السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"داعش" يكثف هجماته في مالي ردًا على مقتل البغدادي.. وضربات انتقامية للتنظيم الإرهابي.. ومرصد "الإفتاء المصرية" يحذر من عودته مجددًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد خبراء في حركات الإسلام السياسى، أن ما يقوم به تنظيم داعش في منطقة الصحراء الكبرى من هجمات متوالية على الجيش المالى والمواطنين، هو بمثابة رد على مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى في عملية للقوات الأمريكية في محافظة إدلب بسوريا.
وقد حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، من تصاعد العمليات الإرهابية التى يقوم بها تنظيم «داعش» الإرهابى وانتشارها بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، في إطار محاولات التنظيم الإرهابى للعودة إلى المشهد من جديد بعد مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادى.
وتعرض معسكر للجيش المالى بمدينة إنديليمان في دائرة أنسنغو (شمال شرق مالي) لـ«هجوم إرهابي» أعلن تنظيم «داعش» الإرهابى مسئوليته عنه، ما أدى إلى مصرع ٥٣ جنديًا وإصابة عشرات آخرين.
وحذر مرصد الإفتاء في بيانه، من تصاعد العمليات الإرهابية وانتشارها بصورة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة في مالى، كما حذر من خطورة اندماج الجماعات والتنظيمات الإرهابية المتشددة الرئيسية في مالى في كيان واحد حتى تتمكن من شن هجمات وتنفيذ عمليات إرهابية أشد قوة وخطرا.
وأوضح مرصد الإفتاء، أن تنظيم «داعش» الإرهابى يسعى بكل قوة خلال المرحلة الراهنة لشن عمليات إرهابية أكثر دموية للعودة إلى المشهد مجددا وإثبات قدرته على ارتكاب جرائمه الدموية خاصة بعد مقتل زعيم التنظيم الإرهابى أبو بكر البغدادى. وأكد مرصد الإفتاء، أنه لا سبيل لمواجهة التطرف والإرهاب إلا بالتعاون على كافة المستويات بين دول العالم أجمع، لأن الإرهاب لم يعد مقتصرًا على منطقة بعينها، بل أصبح يهدد العالم أجمع، داعيا إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين كافة الدول ودعم جهود محاربة الإرهاب ومواجهته على كافة الأصعدة، والعمل على تجفيف منابعه الفكرية والمذهبية، واستخدام الأدوات الحديثة في المواجهة، وبذل كافة الجهود من أجل استئصال هذه الحركات وأفكارها القاتلة.
وقد أعلن تنظيم «داعش في منطقة الصحراء الكبرى»، مسئوليته عن هجمات إرهابية وقعت يوم الجمعة الماضى في شمال مالي، أودت بحياة ٥٣ جنديًا ماليًا ومدنى واحد، وفق حصيلة رسمية، و٧٠ جنديًا وفق الحصيلة التى أعلن عنها التنظيم الإرهابى الذى تبنى أيضًا هجومًا في المنطقة نفسها قتل فيه جندى فرنسي، وقع (السبت) الماضى.
وكانت الرئاسة الفرنسية قد أعلنت أن انفجار عبوة يدويّة الصنع عند مرور آليّة مدرعة فرنسية، أدى إلى مقتل الجندى الفرنسى رونان بوانتو على بُعد ٢٠ كيلو مترًا من قرية إنديليمان، خلال مهمّة كانت مقرّرة منذ فترة طويلة، على الحدود بين النيجر ومالي. ولكن الناطق باسم هيئة أركان الجيش الفرنسى الكولونيل فريديريك باربري، نفى أن يكون للهجوم ضد قوات «برخان» الفرنسية أى علاقة بالهجوم الإرهابى الذى وقع يوم الجمعة الماضى في تلك المنطقة.
وقال قصر الإليزيه، في بيان، إن الرئيس إيمانويل ماكرون قدم تعازيه لذوى الجندى الفرنسي، وأكد ماكرون ثقته ودعمه العسكريين الفرنسيين المشاركين في عمليات مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، ولرفاقهم من جيوش دول المنطقة. من جهتها، قدمت وزارة الدفاع الفرنسية بعض تفاصيل الحادث، مشيرة إلى أن مركبة مدرعة خفيفة تابعة لحملة «برخان» أصيبت بانفجار عبوة ناسفة، وذلك أثناء قيام طاقمها بحماية قافلة على طريق بين مدينتى غاو وميناكا (بالقرب من حدود النيجر). وجاء في بيان الوزارة، أن الانفجار تسبب في انقلاب المركبة، التى تم إجلاء طاقمها على متن مروحية إلى مركز جراحى في غاو، حيث أعلنت وفاة العريف رونان بوانتو، «فيما خضع سائر أعضاء الطاقم للعلاج ولا يوجد أى تهديد لحياتهم». من جهتها، علقت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي، على الحادث قائلة إنه «في ظروف أمنية متدهورة، يأتى موت العريف رونان بوانتو دليلًا لنا على أن محاربة المجموعات الإرهابية الناشطة في الساحل لم تنته، وعزيمتنا تامة لمواصلتها». وقال تنظيم «داعش» في بيان عبر تطبيق «تلجرام»، إن «جنود الخلافة استهدفوا رتل آليات للقوّات الفرنسيّة بالقرب من قرية إنديليمان، بمنطقة ميناكا شمال شرقى مالي، بتفجير عبوة ناسفة»، كما أعلن التنظيم في بيان منفصل أن مقاتليه «هاجموا قاعدة عسكريّة يتمركز فيها جنود من الجيش المالي».
