السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الأفكار التكفيرية لهدم الأمة الإسلامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن من أعظم البلايا التي أبتليت بها أمتنا الاسلامية هي بلوى الأفكار التكفيرية التي ظهرت مبكراً مع فجر هذه الامة وبدأت مع فتنة الأمام علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان – حتى اختلف اتباع الامام علي معه لا يرى رأياً إلا وعملوا على خلافه رفض خدعة معاوية المسماه «التحكيم» فقبلوها وخرجوا عليه قائلين ترفض حكم الله « وحكموا عليه بالكفر» ولما وافق على التحكيم خرجت طائفة أخرى وقالوا ترضى بحكم البشر ولا ترضى بحكم الله وحكموا عليه بالكفر حتى خطب الامام علي رضي الله عنه خطبته الشهيرة «قائلاً»:- «أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم ليس لأنهم أولى بالحق منكم ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم وإبطائكم عن حقي، فلقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها وأصبحتُ أخاف ظلم رعيتي، استنفركم للجهاد فلا تنفروا واسمعكم فلم تسمعوا دعوتك سراً وجهراً فلم تستجيبوا ونصحت لكم فلم تقبلوا استشهد شهودًا كغياب وعبيدا كأرباب أحثكم على جهاد أهل البغي فما أتى على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبأ ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم أقوكم غدرة وترجعون إلى عشية كظر الحية عجز المقّوم وأعضل المقَّوم، أيها الشهادة أبدانهم الغائبة عقولهم المختلفة أهوائهم المبتلى بهم أمراؤهم صاحبكم يطع الله وأنتم تعصونه وصاحب الشام يعصى الله وهم يطعونه لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذه عشره منكم، وأعطاني رجلاً منهم، يا أشباه الأبل غاب عنها راعيها كلما جمعت تفرقت من جانب آخر، من خطب الامام علي في أتباعه.
وحقيقة الأمر هي كما ورد في خطبة الامام علي أن أهل التكفير هم أهل الأهواء لا يجتمعون على أمر يتفرقون ويفرقون أمة الاسلام وهذا البحث ليس بحثاً علمياً دقيقاً لطلب علم أو لمؤسسة علمية ولكن رغم الالتزام بالمعايير العلمية إلا أنه موضوع لتبصره بسطاء المسلمين لخطورة فكر التكفير وأننا نقول بأن الاسلام كما عرّفه النبي (صلى الله عليه وسلم) هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت لمن أستطاع إليه سبيلاً هذا هو حقيقة الاسلام كما عرّفه النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح .. هذا جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم فقد سئل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان – فقال عليه الصلاة والسلام الإسلام .. ما سبق ذكره والإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين وبالبعث بعد الموت والجنة والنار والقدر خيره وشره، أما الإحسان فأجاب عنه النبي صلى الله عليه وسلم «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك».
ويحكم للإنسان بالاسلام بمجرد نطقه الشهادتين وهي شهادة لا إله إلا الله ..محمد رسول الله، ويسمى هذا الإسلام الاسلام الحكمي أي يحرّم الدماء الأموال والاعراض بمجرد النطق بالشهادتين ولذلك عاتب النبي صلى الله عليه وسلم أسامة ابن زيد رضي الله عنه عندما قتل الرجل الذي تشهد بالشهادتين أثناء الحرب وقال له النبي صلى الله عليه وسلم أقتلته بعد أنا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله قال أسامة لقد قالها خوفا من السيف فقال النبي له أشققت عن قلبه؟ يفهم من هذا بأن النطق بالشهادتين يحرّم الدم ويعصمه فهذا هو الإسلام الحكمي فكل من قال لا إله إلا الله محمدا رسول الله يحرّم سفك دمه ولا مجال للجماعات الضالة لتستبيح الدماء والأعراض والأموال بتأويلات باطلة على هواها فترى هؤلاء المجرمين يقومون بتصنيع العربات المتفجرة لتنفجر في عوام المسلمين وتحصد أرواح العشرات والمئات من الذين يشهدون الشاهدتين وربما كانوا أكثر إيمانا ممن وضع لهم المتفجرات ولكن ضال صاحب تأويلات فاسدة فأمثال هؤلاء قتلوا الامام علي رضي الله عنه وهو أتقى أهل الارض آنذاك وهم بتأويلاتهم الضالة يحسبونه كافرا.
وأخطر هذه الفرق الضالة هي فرقة القطبيون نسبة إلى سيد قطب وهو الفكر الذي يعتنقه قيادات جماعة الاخوان الإرهابيين حيث إن المنظر الفكري لهم محمد قطب يقول في كتابه واقعنا المعاصر بأن الناس ينطقون بشهادة لا اله الا الله ولكنهم لا يقومون ولا يعملون بمقتضى هذه الشهادة ويرى بأن الكفار زمن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل حالا من هؤلاء لأن الكفار زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يدركون معنى لا إله إلا الله لذلك رفضوا أن ينطقون بها أما هؤلاء الكفار على حد زعمه فهم يقولون لا إله إلا الله ولكن لا يعملون بمقتضاها فهؤلاء عندكم كفر مركب وهذه هي أكبر الطامات حيث أنهم يشترطون فيمن يحكمون له بالأسلام أن يفهم الايمان حسب فهمهم هم ويزعمون بأن هو الفهم الصحيح للأسلام ويشترطون شرطاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به ولذلك كانت شروطهم في قبول الإسلام بدعاً ظلمات بعضها فوق بعض استحلوا بهذه البدع كل ما هو حرام من سفك دماء واستحلال الأموال والكذب على غيرهم من المسلمين لأنهم حسب فهمهم مسلمون أسماً فقط وهذا الفكر الضال يجعل من يعتنقه يعادي كل ما عداه حتى يكره أباه وأمه وشقيقه ويعاملهم بجفاء وغلظة ولو سألت أحدهم عن سبب ذلك قال لك «قال تعالى:- لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أبائهم أو أبنائهم أو اخوانهم أو عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروحٍ منه.. الآية (المجادلة : 22).
