الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

نوال السعداوي.. شجاعة المواجهة

نوال السعداوي
نوال السعداوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل اسم الدكتورة نوال السعداوي علامة بارزة في تاريخ الحركة النسوية الحقوقية، بكتبها، ومقالاتها، وأعمالها المتنوعة، التي تميزت بالجرأة، تناقش حقوق المرأة، وتنشغل بالمجتمعات العربية المأزومة بقضايا الإرهاب والأصولية الرجعية، والحروب المدمرة، وضياع وجود وكيان المرأة وسط كل هذه البلاءات.
سعداوي، الذي تحل ذكرى ميلادها اليوم الأحد، حيث ولدت في 27 أكتوبر من العام 1931 مشت في طريق محفوفة بالمخاطر والأشواك، عرضت نفسها لانتقادات الجماعات الدينية ولا سيما المتطرفة التي توعدتها بالقتل، وتلقت الكثير من اتهامات بالكفر، لكنها لم تنشغل بمثل هذه العراقيل التي تستطيع أن توقف النهر عن التدفق. 
هذه الشخصيات الجريئة والمتمتعة بعقول نقّادة قادرة على الاشتباك مع القضايا الأكثر حساسية، وتفكيك منطق الجماعة المعقد، الذي يناصر عادات وأفعالا مسيئة لأفراده، هذه الشخصيات تقابل أول ما تقابل عزلا اجتماعيا، يقوده رجال يتسمون بالتقليدية والمحافظة، وآخرون ينتمون لتيارات متطرفة، يشنون هجومًا عنيفًا على مبادئها وأخلاقها، حتى لا يستمع إليها الشباب، ولا يقرأ لها أحد، ولا يناصر قضاياها إنسان.
كانت ماهرة في مخاطبة العقول، فالذي يقرأ لكتابات الدكتورة نوال يجد عذوبة ورقة بالغة، في الوقت نفسه هي لا تستسلم لمنطق التأثير على الناس بتحويراتها الأدبية وعباراتها الملفوفة بالرقة والحنان، هي تقدم آراءها في لغة رائقة مشفوعة بتصورات عقلية، وبصورة منطقية للغاية، وانشغلت في مؤلفاتها بالمرأة وكيفية تربيتها، وطرق المجتمعات الشرقية في حصار المرأة، والضغط عليها لتظل حبيسة البيوت، فليس لها الحق في شيء، إلا في تجميل نفسها للرجل فقط، لكن خروجها للعمل ومنافسة الرجل على أعلى المناصب، يعتبر جريمة لا تغتفر، فهي -وفق تصورات تلك التيارات- عورة، يجب أن تتخفي ولا يظهر منها إلا العينان من وراء شاش رقيق يتيح لها الرؤية.
عارضت سعداوي الكثير من العادات وهاجمت أخلاق الرجل الشرقي الذي يرى في المرأة مصدرا رخيصا للمتعة، ووقفت بجوار الفتيات تزرع فيهن الثقة وتطالبهن بمزيد من النجاحات العلمية والمهنية، ساندت قضايا التمرد الفكري، وحرية الإبداع، ناقشت الأمور السياسية، واشتبكت مع الحق العربي الفلسطيني، ترفض كل أشكال التمييز القائمة على أساس الدين أو العرق أو اللون. 
يمكننا القول إنها شاهدت كثيرا قد تحقق مما طمحت إليه، بينما يظل الأكثر بحاجة لمزيد من التوعية بشأنه، لقد كانت مصدرا كبيرا من مصادر المعرفة لأجيال كثيرة من الشباب، عرفوا في مقالاتها وكتبها شجاعة المواجهة وجرأة التفكير، ورسموا لعقولهم الطريق ناحية التمرد والثورة على الأفكار القديمة، التي لا تصنع مجتمعًا مدنيًا راقيًا، بقدر ما تؤسس وترسخ لعبودية الإنسان للإنسان.