الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضفضة حول القومية العربية "6".. التشرذم العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يختلف اثنان على أن دولنا العربية تعانى حالة تشرذم، جعلها في حالة من الفرقة والافتراق في قضايا كانت حتمية إلى أجل قريب، وهى الآن تشكل هدفًا للطامعين من أصحاب الأحلام الإمبراطورية التى عفا عليها الزمن منذ مئات السنين، ما يجعل التعاون بين هذه الدول حتميًا لدفع هذه الإخطار، إلا أن الواقع جاء بخلاف ذلك؛ حيث طغت أجواء قلة الثقة، بل انعدامها أحيانًا، على علاقات العرب ببعضهم.
وقد تأخرت الدول العربية بسبب عدم التعاون. 
ولم يرق مستوى الاتصال إلى طموحات شعوب تلك الدول، ما أثر في تنميتها الداخلية وفى حصانتها الخارجية.كثير من الدول العربية ما جعلها أمام معضلة صعبة لا يمكن الهروب منها، فيما تفوقت دول عدة عليها في نواحى التنمية الاقتصادية والعمرانية والرياضية والسياسية، بسبب تعاونها المستمر وتواصلها الدائم من أجل الوصول إلى التكامل.إن التطورات الجارية إقليميًا ودوليًا لا تشير إلى أن الوضع العربى إلى التئام، فسوريا لا تزال بين حرب وتشريد وجماعات متطرفة وأطماع من هنا ومن هناك آخرها دخول تركيا إلى الشمال السورى، وليبيا تصارع من أجل الاستقرار، والعراق يدفع ثمن طائفية فتكت بالمجتمع، ولبنان يعانى غياب الدولة، واليمن لا تزال تواجه المجهول،وبطبيعة الحال هذا الوضع لم ينشئ من فراغ، وإنما كان نتيجة لعوامل كثيرة جدًا أحاطت بها أطماع الدول الاستعمارية.
وجعلت منها حاملًا لكثير من مشاريعها التى تهدف إلى تقسيم المنطقة وإضعافها وجعلها تابعًا، وهذا ما حدث بالفعل لعدد من دول المنطقة التى تم تكبيلها بمعاهدات واتفاقات إقليمية ودولية، جعلت الشغل الشاغل لحكام وقيادات الدول العمل بكل طاقاتها لمنع حدوث أى اهتزازات أو انهيارات سياسية واقتصادية وسياسية في بلدانها، لعلها صمدت لفترة ما حتى وضعت جميع هذه الدول على حافة الهاوية، ولم تعد قادرة على أن تفكر بأى مشروع قومى عربى خارج حدودها لما أصابها من تقلبات واهتزازات دفع الشعوب العربية لها ثمنًا باهظًا جدًا وما زالت تدفع، ولكن إلى متى سيستمر هذا الاستنزاف لمقدرات دول المنطقة وشعوبها في غياب شبه كامل للمرجعيات السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية الثقافية والعلمية ونخب المجتمع في الوقت الراهن. وفى ظل هذه التعقيدات المتلاحقة تبقى علاقة العرب ببعضهم متشابكة تميل إلى الصراع أكثر من الميل إلى التعاون. النتيجة الحتمية لهذه الحالة من التفكك لا يحمد عقباها، فالعالم العربى في حاجة إلى مزيد من التماسك والقوة حتى يعمل على التنمية الداخلية بلا تحزب وطائفية وإرهاب، وعلى الحصانة الخارجية من الأعداء المتربصين بخيرات الأوطان الراغبين في نزع السيادة عنها.إن حراك الدول العربية الفاعلة للملمة الشتات العربى أمر لا بد منه في ظل التشرذم العربى، وذلك لن يؤتى أكله ما لم تتعاون هذه الدول لوقف نزيف البشر والموارد، إن الذى يجرى في العالم العربى اليوم ناجم عن مخطط ولد منذ مائة عام، نسجت خيوطه مجموعة من المفكرين وساعد في تنفيذه النظام العربى مع جملة من المتغيرات السياسية التى رعتها فرنسا وبريطانيا، وزرعت إسرائيل لقيادة تفكيك المنطقة مستغلة الفقر، والفرقة، والتخلف، والجهل، وغياب رؤية عربية موحدة لمواجهة هذه المخططات وللحديث بقية.