الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"عصر البصاصين".. أذرع أردوغان الخارجية للتجسس وتخريب المجتمعات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
النظام التركى يستغل السفارات والمنظمات الخيرية فى تجنيد العملاء
وثائق محكمة أنقرة العليا تفضح تورط البعثات الدبلوماسية فى مراقبة معارضى الخارج
«تيكا» رأس حربة السلطان لتخريب الجيران
موظفو السفارات التركية جواسيس لصالح العثمالنى
إمام مسجد فى كوبنهاجن يفضح توغل العملاء السريين.. MIT تعد قائمة بـ300 تركى و200 منظمة ومدرسة لمراقبتها بألمانيا فى 2017
الرئيس التركى يحول أئمة المساجد إلى «عصافير» على المعارضة
أردوغان يحكم قبضته على «ديانت» بعد مسرحية الانقلاب الفاشل.. و«الرؤية الوطنية» تتبنى تكتيكات الإخوان فى غسل عقول الجماهير

فضح سقوط شبكة الأناضول للتخابر لصالح تركيا، مخططات المخابرات التركية المشبوهة، التى تتعمد إنشاء مؤسسات إعلامية وبحثية تستخدمها كمنصات استخباراتية تدير من خلالها أعمالها القذرة. ودأب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على زرع جواسيسه وعيونه فى جميع أنحاء العالم، تحت ستار وكالات الأنباء والمراكز البحثية والسفارات والمنظمات الخيرية، وحتى المساجد لم تسلم من مخططاته الشيطانية.


وظهرت النسخة الأولى لجهاز الاستخبارات التركى ΜiT، فى الدولة العثمانية، أثناء الحرب العالمية الأولى، على يد حكومة الاتحاد والترقي، فيما كان يعرف وقتها بـ «التشكيلات المخصوصة»، بهدف اختراق البلدان المجاورة والسيطرة عليها، من خلال تجنيد العملاء وبث الدعايات المغرضة، وتنفيذ جرائم الاغتيالات والتصفية الجسدية للخصوم فى وضح النهار.
وعلى رأس النسخة المحدثة من جهاز الاستخبارات، يجلس حاليا الجنرال هاكان فيدان الذى استطاع كتابة مسرحية الانقلاب الشهيرة فى 2016، وإخراجها بطريقة جيدة، سمحت لأردوغان بتصويب النيران فى وضح النهار على المعارضين، واقتيادهم إلى السجون والمعتقلات.



تعد وكالة التعاون والتنسيق التركية الحكومية - تيكا - إحدى أدوات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للتدخل فى شئون الدول، وجمع المعلومات تحت أكاذيب المساعدات الإنسانية.
وتوسع نشاط المؤسسة الخيرية التى تأسست عام ١٩٩٢، لتكون جسرا بين أنقرة ودول وسط آسيا، منذ عام ٢٠٠٢ عقب تولى حزب العدالة والتنمية الحكم، لتشمل مشروعاتها الشرق الأوسط والبلقان وأفريقيا.
ويتخذ الرئيس التركى تيكا رأس حربة لمشروعه التوسعى الناعم، ليس فى الدول الإسلامية فقط بل فى العالم أجمع، فالوكالة توزع مساعدات بعشرات الآلاف من الدولارات على قبائل الهنود الحمر فى الشمال الغربى من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أجهزة الحواسيب فى دور رعاية الأطفال بالمكسيك، وترميم المدارس فى أمريكا اللاتينية، لتصطنع الأصدقاء والحلفاء.
وتلعب الوكالة دورا مهما فى دعم السياسات الخارجية لتركيا بحجة تقديم المساعدات للفقراء، إضافة إلى خلق حزمة من المساعدات الإنمائية عبر ٣٥ مكتبا تنسيقيا فى ٣٠ دولة، كما تقدم مساعدات إلى ٤٩ دولة فى مقدمتها أفغانستان والصومال والسودان وميانمار واليمن وجزر القمر والنيجر والسنغال، مما يخدم مصالح أردوغان فى السيطرة على قرار هذه الدول بمنطق «أطعم الفم تستحى العين»، كما أنه تمده بالمعلومات التى يحتاجها لمحاربة هذه الدول والسيطرة عليها إذ تجمع بين الجانب المخابراتى وتمويل الإرهاب.
ويحاول الرئيس التركى من خلال هذه المنظمة المشبوهة خلق أجيال تدين بالولاء لتركيا بعد أن تشعرهم بعظمتها المزعومة، من خلال تلقين الشباب الأفكار والثقافة التركية.
