السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإمبراطورية الأمريكية والرمال المتحركة في الشرق الأوسط «7»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع البروفيسور جيفرى وورو أستاذ التاريخ العسكرى البارز بجامعة تكساس الأمريكية والذى يعد من أهم الأكاديميين فى الولايات المتحدة الأمريكية فى مجال الدراسات الاستراتيجية، ومؤلف كتاب «الحرب والمجتمع فى أوروبا» وكتاب «الرمال المتحركة.. سعى أمريكا إلى السيطرة على الشرق الأوسط» والذى نقله إلى العربية صلاح عويس والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة بقوله: كان فى العراق أيضا نفط... نفط كثير، وإذا كانت «أجندة الحرية» الساذجة على نحو ما قد ألهت الرئيس، فقد كانت لدى إدارته المنقوعة فى النفط اهتمامات أكثر ارتباطا بالنواحى العملية. وقد حاول بوش نفسه وفشل فى العمل كواحد من رجال النفط قبل أن يصبح حاكما لولاية تكساس، وكان نائب الرئيس تشينى المدير التنفيذى لشركة هاليبيرتون، أكبر شركات العالم للخدمات النفطية، فى فترة الانتقال بين إدارتى بوش الحادى والأربعين وبوش الثالث والأربعين. 
والتحقت كوندى رايس مستشارة الأمن القومى بمجلس إدارة شركة شيفرون، وتولى دون إيفانز وزير التجارة رئاسة شركة نفط كبيرة فى ميدلاند بولاية تكساس، وكانت مؤسسة إنرون ومركزها فى هوستون واحدة من بين أكبر داعمى بوش، وهى التى قامرت وأدارت بدهاء أزمة كهرباء كاليفورنيا عامى ٢٠٠٠-٢٠٠١. وهؤلاء الذين تحركهم شركة إنرون ويفرضون التعتيم على الحقائق هم الذين حثوا بوش على تعيين تشينى رئيسا لقوة العمل الخاصة بالطاقة والمحاطة بتكتم شديد، والتى بلغت أوجها فى تقرير تشينى عن سياسة الطاقة القومية. 
وقد ضخم تقرير تشينى من الهموم التى كان قد أطلقها علنا كرئيس تنفيذى لشركة هاليبرتون، ألا وهى أن العالم، بحلول عام ٢٠١٠، سوف يصبح فى حاجة إلى «٥٠ مليون برميل نفط إضافية يوميا» – أى ستة أضعاف الإنتاج اليومى للمملكة العربية السعودية – ومع ذلك فليس لدى العالم ست ممالك سعودية مستعدة لإمداده بحاجته. 
وبدلا من ذلك تعلق العالم بمنتجين مثل العراق الذى كان إنتاج النفط فيه عملا تديره الحكومة، وبعبارة معتدلة فإن هذه الحكومة «لا تضع مصالح أمريكا فى مركز اهتمامها دائما» وكان العراق بوجه خاص يمتلك كميات مؤثرة من النفط أشارت إليها وثائق قليلة أعلنتها للجمهور قوة العمل التى رأسها تشينى ومستشارها من كبار الشركات. 
وكان إنتاج العراق الفعلى قبل الغزو الأمريكى يبلغ ثلاثة ملايين برميل يوميا – وهو ثلث إنتاج المملكة العربية السعودية – ولكن مع وجود احتياطيات قدرها ثلاثمائة بليون برميل أصبح العراق يمتلك ثانى أكبر الاحتياطيات فى العالم بعد المملكة السعودية. 
وكان نفط العراق رخيصا فى نفقات استخراجه وتكريره وتصديره، فبينما تبلغ تكلفة إنتاج برميل النفط العراقى دولارًا أو دولارا ونصف الدولار، تبلغ تكلفة البرميل الواحد من ماليزيا أو عُمان خمسة دولارات، وتكلفة البرميل الروسى والمكسيكى من ستة دولارات إلى ثمانية دولارات، أما برميل النفط الأمريكى والكندى الذى يستخرج من آبار عميقة ومكامن ضحلة فإن تكلفته تصل إلى عشرين دولارًا. وبسبب السعر ووفرة الإمداد كان من الضرورى أن يكون النفط العراقى فى مركز سياسة الطاقة والأمن الأمريكيين للقرن الحادى والعشرين، وليس على أحد أن يلتمس الأسباب من خلال مؤامرة من أى نوع لكى يدرك تلك الحقيقة.
ولم يكن غرس النفوذ الأمريكى والقيم الأمريكية فى العراق كفيلا فقط «بتحويل» الشرق الأوسط ليصبح متمشيا مع مبدأ بوش، بل كان سيؤدى إلى ضخ موارد نفطية جديدة فى اقتصاد عالم متعطش للطاقة. وكان من المفترض أن يكون تقرير تشينى السرى قد تتبع تقريرًا سابقا لمعهد جيمس أ. بيكر فى جامعة رايس كان قد حذر من أن صدام حسين ما زال يتمتع «بنفوذ يقوض استقرار تدفق النفط إلى الأسواق العالمية من الشرق الأوسط»، وأوصى معهد بيكر إدارة بوش الثالث والأربعين بأن تشرع «فى تشكيل قواعد جديدة للعبة» فى الشرق الأوسط من أجل «إعادة تقرير الأهداف فيما يتعلق بالسياسة العراقية» – أى التلميح إلى ما ستكون عليه القواعد والأهداف الجديدة – ولإدراج «تمثيل من وزارة الدفاع» فى قوة العمل الخاصة بالطاقة التى يرأسها تشيني. 
وأوضحت أهمية العراق كدولة ومصدر قوة للاقتصاد وكفكرة سبب تحوله إلى هاجس للمدنيين فى الكونجرس والمحافظين الجدد فى البيت الأبيض حتى مع احتدام الحرب غير المكتملة فى أفغانستان. وفى نوفمبر ٢٠٠١ تساءل ريتشارد بيرل ما يسترو المحافظين الجدد والعضو فى مجلس سياسة الدفاع برئاسة رامسفيلد: «هل سننتظر صداما أم سنقوم بفعل استباقى؟. وأخبر كولين باول وزير الخارجية إحدى لجان مجلس النواب فى فبراير ٢٠٠٢ بأن بوش يقوم بالموازنة بين «مجموعة من أخطر الخيارات التى يمكن أن يتخيلها إنسان» لفرض «تغيير النظام» فى بغداد. وأخبر باول رئيس مفتشى الأمم المتحدة، وأن الأمم المتحدة أبقيت الخيارين مفتوحين. 
وعندما ناقشت كوندى رايس مسألة العراق مع بليكس فى شهر يناير ٢٠٠٢ أخبرته بأن الحرب فى أفغانستان كانت لها «دلالات إيضاحية» جيدة، ويمكن استخدام نفس الدواء مع صدام إذا لم يوافق على ما نريده. واعتبر تشينى نائب الرئيس عمليات التفتيش التى تقوم بها الأمم المتحدة مضيعة للوقت، وقد تسفر فقط عن «إحساس زائف بالارتياح إلى أن صدام بطريقة ما «أصبح مطيعا»، وقد اعتبر المحافظون الجدد أمثال بيرل أن العراق هو مجرد الطلقة الأولى فى حملة إبادة ضد الإسلاميين المعوقين للتقدم، وأن إيران سوف تكون الدولة الثانية على القائمة ثم (ويا للعجب) المملكة العربية السعودية التى كانت دافع الأموال لكثير من الأنشطة الإسلامية الإرهابية.. وللحديث بقية