الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" ترصد "بيزنس الماركات المجهولة" في القليوبية ووسط البلد والعبور.. وحماية المستهلك: ضبط 64 قضية لمصانع ومنشآت دون ترخيص

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تزخر السوق المصرية بالعديد من السلع المضروبة والمقلدة التى تحمل ماركات شهيرة، ما يعرض المواطن للخطر، خاصة في ظل غياب جهاز حماية المستهلك، ليصير المواطن فريسة وصيدا ثمينا وسهل لتجار السلع المغشوشة وإنتاج مصانع بير السلم صاحبة الماركات المضروبة، مشروبات ومأكولات وحلوى أطفال ومنظفات وأدوية وقطع غيار على قائمة السلع المشبوهة والمضروبة التى تجتاح الأسواق في غياب رقيب، وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك لا يملكان إلا التصريح والتأكيد أن الوضع تحت السيطرة، لكن في المقابل صراخ المواطن في تصاعد مع استغاثته وطلبه للنجدة وسرعة إنقاذه من الهجمات الشرسة والمستمرة للسلع القاتلة والمدمرة لمعدته والمهددة لحياته مثل أسلاك الكهرباء الدرجة الثانية والمعروفة بـ«الكابلات» إنتاج وتصنيع بير السلم. وتشير المعلومات في هذا الجانب، إلى أن أكثر من 16 حادث حريق وقعت، خلال العام المنصرم 2019، وكشفت تقارير ونتائج معامل البحث الجنائى عن سبب الكثير من الحرائق بسبب ماس كهربائي، وبعضها كان بسبب عيوب في كابلات الكهرباء التى وصِفت بغير المطابقة للمواصفات القاسية وإنتاج بير سلم، ثبت هذا في حوادث حرائق عدة، أسخنها ما حدث قبل عامين في فندق ماريوت الذى وقع فجرا بسبب الكابلات المضروبة الصنع.



الأغرب أن مصانع بير السلم منتشرة بالمحافظات، ومعظمها يعمل دون ترخيص، وينتج بضاعة رديئة، لا هدف لأصحابها إلا الربح والمكاسب السريعة، يغزون الأسواق بمنتجاتهم وبماركات مضروبة، في غياب من يتابع هذا الخطر الذى يهاجم المصرى في مقتل، «البوابة»، اقتربت من الخطر، ورصدت حركة السلع المغشوشة والمقلدة وتأثيرها على المواطن.



مصانع بعيدة عن الرقابة
تنشر مصانع بير السلم في محافظة القليوبية، تحديدا في منطقة باسوس الشهيرة بصناعة الكابلات الكهربائية المضروبة والمقلدة، بالطبع لا تحتاج جهدا كبيرا للوصول إلى أحد مصانعها المعروفة بـ«بير السلم» التى تنتج هذه الأسلاك القاتلة، يكفيك أن تسأل البعض من المارة، هم سيرشدونك إلى «منطقة المصانع» وستصل بسهولة، وفى أحد هذه «المصانع»، وهو دور أرضى (بدروم) لمبنى مكون من خمسة طوابق، تهبط إليه عبر سلالم خرسانية، وجدنا شابا صغيرا يعمل على «ماكينة السلك» التى تصدر صوتًا عاليًا، وإلى جواره لفائف كبيرة من النحاس والخرطوم البلاستيكى الأحمر، فيما انشغل آخرون بتحميل الكابلات على سيارة نقل كبيرة، وعلى مكتب صغير مُكدس بالأوراق والدفاتر جلس أحد كبار عمال المصنع منهمكا يتابع العمل. يقول العامل: «هنا بنصنع العديد من الأنواع، ولكل حاجة سعرها، فيه هنا حاجة معتمدة وحاجة وسط وحاجة عادية»، برر لنا تفاوت الأسعار قال: «السبب يرجع لنسبة النحاس الموجودة داخل الكابل، النحاس درجات، واحنا هنا شغالين في كل الدرجات، وكل حاجة لها سعرها، يعنى أنا عندى اللفة ممكن توصل لـ٨٠ -١٠٠ جنيه، ودى التكوين بتاعها بيكون النحاس فيها خفيف أوي».



