الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

التعليم الفني قاطرة التقدم .. ملف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع بداية العام الدراسي الحالي قررت وزارة التربية والتعليم الفنى تحسين المنظومة التعليمية والمناهج الدراسية الفنية التي يتلقاها الطلاب، للاستفادة منهم فى تحقيق التنمية والنهوض بالبلاد من خلال المشروعات القومية التى تنفذها الدولة، والتى تتطلب مشاركة الشباب والاستفادة من خبراتهم المختلفة لتحقيق الهدف المنشود، بما سيوفر فرص عمل جديدة ومواجهة أزمة البطالة. 
وتأتى المنظومة الجديدة وفقا لما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن عام 2019 عامًا للتعليم، حيث تولى القيادة السياسية اهتماما خاصا بملف التعليم وتطويره، وخاصةً التعليم الفني، كما تحدث الرئيس السيسي، مؤخرًا، فى المؤتمر الثامن للشباب، عن هذا الملف وجهود الدولة محليًا ودوليًا لإصلاحه وحل أزماته الراهنة.
وأوضح الرئيس السيسي، أن ملف التعليم موضوع تفاعلى بين الدولة والمجتمع، فهناك حاجة للتعاون لإنجاح مسار إصلاح المنظومة التعليمية، من خلال إنشاء المدارس الفنية والجامعات التكنولوجية والتطبيقية، مؤكدًا ضرورة تغيير نظرة وثقافة المجتمع لخريجى التعليم الفني، وعدم تخوف الأسر من إدخال أبنائهم لهذا القطاع التعليمى الهام. 

خطة التطوير
كشفت وزارة التربية والتعليم الفني، النقاب عن خطتها المتكاملة لتطوير التعليم الفني، للاستفادة من الخريجين فى المشروعات القومية التى تنفذها الدولة، وشددت الوزارة أن تطوير التعليم الفنى ضمن أولويات الدولة وخطتها لتحقيق التنمية المستدامة ٢٠٣٠، وذكرت الوزارة أن التعليم الفنى يعد أحد أهم آليات الدولة فى مواجهة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد.
وتحت شعار «نحو تعليم فنى جديد»، الذى ترفعه وزارة التربية والتعليم الفنى لتطوير التعليم الفني، أوضحت كيفية تشجيع الدولة مجالات التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره، والتوسع فى أنواعه كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، وذلك بإنشاء المدارس التكنولوجية بالتعاون مع كبرى المؤسسات الصناعية والتى تساهم فى إعداد كوادر فنية قادرة على المنافسة العالمية.

مدارس التكنولوجيا التطبيقية 
وقال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم الفني، إن التعليم الفنى يحظى بنفس اهتمام التعليم، حيث هناك اتجاه للتركيز على مدارس التكنولوجيا التطبيقية، وتم إنشاء ١٠ مدارس بهدف تغيير وجهة نظر المجتمع للتعليم الفنى لمواكبة أحدث نظم التعليم فى العالم، مشيرًا إلى أن هذه المدارس تغطى تخصصات نوعية لسوق العمل الصناعى والزراعى والتجاري، لافتا إلى أن الدولة تعمل على تحويل مسار نظام التعليم الفنى إلى نظام حديث يعتمد على التكنولوجيا فى التدريس والتقويم، لتحويله إلى نظام تكنولوجى متطور قادر على المنافسة على المستوى العالمي، وتابع قائلا:: «إن هدف خطة الوزارة لتطوير التعليم الفنى يتمثل فى تخريج عمالة فنية مدربة، وفقا لمعايير الجودة العالمية لتوفير احتياجات المشاريع القومية الكبرى والاستثمارات الصناعية والزراعية بمصر وخارجها». 
