الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أول رئيس لهيئة الرقابة المالية يكشف كواليس إنشائها لـ"البوابة نيوز".. زياد بهاء الدين: دمج الجهات الرقابية غير المالية في كيان واحد أكبر تحد واجهته في حياتي.. والعملية استغرقت عامًا كاملًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالرغم من تقلده مناصب حكومية مهمة كوزير للتعاون الدولي ونائب لرئيس مجلس الوزراء ورئيس لهيئة الاستثمار، إلا أن ترؤسه للهيئة العامة للرقابة المالية كان التحدي العملي الأكبر في حياة الدكتور زياد بهاء الدين أول رئيس للهيئة العامة للرقابة المالية منذ إنشائها بالقانون رقم 10 لسنة 2019.
كشف "بهاء الدين"، في حواره لـ"البوابة نيوز" فكرة دمج ثلاث جهات رقابية مالية في كيان واحد وكيف تغلب على الصعوبات والأزمات ومواجهة حدوث أزمات مالية مستقبلية.. فإلى نص الحوار:

كيف جاءت فكرة إنشاء الهيئة العامة للرقابة المالية ودمج ثلاث قطاعات كبيرة؟
بدأ التفكير في إنشاء كيان موحد يجمع الأنشطة المالية، كتوجه عالمي منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2008، وبالتالي كان التفكير العالمي هو إيجاد حلول للحد من الأزمات المالية المستقبلة،منها تشديد الرقابة على البنوك والحد من الجرائم المالية،وجزء من النقاش الدولى هو إعادة هيكلة الرقابة على المؤسسات المالية، وكانت بريطانيا سبقت العالم ودمجت كل هيئات الرقابة المالية لديها في كيان واحد بما فيها البنك المركزي، ثم بدأ العمل في مصر على إنشاء كيان رقابة مالى واحد تمت دراستة بشكل مستفيض، وتم الاستعانة بخبراء من جميع أنحاء العالم وشاركت أنا بشكل شخصي في هذه المناقشات قبل أن أصبح رئيسا فيما بعد للهيئة، واستمرت المناقشات ما بين عامي 2018 و2019، وانتهينا إلى عملية الدمج لكن يفضل أن يظل في المرحلة الأولي على الأقل الجهاز المصرفي ككيان ومستقل وباقي الأسواق المالية الغير مصرفية في كيان واحد.


وما مميزات دمج القطاعات المالية في مصر؟
في مصر كانت هناك 3 هيئات قائمة هما سوق المال، والتمويل العقاري، والتأمين، فعملية الدمج في مصر كانت لها 3 مميزات،أولا ستؤدي إلى وجود مؤسسة كبيرة قوية وبالتالي قادرة على جلب خبرات أكبر، كما أنه من دروس الأزمة المالية العالمية أن أسوأ دروس الجرائم والمشكلات تأتي من المساحات الغامضة، وهل التمويل من سوق المال أو من تمويل آخر؟ وهل هذه وثيقة تأمين أم أنه نوع من القرض العقاري المرتبط بوثيقة التأمين، الإنجليز يشبهون هذه الأمور بفتافيت الخبز التى تقع دون أن يشعر بها أحد وبالتالي دمج هذه القطاعات في كيان واحد يغلق هذه المساحات الرمادية،ويحدث نشاط تمويلي.


لماذا لم يتم إنشاء جهة رقابية موحدة للتمويل المصرفي وغير المصرفي أسوة بدول العالم؟
الفلسفة كانت على أساس أن البنك المركزي جهة مصرفية قوية ومستقرة وبالتالي لا تحتاج إلى تنظيم جديد، بينما الهيئات الثلاثة الأخرى تحتاج إلى تنظيم جزري.

