لا تلتفتوا إلى تلك التفاصيل البالية التى تحتل من أرواحكم وأذهانكم ما لا نهايه له..
كونوا واثقين كل الثقة من تلك الجوهرة الكامنة داخلكم، والتى من المحتمل أن يراها البعض بوضوح، ويحافظ على نظافتها من شوائب الزمن والأحداث والتفاصيل والبشر. هؤلاء البشر الذين يُحسبون عددًا على من أنجبتهم سُلالة آدم بينما اختلطوا بطباع عدوه اللدود؛ تراهم بين أرقام تلك الإحصائيات المُلقاة على أحد أدراج الإهمال مثلًا، أو تجدهم بين الصور المُتناثرة على جدارن الوقت.
لا تتعجب إن رأيتهم فى مشهد يحتضنونك ويقبلونك ويتأملون ملامحك. أرجوك لا تتعجب، ففى هذه اللحظات يظهر من داخلهم ذلك الممثل البارع لا أكثر، فهم لا يمتون للإخلاص والوفاء والحقيقة بأية صِله. هم مجرد تماثيل.
عدد.. صدقنى هم ليسوا أكثر من عدد.
خارج ذلك الإطار.. خارج الكادر.. فقد تراهم كلمات.. ادعاءات.. سلاح قوى ملعون.. سِم.. ينتظرون سقوطك بفارغ الصبر كى يتخلصوا من وجودك؛ ولا تتعجب إن باتوا يطاردون شبحك فى العالم الموازى..
تخلص من هؤلاء دون تفكير..
أمّا الذين يجهلون جوهرهم ولا يعلمون له طريق، أقول لهم ابحثوا عنه ولا تملوا.. ستجدوه قريبا، بل قريب جدًا، يظهر فى أوقات الوحدة والخوف. هو نفسه ذلك الخوف الذى يحتل عروقكم مع كل دقيقة تفقدون فيها الأمان. ستجدوه عند مروركم فى طريق مظلم، فى تلك اللحظات التى تسبق نتيجة الامتحان أو صفحة التحاليل الغامضة أو الاختبارات التى نظن فيها تحديد المصير.
تجدوه عند عبوركم الطريق السريع، حين تفقدون عزيزًا، وعندما توشك الهاوية على ابتلاعكم، عندما يُطاردكم شبح الهزيمة والفشل. عندما تنفجرون بالبكاء دون سبب واضح، عندما تعصف بكم الحياة.
ابحثوا واستمروا فى بحثكم، واتركوا الأشخاص جانبًا، وسيروا فى الاتجاه الصحيح، ولا تبالوا بمن سبقوكم وتعثروا، أو سقطوا، أو حتى تصلوا إلى نقطه النهاية، واكتشفوا أنه الاتجاه الخاطئ.
لا تبالوا بتلك التجارب ولا تلفتوا أبدًا.. وكونوا مُدركين أننا فى تلك البقعة من الحياة وحيدون..
وحيدون تمامًا..