يذكر أن الوزارة خلال الفترة الماضية، وقعت عدة بروتوكولات وأعلنت إنشاء عدة مدارس فنية متخصصة، حيث وقعت بروتوكول تعاون مع إحدى شركات المجوهرات، لإنشاء المدرسة الأولى فى الشرق الأوسط المتخصصة فى تكنولوجيا صناعة الحلى والمجوهرات، وهى مدرسة Egypt gold للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة العبور، فهى من التخصصات الضرورية الموجودة حاليًا وفقًا لمتطلبات سوق العمل، والتى تنقسم الدراسة بها ما بين العملى والنظري، وتوفر فرص عمل لخريجيها أو السفر للخارج بموجب شهاداتهم المعتمدة دوليًا، نظرًا لقلة العمالة الماهرة فى هذا المجال. 
كما وقعت الوزارة، بروتوكول تعاون مشترك مع الغرفة التجارية الفرنسية بالقاهرة لإطلاق مدرسة إليكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، فضلًا عن توقيع بروتوكول تعاون آخر لإطلاق مدرسة الصالحية للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة الصالحية الجديدة بمحافظة الشرقية متخصصة فى الإنتاج الحيوانى والداجني.

قواعد القبول 
ووصف «هشام» مدرس بإحدى مدارس التعليم الفنى الصناعى بمحافظة القاهرة، التعليم الفنى بـ«المهم» للمرحلة الحالية وقال، إن المدارس الصناعية تقبل الطلبة الحاصلين على الشهادة الإعدادية بمجموع حد أقصى ١٨٥ درجة، إلا أن المدارس التجارية الخدمية والزراعية قد تقبل بمجموع أقل، مضيفًا أن التعليم الصناعى بصفة عامة قد يقبل الطلبة الحاصلين على مجموع ١٦٠ درجة، موضحًا أن قبول الطلاب يرتبط بالمجموع وكذلك الأماكن الخالية داخل المدرسة، 
وأضاف «هشام أ»، أن مدارس التعليم الفنى تحتاج إلى الإمكانيات وتطوير المناهج وورش التدريب التى تلقاها الطالب خلال فترة دراسته، لإعداده لسوق العمل بشكل جيد ومواكب لتطورات العصر الحالي، لافتًا إلى أن التبرعات التى تحصل عليها المدارس من أولياء الأمور يتم الاستفادة منها لتطوير المدرسة وإصلاح الفصول وشراء الورق الخاصة بالامتحانات، فأصبحت الوزارة لا تمد كافة المدارس بالدعم المادى لتطويرها وتأهيلها.
وقال «أحمد إبراهيم»، طالب، إن أشد ما يغضبه نظرة المجتمع للتعليم الفنى ، وتابع: «هذا العام الدراسى هو آخر عام له داخل المدرسة، بعد أن مكث فى الدراسة لمدة ٤ سنوات». انضم «أحمد» منذ بداية دخوله المدرسة إلى نظام التعليم الصناعى لإعداد العمال المقرر مدته خمس سنوات، مضيفًا أن هذا النظام الدراسى جيد جدًا، حيث إنه يُعد الطلاب لسوق العمل ويسعى إلى تعليمهم الحرف والمهن عمليا أيضًا من خلال التدريب داخل الورش والمصانع المختلفة، فضلًا عن الجانب النظرى من خلال دراسة المناهج المرتبطة بالجانب العملى داخل المدرسة واختتام العام الدراسى ومدى استيعاب الطالب للتدريب والتعليم النظرى من خلال امتحانات نصف العام وآخر العام.
وتابع الطالب «أحمد إبراهيم»،، أن الامتحانات تشمل الاختبار على الجانب النظرى والعملى أيضًا من خلال مجموعة من الأسئلة، مؤكدًا أن طلاب هذا النظام التعليمى يستفيدون كثيرًا من الدراسة، حيث إنه عقب إنهاء دراستهم تمامًا يكونون مؤهلين لسوق العمل واحتياجاته المختلفة.
