الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

باحثة مسيحية: نحتاج لإصلاح ديني تقوده امرأة

 مارسيل فؤاد الباحثة
مارسيل فؤاد الباحثة المسيحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحارب مارسيل فؤاد الباحثة المسيحية بقوة نحو حصول المرأة المسيحية على حقوقها، وعلى رأس ذلك رسامتها قسيسة، مارسيل فى كل كتابتها، وأبرزها كتاب «لماذا تزعجون المرأة؟» وكتاب «الله والمرأة والآخرون» تعتبر هذه القضية قضية حياة.
منذ طفولتها كتبت على غرفتها «غرفة القس مارسيل»، ولذلك قصة طريفة ترويها قائلة «منذ الطفولة شعرت بدعوة، فأنا ولدت فى بيت مسيحيّ إنجيلى مُتدين تقليدى يزوره بانتظام قساوسة من معظم الطوائف ويذهب معظم أفراد العائلة إلى الكنيسة يتعبدون، وفى زيارة لأحد القساوسة لمنزلنا تجمعت العائلة حوله وفى نهاية الزيارة كان عليه أن يرفع صلاة لأجل العائلة كما هى العادة وبعد أن انتهى التفت إلى الأطفال وكانوا جميعًا من الذكور ما عدا أنا أنثى وتنبأ قائلًا لأبى إنّ الربّ سيختار من أبنائك خادمًا ( قسيسًا) للربّ.
انفعلت بهذه النبوءة واعتبرت أنّ الربّ يُشير إليَّ فكتبت على باب غرفتي (غرفة القس مارسيل) إلّا إنّ والدى لم يلتفت لهذا الأمر لأنّه بحسب تكوينه يعتقد أنّ المرأة لا يمكن أن تكون شيئًا مهمًا وفاعلًا فى المجتمع العام أو الكنسيّ. وكنت أقرأ الكتاب المقدّس بانتظام منذ طفولتى «كلّ آية كنت أقرأها فى الكتاب المقدّس كانت ترسم لى ملامح الله، كان الله هو الخيال والملجأ فرسمت له صورة جميلة فى أحلامي». لكن بعد أن كبرت وبدأت فى قراءة التفاسير العنصريّة الخاصة بالنصوص الدينيّة عن المرأة أعلنت بوضوح «إنّ هذه التفاسير شوهت صورة الله عندى وأصبح الله أقرب لصورة أبى الذى يميز بينى وبين إخوتى الذكور، وهكذا صار الله عدوًا لي. «شعرت بالتميز بينى وبين إخوتى الذكور ثم وجدت التميز فى المجتمع ثم الكنيسة، وهذا كان له الأثر الأكبر أن يكون الله نفسه يوافق على هذا التميز والظلم عندما علمت بعد دراسة اللاهوت أن ليس من حقى أن أكون راعية قسًا لمكان حتى لو كنت مدعوة من الرب لهذا الدور وحتى لو قمت بكل ما يؤهلنى له فكونى امرأة هذا يكفى ليجعلنى غير مؤهلة لذلك قررت أن علينا كنساء أن نتعامل مع الرب مباشرة ونراجع كل التعاليم والتفاسير التى تأتى لنا بواسطة الرجال فلا يوجد وسيط بين الناس والله غير يسوع المسيح فهو لنا المثال والروح القدس هو المعلم والمرشد لنا فى كلمة الله فالله يتكلم معنا أيضًا وأرسل الروح القدس لنا أيضًا لذلك نستطيع أن نعرف كلمة الله مباشرة من الله ورحه بدون أى تشويه.
> لماذا أصبحت قضايا المرأة واللاهوت محل اهتمام عالمى حاليًا؟
أعتقد أن قاسم أمين بك أعطى الإجابة الوافية عن هذا السؤال فى كتابه «المرأة الجديدة»، حينما قال «اختفت المرأة القديمة تلك الذات البهيمية التى كانت مغمورة بالزينة متسربلة بالأزياء منغمسة فى اللهو.. وظهرت المرأة الجديدة شقيقة الرجل وشريكة الزوج ومهذبة النوع».