حلوى درجة تانية
وفى منطقة العتبة بوسط القاهرة، يوجد مصنع متواضع لإنتاج حلوى الأطفال، عبارة عن دور أرضى كل أدواته ماكينة تعبئة وأدوات طهي، وفرن كهربى، اقتربت «البوابة نيوز» من أحد عمال المكان، رجل فوق الخمسين، سألناه: «بتصنعوا إيه؟ رد: «حلويات وشوكولاتات، وبنبيع أكياس فلامنكو واهى ماشية»، عدنا نسأل: لمين؟ رد.. الرزق كتير، وبنقدم سعر أقل للمنتجات المنافسة إنتاج المصانع الكبيرة، لاحظنا أن المكان خال تماما من المعايير الصحية، سألنا: في ترخيص للمكان، في شهادة صحية؟، ورد مراوغا، خمسة وصاحب المكان جاي، في الجهة المقابلة عدد آخر من الأنشطة وأماكن تصنيع وتعبئة المنظفات، لكن الوضع مختلف في سوق التوفيقية القريب من شارع ٢٦ يوليو بوسط البلد، عدد كبير من منافذ ومحال قطع الغيار المستوردة، أشكال وأصناف متعددة من المنتجات المجهولة، سألنا صاحب فرشة لإكسسوارات السيارات «شاب في الثلاثين من عمره»: «هو في هنا قطع مضروبة؟ ورد ضاحكا: كل حاجة تتخيلوها هنا في التوفيقية، وبأسعار خارج المنافسة، سألنا: والضمان؟ ورد: ربنا، قاطعته: بس ده خطر ويعرض حياة المواطن للهلاك! رد: العمر واحد، وبعدين هنا في التوفيقية حيتان كبيرة ما بتخافش وبنتاجر في كله، مضروب غير مضروب، المهم المكسب، وفرك بالسبابة والوسطى، متجاهلا باقى تساؤلاتنا عن الأوضاع المقلقة بالسوق وانصرفنا.
من ناحيته، رصد جهاز حماية المستهلك ٦٤ قضية مؤخرا لمصانع ومنشآت بدون تراخيص، وعدم وجود شهادات صحية ومنتجات غير مطابقة للمواصفات، كما تم رصد أكثر من ٥٠٠ مطبوع لماركة «إريال» الأتوماتيك ومسحوق «تايد» ٥٠٠ مطبوع بالمنطقة الصناعية الأولى بالعبور، وذلك بقصد لصقها على منتجات مغشوشة ومقلدة تحمل علامات وماركات مشهورة و«استغلال للعلامات التجارية» بدون الحصول على إذن من تلك الشركات.



المطابع
مباحث شرطة التموين والتجارة بإدارة التحريات قسم حماية الملكية الفكرية، حررت محضرا لصاحب مطبعة يدعى «م. ر. م»، في المنطقة الصناعية الأولى بمدينة العبور، لطباعة المطبوعات الخاصة بمنتجات لشركات محلية وعالمية، وذلك بقصد لصقها على منتجات مغشوشة ومقلدة تحمل علامات وماركات مشهورة و«استغلال للعلامات التجارية» بدون الحصول على إذن من تلك الشركات، فيما يساهم في التدليس والغش على الجمهور المستهلك، وأمرت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة، باتخاذ اللازم وفقا للقانون.
وقامت المأمورية تحت إشراف وكيل الإدارة للمكافحة، ومدير إدارة التحريات، بالتوجه إلى مدينة العبور المنطقة الصناعية الأولى، ووجد رجال الشرطة مصنع وبالأسفل «دور بدروم»، مفتوح يمارس نشاطه على الوجه المعتاد، وكشف أحد العاملين بالمصنع المدعو "م. س. م. م"، عن الأصناف الموجودة بالمطبعة وهى بكرات من الرول البلاستك الخام، مطبوع عليها ماركات خاصة بمساحيق منتجات الغسيل العالمية، تحتوى على أكثر من ٥٠٠ مطبوع لماركة «إريال» الأوتوماتيك ومسحوق «تايد» ٥٠٠ مطبوع أيضا، وعدد من البكرات الرول البلاستك الخام مطبوع بها ماركة «أوكسى للأبيض والألوان» مع هدايا، من إنتاج إحدى شركات العاشر من رمضان، وكل بكرة تحتوى على ١٠٠٠ مطبوع، وبكرات رول أبيض خام بدون طباعة، وماكينات لطباعة الألوان على البلاستيك، وماكينات اللف اليدوية، وماكينة قص وتفصيل يدوي، و١٠ ماكينات لطباعة منتجات «أوكسي، لانج».
وأفصح العامل عن مالك المطبعة التى تقوم بطباعة وتقليد الماركات العالمية وتوزيعها ويدعى «محمد. ر. م»، والتى تعمل بدون وجود تراخيص رسمية أو اتفاق أو أذن من الشركات الرسمية والعالمية التى يقوم بتقليدها ونشرها بالسوق وغش المستهلك.
وفى إطار مكافحة الغش التجارى والتصدى للمصانع غير المرخصة والمنتجات مجهولة المصدر وتقليد الماركات وغش المستهلك، تم ضبط صاحب مصنع يقوم بطباعة وتغليف وغش المنتجات، في منطقة ٦ أكتوبر بالجيزة بالمنطقة الصناعية الثالثة، حيث يقوم بطباعة عبوات مقلدة لماركات «برسيل، بريل، إريال، تالا، كوفى ميكس، أوكسي، هيركود، تانج، سباركل» بدون وجه حق، ويتم بيعها إلى شركات المنظفات الصناعية لتعبئتها، وضبط رجال الشرطة من داخل المصنع الأدوات التى يقوم باستخدامها مالك المصنع لغش المنتجات والمستهلكين وهى «مواد بلاستيكية خام مطبوع عليها ماركات القهوة بالكريم «bonjorno،coffe mix» ورولات بلاستيك تحتوى على الغلاف مكتوبا به «persel، oxi،arial،tang، tide»، كل منها داخل كراتين ومطبوع على الأغلفة المقلدة، حيث إن مالك المطبعة المدعو، «رمزى. م. ا. ص»، وتم تحرير المحضر برقم ٣٥٢١ لسنة ٢٠١٩.
وفى حملة أخرى بتاريخ ٩ أبريل ٢٠١٩، تم ضبط مالك مصنع وغلقه بمنطقة مخازن الشباب بـ٦ أكتوبر، بعد إثبات أن المصنع يقوم بتقليد العلامة والرقم التجاريين لإحدى شركات الصابون والمنظفات، وضبط خطوط تعيين وتغليف، وكراتين خاصة بالمنظف «هاربك»، وكراتين باور لوكس، ورول أوراق مختلفة المقاسات، واستيكر مقلد للمنظف vansh beby، يقوم المصنع بالتغليف والتوزيع بدون وجه حق أو تراخيص أو إذن من قبل مالك المصنع السيدة « نادية، ع.ح».