ويرى الطالب «محمود حسام»، أن الاهتمام داخل المدرسة يُركز بشكل كبير على نظام التعليم الصناعى «العمال» الذى يستمر لمدة ٥ سنوات، إلا أن نظام التعليم المقرر مدته ٣ سنوات فقط لا يحظى بنفس هذا الاهتمام، سواء فى الجانب النظرى أو العملي، موضحًا أن الجانب العملى قد يقتصر على تدريب الطلاب داخل المدرسة على إصلاح مقتنيات الفصول الخشبية، فضلًا عن عدم إلزام الطلاب بحضور «الحصص»، فقد يقوم بعض الطلاب بالخروج من المدرسة بعد ساعة أو اثنتين من دخولهم إليها، وذلك بعد تسجيل أسمائهم فى كشوفات الحضور اليومي.

متطلبات التعليم الفني
ويوضح الدكتور طلعت عبدالحميد، الخبير التربوي، أن التعليم الفنى قديمًا كان يتضمن مشروعات فى الكهرباء والميكانيكا، وكان هذا التخصص يتم بناء على سوق العمل، حيث كانت الوجهة الاقتصادية تتجه إلى التصنيع آنذاك، لافتًا إلى أن التعليم الفنى فى دول العالم يتضمن التعليم المزدوج، حيث إن الطلاب يتلقون تعليما نظريا وعمليا بالنزول إلى المصانع والورش التدريبية لتطبيق المواد النظرى التى تلقوها فى المدرسة.
وتابع عبدالحميد، أنه منذ سنوات مضت كانت المؤسسة الإنتاجية تؤسس المدرسة الخاصة بها، فهناك أشكال متعددة للتعليم الفني، وهذا الأمر موجود حاليًا فهناك بعض الشركات أو المحلات التجارية أسست مدارس لتعليم وتدريب الطلاب ومن ثم توفير فرص عمل لهم بعد انتهاء مدة دراستهم وإتمام شهاداتهم الفنية، ولكن التعليم الفنى يعتمد على الإمكانيات المتاحة والمتوفرة، والتى قد تكون قديمة ومستهلكة، وبالتالى فمن الممكن حل هذا الأمر من خلال إعطاء المدرسة الطالب الجانب النظرى وتلقى العملى فى المؤسسة الإنتاجية.
وأكد، أن التعليم الفنى عليه توفير كوادر بشرية مؤهلة بشكل كاف لاحتياجات سوق العمل للحد من ارتفاع نسب البطالة، وللإنتاج بشكل جيد وملائم للمنافسة محليًا وعالميًا أيضًا، من أجل تكوين مواطن وليس مجرد تلميذ فقط، وتنمية القدرات الاجتماعية لديه للتعامل مع الآخرين، وكذلك الجوانب النفسية والأخلاقية وفن الإتقان فى العمل، فهذا مشروع التنمية البشرية المستدامة التى يبدأ من الطفولة، وتكون المؤسسة الأولى المتخصصة هى المدارس.

أدوات التطوير:
ويضيف الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي، أن تطوير التعليم الفنى يساوى تطوير الإنتاج والاقتصاد المصري، والذى يرتبط ارتباطا وثيقا بالعمالة الماهرة، والتقنيات الحديثة، مشيرًا إلى أن مسيرة التطوير للتعليم بدأت بتوقيع وزارة التربية والتعليم بروتوكول تعاون مع الحكومة الألمانية، بهدف تدريب المعلمين والتعاون فى إنشاء المدارس الفنية التكنولوجية وبالمثل فى المدارس اليابانية والإيطالية أيضًا والاهتمام بإحداث الطفرة فى التعليم المصري.
وأوضح شحاتة، أن الوزارة بدأت فى عمل مدارس فنية متخصصة مثل مدرسة لصناعة الذهب وأخرى للزراعة والمهن والحرف التراثية، مؤكدًا أن التعليم الفنى يتطلب الدعم والمساندة من قبل رجال الأعمال، ليكون لكل مدرسة فنية مصنع أو ورشة تلحق به للتعليم الفنى وتدريبهم على أصول المهنة أو الحرفة، واكتساب المهارات الخاصة كل فى مجاله، فضلًا عن دعم رجال الأعمال هذه المدارس بتكنولوجيا التعليم المتقدمة.
