السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الرئيس التركي يحول أئمة المساجد إلى «عصافير» على المعارضة.. أردوغان يحكم قبضته على «ديانت» بعد مسرحية الانقلاب الفاشل.. و«الرؤية الوطنية» تتبنى تكتيكات الإخوان في غسل عقول الجماهير

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يسلم المساجد والأئمة من مخططات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الخبيثة، فقد استغل الأئمة في التجسس على المعارضين وعلى المجتمعات التى يعيشون فيها لصالح الاستخبارات التركية.
وأحكم الرئيس التركى قبضته على رئاسة الشئون الدينية «ديانت» بعد مسرحية الانقلاب الفاشل يوليو ٢٠١٦، لدرجة رفع لافتة على أبواب المساجد تقول «أنصار جولن غير مرحب بهم».
ديانت التى تأسست عام ١٩٢٤ بعد إلغاء الخلافة العثمانية، لم تلعب حتى الثمانينيات من القرن العشرين أى دور خارج تركيا، واقتصر نشاطها على بناء المساجد وصيانتها، وتوظيف الأئمة، وكتابة الخطب التى تقرأ كل أسبوع في مساجد البلاد، إلى جانب تقديم التعليم الدينى للجمهور، وشرح الفتاوى الإسلامية.
وفى أعقاب الانقلاب العسكرى عام ١٩٨٠ وما نتج عنه من شتات، بدأت المنظمات الإسلامية واليسارية في توسيع نفوذها في أوساط الجاليات التركية المهاجرة غرب أوروبا، ليظهر دور «ديانت» كمروج لنسخة إسلامية على هوى السلطة العسكرية الحاكمة.
منذ عام ٢٠١٠ وسع حزب العدالة والتنمية الحاكم مهام ديانت الدولية، لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والإيديولوجية، وأصبحت المنظمة تمارس نشاطها حاليا في الكثير من دول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وأفريقيا وآسيا، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية التى تتمثل في تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب من أفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية لدراسة الشريعة الإسلامية في تركيا.
وبحسب أحمد يايلا الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في الشرطة التركية، استغل أردوغان المساجد في الخارج للتجسس على معارضيه ومن يعتبرهم أعداء له، بأموال الشعب التركي.
وهناك ضباط استخبارات أتراك أجبروا هؤلاء العاملين في المساجد على التجسس حتى لو لم يريدوا ذلك، ليس فقط لأنهم يخاطرون بعملهم ووظيفتهم إذا رفضوا، ولكن لأن أسرهم ستعانى إذا قرروا العودة إلى أرض الوطن، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك، مدللا على ذلك بكثير من عمليات التحقيق ضد هؤلاء الأئمة الأتراك والذين اضطر بعضهم للهرب من هذا الوضع.
مركز ديانت أصدر تعليمات لكل الموظفين حول العالم بجمع المعلومات والتجسس على المهاجرين الأتراك في الخارج وبالأخص في أوروبا.
ووفق معهد «جاتستون» لدراسة السياسات الدولية، فإن تركيا توظف «ديانت» كما لو كانت وكالة استخبارات مسئولة عن جمع المعلومات في الخارج عبر الأئمة الموظفين في ٣٨ دولة، خاصة ضد أتباع حركة الخدمة.
وبحسب تقرير «جاتستون» المنشور في أكتوبر الماضي، فإن ألمانيا أول من تنبه لتلك الأنشطة، إذ أجرت تحقيقات مع عدد من مسئولى المؤسسة لديها، في معلومات حول ممارسة أنشطة تجسس تخريبية، كما أن النائب في البرلمان الأسترالى بيتر بيلز أعلن العام الماضى حصوله على وثيقة تثبت وجود شبكة دولية لمخبرين يعملون لحساب تركيا في عدة دول منها أستراليا لجمع معلومات عن المعارضين للحزب الحاكم في تركيا مقابل رواتب سخية.
أمام هذه الانتهاكات والجرائم فتحت عدة دول أوروبية تحقيقات في شبكة تجسس الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول ألمانيا، والمجر، والنمسا، وهولاندا، وسويسرا، وبلجيكا، والسويد، ورصدت التحقيقات قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك المقيمين في دول أوروبية وجمع البيانات عن المعادين لنظام أردوغان، وخاصة الموالين لـ«فتح الله جولن».
ففى عام ٢٠١٧، كشف السياسى النمساوى البارز بيتر بيلز، فضائح التجسس لنظام أردوغان، قائلا: «لقد فوجئنا عندما رأينا أن تركيا أردوغان قد بنيت شبكة تجسس قوية من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، داخل كل دولة، توجد شبكة تجسس ضخمة تتكون من مؤسسات وأندية ومساجد يتم استغلالها من قبل السفارة والملحق الدينى وضابط المخابرات المحلى من أجل التجسس على منتقدى أردوغان على مدى الساعة».
بعد ذلك، بدأت تتحدث السلطات في العديد من الدول الأوروبية علنًا أو سرًا عن خطط مماثلة، وقد اكتشفت مؤامرات لاختطاف معارضى النظام على أراضيها.
من بين المنظمات التى تستخدم لأغراض خبيثة حركة مللى جوروش أو (الرؤية الوطنية)، والتى أنشِئت أواخر ستينيات القرن الماضى من قبل نجم الدين أربكان، معلِم أردوغان، وهى منظمة إسلامية تعمل في الغرب وتتبنى العديد من مواقف وأهداف وتكتيكات جماعة الإخوان المسلمين المصنفة «إرهابية» لغسل عقول الجماهير، وحققت هذه السياسات نتائج إيجابية، إذ حققت أهداف أردوغان، منها إقناع قطاع كبير من الأتراك في أوروبا بالتصويت لصالح الحزب الحاكم. ففى انتخابات الرئاسة الأخيرة في يونيو ٢٠١٨، حصل أردوغان على أكثر من ٦٠٪ من أصوات الناخبين في جميع أنحاء أوروبا، ونجحت هذه الإستراتيجية إلى حد كبير ورجحت كفة الحزب في النتيجة النهائية للانتخابات.
وتعمل الحركة منذ فترة طويلة في أوروبا، حيث تضم ما يقدر بنحو ٣٠٠ ألف عضو ومتعاطف معها، وتتحكم في مئات المساجد، معظمها داخل ألمانيا، وتعبر السلطات في شتى أنحاء أوروبا عن قلقها باستمرار حيال تلك المنظمة وتحديدا ألمانيا.