وما التحديات والصعوبات التى واجهت عملية الدمج؟
عملية الدمج تمت على مرحلتين، المرحلة الأولى بدأت بإعداد التشريع، وهذا يعني أن هناك دراسات تتم وهناك قانون يتم كتابتة ومذكرات إيضاحية، بجانب إقناع الدوائر الحكومية، ثم المناقشة في مجلس النواب.
واكتملت هذه المرحلة وصدر القانون رقم 10 سنة 2009 بإنشاء هيئة الرقابة المالية، بدءًا من 1 يوليو 2009 كلفت برئاسة هذه الهيئة، وكان هنا التحدي الأكبر لي في حياتي العملية، هو تنفيذ هذا الأمر على أرض الواقع، فالأمر ليس مجرد دمج ثلاثة هيئات حكومية في كيان واحد خاصة وأن عملية الدمج في القطاع الحكومي لم تكن مألوفة في ذلك الوقت كاندماجات القطاع الخاص، كما أن الدمج كان عضويا وليس شكليا بأن تظل كل الجهات مستقلة وتحت مظلة واحدة، بل كان الدمج في كل شيء، نظام وظيفي، نظام تمويلي، نظام رقابى، ونظام أمني واحد، الصعوبة الأخرى، هي دمج هيئات تعمل بالفعل، فلا يمكن وقف أحدهما لفترة معينة لتنفيذ الدمج، فالبورصة مستمرة في عملها وسوق التأمين كذلك والتمويل العقاري وإن كان لازال حديث النشأة، فالأمر استغرق عاما كاملا من الجهد من قبل مجموعة من الخبراء كانت تجتمع يوميا بعد الظهر بعد غلق الأسواق وتتناول كل تفاصيل الدمج من الهيكل التنظيمي والإداري والأجور.

هل انتهيت خلال رئاستك للهيئة من الدمج الموضوعى الكامل للهيئات الثلاث؟
أول شيء تم هو توحيد وتوفيق الأوضاع الوظيفية وفقا لما نص علية القانون وأن يكون على أفضل الأوضاع التى كانت قائمة، بكل التفاصيل من بدلات وانتقالات وتأمين صحى، أكيد أن هناك تحسينا طرأ على هذه الأمور في رؤساء الهيئة من بعدي، لكن الدمج الموضوعي حدث بشكل كامل.

ما التجارب العلمية الأبرز في الدمج؟
التجربة البريطانية كانت الأبرز وهي دمج كل القطاعات المالية في كيان واحد، لكن كانت هناك تجربة أخرى بارزة في أستراليا والتى أنشأت هيئتين لكن تختلف عن طريقة مصر، فقد اعتبروا أن الهيئتين تراقبا كل القطاع المالي،لكن واحدة تراقبها من ناحية حماية السوق والأخرى من حيث كفاءة الخدمات، فكان هناك أنظمة مختلفة أخرى لكن في الأخر كل دولة تأخذ ما يتفق مع طبيعة مجتمعها.


وما دور الدكتور محمود محيى الدين في عملية إنشاء الهيئة؟
الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار وقتها، كان دوره والوزارة في اقتراح الفكرة من البداية وعرضها على الحكومة، لأخذ الموافقة وذلك عقب اندلاع الأزمة العالمية،ومن ثم طرح الفكرة وإقناع الحكومة بها كانت عملية شاقة من وزارة الاستثمار ثم أشرفت بالكامل على الدراسات التى تمت بالاستعانة بالبنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الأوروبية، وقامت بإعداد التشريع والذي شاركت فيه قبل أن أبدا مهمتي في 1 سبتمبر 2009 بصدور قرار رسمي، وتحول العمل من وزارة الاستثمار إلى هيئة الرقابة المالية.



من وجهة نظرك ماهي أفضل المراحل التي مرت بها الهيئة وأسوءها خلال 10 سنوات؟

كانت تجربتي في الدمج عملية شاقة جدا استغرقت 12 شهرا حتى انتظم العمل، وبعدها إندلعت ثورة يناير وكان لها تأثير سلبي على البورصة التى إنهارت خلال 24 ساعة بنحو كبير ثم إغلاق البنوك عقب 28 يناير وبالتالي توقفت البورصة عن العمل،ثم ظهرت تداعيات إعادة العمل في البورصة مرة أخري وكان قرار صعب تم تنفيذة في عهد الدكتور أشرف الشرقاوي، فالهيئة تجربة مهمة وكل شيئ قابل للتطوير والتحسين، إلا أن التحديات الكبرى تتعلق بنظام القانون الإداري المصري والذي تستند إلية كل التشريعات فهو لم يتطور بما يكفي مع التطورات العالمية خاصة، مع الاحتياج إلى أدوات تمويلية حديثة.




