الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

للمرة الألف.. التصدي للبلطجة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار مقتل الشاب محمود البنا بمركز تلا محافظة المنوفية غضب الرأى العام المصرى، بل امتد الغضب إلى ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من الدول العربية.. ذنب محمود هو أنه اعترض شابا متحرشا بالشارع، رافضا مواصلة ذلك الشاب مضايقته فتاة تسير بالطريق العام.. وبناء على ذلك استل القاتل، واسمه راجح، مطواة ليطعن محمود طعناته القاتلة.
تم القبض على راجح وودع مركز تلا محمود البنا في مشهد مهيب وبقيت الجريمة شاهدة علينا وعلى المعاناة التى نلقاها في الطريق العام.
وصل بنا الحال فور الخروج من عتبات بيوتنا أن نكون مشاريع مهداة إلى المقابر أو بوابات السجن.. وعلى الرغم من كتابتى عن البلطجة في الشارع المصرى أكثر من مرة إلا أن الحال كما هو عليه، والمفترض أن يكون رد فعلى هو السكوت طالما الكتابة لا تغير من الأمر شيئا.. ولكن أن ترتفع مؤشرات الخوف- على الأقل لدى- هو ما يدفعنى للكتابة من جديد.. لقد ارتضينا معادلة صعبة منذ سنوات وهى أن نتحمل مصاعب الحياة مقابل توفير الأمن بالشارع، وهو الأمر الذى لم يحدث.. صوت البلطجة أعلى من صوت القانون يرافق ذلك مصاعب الحياة اليومية من ارتفاع أسعار وتفشى فساد المحليات وغيرها، لذلك أقول بملء الفم «المعادلة مختلة».
لو تابع أحدهم صفحات الحوادث أو دفتر أحوال أقسام الشرطة سوف يصرخ من هول ما يرى.. أطفال لم يبلغوا الثامنة عشرة من أعمارهم خلطوا شعر رأسهم بالجيل وارتدوا الجينز المقطوع ودفسوا البانجو في جيوبهم الخلفية بينما تلعب أياديهم بما تيسر من سلاح أبيض.. هذا المشهد ليس قاصرا على عشوائيات القاهرة والجيزة، بل امتد إلى عمق الريف، وها هى حادثة المنوفية تخبرنا عن تلك الحقيقة.. أقول لكم أكثر قبل يومين تم تثبيت واحد من الشخصيات العامة بمحافظة الإسماعيلية ومن رموزها المحترمة، بل كان واحدا من المرشحين للبرلمان ذات يوم، لن اكتب اسمه، لأنه لم يسمح لى بذلك.. نسأل هنا عن تلك الإهانة التى نلقاها في ختام أعمارنا.. هل يجدى الصمت والسكوت عن ذلك؟ سوف أكتب المقال تلو الآخر عن الشارع والناس والأمن والبلطجة، ولن أتوقف دفاعا عن حقنا في شارع منضبط.
أعرف أن الشرطة مرهقة في معركتها مع الإرهاب الجبان.. ولكن ها هى بذور الإرهابيين تنمو أمام أعيننا.. الموت المجانى للأبرياء.. خروج الجناة للحياة بعد قضائهم أقل عقوبة يهديها القضاء إليهم.. بطء إجراءات التقاضى أو كما يقال غياب العدالة الناجزة، كل هذا الكرنفال المؤذى للروح قبل البدن تدفع مصرنا ثمنه غاليا.. فالتقدم المنشود لا يمكن قياسه بمؤشرات الاقتصاد وزيادة معدلات الاحتياطى النقدى في البنك المركزي.. التقدم المنشود له ترمومتر واحد اسمه حالة الرضا المجتمعى ومؤشرات الأمان في الشارع وضرب الفساد في مقتل.
معروف بالطبع أن صناعة الأمن في أى بلد ترجع إلى المهنية والاحتراف والموهبة والعلم.. الأمن الذى نعتبره سلعة نادرة هو حق للناس تماما كما حقهم في اللقمة والعلاج.. الأمن ليس منحة ننتظرها ولكنه حق واجب السداد.. وهو الطريق إلى اقتصاد سليم وسياحة منتعشة وهو سند العامل في مصنعه والفلاح في أرضه.. لذلك نرى أن قضية مواجهة البلطجة ومراجعة قوائم المسجلين خطر ووقف التعامل معهم كمعاونين للشرطة، حيث يتخلق لديهم إحساس بأنهم مراكز قوى.. ولأن حكايات التجاوز طويلة ننتظر بفارغ الصبر الإعلان عن حملة ممنهجة لعودة الانضباط إلى الشارع المصري.. لا نريد الانتظار طويلا فما زلنا مؤمنين بأن الآتى أفضل.