السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عبد اللطيف عبد الحكيم.. شيخ عموم المقارئ المصرية

عبد اللطيف عبد الحكيم..
عبد اللطيف عبد الحكيم.. شيخ عموم المقارئ المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الاثنين التاسع من شهر سبتمبر لعام 2019، الذكرى الثالثة على رحيل شيخ عموم المقارئ المصرية عبد اللطيف عبد الحكيم.
ولد الشيخ عبد الحكيم بن عبد اللطيف بن عبد الله بن سليمان، بالقاهرة، لأسرة تعود إلى قرية الطوريات بمحافظة قنا، يوم السابع عشر من سبتمبر لعام 1936، نزح والده إلى القاهرة وكان وقتئذٍ ذو 17 سنة، وكان تاجرًا في الأخشاب، ومالكًا لمحال البقالة.
بدأ الشيخ رحلته في حفظ القرآن وهو في عمر الرابعة بمكتب المحمدي في منطقة الدمرداش، فأتم حفظ القرآن الكريم وعمره 12 سنة، حيث كان شيخه في المكتب إمام عبده حلاوة، قد تلقى القرآن الكريم عن الشيخ حسن الجريسي عن أبيه، عن الشيخ المتولي، برواية حفص، وأخذ أيضًا عن شيخ من شيوخ المتولي، وكان الشيخ إمام معتنيًا بتلاميذه، يُصحَّح عليه القرآن الكريم بعد الكتابة في الألواح أو على أخيه إن كان غائبًا.
بعد أن أتم الحفظ قرأ الشيخ عبد الحكيم على الشيخ على مصطفى عرفة عدة ختمات إعادة، وعلى غيره من مشايخ هذا المسجد، التحق بالمعهد الديني الابتدائي بالأزهر، وبعد أن انتظم في الدراسة أصر والده على أن ينتقل إلى معهد القراءات بالأزهر، وكان ذلك نحو سنة 1950، وكان المعهد قسمين، قسمًا في مبنى أمام الجامع، وقسمًا في الرواق العباسي للشهادة العالية والتخصص، وحضر على مشايخ المعهد، وكانوا على جانب كبير من العلم، وكان لا يدرِّس بالمعهد إلا من قرأ القراءات العشر، وناظمة الزهر في العد، والعقيلة في الرسم، مع حصوله على العالمية في القراءات.
من المشايخ الذين حضر لهم في مرحلة "إجازة حفص" الشيخ محمود على بِسَّة، كان محاميًا شرعيًّا، واعتزل المحاماة واشتغل بالتدريس، وكان يحمل الابتدائية الأزهرية، والثانوية الأزهرية، والعالمية، وتخصص القضاء الشرعي، والتدريس، وتلقى القراءات العشر، ودرس الرسم والفواصل، ثم أخذ عنه إجازة التجويد، فقرأ عليه عدة ختمات، وحضر له شرح التحفة والجزرية. 
وبعد أن أتم المرحلة الأولى وهي إجازة التجويد بحفص، انتقل إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة عالية القراءات، وهي تتضمن دراسة الشاطبية والدرة، وغير ذلك من التفسير والرسم والفواصل والنحو والصرف والفقه.
تخصص القراءات، وهي المرحلة الثالثة التي انتقل إليها، فحضر فيها على: "الشيخ عامر السيد عثمان، شيخ المقارئ المصرية، الشيخ حسن المري، وهو من تلاميذ الشيخ الزيات، الشيخ أحمد عيطة، الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات، الشيخ خميس نصار".
اتجهت عنايته إلى تلقي القراءات بالسند على المشايخ خارج المعهد، فأول من تتلمذ عليه، وحفظ عليه يديه الشاطبية والدرة الشيخ محمد مصطفى الْمَلَّواني، قرأ عليه الفاتحة والبقرة وآل عمران إلى قوله - تعالى -: "إذ تصعدون ولا تلوون".
ثم أراد والده أن يقرأ على الشيخ مصطفى منصور الباجوري شيخ مقرأة الحسين، فقرأ عليه ختمة لحفص مع التحفة والجزرية شرحًا وتطبيقًا، ثم قرأ عليه بالشاطبية والدرة إفرادًا وجمعًا، من أول القرآن الكريم إلى قوله - تعالى -: (كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ) آخر القصص.
ثم عين الشيخ عبد الحكيم مدرس ابتدائي بالأزهر بالإسكندرية، وكان هذا أول تعيين له، فانقطع عن شيخه بسبب عمله، ولما رجع إلى القاهرة للتدريس فيها كان الشيخ قد توفي، ثم تلقى القراءات عن الشيخ على سبيع عبد الرحمن، عن الجريسي الكبير عن المتولي، وعن أحد شيوخ المتولي، وكان ناظر مدرسة بوزارة المعارف، وكان على علم بجميع القراءات متواترها وشاذها، وعلى علم بالتفسير والنحو، وكان يجمع مشايخ هذا العهد، ويعقد لهم مجلسًا بمنزله أو بمنزل أحدهم، ويقرؤون تفسير القرطبي، وغيره من المصادر الكبيرة في العلم.
