الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

السيد ياسين.. طريق الوعي والتنمية

السيد ياسين
السيد ياسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكلت الأحداث السياسية والاجتماعية والتغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع المصري خاصة والعربي بشكل عام تفكير وهاجس المفكر الاجتماعي الكبير السيد ياسين، الذي جمع بين علم الاجتماع والأدب كتجربة إبداعية إنسانية، واستطاع أن يستوعب إشكاليات العقل العربي المعاصر، فكشف عن مواطن الخلل والأسباب الرئيسة التي ساهمت في توقف العقل عن الإبداع والنهوض.
ياسين، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الأربعاء، كان قد ولدّ بمحافظة الإسكندرية في 30 أكتوبر من العام 1931، تخرّج في كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، انضم لفريق الباحثين في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي قضى فيه 18 عامًا حتى ودَّعه عام 1975، بعد أن تم تعيينه مديرًا لمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام.
شغل منصب عضو لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة، وهو حاصل على عدّة جوائز، منها وسام الاستحقاق الأردنى من الطبقة الأولى عام 1992، وسام العلوم والفنون والآداب عام 1995، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1996
ومن بين القضايا التي انشغل بها "ياسين" كانت قضية الهوية، فقد أدرك مراحل تطورها وتحولاتها الكبرى التي أدت إلى نتيجة حتمية وهي الصراع والتوحش والعنف، ففي تصريحات صحفية سابقة أوضح ياسين أن "صراع الهويات قائم في كل العصور، غير أنه كان كامنًا ولم يسفر عن وجهه إلا في لحظات تاريخية فارقة، لكن المشكلة الآن أن الهويات متصارعة في العالم العربي وقد انتقلت من حالة التوازن إلى حالة الصراع. هناك تعدد في الهويات في العالم العربي؛ هناك الهوية القبلية مقابل الدولة، وهناك الصراع بين الأعراق ونموذجه الصراع بين الأكراد والعرب وبين العرب والبربر، ونجد صراعًا مذهبيًّا مستعرًا بين الشيعة والسنة. غير أنه إذا تأملنا ما يحدث في ليبيا بين القبائل والدولة، وما يحدث في اليمن بين الحوثيين وأهل السنة، وما يحدث في سوريا على وجه الخصوص بين العلويين وبقية طوائف الشعب؛ أدركنا أن صراع الهويات انتقل من حالة الصراع العنيف إلى حالة التوحش في التاريخ العربي الحديث والمعاصر".
ومثلما ناقش قضية الهوية فقد تعرض دوما لفكرة الأصولية والرجعية التي تسيطر على مجتمعاتنا العربية بشكل عام، ففي إحدى المقالات التي كتبها تحت عنوان "المعاني السلبية للأصولية" حاول ياسين أن يضع في دائرة المثقف العربي المعاني الواجب مواجهتها وإزالتها من العقلية التقليدية.
ويأتي في مقدمة تلك المعاني أن الأصولية تعني "رفض الحداثة"، فالتنمية الحقيقية لا توجد بغير تنمية سياسية ديمقراطية أساسها حقوق الإنسان، فيتضح من ذلك أن موقف التيارات الإسلامية الذي يرفض تلك الديمقراطية من باب رفضه للحداثة بشكل عام، يعتبر عائقا أمام عملية التجديد.
كما ينشغل العقل الأصولي برفض حوار الحضارات، وأخذها عن بعض بشكل تكاملي، فالتنمية تحتاج إلى التفكير في الزمان والتاريخ، أما الفكر الأصولي لا زمانى ولا تاريخى لأنه تفكير في نص مقدس، تفكير خارج الزمان.
وقد رحل عن عالمنا صباح يوم الأحد 19 مارس من العام 2017 تاركا وراءه إرثا كبيرا من الفكر النقدي والتحليلي للثقافة والتاريخ.