وفى تونس، أنشأت المنظمة معملا لتدريس اللغة التركية فى كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية فى جامعة تونس، نوفمبر ٢٠١٦، وبلغت قيمة إنشائه ٤٠ مليون دولار، وهدفت إلى تدريس اللغة إلى ٥ آلاف طالب.
وعلى نفس الدرب سارت المنظمة فى ليبيا، فبدلا من استخدام القوة العسكرية فى سوريا والعراق، اتجهت تركيا إلى توجيه قوتها الناعمة فى ليبيا من خلال المؤسسات الاقتصادية والإنسانية، لإضفاء صيغة مقبولة على تحركاتها المشبوهة فى المنطقة، فبدأ نشاط الوكالة المشبوه فى ليبيا عام ٢٠١١، عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافى، مستغلة الفوضى العارمة التى كانت تعاصرها المنطقة فى تلك الفترة، واخترقت بمشروعاتها المكثفة عدة مدن، منها طرابلس، ومصراتة التى تربطها علاقات استراتيجية مع تركيا، وإقليم فزان الجنوبى الذى يمثل بوابة الصحراء الكبرى، إضافةً الاهتمام بالأقليات العرقية، ومحاولة الأتراك اختراقهم لخدمة مصالحهم فى البلاد.
وتراجع دور الوكالة التركية فى المناطق التى يسيطر عليها الجيش الوطني، فركزت على مصراتة ثانى أكبر مدن غرب ليبيا، باعتبارها مركز التبعية للقرار التركي.
كما اتخذت المنظمة المشبوهة من ترميم المساجد فى دول عربية وأفريقية ذريعة للتدخل فى شئون هذه الدول، ومنها جيبوتى ولبنان وسوريا، خاصة فى مناطق ريف حلب، التى دمرها الإرهاب المدعوم من تركيا.
كما وجه أردوغان وكالة تيكا إلى تعزيز أنشطتها فى جيبوتى أثناء زيارته لها، فى يناير ٢٠١٥، ولكنها لم تكتف بممارسة دورها الثقافى فقط، وامتدت إلى الحصول على امتيازات إنشاء المطارات وهيئة البريد فى البلاد، كما عملت على بترميم شارع برهان باى الأثري.
ولتأكيد دورها كذراع لأردوغان، أنشأت الوكالة مركزا تعليميا للمرأة فى جيبوتي، يوليو ٢٠١٧، ولكنه حمل اسم «زينب ساجر»، وهى واحدة من الذين سقطوا فى مسرحية الانقلاب، يوليو ٢٠١٦، وأضافت الوكالة إلى جوار اسمها «أحد شهداء ليلة ١٥ يوليو ٢٠١٦»، وهو ما يؤكد دورها المشبوه فى الدول.
وفى اليمن، تلعب تيكا دورا أكبر من حجمها، إذ تدخلت فى مختلف المجالات وحولت البلد العربى إلى ساحة خلفية لها، مستغلة حالة الفوضى والحرب الدائرة فى البلاد منذ الربيع العربي، فالدعم لم يقف عند مزاعم المساعدات الإنسانية (غذائية وطبية ومدرسية)، وإنما امتد إلى وزارات الدولة والشرطة والصحافة والسلك الدبلوماسي، فضلًا عن الآثار التى تجسد الحضارة اليمنية القديمة، وهو ما يفتقد إليه الأتراك، الساعون فى شتى دول العالم لنهب الآثار والتحف القديمة ثم نسبها إلى أجدادهم فى الدولة العثمانلية البائدة.
كما اخترقت المنظمة قطاع الشرطة اليمني، من خلال تخصيص دورة تدريبية لعناصر القطاع، بالتعاون مع مديرية الأمن العامة التركية وشملت الدورة ٥٦٤ منتسبا من عدة دول بينهم يمنيون ضمن ٣٧ برنامجا تدريبيا وفق «مشروع التعاون الدولى لتدريب الشرطة» من عدة دول خلال العام ٢٠١٨، كما نظمت دورة لتأهيل الدبلوماسيين، شارك فيها ٢٠ دبلوماسيا من اليمن والجزائر.
النظام التركى خصص لهذه المنظمة المشبوهة مليارات الدولارات سنويًا للتوغل فى البلدان العربية والإسلامية على أمل تحقيق أطماع أردوغان للسيطرة على البلدان العربية والإسلامية ومن ثم نيل لقب «الخليفة».