الـترويج على «فيس بوك»
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تجد الكثير من الإعلانات والعروض على جميع المنتجات والصناعات، ولكنها ترجع إلى المنتج الأصلي، ولكن مؤخرا استخدم أصحاب الغش التجارى صفحات فيس بوك للترويج لبضائعهم الفاسدة، فلم يكتفوا بغزو الأسواق بل أصبح الإعلان عن تلك المنتجات يظهر أمام كل مستخدم لـ«فيسبوك» مع خدمة التوصيل أيضا وخداع المستهلك بالأسعار الرخيصة لشراء الكميات، حيث تنتشر عبر الجروبات وإنشاء المجموعات ويقوم كل تاجر بالإعلان عن المنتج أو السلعة الخاصة به وبالكميات المتوفرة وترك الأرقام للتواصل الخاص حيث رصدت البوابة العديد منها وتحت عنوان «أسعار الجملة».. «اشترى جملة الجملة».
أشرف سمير- مستشار قانونى لإحدى الشركات العاملة بمجال الغذاء والمنظفات: نحن كشركة لها علامات وماركات كثيرة مثل الزيوت والسمن الصناعى وأكثر من ١١ صنفًا ومنتجات في الصابون ومساحيق التنفيذ، ويضيف: خلال الفترة الأخيرة وردت لنا مئات الشكاوى من المواطنين بسبب سوء جودة المنتج، وعلى الفور بدأنا بتتبع كل منتج مقلد على حدة، ولكن التقليد له أشكال مختلفة ومتعددة؛ فهناك مقلدون يستخدمون نفس الكيس بنفس اسم الشركة بنفس العلامة، لدرجة أننا نجد كل البيانات مدونة، حيث يتم تدوينها وطبعها في بعض المطابع ويقلد المنتج بشكل تام مع التغيير فقط في حرف غير معلوم مثل «أوكسى» فيستخدمون نفس الاسم واللوجو، كما نتفاجأ بشكاوى من المستخدمين وأغلبها في الأرياف، حيث نفحص الكيس فنجده مقلدا بنفس البيانات ١٠٠٪ وهذه المطابع منتشرة بقدر كبير في أكتوبر وتم تحرير محاضر بها. وهناك طريقة غش أخرى مثل إضافة أو حذف بيانات أو حروف ويبدأ باللعب بشكل، لكن الشكل والشعار الإعلانى واحد، مثل منتج أصلى يسمى «أوكسى» ولكن المقلد نجده بنفس الكيس والبيانات، لكنه مزود بحرف «أوكسين أو أوكسيد» أو O veR.
ويضيف «أشرف»: وهناك طريقة أخرى، مثل استخدام نفس الأكياس الأصلية وتفريغ عبواتها ذات الجودة العالية وتفريغها من أسفل وإعادة تعبئتها بطريقة ما وإعادة لصقها وتغليفها والاستفادة من بيع المنتجات الأصلية سايب أو بالكيلو، ومن ضمن المقلدين من يتعاملون مع جامعى القمامة أو بائع الكراتين ويشترى منهم كراتين المساحيق لإعادة تعبئتها وتغليفها وبيعها كأنها منتج صالح للاستخدام حيث وصلت كرتونة أوكسى أو المساحيق تباع بـ١٠ جنيهات لإعادة تعبئتها بالمنتجات المقلدة، على الرغم من أن سوق الكراتين يباع بالكيلو، الذى لا يجاوز ١٠ جنيهات، والمشكلة الأكبر، أن هناك مرشدين يأتون إلينا للشركة ويبلغونا بما يتم، سواء أماكن طباعة أو تقليد، ونقدم شكاوى بمباحث التموين الذى تقوم بدورها بالتفتيش بشكل دورى، وهناك مصانع تكون بحوزتها أوراق ترخيص تشغيل ولكن ليست أوراق ترخيص تعبئة وتغليف كما تمتلك هذه المصانع ماكينات بملايين الجنيهات.



