الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بعد مقتل البغدادي.. «داعش» إلى أين؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نهاية أبوبكر البغدادى تفضح التعاون الخفى بين التنظيم وأنقرة
هيكلية التنظيم «باقية».. هكذا يُدار التنظيم الإرهابى بعد مقتل «زعيمه»
إدارة الولايات البعيدة.. «كلمة السرّ» في بقاء فروع داعش
مجلس الأمن: هياكل القيادة الداعشية «باقية» مدير سابق لـ«مكافحة الإرهاب»: مقتل البغدادى لا يعني النهاية
الفرص الحقيقية لتمدد تنظيم القاعدة على حساب الدواعش
دراسة لجامعة «هارفارد»: الجماعات الإرهابية ذات البعد أكثر عرضة للتأثر بموت زعمائها 
هشام النجار: داعش كان يعانى من انشقاقات وانقسامات داخلية.. بعض عناصر التنظيم دفعت بأن «البغدادى» لا يصلح للقيادة
أثار مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، أبوبكر البغدادي، في سوريا، الأحد 27 أكتوبر 2019، في عملية أمريكية، العديد من التساؤلات بشأن مستقبل التنظيم وفروعه، وكذلك حول الدول التى تدعمه في الخفاء، إضافة إلى وضع أعضاء التنظيم وترتيب صفوفه داخليًا بعد تضاؤل عملياته الإرهابية وفقدان الكثير من معاقله في سوريا والعراق، فأى مستقبل ينتظر التنظيم بعد مقتل البغدادى؟
وقد أثار إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمقتل زعيم تنظيم داعش، «أبوبكر البغدادي» في سوريا، تساؤلًا حول علاقة أنقرة بالتنظيم ودعمه في الخفاء، رغم تصريحاته بدور تركيا في إتمام العملية.
وخرج الرئيس الأمريكى بتصريحات مثيرة، الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩، عندما أكد أن عملية قتل زعيم تنظيم داعش تمت بمساعدة كل من روسيا وتركيا، وهو الأمر الذى نفته موسكو.



المنطقة الآمنة
جاء توقيت مقتل زعيم تنظيم داعش، تزامنًا مع الاتفاق المبرم بين أمريكا وتركيا، بشأن المنطقة الآمنة في شمال سوريا، وربما ذلك السبب دفع أنقرة للتعاون مع واشطن في مجال مكافحة الإرهاب من أجل إقناعها بالسماح للنفوذ التركى بالتزايد في الشمال السورى ودحر الأكراد.
وفى عام ٢٠١٧، أشار مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، خالد عكاشة، في تصريحات لـ جريدة العين الإماراتية، إلى أن تركيا تبنت تنظيم داعش في نشأته، ليس فقط بسماحها للمقاتلين الأجانب بالمرور من أراضيها للالتحاق بالتنظيم، ولكن أيضًا دفع التنظيم للعب دور عسكرى منفصل عن باقى فصائل المعارضة السورية المسلحة.
جدير بالذكر أن تركيا رفضت المشاركة في التنظيم الدولى لقتال داعش، الأمر الذى دفع الولايات المتحدة لتبنى الأكراد كقوة برية قتالية ضد داعش، وهو الأمر الذى أغضب تركيا كثيرًا، ما يرجح دعم أنقرة في الخفاء للتنظيم الإرهابي.
صحيفة نيويورك تايمز، الأمريكيةـ أكدت في تقرير بمارس ٢٠١٧، بدعم تركيا لتنظيم داعش الإرهابى ماليًّا من خلال شراء النفط المسروق من سوريا بأبخس الأسعار، فضلًا عن إنشاء أنقرة معسكرات لاستقبال المقاتلين، ومن ثم توزيعهم على مناطق القتال في سوريا.
وتنوع الدعم التركى لـ«داعش» بين الدعم المادى من تسليح المقاتلين بأحدث الأسلحة والذخيرة، حيت تم تأهيل مسلحى داعش على أعلى المستويات مقارنة بباقى التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا وليبيا – بحسب الصحيفة.



علاقة تركيا بتنظيم داعش
رفضت تركيا الانضمام للتحالف الدولى لمحاربة التنظيم بداية الإعلان عنه وعودتها بعد تصريحات الولايات المتحدة هزيمة «داعش» يطرح تساؤلًا حول طبيعة العلاقة بين تنظيم داعش وأنقرة، خصوصا بعد قرار رجب طيب أردوغان الالتحاق بالمعسكر المنتصر (التحالف الدولي).