ومن وجهة نظرى فشل المجتمعات التى قامت باستبعاد المرأة من الساحة العامة، حيث ظهرت فى هذه المجتمعات العنف والتحرش وأحادية النظرة التى لا تمثل الإنسانية، والتى لها عينان هما المرأة والرجل. أمّا عن بيت الله «الكنيسة» أو الفكر اللاهوتى لا يختلف كثيرًا عن ما قلت، فالله يعطى جماعة المؤمنين مواهب ليست حكرًا على مجموعة منهم أو على الرجال دون النساء. 
« وَلكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ». (أف4:7)،(1كو12: 28) « فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِى الْكَنِيسَةِ: أَوَّلًا رُسُلًا، ثَانِيًّا أَنْبِيَاءَ، ثَالِثًا مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُوَّاتٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَانًا، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ». 
كلمة أُناسًا تعنى الإنسان بنوعى جنسه، لذلك منطقى أن تكون إجابة سؤال، على أيّ أساس يختار الله الإنسان للخدمة؟، على النوع أم الموهبة؟، تكون الموهبة فنجد أنّ معاملات الله مع شعبه كان يختار الموهبة، فلا يهم أن يكون المستخدم ذكرا أم أنثى، غنيًا أو فقيرًا، أبيضًا أو أسمر ولكن المهم المقدرة والقدرة على العمل وحمل الرسالة وهذا منطقى مع فكر الكتاب.
لذلك كان لا بد من ثورة لإصلاح المجتمع الدينى الذكورى الأبوي، الذى يرسل رسائل مباشرة للتميز بين الجنسين وتقديس جنس عن جنس وتصل الرسائل لإقصائها، وهى أن الله ذكر لذلك يشترط أن يكون خدامه من الذكور.
> هل هناك علاقة بين انتشار فكرة النسوية والمطالبة بحق المرأة فى أن تكون قسيسة؟
لا.. لأن عدم وجود قساوسة نساء كان صادما وغريبا، بالنسبة لى قبل أن أسمع حتى عن الأفكار النسوية، ولكنها بكل تأكيد لها دور تنويرى وثورى امتد حتى إلى الكنيسة. لذلك قررت أن أعيد كل التفاسير التى تخص المرأة وأطرح النظرة الإنسانية للنص وليس النظرة الذكورية الأحادية المنحازة، وقد ثبت لى أن الذكور استخدموا النصوص الإلهية لخدمة مصالحهم ونشر وهم التميز الذكورى عن طريق نص إلهى حتى يصعب مراجعتهم، وأشارت مارلين ستون فى كتابها يوم كان الرب أنثى لنقطة مهمة، وهى استخدم الرجال الدين للتحكم فى النساء، حيث قالت «يتمتع الرجل بامتياز كبير وهو أنه يملك ربًا يصدق على القانون الذى يكتبه، وبما أن الرجل يمارس سلطة حاكمة على النساء فمن صالحه أن تكون هذه السلطة موهوبة له من الكائن الأعلى، فالرجل.. هو سيد بموجب حق إلهى لذا الخوف من الله يقمع أى نزوة تمرد لدى الأنثى المسحوقة»، إذا فكرة احتكار الدين واللاهوت على الرجال هو المسبب الأول والأقوى لقهر المرأة. 
