الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

49 عامًا على رحيل الزعيم.. حفيد «ناصر»: تعلمنا من جدي حياة التقشف والبعد عن موطن الشبهات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زالت حياة ومسيرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مليئة بالشغف للمصريين والعرب، منذ وفاته حتى الآن حتى الأجيال الصاعدة من الأطفال والشباب يبحثون عن حياة هذا الرجل الذي غير مصير أمة بأكملها.
«البوابة نيوز» التقت جمال خالد جمال عبدالناصر، حفيد الزعيم، استقبلنا الشاب في منزله بترحاب وكرم يمتد إلى أصول جده في الصعيد، ليدور حديث حول ذكريات وأسرار عن الزعيم.



■ من أين تستقى معلومات عن جدك وأنت لم تولد قبل وفاته؟
أنا عشت ٣ سنوات في منزل منشية البكرى، كنت اعتمد في جمع معلومات عن جدى من العاملين في المنزل والرئاسة والجدة والأسرة، وجميع من عملوا مع جدى تأثروا به، وبعدها، دراستى كانت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسة، ودرست دور مصر التاريخى ومنهم دور جدى.
■ ما تعليقك على مزاعم اغتياله بالسم؟
هذه آراء، لا أحد يعرف سبب موته لعدم وجود تشريح للجثمان، ولا يوجد شهود، لكن من الوارد أن يكون مات مقتولًا، والأستاذ محمد حسنين هيكل، كان يعرف ما لا نعرفه، فالزعيم الراحل له العديد من الأعداء داخل مصر، وإسرائيل وأمريكا وبريطانيا كانوا يريدون الخلاص منه.
■ هل العائلة كانت لديها شكوك حول الوفاة خاصة زوجة الزعيم؟
الرئيس عبدالناصر أصيب بأزمة قلبية عام ١٩٦٩، أجبرته على التوقف عن التدخين، وفى نفس الوقت، كانت هناك دول تسعى للخلاص منه، أيضا هو توفى في توقيت كانت تعقد فيه القمة العربية التى يحضرها شخصيات مختلفة، وغالبا بيكون معهم أجهزة، ومن الوارد أن يكون هناك من قام بهذا الأمر للتخلص منه، لكن الأمر محير ومن الصعب أن تقول إنه تعرض للاغتيال، لعدم وجود أدلة كافية على هذا.

■ مَنْ من الرؤساء لم يسر على خطى حلم عبدالناصر؟
كان حلم الشعب المصرى والأمة العربية، أن تكون هناك وحدة عربية، ويكون لهم دور بحكم التاريخ، الرئيس أنور السادات، وقع في سوء تقدير في المشهد السياسي، والأستاذ هيكل قال إن السادات كان يريد أن تصبح مصر الحليف الأول لأمريكا في الشرق الأوسط مكان إسرائيل، وهذا مستحيل لعدم وجود المقدرة على هذا، سنصبح ننافس يهودا مستوطنين من الحرب العالمية الأولى. والخطأ الثاني، قام به السادات مع وزير الخارجية الأمريكى وقتها هنرى كيسنجر، بعمل ما سمى خطة الإصلاح الاقتصادى وتغيير السياسات أو الانفتاح عام ١٩٧٥، وهذا كان يمكن أن يحدث في ظل وجود قدرة صناعية ووجود أسواق تصدر لها وتنافس في دول العالم، فالانفتاح المفاجئ بأمر من أمريكا، تسبب في تراجع الخطة، في حين أن فترة عبدالناصر كان هناك إنتاج وصناعة واكتفاء ذاتى، وقطاع عام يقود التنمية وتطوير البنية التحتية ولا يوجد بطالة.
■ لماذا غاب القطاع الخاص في عهد ناصر؟
هناك نظرية اقتصادية معروفة، للخروج من أى أزمة تقول: «كلما زادت قوة القطاع العام زادت القوة الشرائية والناس تشترى وبالتالى تزيد الاستثمارات»، وتسبب هذا في القضاء على البطالة، وعبدالناصر كان يعى هذا الأمر جيدًا لأنها جربت كثيرًا في التاريخ، فاستخدمتها إنجلترا بعد الحرب العالمية وألمانيا فترة هتلر، وحققوا من خلالها نهضة حقيقية، وبعدها تحولوا للقطاع الخاص.
■ بحكم دراستك ما رؤيتك لإصلاح القطاع العام الآن؟
أنا عملت في القطاع العام سنوات عديدة، الإصلاح يبدأ من إزالة التضارب بين القوانين الرأسمالية والاشتراكية، وهذا سبب الأزمة فالمنظومة الرأسمالية الحاكمة، لا يعقل أن تكون محكومة بقوانين ومؤسسات اشتراكية، فهذا يعرقل المنافسة ويصبح مقيدًا، ونحتاج إلى دراسة شاملة للقوانين لأن هناك قوانين تعود لـ١٠٠ عام، والدولة بدأت فيه وهذا مشروع إصلاحى مهم.