ولفت إلى أن هذا التعاون سيوفر لطلاب التعليم الفنى الجانب التدريبى داخل المصانع والشركات والورش، والجانب الأكاديمى يكون داخل المدارس، لتوفير كوادر بشرية مؤهلة لسوق العمل. 

مكاسب التعليم الفني 
ويرى الدكتور عبدالرحمن محمد، الخبير الاقتصادي، أن مصر تعيش حاليًا فى حضارة اقتصادية ضخمة، تتطلب الدعم والمساندة من مختلف الاتجاهات، والتعليم الفنى وتطويره فى الوقت الراهن أحد هذه الاتجاهات، مقترحًا أنه لتحقيق النجاح اقتصاديًا وتطوير التعليم الفني، عمل قناة اقتصادية إعلامية توضح خطوات الإصلاح الاقتصادى التى تقوم به مصر وآليات تطوير التعليم الفنى وكيفية الاستفادة من خريجيه اقتصاديًا، ودعمهم أيضًا فنيًا من خلال الأعمال الفنية والدرامية.
ويتابع محمد، إن إقناع المواطنين سواء الطلبة أو الأسر بأهمية التعليم الفنى يتطلب توضيح الرؤية والاستفادة من خريجى التعليم الفنى ومساهمتهم لتحقيق النمو الاقتصادي، لافتًا إلى أن إدراك أهمية هذه النوعية من التعليم تحتاج إلى التعرف وإظهار قصص النجاح لخريجيه وتحقيق بعضهم براءات اختراع عديدة فى مختلف المجالات، والتى ستلغى فكرة كليات القمة والتعليم العالى والمتوسط وسيكون السائد مفهوم أن التعليم يؤدى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية. 
وشدد الخبير الاقتصادى على ضرورة إقناع المجتمع بالتعليم الفني، وأنه ليس بديلًا للنجاح فى تحصيل مجموع للدخول إلى الثانوية العامة، فلا بد من إخفاء هذا الفكر واستبدالها بأن الوصول إلى التعليم الفنى هو النجاح بحد ذاته، موضحًا أنه سيكون كل إنسان متخصصا فى مجال دراسته، ولكن يحتاج التعليم الفنى إلى دعم أبحاثه العلمية فى مختلف المجالات تجاريًا أو زراعيًا أو صناعيًا، والقضاء على فساد احتكار المستثمرين الكبار على المشروعات الجديدة والسماح بتداول ونشر وحماية براءات الاختراع للمواطنين وخاصةً فيما يتعلق بالأمور الفنية المختلفة، مقترحًا عمل مدينة بحثية زراعية، حيث إن تكوين الحضارة يبدأ من التخصص والصناعات، وفى الوقت الراهن تسعى مصر للاعتماد على التخصص، مثل مدارس السياحة والفنادق التى ساهمت فى إنعاش هذا القطاع بشكل كبير،.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الاهتمام بالصناعات يميز الدولة ويُكون شخصيتها، وذلك من خلال الاهتمام بالتعليم الفنى والتقدم به والتخصص فى الصناعات الفريدة، والذى يساهم فى إدخال الأموال لمصر وتحسين الاقتصاد، وجذب المستثمرين الأجانب، مضيفًا أن توجه الدولة حاليًا هو الاهتمام بالصناعات والاستفادة منها لتحسين المستوى الاقتصادي، الأمر الذى يتطلب الاهتمام بالتعليم الفنى لإخراج كوادر بشرية مؤهلة للعمل فى هذه الصناعات، وأيد عاملة متخصصة من خلال التعليم الصحيح والجيد للمهنة، مما سيؤثر على صورة مصر فى أعين العالم خارجيًا فى صناعة الذهب والعمالة المصرية المتخصصة به، فضلًا عن جذب استثمارات لإنشاء مصانع للإنتاج داخل مصر، فى ظل وجود مناطق حرة واقتصادية وبتكلفة مناسبة.

