الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الرئيس ينتصر لـ"البسطاء".. حكاية "تدوينة" صححت مسار الحذف من "بطاقات التموين"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رمى الرئيس عبدالفتاح السيسي، حجرا في المياه الراكدة لتتحرك جميع مؤسسات الدولة في سبيل الحفاظ على حقوق الملايين من البسطاء من المواطنين المستحقين للدعم عبر البطاقات التموينية.


وقال الرئيس في تدوينة عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: «في إطار متابعتي لكل الإجراءات الخاصة بدعم محدودى الدخل فإننى أتفهم موقف المواطنين الذين تأثروا سلبًا ببعض إجراءات تنقية البطاقات التموينية وحذف بعض المستحقين منها.. أقول لهم اطمئنوا لأننى أتابع بنفسى هذه الإجراءات، وأؤكد لكم أن الحكومة ملتزمة تمامًا باتخاذ ما يلزم للحفاظ على حقوق المواطنين البسطاء وفى إطار الحرص على تحقيق مصلحة المواطن والدولة».
تدخل الرئيس جاء بعد تلقيه العديد من الشكاوى عبر الصفحة الرسمية للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية حول الحذف غير المستحق من البطاقات التموينية، وهو ما أكده السفير بسام راضي، الذى قال إنه يتابع بشكل يومى الشكاوى التى تأتى من المواطنين عبر الصفحة، وأن هناك تعليمات من الرئيس السيسي بالتدقيق في بيانات المواطنين حتى لا يظلم أحد، مؤكدا أن الفترة الماضية كان هناك الآلاف الذين استردوا بطاقاتهم التموينية، وأن التظلمات يتم بحثها بشكل دقيق ومكثف، مؤكدا أن حقوق المواطنين سوف تعود إليهم ولن يظلم أحد.
تدوينه الرئيس لاقت استجابة عاجلة من قبل وزارة التموين التى أعلنت عودة 1.8 مليون فرد على بطاقات التموين لصرف السلع التموينية، في الخطوة التي تعد تصحيحا لمسار حذف المواطنين من البطاقات عن طريق الخطأ، وقالت الوزارة، في بيان لها استمرار مكاتب التموين في تلقى التظلمات من المواطنين الذين تم استبعادهم من صرف السلع، وفقا لمؤشرات العدالة الاجتماعية، وعودة من ثبت أحقيته للدعم تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مشددة على تلقى التظلمات لأى مواطن يرى أحقيته في الدعم مِن خلال مكاتب التموين في مختلف المحافظات.
وأكدت الوزارة في بيانها الصادر مطلع الشهر الجاري، أن جميع المديريات ومكاتب التموين تقوم بتيسير كل الإجراءات الخاصة بالتظلمات، وأن تكون بالرقم القومى والمستند الدال على صحة بيانات التظلم فقط، وأنه بمجرد قيام المديريات بإرسالها إلى الوزارة يتم عودة أى شخص ثبت أحقيته لصرف السلع.

اقتصاديون: نحتاج لقاعدة بيانات متكاملة ومترابطة لتسهيل توصيل الدعم لمستحقيه
رغم الاستجابة السريعة لوزارة التموين لتدوينة الرئيس وإعادة مستحقى الدعم إلى بطاقات التموين، إلا أن العديد من الانتقادات طالت الوزارة، بسبب انتظارها لحين حديث الرئيس عن البطاقات حتى تتحرك لتصحح أوضاع مواطنين تم حذفهم من قوائم مستحقى الدعم.

