الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

تعرف على دير أبو فانا

دير أبو فانا
دير أبو فانا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تاريخٌ عريقٌ من الأمجاد، وحاضرٌ يصونه المستقبل، إنه دير أبو فانا في "مركز ملوي"، بمحافظة المنيا، أول قلعة مسيحية مقدسة على أرض المنيا عروس الصعيد، ومن أوائل أديرة الصعيد، وهو ضمن قائمة أقدم الأديرة في العالم.
 وجاء تشييده مصاحَبا حركة الرهبنة الأولى، وقد تم بناء الدير نسبه إلى القديس "أبو أبيفانيوس"، الذي أسس الرهبنة في تلك المنطقة وقد بنيت كنيسة يجتمع فيها الرهبان الذين كان يتزايد عددهم باطراد، لذلك فهي تُعَد من أقدم كنائس الأديرة في العالم، ولكن هذه الكنيسة ظلت تغمرها الرمال، حتى اكتُشِفَت حديثًا وأقيم الدير وفيه الكنيسة الحالية في القرن السادس الميلادي، وظل عامرًا برهبانه حتى أواخر القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر الميلادي.
 وبدأت أحوال الدير في التدهور خاصة بعد أحداث 1365م، فهجره الرهبان، وبعد ذلك تدهورت أحوال الدير ولم يقم فيه سوى عدد قليل من الرهبان في القرن الخامس عشر الميلادي، ومنذ ذلك الوقت وكان الذي يهتم بالدير هم كهنة كنائس منطقة غرب ملوي، وابتدأت الكثبان الرملية الغزيرة تزحف عليه. 
دير أبو فانا تم بناؤه في أماكن بعيدة عن التجمعات السكنية فيقع في الصحراء الغربية ولا يبعد عن أرض وادي النيل المزروعة، وهو يقع على بعد نحو 300 كم جنوبي القاهرة، وشمال غربي الأشمونين، وعلى بعد نحو 2 كم من قرية "قصر هور"، وشرقي قرية "بني خالد" بُني الدير على حول موقع دفن "أبو فانا"، إذ عُثر على قبره خلال عمليات التنقيب التي قام بها "معهد الآثار النمساوي" في القاهرة عام 1992. 
ويذكر أبو المكارم "القرن الثاني عشر"، أن كنيسة "أبو فانا" رممها الرشيد أبو فضل، وكتب المقريزي، المؤرخ المصري، "القرن الرابع عشر. الخامس عشر" عن الشكل المعماري الجميل الذي يتحلى به الدير. 
جاءت إشارة كبيرة في كتاب "تاريخ بطاركة الكنيسة المصرية" إلى دير "أبو فانا" مرتين: المرة الأولى فيما يتعلق بانتخاب البطريرك "ثيؤدوسيوس الثاني"، بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية 1294-1300، والمرة الثانية فيما يتعلق بطفولة البطريرك متاؤوس الأول 1378-1408. ويُقال إن الدير كان به نحو 1000 راهب، في فترات ما قبل الإسلام، وتقلصت الأعداد فيه تقلصًا كبيرًا قبل دخول الإسلام في القرن السابع؛ ويشير المقريزي إلى أنه كان لا يوجد في الدير، في أيامه، سوى راهبين.
ذات يوم قام العالم الألماني الدكتور أوتو مايناردوس بزيارة "أبو فانا" في ستينيات القرن العشرين، كان الدير عبارة عن حطام مع بقايا تنبسط على مساحة عريضة. 
ولم يبقَ سوى الكنيسة التاريخية، وفي ذلك الوقت عُثر على قطع من الجرانيت الرمادي، وهو ما يشير إلى أن الدير ربما يكون قد بُني على الموقع الذي كان يومًا ما يقوم عليه معبدٌ قديم، وعلى هضبة صغيرة يوجد حطام قصر، أو برج، كان لدى أديرة قديمة، وعلى بعد نحو 80 مترًا من الدير المحطم نجد كهف أبو فانا، وهو المكان الذي يُقال إن "أبو فانا" عاش به. 
ولم يُشر مايناردوس إلى أن الدير مأهول. والمبنى المتبقي من الدير القديم يتكون من كنيسة بازيليكا قديمة تغور بعمق في الرمال في وسط رابية شاسعة "لا شك" أنها، حسبما جاء في الموسوعة القبطية، تحجب حطام الدير. وربما تكون الروابي المجاورة تحجب الصوامع أو القلالي المنفصلة. مرت السنون ولم يبقي الدير كما كان فقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالاهتمام بهذا الدير في أعقاب عمليات التنقيب التي قام بها "هلموت بوشهاوزن" وفريقه من "معهد الآثار النمساوي" في الفترة 1987-1992. 
وبعد عمليات التنقيب هذه، قرر "المجلس الأعلى للآثار" المصرية في عام 2000 أن يحدد منطقة مساحتها 1 × 2 كم على أنها الحرم الأثري للدير؛ ويشتبه "المجلس الأعلى للآثار" في أن هذه الأرض ربما تحمل بقايا تاريخية مدفونة، خريطة وبعد قرار "المجلس الأعلى للآثار"، بنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قلالي جديدة، ومدخلًا جديدًا، وغرفة استقبال، وكاتدرائية كبيرة خارج حدود الحرم الأثري مباشرة: بنايات للدير مبنية من عام 2000 فصاعدًا، وقبل عام 1999. 
لم يقم أي راهب بشكل دائم في الدير؛ وجاء خمسة رهبان إلى الدير عام 1999، وفي عام 2003 رسّم البابا شنودة، رئيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، 12 راهبًا آخرين، ثم راهبًا آخر فيما بعد ومن عام 2003 فصاعدًا، تكرر نشوب الصراعات على الأرض مع جيران الدير، وفي يوليو 2008، هناك مجموع كلي يتكون من 18 راهبًا و9 مبتدئين في الرهبنة يقيمون في الدير، ويساعدهم عشرات العلمانيين أي من هم ليسوا برجال دين.