الجيل الفنى الجديد: 
وتقول الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن إقناع الشباب للدخول إلى التعليم الفنى يرتبط باقتناع الآباء والأمهات أيضًا، حيث إن الأسر منذ عام ١٩٥٢ تتحدث عن ضرورة تخريج جيل من الأطباء والمهندسين وأصحاب الشهادات الجامعية المهمة، دون الالتفات إلى التعليم الفنى وأهميته على المستوى الاقتصادى والعملى على غرار العديد من الدول الأوروبية، موضحة أن الشعب المصرى ترسخ فى أذهانه أن غير المتعلمين تعليم جامعى من المهمشين.
وأضافت فهمي، أن بعض العلماء والأدباء المصريين قديمًا أمثال العقاد وطه حسين وغيرهما لم يكونوا من أصحاب التعليم الجامعي، ولكن ترسخ فى أذهان المواطنين ضرورة التعليم الجامعى وأصبحت ثقافة عامة، ففى الدول الأوروبية فإن أغنى رجل فى العالم فى الوقت الحالى «بيل جيتس» مخترع «مايكروسوفت» لم يحصل على شهادة جامعية من الأساس، مشيرة إلى أن الثقافة العامة فى الدول المتحضرة تعتمد على استغلال العُطل الصيفية فى التدرب على المهن المختلفة التى يفضلها كل إنسان.
وشددت فهمى على ضرورة إقناع المصريين فى البداية بضرورة تعليم أولادهم مهنا وحرفا مختلفة واستغلال العُطل الصيفية لحضور ورش تدريبية، والتخلى عن فكرة ضرورة الحصول على شهادات جامعية إرضاءً للمظهر العام أمام المجتمع، ومن ثم مواجهة البطالة بعد الحصول على الشهادة، وساهم فى انخفاض مستوى الشهادات الجامعية، ففى كل محاضرة داخل الجامعة نجد أكثر من ٥ آلاف طالب، وبالتالى يحتاج التعليم إلى وقفة حقيقية من قبل الحكومة وتغيير ثقافة المواطنين الأهم لتحقيق الهدف المنشود.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية، أن تغيير هذه الثقافة سيساهم بشكل كبير فى نجاح خطة الحكومة لتطوير التعليم الفنى والحصول على خريجين ماهرين فى مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتجارية، مما يصب فى النهاية على الاقتصاد المصرى وتحسين مستواه، مضيفة أن الاقتصاد يشبه الهرم، فإن قاعدة الهرم أوسع وأهم خطوة، والتى يقوم عليها أساس الاقتصاد، وتشمل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، وستساهم فى القضاء على الفقر والبطالة.
ويؤكد الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن تطوير التعليم الفنى سيوفر للمستثمرين عمالة مدربة ومؤهلة لسوق العمل، فإن ارتباط التعليم باحتياجات السوق جزء مهم جدًا، لافتًا إلى أنه لسنوات طويلة كان التعليم منفصل تمامًا عن احتياجات السوق والقطاع الخاص، فإن التعليم سيؤهل الطالب للدخول إلى سوق العمل، وتحويل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد منتج، سواء على مستوى الصناعة أو التجارة أو الزراعة، والاتحاد وزيادة الناتج المحلى الإجمالى وغيرها من الملفات.
وأوضح الإدريسي، أن ملف العمالة مهم جدًا، فضلًا عن التأثير الإيجابى لربط التعليم بسوق العمل من خلال خفض معدلات البطالة التى تعانى منها البلاد، والتى انخفضت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ولكن يحتاج الشباب إلى تخفيض هذه النسب بشكل أكبر مما يقضى فى النهاية على البطالة تمامًا، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة وصلت حاليًا نحو ٧٪، ومن خلال ربط التعليم باحتياجات سوق العمل من الممكن أن تصل إلى ٢٪ فأقل، من خلال توفير فرص عمل للشباب، خاصةً فى ظل وجود كثافة سكانية مرتفعة، وعقب تعليم الطلاب الفنيين فهناك حاجة إلى التعاون مع القطاع الخاص والعاملين فى قطاعات الزراعة والصناعة من الشركات ورجال الأعمال والتعبير عن احتياجاتهم لوضع المتطلبات الخاصة بالمواد الدراسية، وأن يكون هناك ترابط بين التعليم واحتياجات السوق.
