السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مأساة «الدراسات الإعلامية»!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع وجود أكثر من ٣ ملايين طالب بالجامعات المصرية، سواء كانت جامعات حكومية أو خاصة وفقًا للإحصاءات الرسمية من وزارة التعليم العالي، فإن قضية الاهتمام بالتعليم ودوره وما يمثله من خطورة، يصبح - بلا شك - في مقدمة اهتمام الحكومة والقيادة السياسية الحريصة على النهوض به وتطويره بما يتناسب مع متغيرات العصر الذى نعيش فيه خاصة وأن خريجى الجامعات المصرية هم كتلة مؤثرة في سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية أيضا، ولا يختلف أحد على هذا بأى حال من الأحوال وينبغى مراجعة كل المناهج الدراسية وفقا للضوابط والمعايير العالمية خلال عام 2020، وهذا ما أكد عليه وزير التعليم العالى خالد عبدالغفار خلال المؤتمر العلمى الثالث للجنة قطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلى للجامعات تحت عنوان «تطوير الدراسات الإعلامية وتحديات التوظيف».
ولكن في الحقيقة أن الواقع يقول إنه ليست هناك ممارسات تتم على أرض الواقع من أجل تطوير الدراسات الإعلامية في بلادنا العربية لاسيما مصر فنحن لا نزال نعتمد على نظريات إعلامية أجنبية غربية ونكتفي بتطبيقها في بلادنا منذ أكثر من 50 سنة ولم نقم بتطوير هذه النظريات أو تأسيس وإعداد نظرية إعلامية عربية أو مصرية تناسب القيم العربية والمجتمعية الأصيلة ولكننا نسرع إلى ترجمة ما يقدمه لنا الغرب من نظريات ودراسات ومداخل ورؤى فقط إلى اللغة العربية ونطبقها بشكل عشوائى في مجتمعاتنا التى تختلف تماما عن المجتمعات الغربية في كل شيء أهمها التقدم الثقافى والاقتصادى لصالح هؤلاء البلدان، حتى صارت الدول العربية لاسيما مصر بدون نظريات إبداعية أو بدون أفكار نقدية في الإعلام فأصبحنا «نحفظ أكثر مما نفهم» أو نتجرع النظريات الغربية دون أن نحاول بناء نظريات إعلامية جديدة تنبع من أفكارنا وهويتنا العربية ويترتب على ذلك حصول الطلاب على درجات علمية دكتوراة أو ماجستير في الإعلام ليست لها قيمة كبرى بالمقارنة بالعلوم الإنسانية الأخرى حتى صارت الدرجات العلمية في مجال الإعلام على وجه التحديد أسهل من الحصول على الليسانس أو البكالوريوس في الإعلام.
وأصبحت بعض الترقيات الجامعية في الإعلام يشوبها المجاملات والعلاقات الشخصية أكثر من جودة البحث نفسه ومن ثم تجد من يتجه لعمل دراسات عليا في الإعلام ويحصل على الماجستير والدكتوراة بعلاقاته ثم يصبح دكتور جامعى بعلاقاته أيضا مع القائمين على أمر الجامعات الحكومية والخاصة وكم من شخص نفاجأ بحصوله على درجة الدكتوراة في غفلة من الزمن ويصبح مسئولا عن تعليم جيل كامل من الطلاب في مرحلة البكالوريوس!
الأمر الآخر أن انشغال أساتذة الإعلام في مجتمعنا في أكثر من عمل في الوقت نفسه كمستشار إعلامى لوزير ما أو جامعة خاصة ما أو محاضر في أكثر من جهة خاصة عربية وأجنبية أو ضيف دائم في البرامج الفضائية أو عضو في الهيئات الصحفية أو مناقشا ومشرفا لعدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراة يوميا بشكل يثير العديد من التساؤلات مثل كيف يستطيع أستاذ جامعى قراءة أكثر من رسالة يوميا ووضع ملاحظاته عليها والأمر الثانى هو السرعة في إنجاز هذه الرسائل من قبل الباحثين الذين ينجزون الرسالة في أسرع وقت على مستوى العالم!
الأمر الآخر هناك تحديات تواجه تطوير الدراسات الإعلامية منها عدم ربط الدراسات الإعلامية بالواقع العملى لهذه الدراسات ولابد من مواجهة هذه التحديات - كما قالت د.هويدا مصطفى عميد إعلام القاهرة - من خلال ضرورة التحديث الدائم في لوائح التدريس الإعلامي، وتطوير نظم الدراسات العليا في مجال الإعلام، للتجاوب مع الملامح المعاصرة لسوق العمل الإعلامي، وخلق فرص عمل لتشغيل الخريجين من ناحية، وتعظيم استفادة الدولة من بحوث ودراسات الإعلام من جهة أخرى!
كما أن الدراسات الإعلامية بحاجة إلى ربطها بسوق العمل ومتطلباته وتحدياته بحيث يكون المنتج النهائى هو طالب مؤهل للعمل فعلا في سوق العمل بإمكانيات عالية وتدريب كاف وتنمية مهارات مطلوبة في سوق العمل الإعلامى والذى يشهد تطورا يوميا في كل مجالاته لاسيما في مجالات التسويق الإلكترونى والتواصل بين البشر في كل أنحاء العالم وخطورة الكلمة والحرب النفسية التى تمارس بين الدول من خلال الإعلام والذى أصبحت الكلمة التى تنشر أو تبث من خلاله أشد تأثيرا من الحروب العسكرية ومن ثم لا بد أن تعد الكليات الإعلامية الحكومية الخاصة نفسها لهذا الأمر بالإمكانيات اللازمة ولابد أن يتم رقابة الجامعات الخاصة والحكومية رقابة صارمة لما لهذه الجامعات الخاصة من أهداف ربحية في المقام الأول مما يجعل معظمها لا يلتزم بتنمية مهارات خريجيها من الإعلاميين الشباب.. مصر في حاجة إلى ضمير وأمانة وانتماء وحب الوطن وليس أى شيء آخر!