خالد الزعفراني، الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، قال إن مقتل البغدادى يمثل ضربة قوية للتنظيم لأنه بمثابة القائد وله رمزية لدى أعضائه، ومقتله يؤكد فقدان التنظيم القدرة على حماية قياداته البارزين ما سيترتب عليه عدم تنفيذ عمليات كبيرة كما كان في السابق.
وأضاف في تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أن مقتل البغدادى يعتبر بداية حدوث الانقسامات داخل التنظيم، متوقعًا أن ٧٥٪ من أعضاء التنظيم الحاليين سيتركونه، وبالتالى سيعجز التنظيم عن تجميع خلاياه مرة أخرى.
وتعليقًا على الدور التركي، أكد أن أنقرة ليس لها دور محورى في مقتل البغدادى لأن العملية جاءت بتنفيذ من المخابرات الأمريكية.

وفى أوائل يوليو عام ٢٠١٦، نشرت مؤسسة «الفرقان»- الذراع الإعلامية لتنظيم داعش- مقطعًا مرئيًا بعنوان «صرح الخلافة»، كشفت فيه للمرة الأولى عن هيكل التنظيم والولايات التى أسسها في سوريا والعراق وخارجهما.
وتضمن الإصدار إشارة إلى ما سمى بـ«اللجنة المفوضة» دون الكشف عن الاختصاصات المنوطة بها أو دورها في العمليات الإرهابية.
وبحلول يوليو ٢٠١٧، بدأت المعلومات عن اللجنة المفوضة تتكشف؛ إذ كلفها زعيم التنظيم الإرهابى وقتها أبوبكر البغدادى بإدارة شئون التنظيم ومتابعة ما وصفه بمظالم المسلمين داخل معاقل داعش.
«أمير المؤمنين يكلف اللجنة المفوضة برفع المظالم عن المسلمين».. كانت هذه الكلمات ملخصًا لرسالة -حصلت «البوابة» على نسخة منها- موهت بما يسمى «ختم ديوان الخليفة»، وكانت موجهة لحجى عبدالناصر العراقى أمير اللجنة المفوضة سابقًا.
جاءت الرسالة عقب أسابيع من إعلان وزارة الدفاع الروسية مقتله في غارة جوية مزعومة على معاقل داعش في سوريا عام ٢٠١٧، وهو الأمر الذى ثبت لاحقًا عدم صحته.
عقب الإعلان، اختفى «البغدادي» لفترة طويلة قبل أن يعود للظهور من جديد ويطوف على «قواطع داعش» بمدينة الميادين السورية في ذلك العام، ويؤكد أنه كلّف اللجنة المفوضة بإدارة شئون التنظيم.
«اللجنة المفوضة».. المتحكم الحقيقى
خلال عام ٢٠١٧، عاش تنظيم داعش الإرهابى صراعًا بين أكبر تيارين داخله وهما التيار المنسوب لشرعى داعش المقتول تركى البنعلي، والتيار المسمى إعلاميًّا بتيار «الحازمي».
وفى تلك الفترة، طالب عدد من قادة التنظيم الإرهابى «أبوبكر البغدادي» بالظهور وحل الخلاف الذى تسبب في خسارة «داعش» لعدد من المناطق التى كان يسيطر عليها، لكن «البغدادي» اكتفى بإرسال رسالة مختومة بختمه «الأحمر» أكد فيها أن اللجنة المفوضة هى التى تتابع شئون التنظيم، وأنه يتلقى تقارير دورية عبر أمير اللجنة المفوضة المعروف بـ«حجى العراقي».
ووفقًا لعدد من الوثائق- حصلت «البوابة» على نسخة منها- من بينها رسائل الشرعى الداعشى السابق «أبوجندل الحائلي» لزعيم التنظيم الإرهابى «أبوبكر البغدادي»، فإن البغدادى كان مختفيًا أغلب الوقت ولم يكن له دور حقيقى في إدارة التنظيم.
وبحسب «الحائلي» فإن قيادات اللجنة المفوضة هم المسئولون عن داعش، واتخاذ القرارات المهمة، بينما كان «البغدادي» يحرص على قطع تواصله عن العالم الخارجى خشية سقوطه في أيدى قوات التحالف الدولى الذى يحارب التنظيم.
وتشير الوثائق إلى أن اللجنة المفوضة مكونة من عدد من القيادات أبرزهم أمير ديوان الأمن العام الداعشي، وأمير ديوان الجند، والأمير الشرعى للتنظيم، ويترأس اللجنة «عراقي» مهمته متابعة العمليات الإرهابية وتنسيق جهود التنظيم والتحكم في الأموال التى بحوزته.
وذكر برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، أن حجى العراقى هو المسئول عن قيادة اللجنة المفوضة لتنظيم داعش، كاشفًا أن «العراقي» مرشح بقوة لخلافة «البغدادي» في إمارة التنظيم الإرهابي.
كما تضم اللجنة المفوضة قياديًّا داعشيًّا مسئولًا يوصف بأنه أمير هيئة الهجرة التى ينضوى تحتها قسم العمليات الخارجية، وهذا القسم هو الذى نسق الهجمات الخارجية لتنظيم داعش الإرهابى في فرنسا وبلجيكا وسيريلانكا، بحسب صحيفة «النبأ» الأسبوعية الصادرة عن التنظيم الإرهابي.
بحسب دراسة سابقة للمركز الدولى لمكافحة التطرف العنيف، فإن تنظيم داعش لديه شبكات في أوروبا وآسيا، وهى شبكات رئيسية مكلفة بمهام محددة وتتلقى توجيهاتها من الأمنيين الخارجيين المكلفين بالإشراف على العمليات الإرهابية في خارج سوريا والعراق.
إدارة الولايات البعيدة.. «كلمة السرّ»
إصدار صرح الخلافة الذى نشره تنظيم داعش في ٢٠١٦، أكد أن فروع داعش الخارجية في أفريقيا وآسيا يتم إدارتها عبر ما يسمى بإدارة الولايات البعيدة والنائية، وهى جهة إدارية تتبع اللجنة المفوضة لإدارة شئون داعش.
وبحسب مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأمريكية، فإن تنظيم داعش يشرف عبر تلك الإدارة على التزام الفروع الخارجية في غرب ووسط أفريقيا وأفغانستان والفلبين بالمنهج والخطة المرسومة من قِبل قيادة التنظيم.
وبحسب تقارير سابقة لـ«البوابة»، فإن الفروع الداعشية لديها ما يسمى بمجلس الشورى، وهذا المجلس مسئول عن اختيار قائد الولاية الداعشية وتزكيته لقيادة التنظيم الإرهابى في سوريا والعراق لتوافق على توليه المنصب.
وأوضحت منظمة الدفاع عن الديمقراطية (منظمة أمريكية معنية بشئون الإرهاب الدولي)، أن إدارة الولايات البعيدة أرسلت مندوبين عنها خلال يونيو الماضى إلى أفغانستان وأن هؤلاء المندوبين التقوا بأعضاء ما يسمى بمجلس شورى ولاية خراسان، وقرروا تولية «الملا أسلم فاروقي» منصب والى خراسان بدلًا من «مولوى ضياء الحق».


مجلس الأمن: هياكل داعش «باقية»
في السياق ذاته، أصدر مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة في يوليو الماضي، تقريرًا تفصيليًا عن وضع تنظيم داعش في العراق وسوريا وفروعه الخارجية عقب سقوط الخلافة المكانية التى انهارت في مارس ٢٠١٩.
وأكد تقرير مجلس الأمن، أن هياكل القيادة والسيطرة الداعشية لم تسقط حتى بعد انهيار الخلافة المكانية والسيطرة على آخر معاقل داعش في قرية «الباغوز» السورية.
وألمح التقرير إلى أن تنظيم داعش رغم خسارته للأرض وفقدانه عددًا كبيرًا من قادته، فإنه طور آليات تواصله مع فروعه الخارجية، وقام بسلسلة تغييرات هيكلية داخلية لكى يستطيع الاستمرار في الحرب الاستنزافية التى يشنها ضد الدول المحاربة له.
ولفت التقرير إلى أن التنظيم واصل توجيه الرسائل والإرشادات لفروعه وكلفهم بتصوير فيديوهات لتجديد بيعة «البغدادي»، ونشرها ديوان الإعلام المركزى خلال الفترة الزمنية التى تلت سقوط قرية الباغوز في قبضة القوات الكردية.

مقتل البغدادى لا يعنى نهاية «داعش»
من جانبه اعتبر «جوشو جيلتزر» المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومى الأمريكى سابقًا، أن مقتل زعيم تنظيم داعش لا يعنى انتهاء التنظيم الإرهابي.
وأضاف «جيلتزر» في تحليل سابق له، أن «البغدادي» خاطر بظهوره الإعلامى المتكرر في مقابل بقاء تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن ظهوره في لقاء مرئى تلاه إصدار صوتى في أبريل وسبتمبر الماضيين أتاح لأجهزة الاستخبارات تحليل المواد الدعائية والتوصل للأماكن المحتملة له.
واعتبر المدير الأسبق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومى الأمريكي، أن زعيم داعش كان يعى خطورة ظهوره، وكان متأكدًا من أن ذلك سيؤدى لقتله، لكنه آثر الظهور لإيصال رسالة لأنصار داعش بأن التنظيم باقٍ وسيواصل العمل الإرهابي.
وتابع: تنظيم داعش بقى على هياكله القديمة، وسيواصل العمليات الإرهابية حتى بالرغم من القضاء على البغدادى الذى كان يمثل «قيادة كاريزمية» أكثر منه «قيادة تنظيمية».
وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أعلن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابى «أبوبكر البغدادي»، خلال عملية عسكرية خاصة على قرية باريشا التابعة لمحافظة إدلب السورية.

الفرص الحقيقية لتمدد تنظيم القاعدة على حساب الدواعش
كما أنه في ظل الأحاديث المتواترة عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» أبوبكر البغدادي، وتصريحات المتابعين للملف الإرهابى مثل «ريتا كاتز» مسئولة موقع «سايت» حول سعادة العناصر القاعدية بمقتل البغدادي، يبرز التساؤل حول الفرص الحقيقية لتنظيم «القاعدة» في التمدد على حساب «داعش» بعد مقتل زعيمه.
هذا التساؤل هو رد متتالٍ على سؤال آخر مهم أيضًا متعلق بمستقبل «داعش» وهل بالفعل سيتأثر التنظيم بمقتل زعيمه وسيتشتت تمامًا أو سيواصل التماسك والاقتتال على الأرض؟ وماذا عن الملفات الإقليمية وبالأخص جنوب شرق آسيا وأفريقيا التى يتنافس على أراضيهما التنظيمان، ويدفعان لتجنيد العناصر الأكثر لكلٍّ منهما؟
رابطة الزعامة والاستمرارية
وفقًا لنظرية الزعامة وتأثيرها على الاستقطاب المتطرف، يطرح البعض احتمالية تراجع «داعش» بعد قتل أبوبكر البغدادي، ولكن نهاية التنظيم بشكل فعلي، فإنها ليست سوى أطروحة سيُسفر المستقبل عن جديتها من عدمها.
وتقول دراسة لجامعة «هارفارد» الأمريكية بعنوان «قطع الرؤوس ونهاية الجماعات الإرهابية»: إن الجماعات الإرهابية ذات البعد الدينى تكون أقل مرونة في تكوينها من الداخل، ولذلك فهى أكثر عرضة للتأثر بموت زعمائها، ولكنها في ذات الوقت لا تفقد وجودها بشكل كامل.
وأظهرت الورقة البحثية أن المجموعات الإرهابية الإسلاموية أقل عرضة بنسبة ٨٠٪ عن الجماعات الإرهابية ذات الأبعاد الأخرى، من حيث التفكك الكلي، وانتهاء الأيديولوجية بمجرد قتل رؤوس القيادة؛ ما يعنى أن الفكرة الإرهابية ببعدها الإسلاموى تظل باقية رغم ضعف الجماعة أو قلة الاستقطاب الداخلى لها، ولكن بنيتها الفكرية تبقى موجودة وإن استضعفت.




احتمالات التراجع الداخلي
في رأى آخر، يعتقد هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإرهابية، في تصريح لـ«البوابة» أن أنباء مقتل أبى بكر البغدادى -إن صحت - فإنها ستؤثر قطعًا على التنظيم، وستربك حساباته الداخلية، وسيكون لها الكثير من الأثر على عملية التجنيد المستقبلى لعناصر التنظيم الجدد.
ولكن «داعش» يشهد بالأساس تراجعًا كبيرًا حتى في ظل زعامة «البغدادي»، فمن وجهة نظر «النجار» عانى التنظيم انشقاقات وانقسامات كثيرة بالداخل، وتعرض زعيمه في حياته للكثير من الاعتراضات من قبل العناصر المختلفة التى دفعت بأن «البغدادي» لا يصلح للقيادة العسكرية للتنظيم، حتى إن بعضهم كون جبهات لمعارضته، وتم قتل بعضهم بتهمة الخيانة والتراجع عن الولاء لزعيم التنظيم، ومن العناصر من حمل «البغدادي» مسئولية انهيار وتراجع التنظيم وخسارته للمعارك في الباغوز السورية، إذ إن التنظيم دحر في عهده، وخسر معاقله الجغرافية في الشرق الأوسط.
أما المتغير الآخر الذى يرجح تراجع «داعش» بعد البغدادى من وجهة نظر «هشام النجار»، فيعود إلى الصراعات المحتمل أن تتصاعد على الزعامة القادمة للتنظيم، فمن سيخلف البغدادي؟ هذا تساؤل من شأنه أن يثير الكثير من المشكلات داخل التنظيم، كما أنه من المحتمل أن يُسفر عن حالات قتل داخلية.
الاستفادة القاعدية
ويقول هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإرهابية: إنه بناء على ما سبق فإن الأرجح في الوقت الحالى والقادم أيضًا أن «داعش» سيتراجع كثيرًا داخل مناطق نفوذه السابقة في الشرق الأوسط، وسيؤثر ذلك على المشهد الإرهابى بشكل كبير، إذ إن أى تراجع لداعش يصب مباشرة في مصلحة تنظيم «القاعدة» المنافس الأول له.
ولكن ما قد يظفر به القاعدة في منطقة ربما يخسره في أخرى، فالواقعية السياسية والإستراتيجية قد تحتم على داعش التبلور والتعاون مع القاعدة أو مع غيرها من التنظيمات، وذلك وفقًا للأهداف والمصالح المطروحة، إذ إن التحالف يأتى فقط في مراحل الضعف، أى أن هذا التعاون أو الاندماج المحتمل لن يكون على مستوى الإذابة الفكرية أو الأيديولوجية أو حتى العلاقات المستدامة، ولكنها مرحلية فقط تفرضها الظروف الضعيفة للتنظيم حاليًّا بالشرق الأوسط.
أما مناطق السيطرة القديمة للقاعدة في جغرافية جنوب شرق آسيا، والتى لطالما نافس فيها داعش مؤسسًا ولاية خراسان، فإن احتمالات العودة للجذور ضعيفة، إذ يرى «النجار» أن احتمالية عودة العناصر الداعشية إلى تنظيم القاعدة هى أطروحة ضعيفة، وهو ما ينطبق أيضًا على مواقع أفرع التنظيم في أفريقيا، مرجعًا ذلك إلى قوة داعش في هذه المناطق، وأن الاختلافات الفكرية والأيديولوجية بين التنظيمين جوهرية ولا يمكن القفز عليها بسهولة.
التمويل والبقاء
وعلى الرغم من مشروعية نتائج الفكر والأيديولوجية ولكن يبقى التمويل المتغير الأهم في بقاء الجماعات الإرهابية لتصدر المشاهد الدولية، فالمال يضمن استمرارية المعارك، كما أنه يحمل بوصلة التجنيد الإرهابي، فحيثما يوجد المال يكون التطرف، ولذلك فمن المحتمل أن مقتل «البغدادي» وما سيشهده التنظيم من تراجع قوى أو نسبى وفق سرعة إعادة ترتيب الصفوف سيؤثر على تدفق الموارد المالية للتنظيم، وهو ما سيخلف بدوره تغيرًا مذهبيًّا في عقائد بعض العناصر للانضمام إلى الجماعات التى ستوفر لهم المال اللازم أو سيطرح المستقبل تنظيمًا آخر جديدًا يضم مشتتى داعش كما يضم آخرين جددا إليهم من أجيال مختلفة للتطرف.