الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسوان وملتقى الشباب الحدودي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل، وإعداد الشخصية المصرية لشباب المستقبل يكون استنادًا وتأكيدًا وتواصلًا مع الهوية المصرية الجامعة لكل الثقافات التى تُمثل الأعمدة الثابتة والظهير القوى للثقافة المصرية الجامعة بكل روافدها وأساليبها، هذا الإعداد الذى يعتمد في المقام الأول على الشباب حتى لا تجرفه تلك التيارات التى تستغل الدين للمتاجرة، والتى تتعايش على الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الوطن والجماهير. هنا تصبح الثقافة عنصرًا مهمًا في تكوين هذه الشخصية، ولما كانت قصور الثقافة تعتبر أداة للقيام بهذا الدور التثقيفي، خاصةً أنها منتشرة على امتداد الوطن، كان ملتقى شباب الحدود الأول بالأسمرات بالقاهرة، ولما حقق الملتقى نجاحًا أكد فكرة التواصل الثقافى والإنسانى للشباب، جاء الملتقى الثانى لشباب الحدود في أسوان، تلك المدينة الجميلة الساحرة التى تحوى بين جنباتها مراحل التاريخ المصرى من ما قبل الميلاد وحتى الآن «عراقةً وأصالةً وحداثة»، إضافة إلى أنها أرض السد العالي، ذلك المشروع العملاق الذى كان يمثل معركة سياسية واقتصادية جمعت وأظهرت المعدن والتلاحم والقدرة المصرية على المواجهة أيًا كانت، خاصة أنها كانت عنوانا لعراقة وقدرة الشعب المصري، ولما كنت قد حاضرت في الملتقى الأول حول قبول الآخر؛ حيث إن شباب الحدود من محافظات الحدود «شلاتين وحلايب وأبو رماد وأسوان والوادى الجديد ومطروح وسيوة وشمال وجنوب سيناء»، بالإضافة إلى عشرة شباب من القاهرة؛ فقد دُعيت للمشاركة في الملتقى الثانى بأسوان في الفترة من 1 إلى 8 نوفمبر بقصر ثقافة أسوان، وقد ضم 60 شابًا وفتاة، ففكرة الملتقى تهدف إلى تمازج وتلاحم الشباب إنسانيًا وثقافيًا لمدة ثمانية أيام متصلة، حتى يكون هناك تقارب وتلاحم مباشر بين هذا الشباب كلًا بثقافته وتقاليده وعاداته، كما أن فكرة الملتقى تعتمد على اكتشاف المواهب لدى الشباب، بل إكسابهم مواهب في مجالات كثيرة من خلال ورش عمل فنية في مجالات المشغولات الجلدية، بإشراف الدكتور ماجد حماد، والطرق على النحاس بإشراف الدكتور جلال عبد الحق، وهو يمتلك قدرة هائلة على التعامل مع الشباب لغرز مفاهيم ثقافية وتراثية، تعزز قيم الهوية المصرية الجامعة، وورشة الخيامية بإشراف الأستاذ عماد إبراهيم، وورشة الدراما المسرحية بإشراف المخرج شاذلى فرح، وورشة الشعر بإشراف الشاعرة علية طلحة، وقد كان نتاج هذه الورش المبدعة اكتشاف إمكانات هائلة للشباب في هذه المجالات، ويمكن الاستفادة منها على المستوى الشخصى والمادى للشباب من خلال إقامة مشروعات صغيرة، ولذا كان إنتاج هذه الورش قد تمثل في معرض رائع في الحفل الختامى للملتقى، وقام بافتتاحه محافظ أسوان، كما أُقيم حفل تضمن عرض مسرحية وإلقاء شعر لورش المسرح والشعر، واستثمارًا للوجود في أسوان الجميلة، قد تم عمل رحلات للشباب إلى المتحف النوبى ومتحف النيل والسد العالى وحديقة النباتات ومعبد فيلة والقرية النوبية، وتم عقد لقاءات مع كاتب هذه السطور حول قبول الآخر، ولقاء مع النائب محمد خليفة حول التنمية المستدامة والمشروعات الصغيرة، ولا يجب أن ننسى أن نجاح هذه الفكرة وتجسيدها على أرض الواقع يرجع إلى إيمان الفريق الرائع الذى يؤمن بالثقافة قولًا وفعلًا، وليس وظيفة، ومنهم الدكتورة حنان موسى والأستاذ أحمد يسرى من الهيئة العامة لقصور الثقافة، كما قام قصر ثقافة أسوان بدور مميز أضاف نجاحًا للملتقى، فكان رئيس الإقليم الأستاذ أحمد إدريس والأستاذة نجوى رئيس قطاع أسوان وجميع العاملين بالقصر، في حالة نشاط ومتابعة مستمرة والعمل على قدم وساق لنجاح الملتقى والخروج في أبهى صوره.
هذه الفكرة تستحق التقدير؛ حيث إنها تتعامل مع الشباب بشكل بعيد عن النظريات والشعارات، مما يكسب الشباب خبرة حياتية وثقافية وإبداعية وسياسية يحتاجها الشباب والوطن، هنا وفى هذا الإطار وأثناء تواجدى في أسوان، تقابلت مع شخصيات أسوانية رائعة ومثقفة ومسيسة ومتابعة لما يجرى على أرض الوطن بصورة أذهلتني، فبمجرد معرفتهم بوصولى عن طريق أخى الأستاذ شعبان القيادى بقصر الثقافة، قاموا بدعوتى إلى جلسات وسهرات ثقافية وسياسية لثلاث ليالى متصلة، وكان يوم الأربعاء 6/11 يومًا مهمًا بالنسبة لي، فقدحضرت منتدى يعقد كل أسبوع ويحضره صفوة من الشخصيات الأسوانية، وتحدثنا في كل المجالات بصراحة ووضوح وبلا حساسية وتطرقنا لكل القضايا الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية في جو من الحب والألفة والتقدير لشخصى الذى لا أستحقه، وذلك لكرم وأريحية وطيبة وشفافية هذا الشعب الأسوانى العظيم، فزيارتى لأسوان ومشاركتى في الملتقى الثانى لشباب الحدود، قد زاد إيمانى وقناعتى بهذا الشعب العظيم، وقدرته على العطاء وتطلعه إلى المشاركة التى تعود على الوطن والشعب بكل الخير، ولهذا أهنئ الصديق د. أحمد عواض رئيس هيئة قصور الثقافة، لدوره واجتهاده ومن معه للقيام بالدور الأصيل والمطلوب من وزارة الثقافة بكل قطاعاتها، فالثقافة ووزارتها لن تقوم بدورها المهم والمطلوب إلا عندما يكون العاملون بالثقافة مؤمنين أن دورهم ليس وظيفيًا مقابل الراتب الشهري، لكنه هو دور تنويرى وثقافى وتوعوى يسهم في تشكيل الوعى المصرى الذى هو الأداة الأولى لبناء الشخصية المصرية، وهو الطريق الأمثل لتربية انتماء حقيقى لهذا الوطن، فمزيد من هذه الأنشطة وعلى كل المستويات وفى كل الأماكن حتى تتحقق ديمقراطية الثقافة. 
تحية من القلب لأسوان رمز الصمود وتحية إلى أهلها الشرفاء، وإلى الأصدقاء الذين استقبلونى وأكرموني، فهذه أصالة الشعب المصرى الذى يسعى إلى تقدم مصر وكل المصريين.