وهكذا في مغالطة فكرية ضاله يسقطون كل أحكام الكفر والكافرين على المخالفين لهم في فهمهم السقيم.
وهذا الفكر ربما يظن الظان أنه بعيد عن فكر الخوارج الذين وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم كلاب جهنم وبأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وقال عنهم صلى الله عليه وسلم هم شر قتله تحت أديم السماء طوبى لمن قتلوه أو قتلهم والاحاديث في ضلال الخوارج كثيرة وأكبر ظواهر الخوارج بأنهم يكفرون مرتكب الكبيرة ويقولون بأن إذا مات ولم يوفق للتوبة من الذنوب الكبيرة وهو كافر مخلداً في نار جهنم وهم على خلاف المذهب الصحيح مذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون بأن مرتكبي الذنوب من هذه الامة كبيرها أو صغيرها ومات قبل التوبة منها فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ومآلهم جميعاً إلى الجنة إذ لا يخلد في نار جهنم إلا الكفار – ولكن الخوارج يرون بأن مرتكب الكبيرة من الذنوب مخلدا في نار جهنم مع الكفار سواء – وهؤلاء القطبيون إذا سألت أحدهم عن عوام المسلمين في الشارع يقول لك بأن متوقف في حكمه بمعنى أنه لا يحكم لعوام المسلمين بالاسلام ولا بالكفر ولكنه يتوقف في أمرهم فإذا قلت له لو مات هذا الشخص الذي تتوقف في الحكم عليه هل ستصلي عليه؟ قال: لا وإذا سألته عن مصيره هل هو من أهل الجنة أي من أهل الايمان قال لا : لا فتجده متفقا مع الخوارج في الحكم على الناس بالنار في الآخرة وهذا حكم ظالم لأن الناس يحكم لهم بالاسلام بمجرد النطق بالشهادتين ولا يحق تجرديهم من الاسلام بعد أن نطقوا بالشهادتين وان بهم معاص وجهل وأما فهم الاسلام فليس كما يفهمه هؤلاء القطبيون فإن الإسلام هو دين الاميين قال تعالى: هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم. وقوله تعالى: الذين يتبعون الرسول النبي الأُميَّ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر... الآية سورة الاعراف (157) .
ففهم الرجل الأمي للدين هو المقبول عند الله سبحانه وتعالى وما زاد عن فهم الأميّ فهي زيادة فضل أي زيادة في إيمان الفرد، أما الواجب المطلوب تحقيق فهو الفهم البسيط لمسائل الإيمان والإسلام التي تكون في متناول فهم الرجل والمرأة الأميين الذين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة وبمثل هذه البساطة يتحقق إيمان المرء وإسلامه وفيما زاد عن ذلك فهي زيادة في الفضل، ومن خلال هذا الفهم السقيم هذه الجماعات يتقلص الإسلام من دين عالمي يعتنقه قرابة ربع سكان العالم إلى دين يعتنقه بضعة آلاف هم أفراد هذه الجماعة وهذا الدين العام للأنس والجن له سياسية لاستعاب الآخر والتعايش معه تجده دين انعزالي يعيش في كنتونات هذه الجماعات المجهرية وفي حالة خصومة مع الكون كله ويعيش أفراده في أحلام اليقظة رغم تقدم سنهم فهم يعيشون كجماعة صفوة جماعة ايمانية ترتقي بإيمانها عن باقي افراد المجتمع البهيمي الحيواني على حد توصيفهم للاغيار فكل ما عداهم فهو عدو لهم لا يزيد عن كونه حيوانا ناطقا لا يستحق أن يكون له حق الحياة فيستبيحون قتله أو نهب ماله أو الكذب عليه فهو عندهم أشر من الحيوان متناولين قوله تعالى «إن هم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً» فهذه هي نظرتهم للغير أو للأغيار ولذلك أجمع كل الناس باستكبار هذه الجماعات وغرورها وتعاليهم على المخالفين لهم وإزدرائهم واستحقارهم للغير مأخوذ من هذا المنطلق الخاطئ والفهم السقيم للمخالفين لهم بأنهم «كالأنعام بل هم أضل سبيلاً» من خلال هذا الفهم الخاطئ يقعون في كل المحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالى وأخطرها سفك الدماء بغير حق وتفريق أمة المسلمين وذرع الاقتتال الطائفي والداخلي فيما بينهم ويمزقون وحدة المسلمين وهم عوامل هدم لوحدة الأمة والصواب أن يراجعون فهم وعقيدتهم في المسلمين الذين يكفرونهم ويستبيحون دماءهم ويفرقون وحدتهم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال وعليهم أن يتخلوا عن هذا الفهم السقيم والغلظة على المسلمين وان الله سبحانه توعد هذه الجماعات بالخزي والخذلان والهلاك ولن تنتصر في يوم من الأيام على دين الحق وسوف يهلكهم الله سبحانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا عليهم وأخبرنا بأنهم شر قتلة تحت أديم السماء ومن دعا عليه نبينا فلن يفلح إذاً أبداً حتى لو تجيشت تحت رايته كل جيوش الأرض كما أنهم يوم القيامة سوف يسألون عن دماء سفكت حراما واعراض واموال استباحوها بغير حق وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وإن علمهم الذين يدرسون علمٌ لا ينفع بل هو مضر بهم أشد الضرر فقد زين لهم الشيطان أعمالهم. وسوف يندمون حين لا ينفعهم الندم.