ما هو الأمر الذي كنت ترغب في تنفيذه إبان رئاستك للهيئة ولم تستطع؟
كنت أحب أن أستكمل برنامجا طموحا جدا لتدريب العاملين داخل الهيئة لأن المجالات المالية صعبة وليس لدينا في مصر الخبرة الكافية، وبدأنا باتفاق مع هيئة الرقابة في سنغافورة وهي من أحدث وأفضل الهيئات، وأرسلنا في السنة الأولى نحو 100 شخص ثم عادوا تقلدو مناصب جيدة، ثم تم إنشاء معهد الدراسات التمويلية بالهيئة، لكن لا أعلم حاليا إلى أي مدى استمر تدريب العاملين بالخارج بنفس القوة، الأمر الآخر: هو استكمال التشريعات التنفيذية وترجمة القانون لكن زملائي من بعدي قاموا بهذا العمل.

أيهما أفضل استقلالية الهيئة أم تبعيتها لجهات تنفيذية؟
استقلالية الهيئة هو أمر مطلوب دوليا لتعترف بك الهيئات المماثلة في دول العالم، فهذا ليس قرارا اختياريا، فالجهات غير المستقرة ليس لها صفة دولية، فالاستقلال لا يعني دولة داخل دولة، لكنه يعني أن الرأي الفني لرئيس الهيئة لا يتعرض لضغوط من قبل الحكومة، وأن يكون هناك استقلال مالى وألا تكون قرارات الهيئة عرضة للمراجعة.


ما هو أهم قانون من وجهة نظرك أصدرته الهيئة في خلال 10 سنوات مدة عملها؟
أهم القوانين التى صدرت قانون التمويل متناهي الصغر الذي أصدره الأستاذ شريف سامي وقانون التأجير التمويليى الذي عدله الدكتور محمد عمران بشكل جزري، ونترقب قانون التمويل الاستهلاكي، فتم إصدار عدد كبير من التشريعات والتعديلات المهمة خلال فترتي عمل "سامي" و"عمران"، لكن ما نحتاجه حاليا هو إعادة وتنقيح هذه القرارات لأن بعضها أصبح محيرا وغامضا للسوق، فمثلا قواعد القيد في البورصة، تقتضي طبيعة السوق أن تكون تعديلاتها كثيرة وهو ما يحدث في مصر، إلا أن كثرة هذه التعديلات تحتاج إلى إلى تجميعها وإصدارها كل 4 سنوات بشكل موحد لإزالة الاضطرابات التى تحدث في السوق، فالتعديل الزائد على الحد يضر السوق.


كيف تقيم قانون الضمانات المنقولة؟
هو قانون مهم جدا لكنه يحتاج إلى بعض التعديل خاصة في اللوائح، فالسوق غير قادرة على استيعابه حتى الآن، وبالتالي يجب إعادة تعديله بعد عامين من التجربة والقيام بعملية توعية كبيرة له.



ما هي متطلبات التحول الإلكتروني في القطاع المالي غير المصرفي؟
بالفعل هناك اتجاه في مصر نسير بسرعة جيدة وشكل جيد في مسألة التحول الإلكتروني وعدم الاعتماد على النقد، فلدينا تفوق إلكتروني جيد لكن نتطلب توعية أكبر مما هو متاح.


ما هي متطلبات تعديل القانون الإداري في مصر؟
لا يوجد قانون إداري محدد يمكن أن يتم تعديله، لكن الأمر يحتاج مناقشات كبيرة.