حزام خطر
وأكدت سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجهاز حماية المستهلك، أن هذه المنتجات منتشرة في جميع أنحاء البلاد وتأتى بكثرة من الصين، ومنها ما يصنع هنا في بير السلم، وأضافت «الديب»: أن الجهات المعنية تقوم بفرز المنتجات لتحديد المغشوش من الأصلي، موضحة أن المواطن حاليا بدأ يعرف الفرق بين المنتج المغشوش والمنتج المقلد والمنتج الأصلي، وذلك عن طريق التجربة الشخصية أو بالخبرة في التسوق واصفة الأمر بحزام الخطر.
ولفتت إلى أن جهاز حماية المستهلك لديه الضبطية القضائية ويتم تنفيذها فورا حال تقديم أى مواطن بلاغا عن أى ماركة أو سلعة ومنتج مغشوش وغير آمن، ويتم أخذ عينة منها ونتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بالأمر، مثلا جودة الإدارة الصناعية، الإدارة الصحية، ومباحث التموين ومن هنا يبدأ التحرك واتخاذ الإجراءات بشكل مباشر. وأكدت الديب: أن أسباب انتشار المنتجات المغشوشة يرجع إلى فقر النفوس وغياب الضمير.



تحت السيطرة
وقال إسماعيل شلبي، من قيادات وزارة التموين، إنه في حالة الشك بمنتج ما أو أن العلامة التجارية ربما تكون مقلدة، يتم التحفظ على عينة ويتم الفحص، وفى حالة إثبات الغش يتم مصادرة المنتجات وتحرير محضر بالواقعة.
لافتا إلى أن المنتج له مواصفات قياسية ولكن الماركة أو العلامة التجارية الخاصة بالشركة وتحقق الشهرة التجارية، والمواصفات القياسية للمنتج لا بد أن تتوافق مع علامة المنتج، ويجب على المصنع أو الموزع أن يكون لدية ترخيص أو دليل من العلامة الأصلية بالبيع وفى حال عدم وجود ذلك تتم الإحالة للنيابة، مؤكدا أن المواطن من حقه الشكوى إلى جهاز حماية المستهلك، وإذا قدم شكوى في نطاق محافظته يتم فحصها على الفور.
وأشار إلى أن المنتجات الفاسدة ومنتهية الصلاحية بيتم التحفظ عليها لحين صدور قرار النيابة، لا أستطيع إعدامها، ومهمتى فقط تقتصر على تحرير المحضر بالضبط والتحفظ على السلعة المشبوهة.
الصحة العالمية
وكشف أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن أن المنتجات الغذائية المغشوشة والملوثة غير المأمونة، والتى تحتوى على كمية من الجراثيم والفيروسات والطفيليات أو المواد الكيميائية، هى سبب رئيسى في انتشار أكثر من ٢٠٠ مرض بداية من الإسهال حتى السرطان.
وتشير التقديرات لإصابة ٦٠٠ مليون شخص بالعالم، بأمراض مختلفة، ووفاة ٠٠٠ ٤٢٠ سنويا النسبة الغالبية منهم أطفال تحت سن خمس سنوات.

وكشفت الصحة العالمية، عن أن الأمراض التى تصيب الأشخاص بسبب تلوث وغش الغذاء، تصبح عائقا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ إنها تفرض عبئًا ثقيلًا على النظم الصحية، وتلحق الضرر بالاقتصادات الوطنية وبقطاعى السياحة والتجارة.