وفى هذا السياق، قال الدكتور على الإدريسي، نائب المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن إعادة المواطنين المحذوفين عن طريق الخطأ من لبطاقات التموينية جاء متأخرا، وتساءل لماذا انتظرت الوزارة تدوينة من الرئيس حول «حذف بعض المستحقين للدعم» حتى تتحرك؟ 
وأضاف «الإدريسي» الرئيس تدخل لإنقاذ البسطاء فاستجابت الوزارة المعنية، مع أن الأصل في القضية هى أن الحكومة ممثلة في وزارة التموين مسئولة بشكل مباشر عن تنقية البطاقات بناء على إجراءات تحكمها دراسة دقيقة لأوضاع هؤلاء المواطنين قبل الحذف، حتى لا يحذف مواطنون من البطاقات، ثم يعودون بعد أشهر ليتبين أن حذفهم جاء عن طريق الخطأ.
وأكد نائب المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن الجميع مع إجراءات تنقية البطاقات التموينية من غير المستحقين، إلا أن الواقع أثبت أن الحذف كان بشكل عشوائى لم يتم بناءً على دراسة، بدليل حذف مستحقى الدعم من محدودى الدخل من البطاقات التموينية، في المقابل يحصل على هذا الدعم غير مستحقيه، فلا بد أن تقوم كل وزارة وخاصة الوزارات الخدمية التى يشمل دورها مساعدة محدودى الدخل، بحل أزماتهم والانتصار لهم.
ودعا الخبير الاقتصادى إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حذرة قبل حذف محدودى الدخل من البطاقات التموينية، وضرورة العمل على مراعاة ظروفهم المعيشية حتى لا يتحملون ضريبة قرارات خاطئة وغير مدروسة تمنعهم من الحصول على سلع في الأساس تشكل عصب حياتهم اليومية، مطالبا وزارة التموين بالعمل على اتخاذ كل الإجراءات التى من شأنها تجنيب تكرار مثل هذه الأخطاء.

فيما قال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن الحل الأمثل لإصلاح منظومة الدعم وتوصيل الدعم لمستحقيه، هو التفرقة بين نوعين من الأفراد، وهما الأفراد الذين لديهم دخل معلوم، وهنا يجب أن تتم تنقية بطاقاتهم وفقا لدخلهم، والأشخاص الذين ليس لديهم دخل معلوم، مثل التجار أو الأعمال الخاصة، وهنا يمكن تطبيق المعايير المعلنة عليهم.
ولفت إلى وجود صعوبات في تقدير وتقييم كل هذه المعايير، مؤكدا أن تعدد المعايير يصعب من مهمة وزارة التموين، وتستهلك مجهودا وتكلفة عالية، وكل توسعة في هذه المعايير من شأنها تكلفة أكثر واستعلاما أكثر، فالوصول إلى معلومات شخصية كاملة عن كل أسرة مصرية وبخاصة في مجال التعليم وتكلفة التعليم، فيمن الصعب الوصول لهذه المعلومات إذا تعمد المواطن إخفاءها.
واقترح «الدسوقي» الاكتفاء بتطبيق معيار واحد من المعايير المعلنة مثل معيار السيارة أعلى من ٢٠١٥، فإن امتلاك سيارة حديثة من عدمه يعد معيارا واضحا على مدى استحقاق المواطن الدعم، وصعوبة الوصول للمعلومة يرجح كفة اختيار معيار واحد للتقييم. وضرورة وضع معدل واضح لتقييم من لديهم دخل معلوم مثل العاملين بالحكومة، مثل وضع حد أدنى ومن يقل عن هذا الحد يصبح تلقائيا مستحقا للدعم. 

أما الدكتور عبدالرحمن عليان، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس، فيرى أن المعايير المعلنة من قبل وزارة التموين منطقية إلى حد كبير، مشيرا إلى أن معيار امتلاك سيارة على سبيل المثال يجب أن يراعى حداثة السيارة، ونوع السيارة، والسعة اللترية وتطور السيارة، ومن خلالها يمكننا أن نقيم مستحقى الدعم.
وأضاف «عليان» أن من العوامل الرئيسية في تحديد المعايير هو عدد أفراد الأسرة، وهو أن يشمل الدعم الأب والأم وطفلين كحد أقصى، حتى يتحمل المواطن المسئولية عن أى كثافة سكانية تشكل أعباء اقتصادية على الدولة، وعلى المواطنين فالدولة في النهاية تحصل الضرائب من المواطنين للإنفاق على مستحقى الدعم.
وأشار إلى أن معيار المدارس الخاصة باهظة التكاليف يعد من المعايير المهمة، فطالما المواطن لديه تطلعات وينفق على تعليم أولاده آلاف الجنيهات، فبالطبع هو يستطيع تحمل مسئولية الخروج من قائمة مستحقى الدعم، لافتا إلى أن المعايير المعلنة هى معايير متعارف عليها عالميا، فالقدرة على الصرف والاستهلاك الكهربائى العالي، وغيرها من المعايير تدل بشيء أو بآخر على الحالة الاقتصادية للأسرة.
ودعا أستاذ الاقتصاد إلى ضرورة العمل على إعادة أى مواطن تم حذفه من البطاقات التموينية عن طريق الخطأ بعد ثبوت أحقيته في الدعم، وقال إن أى خطأ يمكن أن يصحح أو يستدرك سريعا، من أجل رفع الظلم عن المحذوفين عن طريق الخطأ، كما دعا المواطنين إلى مراعاة المعايير وعدم التحايل أو السعى للحصول على الدعم بطريقة غير مشروعة، وادعاء الحاجة إلى الدعم رغم عدم انطباق المعايير فهو أقسى أنواع الظلم، فاستحلال الدعم يظلم أفرادا آخرين، فالحكومة يمكن أن تكتشف ١٠ ٪ من حالات التحايل إلا أن ٩٠ ٪ من حالات التحايل قد لا تكتشفها الحكومة وبهذا يحصل شخص لا يستحق الدعم على نصيب فرد آخر أكثر احتياجا وهو قمة الظلم، ومخالفة لكل القيم وتعتمد في الأساس على الاقتناع الشخصى والتربية السليمة. 