قال الشيخ عبد الحكيم: " رأيت فيما يرى النائم في ليلة قبيل الفجر الشيخ مصطفى منصور الباجوري، وهو يجلس في مقرأة المحمدي كعادته، جلست لأقرأ دوري، وكان ربع (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) في سورة النور، وكانت القراءة للبزي عن ابن كثير، وجاءت آية فيها غنة عند اللام والراء، فقال الشيخ: غُنَّ، فاستغربت لأني قرأت عليه من الشاطبية والدرة، وليس فيهما غنة عند اللام والراء، فوقفت أمام شيخي في غاية الأدب، منكسًا رأسي، قائلا له بلسان الحال: شيخي أنت تعرف أني قوي في القراءات، وأتقنتها عليك، وقد أجزتني بالقراءة في المقرأة وغيرها، بالروايات التي تلقيتها عليك، ولكن لم يحصل لي نصيب في كتابة الإجازة بيدك. والشيخ ينظر إلى، فلما أتممت ما جال بخاطري نحو الإجازة ضحك، وهز رأسه مشيرًا إليَّ: أنْ نعم، يعني هو مجيز، وستأخذ الإجازة".
قرأ غالب القرآن على الشيخ إبراهيم على شحاثة السمنُّودي، وكان حضر له في المعهد، ولما كان الشيخ عبد الحكيم مفتشًا كان يطلب التفتيش في سمنود ليقرأ عليه، واختبره اختبارًا شاقًّا في متون القراءات، وعلم أنه أجازه الشيخ الزيات فأجازه إجازة مكتوبة بالكتب الثلاثة الشاطبية والدرة والطيبة.
وقرأ على الشيخ محمد إسماعيل الهمداني، وعلى الشيخ عامر السيد عثمان ثلاثة أجزاء لورش بالجامع الأزهر، قرأ ثلاثة أجزاء على الشيخ خليل الباسوسي، قرأ على الشيخ أحمد هاني شيخ مقرأة السيدة نفيسة مرارًا بالقراءات،وكان يطوف على المقارئ يقرأ على المشايخ.
بعد أن تخرج في المعهد عُين في التعليم الابتدائي في الإسكندرية، فبقي فيها سنة واحدة، ثم انتقل إلى التدريس في التعليم الابتدائي بالقاهرة، وعلَّم بالمعهد الإعدادي والثانوي بالفيوم، ثم انتقل إلى التعليم بمعهد القراءات بالقاهرة، وتتلمذ عليه كثيرون من المصريين وغيرهم، ثم وصل إلى مدرس أول بالمعهد، ثم انتقل إلى تفتيش المعاهد الأزهرية بالإدارة العامة، ثم رقي إلى مفتش أول عام، إلى أن أحيل على المعاش سنة 1997.
عين شيخًا لعدة مقارئ، منها مسجد الهجيني بشبرا، ومسجد عين الحياة، ثم مقرأة مسجد الشعراني، ثم شيخًا لمقرأة مسجد السيدة نفيسة، ومقرأة مسجد السيدة سكينة، ثم شيخًا لمقرأة الأزهر إلى الآن، وكان وكيلًا للجنة تصحيح المصاحف بالأزهر.
عرضت عليه مشيخة المقارئ أيام الشيخ رزق حبة، فقال: لا أكون شيخًا لها والشيخ رزق حبة موجود، وبعد وفاة الشيخ رزق نزل عنها رسميًّا، فتقلدها تلميذه الشيخ أحمد عيسى المعصراوي.
واكتفى بكونه الموجه الأول لعلوم القرآن والقراءات بالإدارة المركزية لشئون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، وشيخ مقرأة الجامع الأزهر، وشيخ جمعية أهل القرآن بالأزهر الشريف، وعضو لجنة تصحيح المصاحف بمجمع البحوث الإسلامية، وعضو لجنة المسابقات السنوية بالإذاعة والتلفزيون وإذاعة القرآن الكريم.
زار بلادًا عدة مصليًا، وتاليًا بالقراءات، في شهر رمضان وغيره، ومعلِّمًا، وحكَمًا في المسابقات، وكان شيخ الأزهر جاد الحق يختاره للذهاب إلى هذه الرحلات والمسابقات، من ذلك: أستراليا، بسيدني، وميلبورن، وزار تايلند، وبومبي، وبانغلاديش، وشارك في مسابقات عديدة في شرق آسيا، وزار ساحل العاج، وحضر رمضان في سيراليون، وروسيا، وأمريكا، مرة بنيويورك، ومرة بكاليفورنيا، وطلبوه بعد ذلك فامتنع.
وأما البلدان العربية فزار الإمارات، قطر، السعودية، وعمل بها قديمًا مدرسًا للتجويد والقراءات في الجامعة الإسلامية بالمدينة سنة واحدة، واختاره للتدريس بها الشيخ عبد الفتاح القاضي يوم كان شيخًا لمعهد القراءات.
ألف الشيخ كتب عدة منها، إكمال كتاب الكوكب الدري الذي لم يكمله الشيخ قمحاوي، وشرح منظومة قراءة الكسائي للشيخ الضباع، سماها: حديقة الرائي، وقد ضاع هذا الشرح عند بعض تلاميذه، وسجل ختمتين لحفص إحداهما بقصر المنفصل وختمة لشعبة.
توفى رحمه الله رحمة واسعة في يوم الجمعه الموافق السابع من ذي الحجة سنة 1437 هـ الموافق 9 سبتمبر 2016 ميلادية عن ثمانين عامًا قضاها في خدمة كتاب الله.