> لماذا لم يطرح لوثر وكالفن موضوع رسامة المرأة قسيسًا؟
يجب أن نعلم أن عدم الاحتفال بإصلاحات فكرية جديدة داخل الكنيسة هو احتفال لإبليس بتخريب فيها، ومتيقنة أننا نحتاج لإصلاح دينى تقوده امرأة، لذلك على الكنيسة المصلحة احتواء الثورة النسائية القادمة ليصبح إصلاحًا فكرًا وليس انقسامًا جديدًا فى طوائفها، فالكتاب والتاريخ يؤكد عندما تضطهد الكنيسة تدفع النساء كالرجال (أع 8:3) فبولس كان يجر النساء للسجن مثل الرجال. فلماذا فى وقت استقرار الكنيسة لا يكون مساواة فى الفرص للخدمة المعترف بها والمدعمة من خلال المجامع للمرأة مثل الرجل؟!، والسؤال الإصلاحى الكبير لماذا تصرون على أن تكون المؤسسات الدينية مؤسسات ذكورية؟ 
> ما أهم المشكلات التى تعانيها المرأة الشرقية المسيحية؟
من وجهة نظرى ومن خلال تجاربى وتجارب المحيطين ولأنى نشأت فى أسرة مؤمنة وجدت أن الفهم الدينى الخاطئ هو السبب الأول والأقوى لمعاناة المرأة، لأنه يقنعها أنها إرادة الله لها هو الخضوع والحياة البهيمية التى تفرضها عليها التفاسير الذكورية مثل أن العمل خاص بالرجل كما جاء عن آدم، أما المرأة عليها أن تكتفى بالإنجاب والبيت، وكما وصفت سيمون دى بفوار هذه الأعمال حيث قالت «يفرضون عليها الأعباء الرتيبة التى لا تخلق العظمة وعلو النفس، أنها لا تنتج إلا الوسائل كالأكل واللباس وهذه الوسائط غير جوهرية بين الحياة البهيمية والوجود الحر» فهى تقوم بأعمال لا يحترمها المجتمع ويعطى عنها أقل الأجور ولا تحتاج لتعليم.
> وماذا عن النظرة حول كونها سبب الخطيئة؟
لقد قدمت محاضرات فى إحدى كليات اللاهوت عن إشكالات المرأة فى العهد القديم، ومنها هل حواء هى من أخرجت آدم من الجنة؟! وأثبت من خلال هذا البحث أن آدم هو المسبب الأول للسقوط وكان صدمة للطلبة، ولكن تم إثبات الفكرة كتابيًا. 
السبب الأول للسقوط والسؤال الأصح والأسبق: كيف وصلت الحيّة إلى حواء؟! من (تك 2: 15): «وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدم وَوَضَعَهُ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا» نستنتج الآتي:-
‌أولا: وفقًا للمعجم فى العبرى بالعهد القديم أنّ كلمة يحفظها تعني: «يحفظ، يراقب، يحرس».نفس الكلمة التى استخدمت فى تك٢٤:٣وتنطق (لشمور)(וּלְשָׁמְרָהּ) اختلاف التصريف وبناء عليه فالمسئول عن حراسة الجنة هو آدم حسب نصّ الآية والتفسير.
‌ثانيا: فشل آدم فى حماية الجنة من منع دخول الشيطان كما أمره الله (لم يأمر حواء لأنها لم تكن ظهرت لأن حواء لم تكن خُلقت بعد آدم كان مع حواء عندما جربها الشيطان (تك3: 6) «فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ..» فهى لم تبحث عنه حسب الآية والدليل أنّه لم يجادلها ولم يمنعها فواضح أنّ الحوار كان أمامه.
فالسيناريو الذى حدث مع الله وآدم وحواء مهم لأنّه يثبت كذب التقليد والمشاع عن القصة. ومن (تك 3: 1): «كَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِى عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» ؛ فالحيّة كانت فى البريّة، فكيف دخلت الجنة؟! كما أنَّه من غير المنطقى أن يُدخِل الله الشيطان إلى آدم وحواء ! لأنّ الحيّة هى الشيطان «الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِى يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ» (رؤ12: 9، 20: 2). 
- وهناك فرق بين كلمة «جنة» وكلمة «برّيّة»:
وأعتقد أنّ الكتاب المقدّس يؤكد على نقطة واحدة وهى أنّ الخطية دخلت للعالم بواسطة آدم وليس حواء. 
