الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

أصابع الإخوان.. ورأس الجيش.. ومؤخرة المعارضة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يظن أحدكم أنني أقصد بهذا العنوان أي معانٍ وقحة أو إشارات جنسية خبيثة، كتلك التي أوجدها ساسة الإخوان في القاموس السياسي المعاصر، وإنما فقط قصدت استخدام بعض المفردات التي ابتدعوها هم؛ لتفسير ما يحدث حولنا، وقراءة ما نفاجئ به يوميًّا من فضائح وفظائع وغرائب، يرتكبها أو يقع في شراكها أغلب الأطراف.
على أية حال تكشف المعلومات والتقارير الصحفية التي تتوالى يوميًّا، بالتزامن مع بعض الأقوال التي يدلي بها شهود العيان في قضية اقتحام سجن وادي النطرون، أن أصابع الإخوان المسلمين هي من كانت تعبث في أمن الوطن لإسقاط الدولة، حتى قبل انتفاضة 25 يناير2011.
غير أن أصابع الإخوان لم تكن تعبث منفردة، فقد لعبت دورًا أساسيًّا في فتح المجال أمام أصابع أجنبية أخرى، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر، وربما أطراف إقليمية أخرى.
ويبدو أن الرئيس مرسي قد لجأ إلى أحاديث الأصابع المتكررة، كرد فعل نفسي في اللاوعي أراد، أو حاول، به إخفاء الحقيقة ومداراة أصابع جماعته؛ فلجأ إلى اتهام أصابع أخرى في المنطقة.
لن أتوقف كثيرًا عند مرسي؛ فهو ليس سوى دمية تحركها أصابع الشاطر أو بديع أو محمود عزت، وربما أصابع كل أعضاء مكتب الإرشاد.
ولنذهب إلى وقائع التسجيلات التي نشرتها صحيفة “,”المصري اليوم“,”، والتي رصدت بين قادة جماعة الإخوان المسلمين وعناصر حركة حماس خلال أيام من انتفاضة 25 يناير2011، لنربطها بشهادات الضباط في قضية اقتحام سجن وادي النطرون، والتي أجمعت على أن سيناريو اقتحام سجني وادي النطرون وأبو زعبل كان واحدًا، وأن العناصر المشاركة في عملية الاقتحام كانوا من غير المصريين، ويتحدثون بلهجة بدوية، علاوة على أنهم استخدموا رصاصًا حيًّا وجرينوف إسرائيليّ الصنع، والهدف الرئيسي من تلك العمليات كان تهريب عناصر جماعة الإخوان وحماس وحزب الله.
ألا يعني هذا أن جماعة الإخوان كانت مستعدة سلفًا، بل سبق أن نسقت مع اتباعها في حماس، لهذا الأمر؟ وهنا ينبغي أن نتساءل أيضًا عن المستفيد من التجهيز لما عرف إعلاميًّا “,”بموقعة الجمل“,”، لا سيما أنها أعقبت الخطاب الأخير للرئيس السابق حسني مبارك، والذي كان قد لاقى قبولاً لدى غالبية الحشود المتواجدة في ميدان التحرير؟، وهو ما يعني أن موقعة الجمل إنما دشنت ضد خطاب، أو بالأحرى ضد نتائج، ما وصف بالخطاب العاطفي للرئيس السابق.
هذه التسجيلات الصوتية، وتلك الشهادات بقضية سجن وادي النطرون لها أصول وجذور نشأت قبل أحداث الانتفاضة بما يزيد عن عام تقريبًا، حسب ما نشره موقع “,”إيجي أوف لاين“,”، تحت عنوان “,”تفاصيل الصندوق الأسود لعمر سليمان وفضائح جماعة الإخوان المسلمين“,”، وقد ذكر التقرير، المنشور على حلقات، أن المخابرات المصرية العامة قد رصدت ووثقت اتصال جماعة الإخوان مع ضباط المخابرات الأمريكية، واجتماعهم في أنقرة تحت رعاية تركية، وبمشاركة قائد المخابرات القطرية، ثم اجتماعهم فيما بعد مع عناصر من الموساد الإسرائيلي، وتلقيهم 3 مليار دولار، كدعم من دولة قطر؛ للبدء في تنفيذ مخطط إسقاط الدولة المصرية، بل إن جماعة الإخوان -حسب تقرير “,”إيجى أوف لاين“,”- قامت بالتنسيق في ذات الوقت مع الإيرانيين، عبر حزب الله، وحصلت منهم على 2 مليار دولار كمساعدة لتنفيذ نفس المخطط.
وقبل أن نحكم على صحة أو خطأ هذه المعلومات الخطيرة، علينا أن نقرأ جيدًا أوضاعنا الداخلية، وإصرار هذه الجماعة على هدم وتفكيك مؤسسات الدولة وأركانها؛ لنتأكد من صحة ودقة خيوط المؤامرة التي جمعها الضابط الوطني عمر سليمان هو ورجاله، الذين هم أشرف من كل عناصر عشيرة مرسي رغم أنف مرشده.
