الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"مصر- أفريقيا".. ودبلوماسية التنمية

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في لحظة تاريخية قبل ٥٦ عاما، تأسست منظمة الوحدة الأفريقية، ومع تحولها إلى الاتحاد الأفريقي في عام ٢٠٠١، تولى الاتحاد مهمة تسريع وتسهيل الاندماج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للقارة، فعمل على تعزيز مواقف أفريقيا المشتركة بشأن القضايا التي تهمها وشعوبها، تحقيقا للسلام والأمن. 

وأعطت مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي هذا العام ٢٠١٩ إشارات سياسية واضحة وقوية على دورها الاستراتيجى في أن تكون بوابة أفريقيا للعالمية، من خلال نجاحها في مد جسور التواصل بين الدول الأفريقية والعالم، واضعة في الاعتبار أفريقيا الحاضر وتطلعات المستقبل، خاصة وأن لديها إرادة سياسية لمواصلة المساهمة الفاعلة في العمل الأفريقي الجماعى لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة والشراكة بين دولها، بالإضافة إلى التحرك على المستوى الثنائي مع بلدانها لتعزيز المصالح المتبادلة.
ويستند التوجه المصري تجاه القارة الأفريقية بهذا الزخم إلى تعزيز قوة أفريقيا وإقامة مجتمع قوي، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الدور المحوري الذي اضطلع به الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ توليه رئاسة مصر، والذي أدرك أهمية القارة لمصر، وأهمية مصر لأشقائها الأفارقة، فأصبحت ركائز السياسة الخارجية المصرية قائمة على فتح آفاق جديدة للتعاون الدائم مع أفريقيا، باعتبارها العمق الاستراتيجي الأكبر والأكثر أهمية لمصر.
وإحدى الأولويات المهمة على أجندة مصر في رئاستها للاتحاد تمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأفريقية، من خلال تطوير منظومتي الزراعة والتصنيع بالقارة، مع التأكيد على الدور المحوري لشباب ونساء القارة لتحقيق أهداف أجندة 2063، بالإضافة إلى تطوير منظومة السلم والأمن الأفريقية، خاصة في مجال إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وترسيخ قيم الحوكمة والشفافية والمساءلة، وتشجيع القطاع الخاص والمجتمعي على المساهمة في البرامج والمشروعات الأفريقية القارية، وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين، استنادًا إلى مبادئ الاحترام المتبادل، وتحقيق المصلحة المشتركة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية. 

وركز برنامج عمل مصر على "دبلوماسية التنمية"، إلى جانب اقتحام العديد من القضايا الكبرى التي تتعلق بالأمن والإرهاب والتعاون بين الجنوب والجنوب، بما يحقق تطلعات شعوب القارة والتكامل بين دولها، وعملت مصر على ترتيب أولويات هذه القضايا، حيث هناك العديد من المشكلات التي كانت تعوق تنفيذ التنمية على أرض الواقع بشكل أمثل، وهناك ضرورة ملحة لتفعيل الجهود لمواصلة مواجهة التحديات التى تعوق التنمية. وانعكست دبلوماسية التنمية بشكل واضح في الأولويات التي حددتها مصر في ظل رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، وفي مقدمتها تعزيز التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى في القارة، بما في ذلك التركيز على مشروعات وبرامج البنية التحتية العابرة للحدود، باعتبارها السبيل لتحقيق تنمية القارة، بما يتماشى مع أهداف أجندة التنمية ٢٠٦٣.
"إقامة مجتمع قوي"، شعار جديد ساهم في توطيد علاقات التعاون بين دول القارة، ومنهاج عمل ارتكزت عليه مصر، حيث عززت تنامي "دبلوماسية التنمية"، ذلك الملف الذي نجحت بموجبه في وضع أفريقيا على طريق التعاون والشراكة الدولية، فشهدت السياسة الخارجية المصرية توجها نحو تعزيز القوة الناعمة لأفريقيا، ورسمت خريطة جديدة لها تتزايد فيها فرص العمل والتنمية والتجارة وريادة الأعمال.
ودبلوماسية التنمية هى ترجمة للبعدين الاقتصادي والتجاري للدبلوماسية التقليدية، واستغلال لكل ما تتيحه الدبلوماسية التقليدية من قنوات اتصال وأطر للتعاون مع الدول الأجنبية لخدمة اقتصاد بلدان أفريقيا،من حيث البحث عن أسواق جديدة للمنتج الأفريقي واستقطاب وجلب رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية للاستثمار فيها. 
وهي أيضا إستراتيجية نبعت من عزم مصر على تعميق الشراكة السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع أشقائها الأفارقة، استنادا إلى الانتماء الجغرافى والتاريخي لقارتها السمراء، انتماء دفع إلى مزيد من العمل والتعاون لمواجهة التحديات، وهذا الوعي والإدراك، لطبيعة الانتماء المصري لأفريقيا، نبع إيمان مصر بدورها وواجبها نحو قارتها.

عززت دبلوماسية التنمية التي انتهجتها مصر خلال رئاستها للاتحاد، فرص أفريقيا كقوة اقتصادية قادرة على الترويج للتقدم الملموس في القطاع الاقتصادي والتجارى في بلدانها، حيث إن الدينامية الاقتصادية لتلك الدول من شأنها ان تحل الكثير من المشكلات التي تعاني منها، مما يساهم في الحد من تسونامي الهجرة التي تعرفها القارة نحو "الشمال المتقدم".
تحديد الأهداف وتعبئة الموارد، عاملان ضروران لتمكين الدول الأفريقية من الوسائل الضرورية لتجسيد دبلوماسية التنمية التي تبقى رهينة توحيد الجهود والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية بالشأن الاقتصادي، وتحقيق هذه الأهداف يبقى رهين بذل الجهود والرؤية المشتركة والتآزر بين جميع الأطراف المتداخلة في العمل الاقتصادي بأفريقيا والمطالبين بالمساهمة فيه، واستقطاب وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو الثلاثية (التعاون الثلاثي) لأفريقيا، والنهوض بالصادرات الأفريقية من خلال الانفتاح على أسواق جديدة.
وترتكز مصر على نهج أفريقي موحد وجديد، يهدف إلى التقاء جهود كل المتداخلين في مجال البناء والتنمية (البرلمانيون وهياكل الدعم وغرف التجارة والصناعة والغرف المشتركة) لجلب الاستثمارات والنهوض بمزيد من الصادرات مع وضع إستراتيجية للتأثير والضغط للدفاع عن المصالح الاقتصادية والتجارية الوطنية لدى الهيئات والمنظمات الدولية ومتعددة الأطراف، وتعد اليقظة التنموية والإستراتيجية التى شملت توقيع وإبرام العديد من الاتفاقيات والتفاهمات والبروتوكولات مع الدول المتقدمة أساسية لتمكين بلادها من استغلال الفرص وتوظيفها لصالح الاقتصاد والتجارة الأفريقية.
وعلى وقع الجهود المصرية الرامية إلى تعزيز شراكة تضامنية بين أفريقيا والتجمعات والتحالفات الاقتصادية العالمية الموجودة سابقا، والتى تم تدشينها مؤخرا "منتدى روسيا أفريقيا"، تحققت نجاحات كبرى وشراكات اقتصادية وتفاعلات بين أفريقيا والفاعلين الدوليين، ضاعفت من حجم التبادل التجارى الأفريقي حول العالم، ولعبت "دبلوماسية التنمية" فيه دورا هاما.