أثارت السيرة النبوية إعجاب المؤرخ الأدبي الدكتور شوقي ضيف، فأصدر كتابه الذي حمل عنوان "محمد خاتم المرسلين" متأثرا بما كتبه الأقدمون مثل سيرة ابن هشام و"عيون الأثر" لابن سيد الناس، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد و"إمتاع الأسماع" للمقريزي، إلى جانب ما كُتِب في المؤلفات الحديثة مثل "حياة محمد" للدكتور محمد حسين هيكل و"نور اليقين في سيرة سيد المرسلين" للشيخ محمد الخضري، وأيضا كتب المستشرقين.
كانت مبادئ الإسلام التي أرساها النبي عقب هجرته للمدينة مثل حرية العقيدة التي قامت على "لا إكراه في الدين" إلى جانب إقرار غير المسلمين على أديانهم، وأيضا مبدأ الإخوة حيث قال "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"، ومبدأ المساواة التامة أمام الله فلا وسطاء بين الناس والله من كهنوت كما في الأديان الأخرى، مثل هذه المباديء جعلت "ضيف" يهتم بأمر الكتاب عن حياة نبي الإسلام.
وأشار "ضيف" إلى دور القرآن الكريم في مخاطبة البشرية جمعاء، لأن ما في تعاليم الإسلام من الحرية الدينية المكفولة لجميع الشعوب يجعله منفتحا أمام الجميع، كما ناقش بعض الإدعاءات التي توجه من خصوم الإسلام مثل "زواج النبي من عائشة وهي قاصر في سن التاسعة" في حين يعتبر شوقي أن الأحاديث الوادرة في ذلك غير صحيحة وكاذبة، وأن الصواب دخول النبي بعائشة كان بعدما بلغت العشرين، كما يرد على قضية زواج النبي بأكثر من أربعة.
انتبه "ضيف" للمواقف الحضارية التي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها اهتمامه بأمر الزكاة والحث على الصدقة حتى يتكفل الغني الفقير، وأيضا طلب من الأسير أن يفتدي نفسه بتعليم عشرة من المسلمين الكتابة، موضحا أن الكثيرين من أهل مكة يعرفون الكتابة لعملهم في التجارة بينما القلة في المدينة تعرفها لأنهم يعملون بالزراعة، كما أن صلى الله عليه وسلم فتح مكة قهرا ولم يبح فيها السبي والغنيمة وقد أطلق سراح المشركين الذين منعوه من دخولها من قبل.
كانت حياة الزهد والتقشف التي عاشها النبي طوال حياته مثار اهتمام من المؤلفين ولا سيما الدكتور شوقي ضيف، إلى جانب دعوته لأصحابه أن يكونوا رحماء عدول يرفقون بالإنسان وبالحيوان، ويحذرهم من التعامل بالخرافة، ولا يتكسب من وراء الدين، فهو عندما كُسفت الشمس وقالوا إن ذلك حدث لموت ابنه إبراهيم نهاهم النبي عن ذلك، قائلا: أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من أيات الله لا يكسفان لموت أحد.
وقد وضع "ضيف" في الكتاب فصلا للحديث عن القرآن الكريم لذكر أوجه الإعجاز فيه بطريقة لم يسبق إليه الأسلاف، إلى جانب اهتمامه بكتب الحديث وكتب التأريخ للسيرة النبوية العطرة.
يشار إلى أنه تحتفل الأمة الإسلامية بقدوم العام الهجري الجديد 1441هـ، فقد وضع التأريخ الهجري بداية من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة حيث اضطهاد المشركين له ولصحابته إلى المدينة التي استبشرت بقدومه وتغنوا لمجيئه "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع".