موظفو السفارات
تحولت السفارات والقنصليات التركية فى جميع أنحاء العالم إلى أوكار وأدوات للتجسس، حيث باتت تدير حملات استخباراتية لجمع بيانات حول منظمات وأشخاص يرفضون سياسات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
وأكدت وثائق وزارة الخارجية التركية السرية التى تم تسريبها مؤخرا، أن السفارات والقنصليات التركية فى جميع أنحاء العالم، تتجسس بانتظام على الدول التى يتواجدون فيها لرصد الظواهر الاجتماعية، فضلا عن إعداد تقارير منتظمة عن منتقدى الرئيس التركي.
وتكشف المراسلات الرسمية التى تنقلها وزارة الخارجية إلى مكتب المدعى العام فى أنقرة، كيف يجمع الدبلوماسيون الأتراك معلومات عن أنشطة معارضى أردوغان، ويصفون منظماتهم ويسردون أسماءهم كما لو كانوا جزءًا من منظمة إرهابية، وتحتوى المراسلات على معلومات عن كبار المعارضين، وتفاصيل حول بنية حركة كولن فى كل بلد وقائمة كاملة من الأشخاص الذين يعتقد أنهم ينتمون إليها، ويتم توزيع القوائم أيضا على وزارة العدل، ومنظمة الاستخبارات الوطنية (MIT) من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الإدارية أو القانونية ضد الأشخاص الذين تم تحديد ملامحهم ومعاقبتهم أو أقاربهم مرة أخرى فى تركيا والاستيلاء على أصولهم.
وفضحت وثائق محكمة أنقرة الجنائية العليا الرابعة ضمن ملف القضية رقم ٢٠١٦/٢٣٨، والمؤرخة ١٦ يناير ٢٠١٩، تورط السفارات التركية فى أعمال تجسس على المعارضين فى أكثر من ٩٢ دولة.
ولم يقتصر التجسس الدبلوماسى التركى على أوروبا، بل شمل العديد من البلدان الأفريقية مثل: بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية وإثيوبيا والمغرب والجابون وغانا وغينيا.
ونشطت فى الولايات المتحدة أيضا أعمال التجسس التركية عبر موظفى السفارات والقنصليات فى ولايات عديدة، أبرزها ألاباما وأركنساس وبوسطن وكاليفورنيا ونيويورك وكارولينا الشمالية وأوكلاهوما، بالإضافة إلى بنسلفانيا التى يقيم بها الداعية التركى المعارض فتح الله جولن، القائمة شملت أيضا دول أمريكا اللاتينية وأفغانستان وبنجلاديش والصين وإندونيسيا والفلبين.
وفى السويد عام ٢٠١٧، تشكك عدد من الأتراك المقيمين فى عملية ملاحقة لهم، فسارعوا لإبلاغ سلطات ستوكهولم، واتصلت وزيرة الخارجية السويدية مارجوت فالستروم بالسفير التركى كايا توركمين، وأعربت عن مخاوف حكومتها بشأن مراقبة منتقدى الحكومة التركية والتجسس عليهم.
ووفقا لتقرير صادر من الصحيفة الألمانية سود دويتشى تسايتونج Süddeutsche Zeitung بالاشتراك مع محطات تليفزيون NDR وWDR فى مارس ٢٠١٧، فإن الاستخبارات التركية أعدت قائمة تضم ٣٠٠ تركى و٢٠٠ مدرسة وجمعية ومنظمة مرتبطة بحركة كولن فى ألمانيا للتجسس عليها.
وتضمنت القائمة عناوين وأرقام هواتف وصورا شخصية للمستهدفين، وقال التقرير إن الاستخبارات والشرطة الألمانية حذرت من وردت أسماؤهم فى القائمة.


ووفق موقع «تركى بيورج»، فإن إمام مسجد فى مدينة كوبنهاجن فضح توغل العملاء السريين لأنقرة فى العاصمة الدنماركية، وتجسسه على أربعة مقيمين أتراك و١٤ مدرسة لاشتباه الاستخبارات التركية فى علاقتها بحركة جولن.
وقال عدنان بولنت بالجو الداعية التركى فى الدنمارك، فى تصريحات لصحيفة محلية، إن جمع المعلومات عن المعارضين هنا أخذ وتيرة متسارعة بعد مسرحية الانقلاب فى ١٥ يوليو ٢٠١٦ والتى قتل وسجن وفصل بعدها آلاف الأتراك.
