في البحث عن الضحية مع الأهالي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لا أمان للأمان".. جملة قد يتعجب منها البعض بمجرد قراءتها، ولكنها حروف كتبها شاب عبر صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قبل أن يترك الحياة ويغادر، يرحل ويترك أسرة مكونة من 5 فتيات وشاب وأم مكلومة، يرحل بجسده ويترك بداخل الجميع ذكرى مؤلمة تنغص عليهم الحياة، كلما تذكروا أن ابنهم قد مات غدرًا بعد استدراجه وطعنه عدة طعنات في أماكن متفرقة من جسده بسبب خلاف مالى.



الأم صامتة، لا تتحدث مع أحد، بداخلها ألم لا ينتهى، لا تريد أن تتقبل فكرة أن "ضناها"، قد مات، كواليس وتفاصيل تلك الجريمة البشعة، نقلتها "البوابة نيوز" من مسرح الجريمة، ومن داخل منزل الضحية، على لسان أسرته وأقاربه وجيرانه ومن واقع تحقيقات النيابة واعترافات المتهم وتحريات رجال المباحث.
يقولون إنه عاش بارًا بوالدته، باع عمره من أجل سعادة شقيقاته وتجهيزهن للزواج، كان الأب والسند لهم بعد وفاة الأب في حادث، حينها هو كان صغيرًا، عمره لا يتعدى الـ18 عامًا، رحيل والده كان صدمة كبرى لهم، من بعدها لم تعد الحياة كما كانت، وطوال تلك السنيين وهو يحاول أن يعوضهم فراقه، منذ ذلك اليوم وهو يتولى لواء المسئولية.
من أجلهم ترك حياته الشخصية جانبًا، وكان كل ما يشغل باله، هو كيف يسعد تلك الأسرة البسيطة، كيف يوفر لهم الأمان واحتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب، وكيف يجهز شقيقاته الـ5 للزواج، ولكن كل ما كان يخطط له انتهى في يوم وليلة، عندما قرر ثلاثة شباب من أبناء المنطقة قتله، هو يعرفهم جيدًا فهم أصدقائه، قتلوه داخل إحدى المحلات وتخلصوا من جثته بإلقائها في ترعة الجيزاوية، جنوب الجيزة والواقعة على طريق أسيوط القاهرة، بسبب الخلاف على مبلغ مالى.
قبل الجريمة بأيام، كان هناك اتفاق مسبق بين المجنى عليه وبين المتهم الرئيسي على شراء مقهى بمنطقة الطالبية بالشراكة، وكان المتهم مدينًا للمجنى عليه بمبلغ 64 ألف جنيه، وقد أعطى المتهم للمجنى عليه إيصال أمانة قيمة ذلك المبلغ.