فمحاولات هدم مؤسسة الجيش، وتشويه سمعته تمهيدًا لتفكيكه، والسعي الحثيث لتفكيك جهاز المخابرات العامة؛ ليست إلا أهدافًا إسرائيلية استخدمت أصابع الإخوان لتحقيقها، ثم ها هم يحاولون هدم مؤسسة القضاء بإصرار وترصد، عبر “,”ذنب“,” الجماعة، وأعني حزب “,”الوسط“,”.
ويبدو أن الأمريكيين لم يجدوا غضاضة في أن يحصل الإخوان على دعم الإيرانيين لتنفيذ نفس المخطط، وما يؤكد هذه الحقيقة هو واقع الحال اليوم، فمصر الإخوانية تسعى لإقامة علاقات قوية مع إيران الشيعية، متجاهلة غضب حلفائها السلفيين في الداخل، ودون أن تجد معارضة أمريكية أو حتى إسرائيلية؛ وهو الأمر الذي كان متوقعًا، لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية هي من أعطى الضوء الأخضر لمرسي لاتخاذ هذه الخطوة، لا سيما أن هناك اتجاهًا لوجود تحالف مصري إيراني تركي يكون حضور مصر فيه كرتونيًّا، بينما يعمل الطرفان الإقليميان غير العربيين على إيجاد التوازن الذي يضمن، ليس فقط أمن إسرائيل، بل أن تكون الأخيرة هي رمانة الميزان في المنطقة، في ظل غياب كامل لتأثير جميع الأطراف العربية، مع ملاحظة أن تركيا تعد عضوًا فاعلاً في حزب الناتو.
يبقى أن نتساءل مجددًا عن موقف قادة وجنرالات القوات المسلحة المصرية، فإذا كان بوسعنا أن نلتمس الأعذار للمجلس العسكري، بقيادة المشير طنطاوي، لضعف خبرته السياسية؛ مما ساهم في توريطه بكثير من الأحداث، بدءًا من ماسبيرو وصولاً إلى مجلس الوزراء ومحمد محمود، إلا أنه من الصعب أن يقبل عذر للقوات المسلحة اليوم بعد أن أضحت أوراق اللعبة مكشوفة، حتى لو كانت واقعة تحت وطأة نفس الضغوط الأمريكية التي مورست على المشير طنطاوي، وظني أن مصارحة الشعب بتلك الضغوط في نفس الوقت الذي يكشف فيه اللثام عن حقيقة جرائم وفظائع الإخوان، سيكسب المؤسسة العسكرية دعمًا شعبيًّا وجماهيريًّا منقطع النظير.
أما المعارضة فلا تزال تفكر بمؤخرتها، ودليل ذلك أنها سقطت في وادي التيه، فرغم انهيار شعبية الإخوان لم تنجح جبهة الإنقاذ في طرح بديل، بل إنها لم تنجح في اتخاذ موقف موحد إزاء المشاركة في الانتخابات، وراح قادتها يطلقون تصريحات متضاربة في هذا الشأن،
ولا يزال بعض أعضائها منشغلون بمهاجمة الفريق أحمد شفيق، الذي عرض التحالف معها لتشكيل جبهة قوية في مواجهة صلف الإخوان، وبدلاً من دراسة عرض الرجل، طفق الطبيب علاء الأسواني يهاجم الرجل مجترًّا عبارة: “,”أصله بينتمي للنظام السابق“,”.. ملحوظة: الأسواني يقدم برنامجًا في “,”الجزيرة مباشر مصر“,”، إحدى أصابع قطر.
بعيدًا عن ترهات الأسواني، ظني أن الفريق شفيق قد يكون بمثابة قُبلة الحياة لجبهة الإنقاذ؛ بما يمثله على الأرض من قوى اجتماعية وسياسية رأت فيه نموذجًا لرجل الدولة المدنية الحديثة، القادر على استعادة الاستقرار والأمن، وهو النموذج الذي فشلت جبهة الإنقاذ في تقديمه حتى الآن.
وبينما تنشط أصابع الإخوان للعبث في قوى المعارضة، تصر بعض أطرافها على استخدام مؤخرتها في التفكير كبديل عن عقلها، وتلهث وراء ما يلقيه الإخوان من طعم للنيْل من مؤسسات الدولة، فعندما سربت الجماعة المحظورة، القسم الخاص بالجيش المصري، في تقرير لجنة تقصي الحقائق، في صحيفة الجارديان، لم يهتم هؤلاء بالتساؤل عن عدم نشر التقرير كاملاً، وعدم قيام النائب العام الخاص بمرسي بمباشرة التحقيق فيما ورد به من وقائع تعلق بعضها بجرائم ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين، وراح هؤلاء يتلقفون السهام الإخوانية ليلقوها صوب الجيش المصري، تمامًا كما سبق أن رددوا كالببغاء شعارًا إخوانيًّا بامتياز هدفه النيل من الجيش وهو: “,”يسقط يسقط حكم العسكر“,”.
أخيرًا.. لم تعد المشكلة في حكم الإخوان؛ فقد سقطت أقنعتهم أمام العامة والخاصة.. لكن تظل كارثتنا في خيبة المعارضة!