- ذكر آدم مرتين فى العهد القديم كسبب فى السقوط:
(أى 31: 33): «إِنْ كُنْتُ قَدْ كَتَمْتُ كَالنَّاسِ» و«ذَنْبِى لإِخْفَاءِ إِثْمِى فِى حِضْنِي» (هو6: 7) «وَلكِنَّهُمْ كَآدَمَ تَعَدَّوْا الْعَهْدَ». والعهد الجديد يؤكد أنّ سلوك آدم أتى بالخطية إلى العالم:
(رو5: 12): «مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَم، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ». وفى (رو5: 14): «لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدم إِلَى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّى آدم».
و(1كو15: 22): «لأَنَّهُ كَمَا فِى آدم يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِى الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ...».
> لماذا لا يوجد اهتمام كاف بقضية الميراث فى المسيحية؟
لأن القادة الدينيين رجال ومن مصلحتهم اغتصاب ميراث المرأة وحقوق المرأة لا تأتى إلا من خلال المرأة، إن المجتمع العبرانى عاش فى جهل لسنوات طويلة لا يعرف هذا الفكر من جهة الميراث ولا يطبقه إلا بفضل بنات صلفحاد الذى رفضنا الظلم، فقد عاش كل الشعب بما فيهم القائد الروحى موسى فى استسلام كامل للأعراف البشرية دون أن يتساءل عن فكر الله فيها. حتى وقفت تلك البنات وامتلكن الثقة والجرأة فى التمسك بما لهن، كان الله ولا يزال ينتظر أشخاصًا لا يستسلمون لآراء المجتمع وتقاليده ويطلبون فكر الله بكل أمانة.فقد قال أحد البطاركة القدامى فى مسألة الميراث «إن الله يحاسب الرجل مثل المرأة.. فلماذا نحن فى الأرض لا نساوى بينهما».. إن العقيدة المسيحية قد رسخت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، دون أى تفرقة.
يشهد الكتاب عن حق المرأة فى الميراث فمثلًا أعطى أيوب ميراثًا لبناته (أيوب 45:15) (ولم توجد نساء جميلات كبنات أيوب فى كل الأرض وأعطاهن أبوهن ميراثًا بين إخوتهن).
> اعتمدتى فى كتابك كثيرًا عن سيمون دي بوفوار وهى وجودية لإثبات حقوق المرأة.. فهل لا يوجد فى التراث المسيحى نماذج طلبن بحقوق المرأة؟
لأنها كشفت السبب الأساسى وراء ظلم المرأة فى أقوالها وأهمها ككتب عن المرأة من قبل رجال يجب أن يثير الشبهات لأنهم خصوم وحكام فى الوقت ذاته وقد سخروا اللاهوت والفلسفة والقوانين لخدمة مصالحهم. 
> هل يمكن اعتبار أن بولس الرسول هو عدو للمرأة فى المسيحية؟
لا.. عدو المرأة الحقيقى هو المرأة نفسها، عندما لا تراجع التفاسير بنفسها وتدرس وتفحص كما فعل أهل بيرية كما قال الكتاب وتصدق على تفاسير ذكورية على أنها كلام الله والدليل الخادمات التى شهد لهم فى مشاركتهن له فى الخدمة كثيرة هى تلك الشخصيات النسائية التى خدمت مع الرسول بولس، سواء بخدمة عملية أو بخدمة رسمية فلا يناقض الرسول نفسه أو يقول ما لا يفعله. ومنهن أذكر..
فيبي: التى هى خادمة (diakonos) الكنيسة التى فى كنخريا (رو1:16). ومن الملاحظ أن كلمة «diakonos» فى الأصل اليونانى لا فرق فيها حين استخدمها الرسول بولس لوصف تيموثاوس وفى وصفه لفيبي، فهى فى الموضعين تأتى فى صيغة «المذكر» فرغم أن فيبى كانت امرأة، إلا أن اللقب الذى يعطيه لها الرسول هو فى صيغة المذكر، لأنه لقب يستخدم لرتبة كنسية وليست لمهمة وقتية عابرًا مثال بريسكلا. 