بعد مرور أيام، وفى الميعاد المتفق على تسليم المتهم المبلغ للمجنى عليه، لم يدفع المبلغ، تهرب، وبدأ المجنى عليه يطالب بحقه، يطالب بـ 64 ألف جنيه، والأخير يتعنت في السداد حتى جاء ميعاد الجريمة، تلك الجريمة التى وضع الثلاثة مخططها، الذى يتضمن استدراجه إلى المحل، ثم قتله.
المتهم يجري اتصالا هاتفيا بالمجنى عليه، يطلب منه أن يأتى من أجل أن يأخذ المبلغ حقه "64 ألف جنيه"، حينها عمت السعادة والفرح قلب المجنى عليه قائلًا "أخيرا هاخد فلوسي"، ولكن تلك الفرحة لم تكن مكتملة، كان هناك شيئًا يقلقه، يشعر بأن شيئًا سيحدث، دون أن يجد تفسيرًا.
المجنى عليه يتوجه إلى أحد أصدقائه بالمنطقة، ويعطيه " إيصال الأمانة"، ويخبره بأنه في حالة أن أصابه أى مكروه عليه أن يتوجه فورًا إلى شقيقه وأن يعطيه ذلك الإيصال، وكان قلبه يشعر بأنها نهايته.
خرج من عند صديقه وتوجه على الفور صوب المتهمين مستقلَا دراجته البخارية، يصل إلى المكان أمام محل الكهربائى "المتهم الرئيسي"، ينزل من على الدراجة، ويدخل المحل، يستقبله المتهم الذى كان قد أعد العدة من أجل الجريمة.
يدخل المجنى عليه إلى محل صديقه، تجمعوا حوله، ليقوم المتهم الرئيسي المدعو "وائل" على الفور بضربه خلف منطقة الرأس ضربة قوية باستخدام آلة حادة، وطعنه عدة طعنات في أماكن متفرقة من جسده، ثم يأخذ هاتفه، ويغلقه، أغلق الهاتف وأغلق الكاميرات الموجودة أمام المحل، حاول بقدر الإمكان إبعاد أي شبهة قد تمكن رجال المباحث من الوصول إليه.
الساعة تقترب من الـ 12 صباحًا، الأم تحاول الوصول لنجلها الضحية، تطلب هاتفه، الهاتف مغلق، ليبدأ القلق يتسلل إلى داخلها، تخبر شقيقه بأن الهاتف مغلق، ليجيبها بأنهم سيجدونه، محاولات هنا وهناك من أجل إيجاده ولكن دون جدوى، الجميع يؤكد بأنهم لا يعرفون مكانه.
وتمر الساعات تليها ساعات ثم أيام، 4 أيام لا يتوقف فيها الأهالى عن البحث مع رجال المباحث عنه، حتى المتهم نفسه، ظل يبحث معهم عنه، حتى يبعد أصابع الإتهام، بينهم يراجع الكاميرات ويسأل الأهالى وكأنه لم يفعل شيئًا، وكأنه لم يقتل صديقه غدرًا.



وبعد مرور 4 أيام على وقوع الجريمة، وبالصدفة، أثناء قيام رجال المباحث بالبحث هنا وهناك، يجدون كاميرا قد وضحت بعض من ملامح المتهمين، وبالصدفة يكتشفون أن أحد الموجودين بالكاميرا هو المتهم، هو من يبحث معهم، يسأله أحد رجال المباحث ليقول المتهم له "أنا مقتلتوش"، فيرد عليه الأهالى "ازاى، دا نفس الطقم اللى انت لابسه، هو الطقم اللى في الكاميرا". ويتم اقتياد المتهم نحو قسم شرطة الطالبية، ليعترف بارتكابه الجريمة بصحبة شقيقه وزوج شقيقته، و يعترف بتفاصيل الجريمة أمام النيابة، ويقوم بتمثيلها.
توجه المتهمون جميعًا مع رجال المباحث والنيابة العامة إلى ترعة الجيزاوية الواقعة جنوب الجيزة في منطقة البدرشين على طريق أسيوط - القاهرة، هناك أشاروا إلى مكان الجثة، قالوا هنا ألقينا جثته، ليتم استخراجها من نفس المكان الذي ألقوها بداخله.
خرجت الجثة، بعد 4 أيام، وتم التصريح بالدفن، ولكن الأم مازالت تبكي وتتألم، مازالت حزينة، لا تصدق بأن نجلها قد فارق الحياة، لا تصدق بأن سندها لم يعد موجودًا، فبين الحين والآخر تتردد " ابنى مماتش، أنا شايفاه، راح مشوار وراجع تانى".
الأهالى أكدوا بأن الضحية كان كثيرًا ما يزور المقابر مع والدته، فهى المكان المفضل لديه في التقاط الصور، كما أنه كان قد ترك رسالة قبل مقتله، حيث أخبر نجل عمه بأن مقابر العائلة أصبحت ممتلئة وأنه في حالة وفاة رجال أو امرأة من العائلة لا بد أن يقوموا بتوسيع المكان من أجل دفنه.
ورد بلاغ إلى الرائد أحمد عصام رئيس مباحث قسم الطالبية، من مقاول مقيم بدائرة القسم مفاده اختفاء شقيقه الذى يعمل مقاولا أيضًا، ويدعى «حسن» في العقد الرابع من عمره، وتم العثور على الدراجة النارية الخاصة بالمتغيب، وتم العثور على المتغيب مقتولا وأسفرت الجهود الأمنية عن تحديد شخصية الجناة، وتم ضبطهم، وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة للتحقيق، والتى أمرت بحبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات.