أثارت واقعة انتحار نادر محمد جميل طوسون، الطالب بكلية الهندسة بجامعة حلوان، ضجة في المجتمع لما تبين من الفيديو الذى انتشر له على مواقع السوشيال ميديا، والذى أصر فيه على الانتحار، حيث تشابكت ملابسه بحديد البرج، إلا أنه قام بانتزاعها في ثوان وألقى بنفسه، هذا الأمر سبب ذعرًا للجميع، وأظهر وجود خلل في نفوس الشباب التى فقدت الأمل في الحياة، لذلك كان على الجهات المنوطة بتولى مهمة البحث عن أسباب هذا الخلل، والعمل سريعًا على اكتشاف الأسباب والسعى لحلها، وتعد تلك الجهات هى الدولة ممثلة في وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى ورجال الدين والإعلام والصحافة والفن.. وكانت الانطلاقة من الجامعات التى استوعبت دورها وتحركت سريعًا فأطلقت المبادرات لتوعية الطلاب.
ففى جامعة القاهرة، أعلن الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس الجامعة، عن إنشاء مركز للدعم النفسى وإعادة بناء الذات، للتصدى لحالات الانتحار بين الشباب، في إطار الدور التنويرى للجامعة في صياغة العقل المصرى وإعادة بنائه، وتأسيس خطاب دينى يقدم مفهومًا جديدًا للإيمان.
وأكد الدكتور الخشت، أن التصدى لحالات الانتحار وكافة المشكلات المجتمعية بفاعلية يجب أن يستند على الدعم النفسى والاجتماعي وبناء روح الأمل والتحدي، مضيفًا أن الجامعة تدرك أنها لكى تتمكن من الإسهام في إعادة بناء العقل المصري، ينبغى أن نُعنى بالبناء النفسى للشباب في مصر، بما في ذلك أنساقه الفرعية: المعرفية والدافعية والوجدانية.
وقال رئيس جامعة القاهرة، إن الهدف من إنشاء مركز للدعم النفسى وإعادة بناء الذات، تقديم الحماية والمساندة لشباب جامعة القاهرة بوجه خاص، وشباب مصر بوجه عام، لزيادة فاعليتهم الذاتية في مقاومة الأمراض النفسية، وتحديات الحياة ومشاقها وضغوطها وتحقيق النجاح والازدهار. وأوضح أن مركز الدعم النفسى وإعادة بناء الذات، يتكون من أربع وحدات أساسية هى وحدة البحوث الميدانية وجمع البيانات، ووحدة دعم الحوار بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب، ووحدة المساندة النفسية والتنمية الذاتية، ووحدة المساندة والإرشاد الأسري.
وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى أن زيادة عدد الحالات التى تُقدم على الانتحار تحت ظروف التعرض للإصابة بالاكتئاب أو المشكلات الأسرية أو المجتمعية، تشكل في مجملها حدثًا غريبًا ينذر بمخاطر وعواقب وخيمة، ويدل على عجز جسيم عن مواجهة الاكتئاب أو غيره من العوارض النفسية أو العجز عن التكيف والتعايش مع مشاق الحياة، لافتًا إلى أن ذلك يدل على تراجع بعض مؤسسات التنشئة الاجتماعية عن القيام بالدور المنوط بها تجاه شبابنا.
وقد عقد رئيس جامعة القاهرة، الاجتماع التأسيسى الأول لمركز الدعم النفسى وإعادة بناء الذات، ووجه ببدء العمل بالمركز خلال ٣ أسابيع، بمقره بالمدينة الجامعية، بعد وضع لائحة العمل وتشكيل مجلس إدارة المركز من أقسام الطب النفسى وعلم النفس وعلم الاجتماع، وأكد رئيس الجامعة أن مركز الدعم النفسى وإعادة بناء الذات، يختص بفئة طلاب الجامعات، وأن دوره لا يقتصر على البحوث، بل يهتم بلقاء الطلاب والاستماع لهم، مشددًا على ضرورة مشاركة قسم الطب النفسي، حيث يحتاج الطلاب للدعم النفسى والعلاج المعرفى لأن معظم المشكلات تأتى من طريقة التفكير. ووجه، بضرورة تحويل الحالات التى تحتاج للعلاج لعيادات الطب النفسى بقصر العينى لمتابعتها، وبعض الحالات الأخرى يتم متابعتها من خلال المركز، مشددًا على أن يتجاوز دور المركز الأمراض النفسية ويكون له دور اجتماعي.
قال الدكتور محمد الخشت، إن من أهم الأجيال التى جاءت في تاريخ مصر جيل الشباب الحالي، لأن لديه وعيا وحماسا وقدرة على مواجهة التحدى والتحمل ومواجهة أى إحباط ويستطيع عمل الكثير، مشيرا إلى وجود عدد قليل ليس به هذه المواصفات، وهو ليس معيارًا لأنه قد يمثل ١٪، مؤكدًا أهمية أن نقف بجانبهم ومساندتهم ولا نوجه لهم اللوم. وأوضح أن المرض النفسى مثل المرض العضوى يمكن أن يحدث لأى شخص، مؤكدًا أنه ليس كل من يذهب إلى الطبيب النفسى شخص به عيب أو نقص، مشيرًا إلى أن العديد من العظماء والقيادات والأغنياء في مصر مروا بظروف صعبة، وهذا لم يمنعهم من أن يكونوا عظماء. وأكد أن إدمان الإنترنت مرض يؤدى إلى الانفصال عن الواقع، معلنًا عن إصدار كتاب حول إدمان الإنترنت، مؤكدًا ضرورة مقاومة الإحباط واليأس والطاقة السلبية التى نتلقاها من وسائل التواصل الاجتماعي.
عين شمس
خلال اجتماع مجلس التعليم والطلاب نائب رئيس جامعة عين شمس الأخير، أكد عبد الفتاح سعود، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب، على دور لجنة الدعم النفسى والمعنوى للطلاب، وأنها فكرة رائدة تحسب للجامعة، موضحا بعض جهود اللجنة وإنجازاتها، حيث تم تنظيم عدد من جلسات الدعم النفسى الجماعية للطالبات إلى جانب العديد من الجلسات الفردية، إلى جانب تحضير اللجنة لبث عدد من الفيديوهات التى تقدم الإرشادات النفسية حول كيفية مواجهة الضغوط المختلفة التى يواجهها الطلاب.
جامعة حلوان
كما نظمت جامعة حلوان ندوة بعنوان «حياتك تهمنا» حاضر فيها الدكتورة سهير عبد السلام عميد كلية الآداب، والدكتور إيهاب حمزة عميد كلية التربية ورئيس مجلس إدارة مركز الإرشاد النفسى، والدكتور يسرى شعبان عميد كلية الخدمة الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة مركز العلاج الاجتماعي.
وشدد ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان على ضرورة التحلي بالحكمة والفكر السليم في مواجهة صعوبات ومشكلات الحياة، مع حرص الجامعة على تقديم كافة أشكال المساعدة للطلاب من خلال برامج ومراكز متخصصة ومهنية مستعدة لتوفير المعونة والإرشاد لهم في خصوصية تامة.
وشجع "نجم" الطلاب على التحلي بالأمل والتفاؤل وطرد الطاقات السلبية ومواجهة المشكلات بقوة وثبات.
وتضمنت الندوة توعية الطلاب بقيمة الحياة وكيفية التغلب على الضغوطات وفن التعامل مع الأزمات، ونوهت إلى مراكز الدعم الاجتماعي والنفسى المتوفرة بالجامعة (مركز العلاج الاجتماعي بكلية الخدمة الاجتماعية ومركز الإرشاد النفسى بكلية التربية)، والتى هدف إلى مساعدة الطلاب وتوفير النصح والمشورة اللازمة لهم. وشدد رئيس الجامعة على ضرورة التحلى بالحكمة والفكر السليم في مواجهة صعوبات ومشكلات الحياة، مع حرص الجامعة على تقديم كافة أشكال المساعدة للطلاب من خلال برامج ومراكز متخصصة ومهنية مستعدة لتوفير المعونة والإرشاد لهم في خصوصية تامة.
وأكدت الدكتورة سهير عبد السلام، عميد كلية الآداب، ضرورة فهم واستيعاب الحياة والتحلى بالمرونة والصبر في الفترات الصعبة، وأن النجاح لا يتحقق إلا بالعمل الجاد والاجتهاد والمثابرة في طلب العلم. كما دعت الطلاب إلى ضرورة البعد عن التوهم مع وضع الأمور في نصابها الصحيح وتجنب التفكير الضيق والمحدود أثناء المشكلات.
واستشهد الدكتور إيهاب حمزة، عميد كلية التربية، بالآية الكريمة: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، موضحا أهمية الرضا والقناعة في تهذيب النفس وتقبل الواقع والقدرة على تجاوز المحن. كما أشار إلى ضرورة حسن اختيار الصديق فهو الداعم والمرشد في الأزمات.
واستعرضت الدكتورة وفاء عبد الجواد، مدير مركز الإرشاد النفسي، دور المركز في تقديم المشورة المهنية والنفسية من خلال متخصصين في سرية تامة، والمساعدة على مواجهة الضغوط المختلفة (الاجتماعية والصحية والمهنية والدراسية والاقتصادية)، وكذلك التوعية بالمشكلات المجتمعية.
وقال الدكتور يسرى شعبان، عميد كلية الخدمة الاجتماعية، عن قيمة الحياة وكيفية تخطى المشكلات وأهمية تحمل المسئولية وضرورة تقبل الآخر وفن التنفيس الوجداني. كما أشار إلى أهمية استخدام التفكير المنطقى والواقعى أثناء وضع الأهداف تجنبا للإحباط. وقام بالتعريف بالخدمات التى يقدمها مركز العلاج الاجتماعي من مشورة فنية متخصصة وخدمات علاجية للأفراد والأسر والمؤسسات الاجتماعية، وكذلك مساعدة الطلاب على مواجهة المشكلات المختلفة وإجراء البحوث بهذا الصدد.