أما السفارة التركية فى نيوزيلندا، فكانت على رأس السفارات التى تستخدم للتجسس، حيث أصدرت «قائمة ملاحقين»، تضمنت منظمة «بيرل أوف ذا آيلاندز» ومركز «ليتل بيرلز»، المتخصص فى توفير خدمات الرعاية والتعليم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٣ شهور و٥ سنوات، وذلك بناء على طلب من إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة بالشرطة الوطنية التركية، بالرغم من عدم تمتعها بصلاحيات التحقيق بقضايا خارج تركيا.
كما كشفت الوثائق أن السفارة التركية فى أوتاوا الكندية، تجسست على منتقدى نظام رجب طيب أردوغان، حيث جمع دبلوماسيون أتراك معلومات عن معارضى الرئيس التركي، معتبرين نشاطات المؤسسات التى يرأسونها «إجرامية»، وبعد إرسال تلك التقارير لأنقرة، ألصقت بهؤلاء المعارضين ومن يرتبط بهم تهما جنائية، ما أسفر عن احتجاز نحو نصف مليون شخص بمراكز الشرطة خلال العامين والنصف الماضيين بتهم الإرهاب «الملفقة».
ولم يمر أسلوب جمع المعلومات الاستخباراتية التى تتبعها البعثات الدبلوماسية التركية فى الدول الأجنبية، مرور الكرام، حيث أثار غضب عدد من الدول، وأطلق المدعون السويسريون تحقيقا، وأصدروا مذكرة اعتقال بحق اثنين من مسئولى السفارة التركية لمحاولتهما خطف رجل أعمال سويسرى من أصل تركي، يعارض نظام أردوغان.
و«جمعية الصداقة التركية الكندية» و«أكاديمية النيل»، منظمتان من بين المؤسسات التى تجسس الدبلوماسيون الأتراك عليها فى كندا، كما ورد اسم صحفيين منتقدين لسياسة أردوغان، هما فاروق أرسلان وحسان يلمز، ضمن القائمة التى يتجسس عليها النظام، حسب ما أوردته «سكاى نيوز».
ولفقت السلطات التركية تهما لهؤلاء الأفراد والمنظمات، كارتباطها بفتح الله جولن، الذى تتهمه أنقرة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل الذى وقع فى ٢٠١٦، إلى جانب دعم للجماعات الإرهابية المسلحة بما فيها «داعش» و«القاعدة»، وواجه المدرجون على قوائم السفارة التركية فى أوتاوا، الحرمان من الخدمات القنصلية، بينما مثلت عودة أصدقائهم وأقربائهم إلى تركيا مخاطرة كبيرة، حيث كان معظمهم يدخل السجن بقضايا ملفقة.




أئمة المساجد
لم يسلم المساجد والأئمة من مخططات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الخبيثة، فقد استغل الأئمة فى التجسس على المعارضين وعلى المجتمعات التى يعيشون فيها لصالح الاستخبارات التركية.
وأحكم الرئيس التركى قبضته على رئاسة الشئون الدينية «ديانت» بعد مسرحية الانقلاب الفاشل يوليو ٢٠١٦، لدرجة رفع لافتة على أبواب المساجد تقول «أنصار جولن غير مرحب بهم».
ديانت التى تأسست عام ١٩٢٤ بعد إلغاء الخلافة العثمانية، لم تلعب حتى الثمانينيات من القرن العشرين أى دور خارج تركيا، واقتصر نشاطها على بناء المساجد وصيانتها، وتوظيف الأئمة، وكتابة الخطب التى تقرأ كل أسبوع فى مساجد البلاد، إلى جانب تقديم التعليم الدينى للجمهور، وشرح الفتاوى الإسلامية.
وفى أعقاب الانقلاب العسكرى عام ١٩٨٠ وما نتج عنه من شتات، بدأت المنظمات الإسلامية واليسارية فى توسيع نفوذها فى أوساط الجاليات التركية المهاجرة غرب أوروبا، ليظهر دور «ديانت» كمروج لنسخة إسلامية على هوى السلطة العسكرية الحاكمة.
منذ عام ٢٠١٠ وسع حزب العدالة والتنمية الحاكم مهام ديانت الدولية، لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والإيديولوجية، وأصبحت المنظمة تمارس نشاطها حاليا فى الكثير من دول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وأفريقيا وآسيا، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية التى تتمثل فى تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب من أفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية لدراسة الشريعة الإسلامية فى تركيا.