وأوضح التنظيم الإرهابي، الذى يتمركز جنوده على الشريط الحدودى بين النيجر ومالى وبوركينا فاسو، أن الهجوم الإرهابى ضد القاعدة العسكرية المالية وقعت خلاله «اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة»، مؤكدًا أن عدد ضحايا الجيش المالى وصل إلى ٧٠ قتيلًا، في حين سبق أن أعلنت السلطات المالية أن الحصيلة توقفت عند ٥٤ قتيلًا.
في غضون ذلك، أظهرت مقاطع فيديو، حصل عليها صحفيون ماليون، تناثر جثث الجنود الماليين في القاعدة العسكرية، بينما كان من بين القتلى بعض الجنود يرتدون بزاتهم العسكرية وتم تقييد أيديهم قبل إعدامهم بدم بارد.
وقال ضابط بالجيش المالى موجود في إنديليمان، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ «الإرهابيين شنّوا هجومًا مباغتًا ساعة الغداء. دُمّرت آليّات للجيش وسُرقت أخرى»، قبل أن يضيف أنه تمّ العثور على نحو ٢٠ ناجيًا بعد الهجوم.
وتقول المصادر، إن القوات الفرنسية التى تحارب الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، كانت خلال الأيام الماضية تتحرك بكثافة في منطقة ميناكا القريبة من الحدود مع النيجر، وهى المنطقة نفسها التى وقعت فيها الهجمات الإرهابية الأخيرة. ويأتى الهجوم الذى استهدف أحد أهمّ معسكرات الجيش في المنطقة، بعد شهر من هجومين إرهابيين استهدفا ثكنات عسكرية في بولكيسى يوم ٣٠ سبتمبر (أيلول) الماضى، قتل فيهما ٤٠ جنديًا ماليًا وفق الحصيلة الحكومية، ولكن حصيلة أخرى غير رسمية تشير إلى أن الخسائر أكبر من ذلك بكثير. ومع تصاعد الغضب الشعبى بعد هذه الهجمات الإرهابية في مالي، أعلن الجيش أنه «يُسيطر على الوضع في إنديليمان، وأنّ عمليّة التمشيط جارية»، بينما نددت بعثة الأمم المتحدة في مالى بالهجوم الإرهابي، مؤكّدة أنّ «عمليّات تأمين تجرى حاليًّا في المنطقة بدعم من (القبّعات الزرق)».
في السياق نفسه، قُتل خمسة من رجال الدرك وخمسة مدنيين على الأقل، الاثنين الماضى، في هجوم على مخيم للشرطة في أورسى في مقاطعة أودالان، شمال بوركينا فاسو، بالقرب من الحدود المالية. وقال مصدر أمني «قام عشرات من الأفراد المسلحين بهجوم على مخيم قوات الدرك المتمركزة في أورسى الاثنين، نحو الساعة الثالثة صباحًا [بالتوقيت المحلى]. بعد عدة ساعات من إطلاق النار، تمكن المهاجمون من دخول المخيم. لسوء الحظ فقدنا خمسة من رجال الدرك». ووفقًا لمصدر أمني آخر، قُتل خمسة مدنيين على الأقل وهم عمال من شركة خاصة.
وجاء هذا الهجوم قبل يوم من اجتماع في واجادوجو لمجلس وزراء الساحل لمجموعة الخمسة - الذى تتولى بوركينا فاسو رئاسته - بشأن تنفيذ القرارات المتخذة في قمة استثنائية عقدت في منتصف سبتمبر في العاصمة. 
من جهته، قال الإمام محمود ديكو، الشخصيّة الدينيّة البارزة في مالي، إنّ «هذا النزف الذى تعيشه مالى لا يُمكن أن يستمرّ»، وسبق أن دعا ديكو إلى ضرورة فتح حوار وطنى يشارك فيه جميع الماليين لتوحيد الصفوف في وجه الإرهاب.
وتعانى دولة مالى منذ ٢٠١٢ من انعدام الأمن بعد أن سيطرت جماعات مرتبطة بتنظيم «القاعدة» على مناطق واسعة من شمال مالي، قبل أن يتدخل الفرنسيون والأفارقة لطرد هذه الجماعات من المدن الكبيرة، ولكن الأخيرة تشن حرب عصابات منذ ذلك الوقت كبدت الفرنسيين والأفارقة والجيش المالى خسائر كبيرة.
ودخل تنظيم «داعش» على الخط عام ٢٠١٥، عندما أعلن المدعو «أبو الوليد الصحراوي» الانشقاق عن جماعة «المرابطون»، وتشكيل تنظيم جديد بايع تنظيم «داعش» سماه «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى».