الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

طه حسين.. جرأة النقد والكتابة

طه حسين
طه حسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل اسم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين علامة مضيئة في تاريخ التنوير العربي، فهو الذي قاد وبجدارة الموجة التنويرية التي انطلقت مع عودة الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي إلى مصر وظهور كتابه "تخليص الإبريز"، فكان إلى جانب الأستاذ الإمام محمد عبده، وقاسم أمين، والكواكبي، وعلي عبدالرازق، وغيرهم في صف المواجهة.
طه حسين، الذي تحل ذكرى وفاته اليوم الإثنين، حيث رحل في 28 أكتوبر من العام 1973، تميز بنقده الشديد للتراث العربي، واستمرارية بحثه حول مواطن القوة في تاريخنا العربي والإسلامي، ومواطن الضعف التي تحتاج لجرأة المواجهة.
تعامل الدكتور طه حسين مع التاريخ الإسلامي بطريقتين هامتين، الأولى طريقة عقلية منهجية واعية تمثلت في مناقشة القضايا والأفكار بهدف إعادة تنقيح التراث والتثبت منه ومعالجة الإشكاليات الكبرى فيه، حتى لا يستمر البناء التاريخي عندنا قائمًا على الأكاذيب والمجهولات، وهذا ما نجده في كتب مثل "في الشعر الجاهلي" وكتاب "الفتنة الكبرى" وكتاب "مرآة الإسلام".
بينما تمثلت الطريقة الثانية في الاهتمام بالتراث بالجانب الحكائي، أي جمع الروايات والأخبار وتقديمها بأسلوب أدبي راق بعيدا عن تعثر اللغة القديمة، وعن الأخبار المطولة، والأسانيد المرهقة، ومن نوعية هذا الكتب "على هامش السيرة" و"الوعد الحق"، ويرجع السبب في كتابة مثل هذه الأعمال ما أكده من أن قراءة الأدب القديم باتت عسيرة على أبناء الجيل الحديث، وأن فهمه وتذوقه يعتبر أشد عسرا، وأرجع السبب في ذلك إلى صعوبة تناول البعض للأسانيد المطولة والأخبار التي تلتوي بسبب الاستطراد، إلى جانب غرابة اللغة القديمة التي يمتنع فهمها وتذوقها على كثير من الناس، لذلك قرر عميد الأدب أن يقدم ذلك التراث الكبير في لغة سهلة، وفي شكل حكائي رائع، يستطيع من خلاله المتلقي أن يستوعب تلك الآداب القديمة وأن يتلذذ بها ويستمتع بسحرها وبيانها.
ولأنه كاتب مشاكس ومتمرد فقد تعرض للعديد من الأزمات في حياته، أبرزها أزمة كتاب "في الشعر الجاهلي" الذي أصدره في العام 1926، وهو ما أثار حفيظة الناس وخاصة أنصار التيار الكلاسيكي في دراسة الأدب، وقد تسبب الكتاب في موجة عنيفة من الهجوم طالت طه حسين وتسببت في بعض الأحيان في فصله من العمل، وتداخلت مع خط الأزمة أمور تتعلق برجال الدين ورجال السياسة، وواجه حملات ضخمة في التشويه والاتهام بالكفر ومعارضة النص القرآني.
وعلى الرغم من تعرض طه حسين للمساءلة وتقديمه للمحاكمة وفصله من الجامعة ومحاولة نقله لوظيفة بعيدة عن مجال التدريس حتى لا يشوه أفكار الطلبة كما زعم البعض آنذاك، فإنه لم يتخوف من كل هذا واستمر في معركته، يخوضها بصبر وعزيمة لا تفتر.