الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب المتأسلم (5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع الكاتب والمفكر اليسارى المصرى الراحل دكتور رفعت السعيد فى كتاب «الإرهاب المتأسلم.. حسن البنا وتلاميذه.. من سيد قطب إلى داعش»، والصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، بقوله: «بدأت النساء الجهاديات فى أفريقيا، ثم تزايدت فى الشرق الأوسط بحيث أصبح اشتراكهن فى المعارك استراتيجية ترسم مستقبل الإرهاب المتأسلم، خاصة بعد المشاركة فى مثل هذه العمليات بكافة أشكالها، بحيث اعتبرتها الصورة التى تعيد إليها ثقتها، وتجعلها تحس بأنها تستطيع التأثير على الأحداث من حولها، وتحولها من امرأة قابعة فى بيت تتلقى فيه الأوامر إلى عنصر لاعب ومؤثر.
وقد استغل فكر هذه التيارات المتطرفة هذه النظرة للمرأة وسهلت عليهم مهمتها فى استدراجها وجعلها أداة من أدواتهم، وقد تكون طبيعة مجتمعاتنا التى تعتبر المرأة عنصرا بعيدًا عن الشبهات وغير فعال فى الأدوار العامة، وبخاصة الدور الذى يتطلب منها المجازفة وركوب المخاطر، شجعت الجماعات الإرهابية على استقطاب النساء للمشاركة فى تنفيذ عمليات انتحارية أو عمليات استخباراتية، أو رصد أهداف للقيام بعمليات إرهابية، وفى مهام أخرى تقدم فيها لعناصر المجموعة خدمات جنسية اتخذت تسميات مختلفة. 
وفى الكثير من الأحيان تم استخدمها للترويج للفكر الإرهابى فى محيطها وبين أقاربها وأهلها وزميلاتها فى العمل، وإذا كانت ناشطة على الإنترنت يتم توجيهها لتبث فكر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعى، وتستخدم خبراتها واطلاعها فى الدعاية لأفكار منظميها. أيضا ساهمت المرأة المنتمية إلى هذه الجماعات فى تقديم خدمة كبرى هى جمع الأموال واستغلال سذاجة بعض النساء وحبهن لأعمال الخير، خاصة إذا كانت الأموال ستقدم إلى يتيم أو أرملة أو صاحب ضائقة مالية. 
ونلاحظ أن دور المرأة إرهابيا يعنى تزايد نسبة تجنيد المرأة التى تمثل نصف المجتمع بأضعاف ما يحققه تجنيد رجل لجماعة إرهابية، فى ظل خصوصية المرأة وسهولة تحركها وتخفيها بسبب ثقافة وعادات مجتمعاتنا، والتى تجد فيها المرأة من الإمكانات والخيارات الأكثر تعددًا للوصول بها إلى الأهداف أكثر من الرجل، فالنساء يسهمن فى تجنيد غيرهن من النساء، وحتى الرجال والشباب فإن قيام المرأة بالدعوة للجهاد فى سبيل الله ونصره الدين هى أكثر تأثيرًا من خلال استثارة رمزية الرجولة والشجاعة والجرأة، وعبر شبكات التواصل الاجتماعى ومع ازدياد التقدم التكنولوجى وتطور وسائل الإعلام أصبحت المرأة عاملا مهما لدى التنظيمات الإرهابية الأكثر قدرة على الترويج لنفسها وجذب الانتباه، فاتبعت استراتيجية النساء الانتحاريات وتصوير فيديوهات لهن قبل التفجير وترويجه إلى وسائل الإعلام بأكبر قدر ممكن، مما يجذب أكبر قدر ممكن من التعاطف وكسر الصورة النمطية لهذه التنظيمات، وبذلك تصبح المرأة أداة قوية فى الدعاية، خاصة مع اهتمام وسائل الإعلام بالنساء أكثر من الرجال. 
ولعل من أبرز السماء التى تلمع بشكل كبير ندى القحطانى المعروفة بــ «الأخت جُليبيب» التى أعلنت سفرها إلى سوريا للقتال فى الخطوط الأمامية والمشاركة فى العمليات الجهادية، فامتلأت ساحات التواصل الاجتماعى بتهنئة الناشطين الإسلاميين لها، ووصفها بــ «السعودية الوطنية» ودعوا النساء الأخريات للمشى على خطاها وشبهوها بوفاء آل الشهرى وأروى البغدادي. 
ووفاء آل الشهرى أرملة عضو تنظيم القاعدة السابق فى شبه الجزيرة العربية سعيد الشهرى، الذى تم ترحيله من المملكة العربية السعودية بعد العودة إليها من سجن جوانتانامو، وفر إلى اليمن وتم قتله فى هجوم شنته طائرة أمريكية دون طيار أواخر عام 2012. وأورد البغدادى زوجة عضو آخر بالقاعدة فى «جزيرة العرب»، وهو أنيس البغدادى. وفى «إمارة الرقة» لا تقل ممارسات الكتائب النسائية الداعشية وحشية عن ممارسات المقاتلين الرجال. 
وقد تأسست كتيبة الخنساء النسائية مطلع عام 2014، وقد بدأت كمجموعة للحسبة تدور فى الشوارع والأسواق وتدخل البيوت للاحتساب على النساء، ثم تطورت إلى إقامة الحدود كالجلد والسجن وكذلك التعذيب، ثم أصبحت جزءا من الكتائب المشاركة فى القتال والعلميات العسكرية، بالإضافة إلى عملهن الأساسي، كما أن للكتيبة مشاركات فاعلة ضمن منصات الإنترنت. 
فقد تولت الكتيبة فور تشكيلها مهمة ملاحقة النساء اللواتى يخالفن تعليمات وقوانين داعش فى المنطقة، قبل أن تتسع مهامها إلى تدريب مجموعات نسائية على حمل السلاح ضمن معسكرات خاصة، محاطة بالكثير من السرية والغموض، ويظهر تأثير العنصر الأوروبى فى صفوف الكتيبة، خاصة البريطانيات والفرنسيات، وتحتل الجنسية التونسية النسبة الأكبر بين النساء، وتقتصر مهام تلك الكتيبة ظاهريا على تولى شئون بعض المكاتب، ومرتب عضوة كتيبة الخنساء 200 دولار أمريكى، ويبلغ عددهن فى الرقة وحدها 200 امرأة. وانتقلت زعامات من الكتيبة فى شهر سبتمبر 2015، وعلى رأسهن «أم ريان» إلى ليبيا لتشكيل فرع لها من النساء وتدريبهن فى سرت. وهناك الكثير من الجنسيات التونسية والليبية والمصرية والجزائرية والمغربية.
بالإضافة إلى «أم سياف» زوجة «أبو سياف» الذى قتل فى أحد القصفات، وفى بيتها جمعت أسيرات، وبخاصة من الأوروبيات، واعتبرتهن جوارى وقدمتهن أساسا لأبى بكر البغدادى فى صولاته الجنسية، ومنهن أسيرة أمريكية كانت تعمل فى مجال المساعدات الإنسانية وتم أسرها وكان البغدادى معجبا بها ولما وجد غيرها ذبحتها أم سياف.