الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر والإمارات.. حاضر مبشر ومستقبل واعد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تضرب العلاقات بين مصر والإمارات بجذورها في الأرض العربية الطيبة طوال عقودٍ عديدة منذ أن تولى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمة الله عليه حكم دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن استطاع توحيد الإمارات تحت راية واحدة بمساعدة إخوانه حكام الإمارات، وهو اليوم الذى تحتفى به الإمارات كل عام. وطوال تاريخها تُعنى الإمارات بتوحيد الجهود العربية على مختلف المستويات سواء الخليجية من خلال «مجلس التعاون الخليجي» أو الإقليمية من خلال «جامعة الدول العربية»، ولا يستطيع أحد المزايدة على أن الإمارات كانت السند الحقيقى للفلسطينيين والقضية الفلسطينية، ولأشقائها العرب في اليمن وسوريا وليبيا والأردن وقت المحن والضيق.
ولمصر مكانةٌ خاصة في قلب المغفور له بإذن ربه الشيخ زايد، الذى لم يتوان عن مؤازة مصر في كل وقت وحين، ومن أمثلة ذلك وقفته الشهيرة إلى جوار مصر في حرب أكتوبر 1973، وقولته الشهيرة «بأننا سنقطع البترول عن الغرب ونعود للعيْش على التمر واللبن لمناصرة القضايا العربية في مواجهة إسرائيل المزعومة». ولأن الشعوب لا أحد يخدعها أو يتلاعب بعواطفها، فإن مشاعر الحب لا تزال تملأ كيان المصريين، قلوبهم قبل عقولهم، بالشيخ زايد رحمه الله، يكفى أنه لا يوجد مكان في مصر إلا ويوجد فيه أثرٌ للراحل العظيم يُخَلّد اسمه ومحبته في قلوب أبنائه المصريين.
وورث أبناء الشيخ زايد محبة مصر من أبيهم رحمه الله، سواء الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر، أو الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى وفقه الله في خدمة بلده والقضايا العربية. ولا تنسَ مصر، كما دأب الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يقول في كل وقت وحين، مَن يقفُ معها. ومن هنا فنحن لا ننسى وقفة الإمارات مع الدولة المصرية في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو 2013، سواء بالدعم المعنوى أو المادي، وهو ما مكّن المصريون من تخطى جماعة «الإخوان» الإرهابية التى كادت تفتك بكل مقدرات الدولة وتماسكها ووحدتها وهويتها ووجودها.
في هذا الإطار من الحب والمودة ناقشت المباحثات التى جرت الأسبوع الماضى بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، وشقيقه ولى عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عديدًا من الملفات التى برز فيها التوافق في الرؤى بين الشقيقيْن، وجرى خلال الزيارة توقيع عددٍ من اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم بين البلدين.
وفى أثناء الزيارة، قلّد الشيخ محمد بن زايد الرئيس السيسي «وسام زايد» الذى منحه له رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ويعد هذا أعلى وسام تقدمه دولة الإمارات لملوك الدول ورؤسائها وقادتها، وذلك تقديرًا وتثمينًا لدور الرئيس السيسي في دعم العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة، والتعاون الاستراتيجى المشترك الذى يجمع البلدين الشقيقين على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو ما يشير إلى المستوى المتميز الذى وصل إليه التعاون بين مصر والإمارات ومصر في مختلف المجالات.
وأعرب الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد عن التطلع إلى تعزيز هذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب من التطور والتقدم، من خلال تكثيف التشاور والتنسيق الثنائى بين البلدين حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ومواصلة التعاون في استكشاف الفرص المتاحة لدى الجانبين بما يحقق آمال وتطلعات شعبى البلدين الشقيقين. وأشاد الجانبان بالعلاقات الاقتصادية المتميزة بينهما، إذ تعد مصر الشريك التجارى الأول لدولة الإمارات على مستوى القارة الأفريقية، في حين تعتبر الإمارات المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية في مصر على مستوى العالم، وتحتل المرتبة الثالثة عالميًا بين أكبر الأسواق التصديرية للمنتجات المصرية. وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للنمو الملحوظ في حجم التبادل التجارى بين البلدين، الذى حقق ارتفاعًا تاريخيًا ليصل إلى نحو 5.5 مليار دولار في عام 2018. وأكد الجانبان على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادى الثنائي، والعمل على تعزيز البيئة الاستثمارية المحفزة للمستثمرين في البلدين، بهدف دعم الاستثمارات القائمة وجذب الاستثمارات الجديدة خلال الفترة المقبلة، بما يحقق ما يطمح إليه شعبا البلدين من تنمية ورخاء وازدهار.
وقد أبرزت الصحف الإماراتية، في افتتاحياتها لدى وصول الرئيس الرئيس السيسي للإمارات، مشيدةً بدوره في التأكيد الدائم على ارتباط أمن الخليج بأمن مصر، ومُجمعين على أن الزيارة في هذا التوقيت في غاية الأهمية في ظل الوضع الإقليمى والدولى الحالى. وأكدت أن علاقة الإمارات ومصر تتجاوز العلاقات الإستراتيجية في إطارها الثنائى، إلى البعد الأشمل الهادف لتحقيق الاستقرار في الإقليم بشكل كامل، وقالت صحيفة «الاتحاد» «إن الرئيس عبدالفتاح السيسي لا يفوت مناسبة داخليًا وإقليميًا وعالميًا إلا ويؤكد ارتباط أمن الخليج العربى بالأمن القومى المصري، والأفعال في ذلك تسابق الأقوال».
وأوضحت الصحف الإماراتية أن زيارة الرئيس السيسي في هذا التوقيت أكثر من مهمة، لاسيما في ظل الأزمات الإقليمية والدولية التى تحتاج إلى التوافق على كثير من الحلول إيمانًا بلغة الدبلوماسية نهجًا لترسيخ الأمن وتحقيق السلام والتنمية، وتعزيز آليات مكافحة التطرف والإرهاب.
وأضافت صحيفة «الاتحاد» أن الإمارات، قيادة ممتدة في حب مصر أرسى دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ووسّع أفقها أبناء زايد انطلاقًا من وصيته الخاصة التى قال فيها «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائمًا إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.. إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة».
إن العلاقة بين مصر والإمارات نسجت خيوطها عبر التاريخ، لتجمع بين أواصر الأخوة ووحدة المصير، وتشابك الأهداف. واليوم، في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث، تتصاعد فيها وتيرة المخاطر التى تهدد أمن المنطقة واستقرارها، يتجلى بوضوح أهمية اتساق الرؤى وبلوغ أعلى درجات التنسيق بين قيادتى البلدين، لمواجهة التحديات، وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، وتعزيز التكامل في مختلف المجالات.
إن حاضر العلاقات المصرية الإماراتية مبشّرٌ للغاية، ومستقبل هذه العلاقات في تفاعلاتها الديناميكية في مختلف المجالات يُؤذن بتكوين شراكة بين البلديْن تؤتى ثمارها على مواطنى البلديْن، وتمنح هذه المنطقة ذات القضايا الملتهبة والبقاع الساخنة قدرًا من الاستقرار والقدرة على مواجهة القضايا والأزمات ورأب الصراعات وتخطى التحديات.