فيما تطرق الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إلى ناحية أخرى من التحديات التى تواجه عملية تنقية البطاقات التموينية وإصلاح منظومة الدعم، وهى عدم امتلاك قاعدة بيانات وطنية شاملة تمكن الحكومة ممثلة في وزارة التموين من حذف غير المستحقين بشكل دقيق. 
وأضاف، أن المشكلة الحقيقية الجوهرية والأصيلة هى عدم امتلاك الدولة قاعدة بيانات كاملة مترابطة لا بد أن يؤدى إلى العشوائية وابتكار مجموعة من المعايير التى تحاول تعويض عدم وجود معيار التمييز العملى ألا وهو قاعدة البيانات الوطنية.
ونتيجة لعدم وجود القاعدة السليمة تحاول الحكومة الارتجال من أجل الوصول لأقرب ما يكون إلى الحقيقة، ومن هنا ظهرت معايير امتلاك سيارة بمواصفات معينة، ولكن ليس كل من يمتلك سيارة نرفع عنه الدعم، وبعض الضوابط الأخرى الموضوعية، مثل المدارس الخاصة التى تدفع أكثر من ٣٠ ألفًا للطفل الواحد في السنة، ولا يمكن لأحد أن يعيب على هذه المعايير. 
وقال إن المجتمع المصرى مقسم إلى الآتي: «٢٠ مليون تحت مستوى الفقر الحاد، ولكنهم غير مدرجين في البيانات الرسمية، إلا أنهم قد يكون من بينهم من لا يستحق الدعم نتيجة اشتغاله بمهن حرة لا تخضع للرقابة الحكومية أو المحاسبة، كما أن هناك ما لا يقل عن ١٠ ملايين مواطن لا يستحقون الدعم بشكل كامل نتيجة وقوعهم ضمن طبقة الأثرياء، وأصحاب المناصب العليا في الدولة وأسرهم، وهناك ٧٠ مليون مصرى هم من تطبق عليهم المعايير وهم المطحونون في المجتمع، نظرا لامتلاكهم دخلا ثابتا ومعروفا لدى الدولة، أو يقعون تحت رقابة ضريبية».
وتابع: «غياب قاعدة البيانات التى ترصد هذه الأرقام تخلق مجموعة من الضحايا الذين يقعون تحت طائلة الحذف العشوائي، كما أن كل خطط الشمول المالى والإصلاح الاقتصادى يجب أن يستند جميعها إلى قاعدة بيانات تمتلك الشفافية والوضوح»، مضيفا: «الموضوعية والصدق والنزاهة يجب أن تكون ثوابت في وضع أى معايير لتقويم أى سقطات في طريق الإصلاح الاقتصادي».

