الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواجهة مشروع أردوغان بين التأسيس والتسييس (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متماهي مع مشروع جماعات العنف والتطرف والتمرد، نزع السلطان التركي عباءة أوروبا التي حاولت الأحزاب السياسية في تركيا أن تنتصر لتركيا الأوروبية ليلبس أردوغان صاحب مشروع الإسلام السياسي عباءة جديدة ممزقة بأفكار العنف معتقدًا أن هذه التنظيمات قادرة على عودة مجد أجداده، فأضر بقضية العرب والمسلمين أيما ضرر.
نجح الرئيس التركي في توفير حاضنة لكل جماعات العنف، كما نجح في توفير ملاذ آمن للجماعات المتطرفة على اختلاف أيدولوجياتها على بساط أرضه التي حكمت العالم عبر إمبراطورية امتد نفوذها لأقاصي العالم قبل مائة عام، فدعم كل التنظيمات المتطرفة داخل وخارج حدوده.
تركيا تحولت من مجرد داعم لجماعات العنف والتطرف إلى مصدّر رئيسي للعنف في العالم، حتى باتت وجها آخر للدوحة التي دعمت تنظيمات العنف في المنطقة العربية لأكثر من ثلاثة عقود، فبات الدور التركي واضحًا في ليبيا، كما أنها قدمت ذات الدعم لجماعات العنف والتطرف بمصر في مقدمتها حركة الإخوان المسلمين.
وللمفارقة العجيبة أنه يدعي مع كل مناسبة أن الهدف الأساسي من عملية نبع السلام هو مواجهة الإرهاب في شمال شرق سوريا، معتبرًا حزب العمل الكردستاني تنظيمًا متطرفًا، وليست أزمتنا مع الرئيس التركي في هذا السياق ولا مجال لمناقشة اعتباراته السياسية والدبلوماسية والعسكرية وإنما خلطه الأوراق بعضها البعض ودفاعه عن جماعات العنف.
اعتداء واضح وصريح على دولة عربية مجاورة وشقيقة من قبل الرئيس التركي بما يخالف العهود والمواثيق الدولية، وقتله لعشرات المدنيين تحت ادعاءات باطلة يدلل على ما ذهبنا إليه، نفس الرجل الذي خالف القوانين الدولية التي تجرم الاعتداء على الدول الآمنة، فمهما كانت المبررات السياسية فسيظل الاعتداء اعتداءً والغزو غزو.
الرئيس التركي لم يكتف بما يُعاقب عليه القانون الدولي عندما أجهز على المدنيين بدعوى الإرهاب، وإنما نجح في ضرب السجون التي يتواجد فيها مقاتلو "داعش"، وهو ما يمكن فهمه من سياق التحركات التركية.
فمنذ بدء عملية نبع السلام في 9 أكتوبر من الشهر الجاري و أردوغان يسعى جاهدًا لتحرير أسرى "داعش" حتى نجح في تحرير 785 متطرفًا حتى الآن أغلبهم من المقاتلين الأجانب، كانوا متواجدين بأحد السجون السورية بمخيم عين عيسى، وللمناسبة هذا السجن يتواجد فيه الآلاف من عوائل هؤلاء المتطرفين، ويرجح أن احدى السجينات وتسمى، توبة جوندال، والتي كانت تقوم بدور الخاطبة في تجهيز الزيجات لمقاتلي "التنظيم".
الرئيس التركي يرى أن مشروعه السياسي والفكري في المنطقة لا يمكن تنفيذه إلا من خلال التنظيمات الدينية المتطرفة، فاستضاف هذه التنظيمات على أراضيه بدءًا من حركة الإخوان المسلمين وميليشياتها المسلحة والمسئولين عنها ومرورًا بهيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقًا وانتهاء بتنظيم "داعش" الذي دخل للأراضي السورية عبر ممر مدينة تل أبيض على الحدود التركية، فدخل من هذا الممر وعبر تركيا لآلاف المقاتلين الأجانب الذي يسعى أردوغان لتحريرهم في الداخل السوري.
يدافع أردوغان عن مشروعه عبر أله عسكرية وأخرى إعلامية يقف الإخوان المسلمين طرفًا فيها سواء إخوان سوريا الحليف الأول للرئيس التركي والذين مهدوا الطريق أمام أردوغان للدخول إلى سوريا عبر قرية ممر عاشق التي يغلب التصنيف الأيديولوجي على ساكنيها، فضلًا عن معاونة الجيش الحر والتي يغلب على قياداته نفس الأفكار.
كما قام الإخوان المسلمون عبر وسائلهم الإعلامية بتبرير هجمات أردوغان وخلق مبرر للاعتداء على الشعب الكردي بكل مكوناته الهدف منه تحرير "داعش" من السجون السورية وإعادة إنتاج دولته التي أعلن عن سقوطها في مطلع عام 2019.
مواجهة مشروع "أردوغان" عربيًا لابد أن يأخذ بعدًا في فهم شخصيته واستخدام بعض أدواته في التعامل مع المعارضة المتطرفة واستقبالهم على أراضيه، والرسالة الهامة هنا يمكن اختصارها في حماية المعارضة التركية في المنطقة العربية واستثمار وجودها.