يمثل تاريخ التبت جزءًا مهمًّا فى تاريخ الصين بل والعالم أجمع بوصفها منطقة تتميز بالبعد الدينى والجغرافى، وتعد التبت التى توصف بأنها «سقف العالم» لكونها تضم أعلى نقطة من اليابسة على كوكب الأرض، من المناطق الأكثر تفردًا وتميزًا، جغرافيا وثقافيا واجتماعيا؛ وقد كونت التبت مع غيرها من مناطق القوميات الصينية الأخرى ظروفًا مواتية للتبادلات الثقافية والاقتصادية داخل الصين مع احتفاظها بالخصائص الإثنية والثقافية والدينية التى تميزها. ويبرز تاريخ التبت حالة الاندماج بين الثقافات والأديان على مر التاريخ؛ وتاريخ التبت ليس هو تاريخ المنطقة فحسب، أنه المُكوِّن الأهم فى تاريخ قومية التبت العريقة، وأحداثه كثيرة ومعقدة؛ لذا، يعرض الكتاب الذى ألفه البروفيسور تشن تشينغ يينغ، ونقله إلى العربية أمينة أبو اليسر ورنا محمد عبده وقام بمراجعته أحمد السعيد، الأحداث المهمة لكل المراحل التاريخية للتبت باستخدام طرق التعبير الموجزة والمقارنة والسرد؛ لتوضيح الأسباب الرئيسية لتطور التاريخ بالتبت. كما يتناول الكتاب سردًا تأريخيًا لمنطقة التبت الصينية منذ قيام مملكة توفان القديمة قبل الميلاد، مرورا بعصر انقسام القوى السياسية والدينية المحلية، وعصر حكم أسرة تشينغ الصينية، وصولا لمرحلة كفاح التبتيين ضد الاحتلال البريطانى للصين والتبت فى فترة الجمهورية الصينية والتحرير السلمى للتبت. والتبت التى نطرح ونلخص تاريخها هنا ليست مجرد مكان مثل غيره يؤرخ له، بل هى المنطقة المقدسة للديانة البوذية، ومنطقة التواصل والاندماج الصينى مع ثقافات الهند ودول جنوب شرق آسيا، وهى المكان الذى يكفى اسمه لإضفاء الكثير من السحر والأسطورة لدى المستمع، والتبت بالنسبة للبوذيين هى بمثابة مكة المسلمين وبيت لحم وفاتيكان المسيحيين، وهذا الكتاب الذى هو الأول باللغة العربية حول هذا الموضوع، سيكون دليلا روحيا لقارئه يطوف به بين جنبات تاريخ سقف العالم ويهبط به وسط روحانيات هذا المكان الذى نسمع عنه ولكن لا نعرفه جيدا، فالكتاب بما يضمه من ١١ فصلا وخاتمة فى ٢٦٠ صفحة، يغطى مراحل تاريخ التبت على مر العصور ليربط بكل سلاسة بين تبت الأمس واليوم، ويشكل لدى القارئ فهما شاملا يحمل عبق التاريخ وروح الأديان يكفيه ليترسخ انطباعه حول هذا الجزء المهم والبعيد من العالم.
