الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تمكين الشباب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر بلد شابة بسكانها، رغم حضارتها التى تمتد لآلاف السنين، حيث يبلغ تعداد السكان من الفئة العمرية أقل من ٣٠ سنة نحو ٦١٪؜ من التعداد الكلى للسكان (داخل مصر)، والذى اقترب من ١٠٠ مليون نسمة مع نهاية عام ٢٠١٩ (حسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء). 
وبنظرة سريعة على الهرم السكنى لمصر، نجد أن عدد المواليد الجدد قد وصل إلى ٢.٦ مليون مولود في السنة، أى أن مصر قرابة تزداد ١٠ ملايين نسمة كل ٤ سنوات فقط. ويبلغ تعداد السكان من ١ إلى أقل من ١٥ سنة نحو ٣٠ ٪؜ من السكان، بينما بلغت نسبة الشباب من سن ١٥ إلى ٣٠ سنة نحو ٣١٪؜ من السكان، وإن تعداد السكان في الفئة العمرية من ١٨ إلى ٢٩ سنة (وهو سن الطلاب في المرحلة الجامعية، والخريجين المتطلعين للعمل، والباحثين عن الزواج وتكوين الأسرة)، قد بلغ ٢٢ مليون نسمة. بينما بلغت الفئة العمرية أكبر من ٦٥ سنة (كبار السن)، أقل من ٤٪؜ من تعداد السكان.
وقد شهد العام الحالى ٢٠١٩، والذى أوشك على الانتهاء، اهتمامًا متزايدًا من القيادة السياسية بقضايا الشباب، والاستماع إلى آرائهم، وإشراكهم في جلسات الحوار التى شارك فيها سيادة الرئيس والسيد رئيس الوزراء، والوزراء، أثناء مؤتمرات الشباب، والتى ضمت مؤتمرات خاصة بالشباب المصري، وأخرى خاصة بالشباب العربى والأفريقي، وأخيرا المنتدى العالمى للشباب والذى شارك فيه قرابة ٨٠٠٠ شاب من جميع قارات العالم. وقد شهد العام ٢٠١٩ أيضا، تعيين عدد كبير وغير مسبوق من القيادات الشابة، الذين تخرجوا من برنامج السيد الرئيس لتدريب القيادات (Presidential Leadership Programme) وتوليهم مناصب قيادية في الجهاز الإدارى للدولة كمساعدين ونواب للمحافظين والوزراء.
وبالرغم من كل الزخم والاهتمام بهذا الملف البالغ الأهمية، والذى يعكس وعى وتفهم الإدارة السياسية لأهمية وخطورة دور الشباب، باعتباره القاطرة التى تجر المجتمع والطاقة المتجددة التى تبنى وتحقق التنمية المستدامة، إلا أنه مازال أمامنا الكثير من العمل في هذا المجال. فما زلنا في حاجة إلى العمل الجاد لكى يجد كل شاب مصرى الفرصة العادلة من التعليم الجيد، والخدمات العامة الميسرة، والتدريب والتوظيف، في العمل الذى يناسب إمكانياته، ويحقق طموحاته، ويجعله مواطنا سعيدا في حياته ومتطلعا إلى المستوى الأعلى من الرفاهية والنهوض بنفسه وأسرته ومجتمعه.
وإذا كانت مصر قد حباها الله سبحانه وتعالى بهذا العدد الضخم من الشباب، فإن إدارة هذا الملف الحيوى تُمَثِل التحدى الأكبر للإدارة السياسية للبلاد.
ويجب أن ندرك أن التخطيط لإدارة العنصر البشرى يبدأ منذ اليوم الأول لحياة الإنسان، ويستمر معه طوال حياته، ويحتاج إلى مشروع تنموى ضخم يشمل مختلف نواحى الحياة وأهمها:
أولًا: التعليم الحديث والمتطور والذى يُمَكِن الشباب من مسايرة العصر والمنافسة في سوق العمل، على المستوى المحلى والدولي.
ثانيًا: النظام الصحى المتكامل الذى يصون الصحة الجسمانية والتوازن النفسى للأفراد. وهذا لن يتحقق إلا بمنظومة التأمين الصحى الشامل التى تغطى كل بقعة في مصر.
ثالثًا: الثقافة والفنون والآداب، التى تثقل المعارف وتنمى الوجدان، وتقوى جهاز المناعة لمقاومة أى اختراق فكرى من أى تنظيم داخلى أو من أى تهديد خارجي.
رابعًا: المشاركة السياسية وإفساح المجال للشباب للتعبير عن نفسه، وتحقيق ذاته والانخراط في العمل العام.
خامسًا: تمكين الشباب من المشاركة الفعالة في إدارة الجهاز الإدارى للدولة وضرورة تواجده في جميع مؤسسات الدولة، وبنسب جيدة تتناسب مع الوزن النسبى لتعداد الشباب في المجتمع.
ومع اعترافى بأن الإدارة السياسية قد اتخذت خطوات جيدة جدا، في إدارة الموارد البشرية المصرية، وعلى كل المحاور السابق ذكرها، وأنها تبذل قصارى جهدها لتحقيق نهضة شاملة، وفى ظروف اقتصادية وسياسية صعبه ومعقدة، إلا أنه يبقى الملف الأولى بالرعاية. ولذا يجب أن تعمل الدولة على:
أولًا: تشجيع المجتمع المدني، وخاصة الأحزاب والجمعيات الأهلية غير الحكومية، بلعب دورها في التربية السياسية للشباب. 
ثانيًا: تشجيع القطاع الخاص في النهوض والتوسع في إدارة الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة للشباب. 
ثالثًا: الاهتمام بالثقافة العامة واجتذاب الشباب في مناقشات جادة مع القيادات في المحافظات والمحليات، في شكل منتديات ومؤتمرات محلية، على غرار مؤتمرات الشباب التى يشارك فيها عدد محدود من كل محافظات الجمهورية.
رابعًا: إتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن نفسه وشرح وجهة نظره في لقاءات مباشرة وفى وسائل الإعلام والصحافة.
خامسًا: تشجيع الأزهر والكنيسة للتواصل مع الشباب عن طريق الخطاب الدينى المعتدل، وألا نترك الشباب فريسة للأفكار الهدامة التى تبثها الجماعات المتطرفة، والتى تنتهى به إلى الإدمان والتطرف والعنف.
وأخيرًا، ونحن على أعتاب عام جديد، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحمى مصر وشبابها من كل مكروه وسوء، وأن يجعل العام القادم عامًا سعيدًا على مصر وأهلها، وكل عام وحضراتكم جميعًا بخير.