■ كيف كانت حياتكم في قصر مملوك للدولة أو بيت الحاكم؟
معروف أننا كنا ممنوعين من الاقتراب من الدور الأرضى فهو ملك للدولة وبه مكتب الرئيس، أما الدور العلوى فهو بمثابة بيت الأسرة، وكانت حياتنا في منشية البكرى أو المعمورة، والاثنان مملوكان للدولة وكل شىء تم رده، حتى سيارة الرئيس المملوكة له، أعطيناها لمتحف مقتنيات الرئيس، ولم نحصل على شيء ليس مملوكًا لنا.
الرئيس عبدالناصر كان زاهدا ولا يحب امتلاك الأشياء، وأبى كان يقول لى هذه الأشياء لن تدخل معك القبر، وسلمنا «بورتوريه» أهداه تيتو لعبدالناصر، كان يقدر ثمنه وقتها بآلاف الدولارات، وقمنا بعمل كوبى منه ونعلقه في مكانه، والناس عاتبتنا على هذا وقلنا لهم عبدالناصر علمنا كده، ولو كان يحب الأشياء كان أكيد سيترك لنا أموالا وممتلكات كثيرة، لكن لم يترك لنا شيئا، تعلمنا من حياة جدى التقشف والعرق في العمل والبعد عن الشبهات.
■ ما حقيقة ما تركه لكم من ثروة؟
على حد علمى كان يوجد مبلغ بسيط في البنك، وكان مديونا بنفس المبلغ لسداد أقساط منزل اشتراه لابنته لكى تتزوج وكان يدفعه من مرتبه الخاص، وقد يكون إنه يمتلك أسهم في بعض الشركات، وهذا ليس عيبًا.
■ لكن يقولون إن عبدالناصر لم يترك شيئًا لأبنائه.. ويعيشون حياة الأغنياء كيف هذا؟
أقول لك كيف، أولا والدى كان خريج إمبريال كولدج البريطانية، وكانت عمتى الدكتورة هدى ووالدى من أشطر أبناء الزعيم، وكانوا متفوقين جدا، وبعد التخرج أبى أنشا شركة مقاولات، ونجح في جمع ثروة، وكذلك أخوته تمكنوا من النجاح وتحقيق ثروة أيضا، وكانوا يقابلون بترحاب كبير من الدول العربية التى كانوا يعملون فيها، وورثت من أبى مبلغًا بسيطًا، بعدما صرف كل أمواله على المحامين في قضية تنظيم «ثورة مصر».


■ ما تعليقك على الهجوم على الزعيم ناصر بأنه لم يفعل شيئا لمصر وفتت الرقعة الزراعية؟
هذا حديث لا يستحق الرد عليه، وكانت مصر متفوقة زراعيا فترة عبدالناصر وكان الفقراء يملكون أراضي، وتشرف عليهم جمعيات زراعية لترتيب الاحتياجات الزراعية، وراجع التاريخ كانت لدينا طائرات تصنع في مصر وسيارات رمسيس ونصر، وكان كل شخص يستطيع أن يتعلم ويشترى شقة وعربية، وكان يخرج من مصر علماء أمثال أحمد زويل، وفترة عبدالناصر كان الإنتاج يزيد سنويا بنسبة ١٨٪، وحتى ٢٠١٠ كان يقل الإنتاج بنسبة ٢٪ سنويا، وهناك علاقة طردية بين الإنتاج والدخل فكلما زاد الإنتاج يزيد الدخل، لأننا قادرون على المنافسة وبيع ما ننتجه، وكان هناك تمسك بالمنتج الوطني، أما الآن فنستورد حتى منتجات الغذاء، وكل هذا حدث نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة عقب عبدالناصر.
■ كيف يكون استقبالك في الدول الأخرى فور معرفة أنك حفيد ناصر؟
كل الدول تستقبلنا بالترحاب ومنهم أمريكا، وقبل ذلك شخص أمريكى قال لى: «لماذا لا تدخل في السياسة»، وأثناء حضورى أحد اجتماعات البنك الدولى، جميع المشاركين حضروا لى للترحيب، ودعنى أقول إن شخصية عبدالناصر لاقت احتراما من أعدائه وخصومه.

■ من أفضل من كتب عن جمال عبدالناصر؟
أكثر من أحب أقرأ له الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، طريقته جميلة في سرد الأحداث، ومن الأجانب أثق في كتابات أنتونى ناتنج، وهو كان دبلوماسيًا بريطانيًا وسياسيًا في حزب المحافظين، وعاصر أزمات حرب السويس، وأيضا أثق في جان لاكوتور، وهو صحفى ومؤرخ فرنسى وكان يعمل لصالح جريدة ليموند في الخمسينيات فترة وجود عبدالناصر في الحكم.
■ لماذا لم تدخل العمل السياسى في مصر؟
لي تجربة سياسية مع التيار الناصرى، لكنى انسحبت لعدم الجدية، وكان الجو وقتها غير مهيأ سياسيا.