واقترح ضرورة الاستعانة بالخبراء المتخصصين فى الزراعة والصناعة واحتياجات الدراسة والمطلوب لتعليم الطلاب، مضيفًا أن تطوير التعليم الفنى سيخدم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث سيكون أصحاب هذه المشروعات الجدد مؤهلين جيدًا للعمل سواء زراعى أو صناعي، فضلًا عن إمكانية استغلال وزارة التربية والتعليم المنتجات التى يعمل عليها الطلاب خلال مراحل دراستهم سواء الزراعية أو الصناعية أو التجارية المختلفة، بالإضافة إلى عمل دورات تدريبية صيفية على غرار بعض المدارس الفنية القائمة حاليًا فى مصر، خاصةً فى التعليم الزراعى والصناعي، باعتبارهم من المجالات المهمة اقتصاديًا. 


خطط جديدة للنهوض بالمدارس وطلبة التعليم الصناعى والزراعى والتجارى 
أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، النشرة السنوية للتعليم قبل الجامعى للعام الدراسى ٢٠١٧/٢٠١٨، موضحًا أنه هناك ٢.٣ ألف مدرسة للتعليم الفني، منها: ١.٢ ألف مدرسة بالتعليم الصناعي، و٨٦٦ مدرسة بالتعليم التجاري، و٢٤٣ مدرسة بالتعليم الزراعي.
وأضافت الإحصاءات، أن هناك ١.٩ مليون تلميذ بالتعليم الثانوى الفني، بنسبة ٨.٧٪ من إجمالى المراحل التعليمية، منهم: ٨٩٧.٩ ألف تلميذ بنسبة ٤٨.٢٪ بالتعليم الصناعي، و٧٥١.٣ ألف تلميذ بنسبة ٤٠.٣ ٪ بالتعليم التجارى «عام- فندقي»، و٢١٥.٦ ألف تلميذ بنسبة ١١.٦٪ بالتعليم الزراعى من إجمالى التعليم الثانوى الفني. 
وأوضح «الإحصاء»، أن نحو ٦٨٧ ألف تلميذ بالتعليم التجارى العام بنسبة ٩١.٤٪، و٦٤.٣ ألف تلميذ بالتعليم الفندقى بنسبة ٨.٦٪ من إجمالى التعليم التجاري، ويوجد ١٤٩.٨ ألف مدرس بالتعليم الثانوى الفني، منهم: ٩٤.١ ألف مدرس بالتعليم الصناعى بنسبة ٦٢.٨٪، و٤٢.١ ألف مدرس بالتعليم التجارى بنسبة ٢٨.١٪، و١٣.٥ ألف مدرس بالتعليم الزراعى بنسبة ٩.٠٪ من إجمالى مدرسي التعليم الفني.
ويحتل التعليم الفني، مكانة مهمة فى دول العالم المتقدمة اقتصاديًا، حيث يساهم خريجو التعليم الفنى فى تحسين المستوى الاقتصادى وزيادة النمو سريعًا، فإن ٧٠٪ من العمالة فى ألمانيا باعتبارها أكبر اقتصاد فى الاتحاد الأوروبى من خريجى التعليم الفني، وكذلك الحال سنغافورة، حيث يحصل خريجو التعليم الفنى على رواتب مرتفعة تعادل رواتب مديرى وموظفى البنوك، كما أن كوريا والصين تُخرج سنويا مئات الآلاف من العمالة الفنية شديدة المهارة، وتقوم بتصديرهم لمختلف دول العالم، بينما يصل عدد خريجى التعليم الفنى فى مصر نحو ٤٠٪.