الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

قمة "بو" الفرنسية تبحث دعم جهود مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، قمة دول الساحل الخمس بمدينة "بو" الفرنسية، والتي تجمع قادة كل من (مالي، بوركينا فاسو، النيجر، موريتانيا وتشاد)، إضافة إلى بعض المسئولين الدوليين، بهدف مراجعة أهداف المشاركة العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل الأفريقي، وحث الحلفاء الأوروبيين على مشاركة أكبر من أجل تعزيز مكافحة الإرهاب والقضاء عليه. 
وتأتي هذه القمة في أعقاب تصاعد الانتقادات الموجهة للتواجد العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، وهو ما دفع ماكرون، خلال زيارته إلى النيجر وبوركينا فاسو الشهر الماضي، لمطالبة دول الساحل الخمس بضرورة إصدار موقف "واضح" حول الدور العسكري الفرنسي في المنطقة، وأكد أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في معركة مكافحة الإرهاب.
ويتطلع ماكرون من قمة "بو" إلى الخروج بإعلان مشترك من قبل القادة الخمس، يتم من خلاله التأكيد على شرعية الوجود الفرنسي في منطقة الساحل، وأنه جاء بناء على طلب من هذه الدول، وذلك للتصدي للانتقادات الموجهة للقوات الفرنسية.. كما يتطلع لأن تكون هذه القمة فرصة لدعوة الحلفاء الأوروبيين للانضمام إلى القوات الفرنسية بهدف تعزيز الجهود الرامية إلى مواجهة خطر الجماعات الإرهابية التي تتخذ من المنطقة ساحة لأعمال القتل والعنف.
وكان ماكرون قد أعلن مؤخّرا أن بلاده لا تستطيع مكافحة الجهاديين بمفردها في منطقة الساحل، حيث ينتشر 4500 عسكري فرنسي في إطار قوة "برخان"، المتواجدة في المنطقة منذ عام 2013، بهدف محاربة المجموعات الإرهابية المسلحة المنتمية إلى تنظيمي (داعش) و(القاعدة). 
وجاء هذا الموقف الفرنسي في أعقاب مقتل 13 جنديا فرنسيا في مالي بداية ديسمبر الماضي في حادث تصادم بين طائرتي هليكوبتر أثناء مهمة قتالية، وهو ما أثار استياءً واسعا في الشارع الفرنسي، وطرح على الساحة العديد من التساؤلات حول جدوى التواجد الفرنسي هناك في ظل الخسائر الفادحة التي تتكبدها البلاد.
وبعد 6 سنوات من التواجد الفرنسي المتواصل في منطقة الساحل، مازالت مناطق بأكملها خارجة عن سيطرة القوات المالية والفرنسية وتلك التابعة للأمم المتحدة ولاتزال الجماعات المتشددة تستهدف، من حين لآخر، القوات الأمنية والعسكرية المتمركزة في المنطقة على الرغم من توقيع اتفاق للسلام في يونيو 2015.
وكان آخر هذه الهجمات، هجوم بوركينا فاسو الذي قتل فيه 7 عسكريين و35 مدنيا في أربيندا، إضافة إلى مقتل 71 جنديا في النيجر في هجوم "ايناتيس" الشهر الماضي، والذي اعتُبر أحد أكثر الهجمات دموية في الآونة الأخيرة.
وساهم هذا الوضع في تصاعد الانتقادات الموجهة للتواجد العسكري الفرنسي واتهامه بالتقصير في مواجهة الجماعات الإرهابية في المنطقة، وظهر ذلك جليا الجمعة الماضية عندما خرجت مظاهرات احتجاجية في العاصمة المالية باماكو للمطالبة بجلاء القوات الفرنسية خارج بلادهم.
ووفقا للمراقبين، فإن الدعم العسكري الذي تقدمه فرنسا في المنطقة يمثل ضرورة أولية للحد من العمليات الإرهابية ومجابهة خطر التنظيمات المسلحة، لاسيما في ضوء عدم قدرة الحكومات على ضبط الأوضاع الأمنية هناك، وعجز القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، التي شكّلت عام 2017، على مواجهة هذه الهجمات وحدها نتيجة تنافر هذه القوات ونقص تسليحها وسوء تشكيلها، فضلا عن تأخر دفع مساعدات وعد بها المجتمع الدولي. 
والواقع أن استمرار فرنسا وحدها في مكافحة الإرهابيين في منطقة الساحل دون تقديم دعم أوروبي لا يبدو خيارا مطروحا على الساحة.. ففي ظل تصاعد الأصوات المنادية بالانسحاب الفرنسي نتيجة الخسائر الضخمة التي تكبدتها، لا يبدو أن الفرنسيين سيقبلون الاستمرار وحدهم على ساحة القتال دون تدخل أوروبي فعَال للدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها ومواجهة الإرهاب المتغلغل في القارة الأفريقية.
وألمح الرئيس ماكرون مؤخرا إلى فكرة الانسحاب الكامل من المنطقة، إن لم تسارع باقي الدول الأوروبية في الانضمام إلى القوات الفرنسية وتفعيل شراكة استراتيجية لإنقاذ دول الساحل الأفريقي من خطر الجماعات الإرهابية.. وفي حالة تحقيق هذا السيناريو، فإن ذلك سيكون له تداعيات كارثية على غرب أفريقيا حيث أنه سيعطي مساحة أكبر للقوات المسلحة لمواجهة الجيوش الأفريقية وتدهور الوضع الأمني على نحو قد يؤثر سلبا على أمن المنطقة بأكملها ويمتد إلى أوروبا.