مطالبات برلمانية بمضاعفة الدعم من 50 إلى 100 جنيه
لم يكن البرلمان بعيدا عن الأحداث، حيث تقدم وكيل مجلس النواب، النائب سليمان وهدان، بمقترح لمضاعفة قيمة ما يستحقه الفرد في بطاقة التموين من ٥٠ جنيهًا للفرد إلى ١٠٠ جنيه، مشيرا إلى أن زيادة الدعم من شأنه تحمل جانب كبير في تخفيف الأعباء المعيشية عن ملايين المواطنين، مشددا على أن البرلمان يعمل على تحريك قانون لرفع الدعم.
أما اللجنة الاقتصادية للبرلمان، فدعت إلى إلغاء جميع المعايير التى وضعتها الوزارة بشأن استبعاد المواطنين ووضع معيار واحد للاستبعاد وهو الدخل فقط، ودعا النائب محمد بدراوى عضو اللجنة إلى إعادة النظر نهائيا في المعايير التى وضعتها وزارة التموين لاستبعاد المواطنين، داعيا إلى إلغائها نهائيا، معتبرا أنها «ضد مصلحة المواطن».
جدل وسط المواطنين بسبب معايير «التموين» 
وضعت وزارة التموين والتجارة الداخلية مجموعة من المعايير «أكثر صرامة» في المرحلة الثالثة من عملية حذف الفئات غير المستحقة من منظومة الدعم، وتتضمن المعايير التى أعلنتها الوزارة في بيان رسمى قبل أيام، استبعاد كل من ينفق أكثر من ٣٠ ألف جنيه سنويا لتعليم أحد أبنائه في المدارس، أو ٢٠ ألف جنيه في المتوسط لأكثر من طفل، ومن يمتلك حيازة زراعية تبلغ ١٠ أفدنة فأكثر، أو شركة رأس مالها ١٠ ملايين جنيه فأكثر، ومن يمتلك أكثر من سيارة موديل ٢٠١١ فأعلى، أو سيارة موديل ٢٠١٥ فأعلى، وتستهدف المعايير الجديدة استبعاد فئة أوسع من غير المستحقين للدعم عن المرحلتين الأولى والثانية لعملية تنقية البطاقات التموينية. 
إلا أن هذه المعايير خلقت حالة من الجدل وسط المواطنين ومستحقى الدعم، رغم أن الوزارة أعلنت في بيانها أن المعايير سالفة الذكر باستكمال منظومة الاستهداف وفقًا لمحددات الاستهلاك والإنفاق والملكية، والتى تم تحديدها بمعرفة لجنة العدالة الاجتماعية برئاسة مجلس الوزراء، والتى تم بموجبها تحديد الفئات المختلفة للمجتمع وتحديد الفئات الأكثر احتياجا، وبناء عليه تم الانتهاء من تطبيق هذه المحددات على مرحلتين وقد تم إتاحة موقع إدارة دعم مصر لتقديم أى تظلمات إن وجدت نتيجة تطبيق هذه المحددات وقد تم فحص كل التظلمات التى تم تقديمها وقد تم قبول التظلمات الخاصة بمحدد الكهرباء وذلك لحين الانتهاء من تدقيق قاعدة بيانات الكهرباء.

ودافع وزير التموين الدكتور على المصيلحى عن المعايير الجديدة مشددا على أن عملية الاستهداف عملية ديناميكية مستمرة وتهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الدعم للفئات الأكثر احتياجًا واستبعاد غير المستحقين، ولفت إلى أن أصحاب البطاقات التموينية التى انطبقت عليهم المحددات يتم إعلامهم بذلك عن طريق الرسائل التى تظهر في بون صرف التموين أو الخبز ولا يتم حذف أى مستفيد حتى يتقدم بتظلم يتم فحصه ومراجعته وإذا ثبتت أحقيته فلن تظهر له الرسالة مرة أخرى، وإذا لم يُقبل تظلمه يتم استبعاده من منظومة التموين مع استمرار صرف الخبز لهم. 
كما جدد المصيلحى تأكيداته بأن الوزارة لم تقم حتى الآن بحذف أى مواطن خلال المرحلتين الأولى والثانية من عملية استبعاد الفئات غير المستحقة للدعم من المنظومة، موضحا أن «التموين» أرسلت فقط رسالة تحذيرية إلى أصحاب البطاقات التموينية تفيد بأن لديه أحد محددات الدعم ومعايير العدالة الاجتماعية التى بمقتضاها سيتم وقف البطاقة، مضيفا أنه لا يزال جار فحص طلبات التظلم المقدمة من المواطنين المستبعدين من المنظومة، والذين يزعمون أن بطاقاتهم التموينية أوقفت لأسباب غير عادلة.