وبحسب أحمد يايلا الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب فى الشرطة التركية، استغل أردوغان المساجد فى الخارج للتجسس على معارضيه ومن يعتبرهم أعداء له، بأموال الشعب التركي.
وهناك ضباط استخبارات أتراك أجبروا هؤلاء العاملين فى المساجد على التجسس حتى لو لم يريدوا ذلك، ليس فقط لأنهم يخاطرون بعملهم ووظيفتهم إذا رفضوا، ولكن لأن أسرهم ستعانى إذا قرروا العودة إلى أرض الوطن، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك، مدللا على ذلك بكثير من عمليات التحقيق ضد هؤلاء الأئمة الأتراك والذين اضطر بعضهم للهرب من هذا الوضع.
مركز ديانت أصدر تعليمات لكل الموظفين حول العالم بجمع المعلومات والتجسس على المهاجرين الأتراك فى الخارج وبالأخص فى أوروبا.


ووفق معهد «جاتستون» لدراسة السياسات الدولية، فإن تركيا توظف «ديانت» كما لو كانت وكالة استخبارات مسئولة عن جمع المعلومات فى الخارج عبر الأئمة الموظفين فى ٣٨ دولة، خاصة ضد أتباع حركة الخدمة.
وبحسب تقرير «جاتستون» المنشور فى أكتوبر الماضي، فإن ألمانيا أول من تنبه لتلك الأنشطة، إذ أجرت تحقيقات مع عدد من مسئولى المؤسسة لديها، فى معلومات حول ممارسة أنشطة تجسس تخريبية، كما أن النائب فى البرلمان الأسترالى بيتر بيلز أعلن العام الماضى حصوله على وثيقة تثبت وجود شبكة دولية لمخبرين يعملون لحساب تركيا فى عدة دول منها أستراليا لجمع معلومات عن المعارضين للحزب الحاكم فى تركيا مقابل رواتب سخية.
أمام هذه الانتهاكات والجرائم فتحت عدة دول أوروبية تحقيقات فى شبكة تجسس الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول ألمانيا، والمجر، والنمسا، وهولندا، وسويسرا، وبلجيكا، والسويد، ورصدت التحقيقات قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك المقيمين فى دول أوروبية وجمع البيانات عن المعادين لنظام أردوغان، وخاصة الموالين لـ«فتح الله جولن».
ففى عام ٢٠١٧، كشف السياسى النمساوى البارز بيتر بيلز، فضائح التجسس لنظام أردوغان، قائلا: «لقد فوجئنا عندما رأينا أن تركيا أردوغان قد بنيت شبكة تجسس قوية من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، داخل كل دولة، توجد شبكة تجسس ضخمة تتكون من مؤسسات وأندية ومساجد يتم استغلالها من قبل السفارة والملحق الدينى وضابط المخابرات المحلى من أجل التجسس على منتقدى أردوغان على مدى الساعة».
بعد ذلك، بدأت تتحدث السلطات فى العديد من الدول الأوروبية علنًا أو سرًا عن خطط مماثلة، وقد اكتشفت مؤامرات لاختطاف معارضى النظام على أراضيها.
من بين المنظمات التى تستخدم لأغراض خبيثة حركة مللى جوروش أو (الرؤية الوطنية)، والتى أنشِئت أواخر ستينيات القرن الماضى من قبل نجم الدين أربكان، معلِم أردوغان، وهى منظمة إسلامية تعمل فى الغرب وتتبنى العديد من مواقف وأهداف وتكتيكات جماعة الإخوان المسلمين المصنفة «إرهابية» لغسل عقول الجماهير، وحققت هذه السياسات نتائج إيجابية، إذ حققت أهداف أردوغان، منها إقناع قطاع كبير من الأتراك فى أوروبا بالتصويت لصالح الحزب الحاكم. ففى انتخابات الرئاسة الأخيرة فى يونيو ٢٠١٨، حصل أردوغان على أكثر من ٦٠٪ من أصوات الناخبين فى جميع أنحاء أوروبا، ونجحت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير ورجحت كفة الحزب فى النتيجة النهائية للانتخابات.
وتعمل الحركة منذ فترة طويلة فى أوروبا، حيث تضم ما يقدر بنحو ٣٠٠ ألف عضو ومتعاطف معها، وتتحكم فى مئات المساجد، معظمها داخل ألمانيا، وتعبر السلطات فى شتى أنحاء أوروبا عن قلقها باستمرار حيال تلك المنظمة وتحديدا ألمانيا.