ويونياس: ويعتقد الكثير من الدارسين أن «يونياس» هذا إنما هو فى الأصل اليونانى اسم امرأة بل أشهر رسوله نسائية! ويعلق على ذلك الخورى بولس الفغالى بقوله:
«وقد ذكر اسم يونيا (يونياس) فى عملية تناقل النصوص، لأن الكتبة لم يكونوا قادرين ربما على تصور أن بولس قد أعطى لقب رسول لامرأة. فقول بولس إنهما مشهورون بين الرسل يعنى أن المرأة كما الرجل كانت تعلن الإنجيل». 
ويقول الأب متى المسكين إن القديس يوحنا ذهبى الفم أقر بأن «يونيا» هذه امرأة ورسوله بالفعل، وقال عنها:
«أن تكون رسولًا فهذا بحد ذاته شيء كبير، ثم أن تكون بين الممدوحين هنا فهذا تمجيد عظيم..
> وما التفسير الصحيح لآيات كتبها تطالب بسكوت المرأة فى الكنيسة؟
فكلمت تصمت sigao هى كلمة يونانية مفتاحية للنص ذكرت فى عدد 34، والتى وردت ثمان مرات فقط فى العهد الجديد، ومن خلال استخدمها نعرف أنها لم تشر إلى الصمت التام إنما المؤقت أى بمعنى سكوت الاحترام وعدم مقاطعة أحد فى الحديث، فهى تشير للهدوء وليس الصمت، كما لم يأمر الرسول بولس النساء وحدهن بالصمت فى الكنائس؛ فقد أمر من قبلهم المتكلمين بألسنة دون وجود ترجمة أن يصمتوا (آية28 ) وهذا يعنى أن الحديث له علاقة بالتنظيم وعدم التشويش.
كما أنه قد أشار قبل ذلك إلى وجود نبيات (1 كو15:11)، فهل قضى الرسول بولس يسهب وينظم كيفية تتنبأ المرأة فى الكنيسة فى (1 كو11)، لكى ما يمنع ويلغ ذلك فى (1كو14)؟! فليس معقولا أن تتكلم امرأة بكلمة الله ويمنعها الرسول لأن جريمتها أنها امرأة!
فعلينا كنساء أن نتعامل مع الرب مباشرة ونراجع كل التعاليم والتفاسير، التى تأتى لنا بواسطة الرجال، فلا يوجد وسيط بين الناس والله غير يسوع المسيح فهو لنا المثال والروح القدس هو المعلم والمرشد لنا فى كلمة الله، فالله يتكلم معنا أيضًا وأرسل الروح القدس لنا أيضًا لذلك نستطيع أن نعرف كلمة الله مباشرة من الله بدون أى تشويه.
كما أنه كيف أن الرسول كان يعنى بآيات الصمت أن تمتنع المرأة عن الكلام فى الكنيسة، وهو الآن يحيى امرأة على إقامتها كنيسة، وما هى الكنائس فى عهد الرسل إلا بيوت لأشخاص خاطروا بحياتهم ليجتمع المؤمنين معًا رغم رفض المجتمع واضطهاده لهم؟ وما هى هذه الكنائس إلا بيوت باسم نساء بيت مريم (أع12:12) (ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون). فهم أو من فتحوا بيوتهم لرسل الرب فى أصعب أوقاتهم وهو وقت خروجهم من السجن مثل ليدية (أع 16:40) (فخرجا من السجن ودخلا عند ليدية، فابصرا الأخوة وعزياهم ثم خرجا).
> وكذلك وضع غطاء الرأس؟
رفضى لغطاء الرأس لا يعنى التمرد ورفض الخضوع بالمعنى الصحيح ولكن لأنه ينتج مشاعر سلبية وبالتأكيد هذا الكلام قد يكون لم يخطر ببال مفسر من مفسرين لهذا النص، لأنه لم يضع نفسه مكان المرأة لو للحظة صغيرة، ولكن هذه هى مشاعر المرأة التى تقدر قيمتها جيدًا وتكون دارسة لكلمة الله فغطاء الرأس له معانٍ سلبية لها جذور فى كلمة الله وثقافة المجتمع، فغطاء الرأس يشير إلى الخزى والخجل (إر3:14) (..خزوا وخجلوا وغطوا رؤوسهم) فهذا ما فعله أهل يهوذا عندما ذهبوا ليحضروا ماء فى وقت القحط ولم يجدوا، فغطاء الرأس يشعر المرأة وكأنما بها عيب أو مهزومة يضعها فى قالب الكسوف والخجل ويصنع منها شخصية ضعيفة فهو لا يتوافق مع الشخصية الجريئة القوية الواثقة.
كما أنه يعبر عن الحزن والانكسار فهذا ما فعله داود عندما هرب هو ورجاله عندما هربوا من وجه ابشالوم ابنة (2صم30:15) (أما داود.. كان يصعد باكيًا ورأسه مغطى. وجميع الشعب الذين معه غطوا كل واحد رأسه وكانوا يصعدون وهم يبكون) وايضًا هامان يوم هزيمته (أس12:6) (..نائحًا ومغطى الرأس) فغطاء الرأس يعبر عن الهزيمة والحزن وهذا لا يتوافق مع وصية الرب (1تس16:5) (افرحوا كل حين). وهذا أمر كتابى يملأ الكتاب المقدس من أوله إلى آخره ويتعارض حياة النصرة التى نعيشها مع الرب.
كما أن غطاء الرأس يحمل معنى الإحساس بالذنب وعدم الاستحقاق (تك15:38) (فنظرها يهوذا وحسبها زانية. لأنها قد غطت وجهها)، ففى الأغلب فى ذلك الوقت كانت تغطى العاهرات رءوسهن ومن الملحوظ تغير عادات المجتمع فبرغم من أن العاهرة كانت تعرف قديمًا عندما تغطى وجهها نجد فى أيام الرسول بولس يحدث العكس تعرف العاهرة عندما تكون مكشوفة الرأس. لهذا لا ينبغى أن نبنى مبادئ كتابية وتفاسير بدون معرفة الخلفية التاريخية وزمن الكتابة لها وإلا نكون نكتسب تعاليمنا من تقاليد وعادت مجتمع وليس كلمة الله لأنه بالتأكيد هذه العادات والتقاليد لا تصلح فى مجتمع آخر بل ممكن تكون النقيض تمامًا لأخلاقيات هذا المجتمع أو العصر فحينئذ نكون أهانا كلمة الله لأنها لو حقًا كلمة الله كانت لا بد أن تكون صالحة لكل زمان ومكان.
بجانب أنه عادة مجتمعية فى زمن معين وعندما طلب الرسول هذا لم يكن شيئا مفتعلا أو سلوكا جديدا لذلك هو لم يطلب منها أن تفتعل سلوكًا غريبًا عن العادات الشائعة فالمرأة المسيحية اليوم لا ترتدى غطاء فى حياتها العامة لذلك ليس منطقي أن تفتعل هذا السلوك الذى أصبح لا يعبر عن طبية حياتها ولا حتى عن الخضوع فهناك سلوكيات عصرية وعملية وحقيقية تظهر الخضوع والاحترام للرب والزوج مثل الصوت الهادى والابتسامة الرقيقة وحسن الاستماع لذلك فمادامت الكنيسة موجودة فى مجتمع تغيرت فيه التقاليد وصار المعتاد هو عدم تغطية الرأس فى الأماكن العامة أو الأماكن الموجود بها رجال، فلا يكون من الملزم للمرأة أن تفتعل شيئًا خارجيًا.